صفحة 8 من 54 الأولىالأولى ... 4567891011121838 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 531
 
  1. #71
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    ونحن نرى أن ثنائية الإنسان (الطبيعةالمادية للإنسان مقابل سماته الإنسانية) تعبِّر عن نفسها في الصراع أو التكامل بينما نسميه «النزعة الجنينية» و«النزعة الربانية». فالنزعة الجنينية هي نزعة للعودةإلى الطبيعة/المادة والبساطة الأولى. أما النزعة الربانية فهي إحساس الإنسان بذاتهككائن مستقل عن الطبيعة، له حدوده الخاصة وهويته ووعيه المستقل، وإحساسه بالمسئوليةالخلقية.

    ومما تجدر ملاحظته أن الرؤية الواحدية المادية تنظر للإنسانباعتباره جزءاً لا يتجزأ من الطبيعة، خاضع لحتمياتها، ومن ثم يذهب أصحاب هذه الرؤيةإلى أن هناك إنسانية واحدة (تتطور حسب قانون طبيعي واحد ثابت) تُرصَد كما تُرصَدالظواهر الطبيعية، وأن الناس كيان واحد وإنسانية واحدة خاضعة لبرنامج بيولوجيووراثي واحد عام، يَصدُق على كل البشر في كل زمان ومكان، وأن هذا البرنامج قد لايكون معروفاً في كليته ولكنه سيُعرف حتماً في المستقبل (وكأنه لا يوجد فارق بينعالم النمل والنحل والطير وبين عالم الإنسان).

    وهذا الادعاء يتنافى مع العقلومع التجربة الإنسانية ومع إحساسنا ووعينا بتركيبيتنا وتنوعنا الحضاري. وهذا مايعيه أصحاب النماذج غير المادية الذين يدركون الثنائية الأساسية التي يتحرك داخلهاالإنسان، فهم ينطلقون من الإيمان بأن عقل الإنسان محدود ولكنه خلاَّق يتمتع بقدر منالاستقلال عن الطبيعة ولا يخضع لحتمياتها في بعض جوانب وجوده. و لهذا السبب لا يؤمنأصحاب مثل هذه النماذج بطبيعة بشرية جامدة أو بإنسانية واحدة وإنما يؤمنونبإنسـانية مشـتركة. وهذه الإنسانية ليست مثالاً أفلاطونياً جامداً يتجاوز الواقعتماماً بحيث يصبح الواقع مجرد ظلال له وإنما هي إمكانية (بشرية). فالإنسان يتمتعبطاقة إبداعية كامنة (ولذا لا يمكن رصدها أو ردها إلى قوانين مادية عامة). هذهالإمكانية تختلف عن الأداء الإنساني، فهي لا تتحقق في فرد بعينه أو شعب بعينه أوجنس بعينه وإنما تتحقق بدرجات متفاوتة حسب اختلاف الزمان والمكان والظروف ومن خلالجهد إنساني (وقد لا تتحقق على الإطلاق، فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر علىالانحراف عن طبيعته بسبب حريته)، ولذا فإن ما يتحقق لن يكون أشكالاً حضارية عامةوإنما أشكال حضارية متنوعة بتنوع الظروف والجهد الإنساني. فتَحقُّق جزء يعني عدمتحقُّق الأجزاء الأخرى التي تحققت من خلال شعوب أخرى وتحت ظروف وملابسات مختلفة ومنخلال درجات من الجهد الإنساني الذي يزيد وينقص من شعب لآخر ومن جماعة لأخرى). وممايزيد التنوع أن الإنسان قادر على إعادة صياغة ذاته وبيئته حسب وعيه الحر وحسب مايتوصل إليه من معرفة من خلال تجاربه. هذه الأشكال الحضارية تفصل الإنسان عنالطبيعة/المادة وتؤكد إنسانيتنا المشتركة (فهي تعبير عن الإمكانية الإنسـانية) دونأن تلغى الخصـوصيات الحضـارية المختلفة. لكن التفرُّد لا يعني عدم وجود أنماط تجعلالمعرفة ممكنة، والحرية لا تعني أن كل الأمور متساوية ونسبية. فالإنسانية المشتركة،تلك الإمكانية الكامنة فينا، هذا العنصر الرباني الذي فطره الله فينا (ودعمه بماأرسله لنا من رسل ورسالات) تشكل معياراً وبُعداً نهائياً وكلياً.

    والإيمانبالإنسانية المشتركة يجعل استخدام النماذج المركبة مسألة أساسية بل حتمية في دراسةالبشرية، ويجعل الرصد الموضوعي البراني أو استخدام النماذج الاختزالية أمراً غيركاف بالمرة، فالرصد الموضوعي المباشر لا يتم إلا في إطار البحث عن القانون العامالذي يسري على عالم الأشياء. أما محاولة فهم الإنسان ككائن مستقل عن الطبيعة/المادةفيتطلب تَجاوُز الواحدية المادية وقبول ثنائية الإنسان والطبيعة الفضفاضة، وهو مايحتم استخدام نماذج مركبة.






  2. #72
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    ونحن نرى أن كل خطاب (مهما كانت سطحيته وماديته) يحوي بُعداً معرفياً، هو، في واقع الأمر، إجابة على بعض الأسئلة الكلية والنهائية (وهي أسئلة تدور حول ماهية الإنسـان: أهو مادة ومتجاوز للمادة أم مادة وحسـب؟ هـللحياته معنى أم لا؟ ومن أين يستمد معياريته؟). والإجابة عن هذه الأسئلة هي التيتحدد طبيعة النظام السياسي والاقتصادي والمعرفي والأخلاقي والدلالي والجمالي. فإنكان الإنسان مادة وحسب خاضعاً لقوانين الحركة يستمد معياريته من الطبيعة/المادة،فإن هذا يؤدي إلى تَوجُّه مختلف تماماً عما لو كان الافتراض الأساسي هو أن الإنسانمكوَّن من مادة وما يتجاوز المادة، وأن حياته لها معنى، وأنه يستمد معياريته مما هومتجاوز للطبيعة/ المادة. والمرجعية الكامنة (في المادة) ترى أن الإنسان مادة وحسب،حدود المادة هي حدوده، ولذا فهي تجعل له إنساناً ذا بُعد واحد تقضي عليه وترده إلىالمادة وينتهي الأمر بالفلسفات المادية إلى إنكار مفهوم الإنسانية المشتركة،باعتبار أنه يشكل نقطة ثبات متجاوزة لحركة المادة، أي أنه يفلت من قبضة الصيرورة. أما المرجعية المتجاوزة، فترى أن الإنسان مادة وشيء غير المادة (يُسمَّى «الروح» فيالمنظومات التوحيدية، وله أسماء أخرى في المنظومات الإنسانية الهيومانية) وأن حدودهذا الإنسان بالتالي ليست حدود المادة، ولذا فهو إنسان متعدد الأبعاد قادر علىتجاوز الطبيعة/المادة وذاته الطبيعية/المادية.






  3. #73
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    الباب الثالث: النزعة الجينية

    «النزعة الجنينية» مصـطلح قمنا بصياغته لنصف نزعة نتصور أنها أصلية كامنة في النفسالبشرية، وهي نزعة لرفض كل الحدود وإزالة المسافة التي تفصل بين الإنسان وما حولهحتى يصبح كائناً لا حدود له. ولكن حينما تتحقق هذه الرغبة، يجد الإنسان نفسه جزءاًمن كل أكبر منه يحتويه ويشمله. وهذه الرغبة في إزالة الحدود هي، في واقع الأمر،رغبة في التخلص من تركيبية الذات الإنسانية وتعيُّنها ومن عبء الخصوصية والوعيالإنساني، وهي محاولة للهرب من الواقع الإنساني بكل ما فيه من ثنائيات وتدافع، وخيروشر، وإمكانيات نجاح وفشل، ونهوض وسقوط، وحرية وحتمية، ومحاولة التجاوز والتكيف، أيأنها نزعة للهروب من الحيز الإنساني المُركّب إلى عالم واحدي أملس بلا حدود.

    هذا العالم الذي يهرب إليه الإنسان يشـبه الرحم حيث كان يعيـش الجـنين بلاحدود ولا قيود خارج أي حيز إنساني، لا يفصله فاصل مادي أو معنوي عن رحم أمه ولاتوجد مسافة أو حيز تفصل بينهما، أو يشبه حياة الطفل الرضيع في الأشهر الأولى منحياته، حين كان يتصور أنه لا يزال جنيناً في الرحم لا يفصله فاصل مادي أو معنوي عنأمه وأنه جزء لا يتجزأ منها، وحينما يمسك بثديها يتصور أنه قد تحكَّم في العالمبأسره وأنه قد تواصل مع العالم كله، وأن الدائرة قد انغلقت تماماً فيشعر بالطمأنينةالكاملة.

    هذه الحالة الجنينية الرحمية حالة دائرة عضوية مطلقة مصمتة لاتتخللها أية مسافات (واحدية عضوية) لا تختلف كثيراً عن حالة وحدة الوجود حين يحلالمبدأ الواحد في الإنسان والطبيعة ويمتزج بهما تماماً، فتختفي الثنائياتوالخصوصيات ولا يوجد سوى جوهر واحد في العالم أو مركز واحد. ولهذا تعبِّر الحالةالجنينية عن نفسها من خلال مفردات الحلولية الكمونية (الجنس ـ الرحم ـ ثدي الأم ـالأرض) ومن خلال الصور المجازية العضوية حيث يصبح الجزء جزءاً عضوياً لا يتجزأ منالكل. وهي حالة من التأيقن الكامل حيث يتحد الدال والمدلول، والشكل والمضمون،والصورة والفكرة، والمقدَّس والمدنَّس، وتذوب الجواهر الفردية في جوهر كوني واحد،والجزئيات في كل واحد. فالحالة الجنينية هي الواحدية بامتياز.

    الواحديةالذاتية والموضوعية والثنائية الصلبة: نمط جينى عام
    تعبِّر النزعة الجنينية عننفسها من خلال نمط أساسي هو نمط التأرجح بين الواحدية الذاتية والموضوعية والثنائيةالصلبة، وبين الصلابة والسيولة الشاملة:






  4. #74
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    1
    ـ الواحدية الذاتية: يدورالإنسان في الحالة الجنينية في إطار المرجعية الكامنة، فهو داخل الدائرة العضويةالمغلقة يظن أنه مكتف بذاته، ومرجعية ذاته، مركز الحلول والقداسة، اللوجوس، الذي لايُرد إلى شيء خارج محيط دائرته، ولا يمكن أن تُفرَض عليه حدود أو سدود أو قيود. وهويرفض التجريد، فالتجريد يعني وجود المسافة التي تفصل الجزء عن الكل، وهو الآليةالتي يدرك الجزء من خلالها أنه الكل، ويعرف أنه جزء وليس الكل، وأن العالم مختلف عنالذات، ومن ثم فالإنسان في الحالة الجنينية يعيش في عالم الحواس بشكل مباشر. وهويرفض الرؤية الثنائية الفضفاضة التي تعني وجود الذات ووجود الآخر. وهو يتصور أنهقادراً على أن يتحكم في كل شيء وأن يبتلع كل شيء حتى يصبح كل شيء جزءاً لا يتجزأمنه، أي أن يصبح سوبرمان إذ أنه هو البداية والنهاية، فهو متمركز حول ذاته، تسـودفي عالمـه الواحدية الذاتية (والإنسانية الهيومانية والإمبريالية).

    في هذاالإطار تظهر الواحدية الإمبريالية ثم يظهر ما يمكن أن نسميه «الإباحية المعرفية». فمع إسقاط الحدود، تسقط الحدود الوجودية (نسبة إلى الوجود) والمعرفية والأخلاقيةفلا حرام ولا حلال، ولا محرمات ولا حُرمات. فكل إنسان يوجد داخل قصته الصغيرة لايبرحها، لا يكترث بالمنظومات التي توجد خارجه، والهدف من وجوده هو تعظيم اللذة (لذته هو) والمصلحة (مصلحته هو) ليحوسل العالم لمصلحته، تماماً كما كان يفعل مع ثديأمه أو في رحمها. وهو انطلاقاً من هذا يعامل الآخر خارج أي إطار اجتماعي، فإن كانمن الجنس الآخر فهو يستهلكه لتحقيق اللذة (دون أي التزام تجاه الأطفال، ثمرة اللذةالعابرة)، وإن كان من الأعراق الأخرى فهو يبيدهم أو يستعبدهم (دون اكتراث بحقوقهموإنسانيتهم)، فهو شخصية إمبريالية توسعية كاملة، لا حدود لها.

    2
    ـ الثنائيةالصلبة: ولكن رغم هذا الإحساس بالواحدية الذاتية، يظل العالم الموضوعي قائماًصلباً. وقد ترفض الذات المتمركزة حول نفسها أن تتفاعل مع الموضوع، ولكن الموضوعهناك، لا يختفي ولا يتلاشى، فتظهر حالة أولية من الاستقطاب والثنائية الصلبة (الواحدية الذاتية مقابل الواحدية الموضوعية المادية). ولكنها ثنائية وهمية، إذتتفكك الذات تدريجياً وتدرك مركزية الموضوع فتذوب فيه وتختفي الواحدية الذاتيةلتهيمن الواحدية الموضوعية أو الواحدية الطبيعية/المادية أو الواحدية الصلبة.

    3
    ـ الواحدية الموضوعية المادية: مع اختفاء الحدود والمسافة التي تفصل الكلعن الجزء، يختفي الحيز الإنساني الذي يفصل الذات عن الموضوع، فيذوب الجوهر الإنسانيويمتزج بالكل الموضوعي، ومن ثم تتحول الذات الإمبريالية المكتفية بذاتها إلى جزء منكل وتُرد في كليتها إلى ما هو خارجها تماماً، أي إلى هذا الكل. وهكذا تختفيالواحدية الذاتية التي نجمت عنها ازدواجية الذات والموضوع، واختفى الجزء وذاب ليظهرالكل (الرحم ـ الطبيعة ـ الإله)، أو أية تنويعات عليه (مثل: الفولك ـ الدولة ـاللبيدو ـ الحتمية التاريخية ـ البقاء المادي) حيث تتمركز الذات حول الموضوع، الذييصبح مركز الكون وموضع الحلول، اللوجوس الذي يرتكز إليه الكون، وتظهر الواحديةالموضوعية الصلبة (وهذا ما نسميه «التمركز حول الذات» الذي يؤدي إلى «التمركز حولالموضوع»).







  5. #75
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي


    ورغم الاختلاف الظاهر بين التمركز حول الذات والتمركز حولالموضوع فإنهما يؤديان إلى النتيجة نفسها: إنكار الثنائية والتركيب وإمكانيةالتجاوز واختفاء الذات الإنسانية، الاجتماعية والمركبة، التي ترضى بالحدود التيتفصلها عن الطبيعة والمجتمع، فهذه الحدود هي التي تخلق لها حيزاً إنسانياًاجتماعياً تاريخياً يمكنها أن تتحرك فيه بقدر من الحرية، وتمارس إرادتها داخلحدوده، فتكتسب منه تعينها وهويتها. ووعيها الإنساني ككيان مستقل حر، يتفاعل معالعالم ويتجاوزه دون أن ينكره، يدرك حدوده دون أنيُرد إليها ودون أن تُطبَّق عليههذه الحدود.

    4
    ـ الواحدية السائلة: الحالة الجنينية سواء في تمركزها حولالذات أو تمركزها حول الموضوع هي حالة صلبة، تدور حول مركز (لوجوسنتريك logo-centric). ولكن ثمة مرحلة جنينية ثالثة هي حالة من السيولة الشاملة والنسبيةالمطلقة. وإذا كانت الحالة الجنينية في المراحل الأولى تعني إنكار الحدود تماماًوالمسافة والحيز الإنساني، فإنها في المرحلة الأخيرة تعني تقبُّل المسافة باعتبارهاأمراً قائماً ونهائياً. ولكن المسافة هنا هوة (أبوريا) لا يمكن اجتيازها إذ يختفيمفهوم الإنسانية المشتركة. فرغم اختفاء الرحم الكوني الأكبر ورغم انشطار الجنينالكوني إلى عدة أجنة واختفاء التجسُّد الكوني الأعظم، إلا أن كل جنين يعيش داخلرحمه، يظن أنه لا حدود له ولا قيود عليه، فيذوب بطبيعة الحال فيما حوله. ولذا بدلاًمن القصة العضوية الكبرى والنظرية الشاملة التي تنتظم كل شيء، يدور كل إنسان فيقصته الجنينية الصغرى دون وجود قصة كبرى. وفي حالة المراحل الأولى (الصلبة) تعبِّرالحالة الجنينية عن نفسها على هيئة التأيقن والتحام الدال بالمدلول. ولكن فيالمرحلة السائلة ينفصل الدال عن المدلول ويبدأ رقص الدوال. وعلى مستوى النصوص بدلاًمن الإيمان بحرفية النص ونهائيته تظهر حالة التناص، وهي أن تتسـاوى كل النصوصوتتـداخل ويحـيل كل نص إلى نص آخر وتحيل كل كلمة إلى كلمة أخرى.

    وتعبِّرالحالة الجنينية عن نفسها في كثير من النماذج المعرفية عبر العصور مثل الغنوصية،والنماذج الاختزالية التي ترد العالم إلى عنصر واحد أو اثنين، ولعل من أهمها نموذجالعلمانية الشاملة الذي يمثل انتصاراً للحالة الجنينية (فالإنسان الطبيعي/المادي هوتجسُّد للحالة الجنينية). ويمكن القول بأن كثيراً من النزعات المرتبطة بالعلمانيةالشاملة مثل النزعة التعاقدية والرغبة في التحكم التكنولوجي والحلم باليوتوبياالتكنولوجية ونهاية التاريخ والإيمان بوحدة (أي واحدية) العلوم بحيث يسري قانونواحد طبيعي/مادي على كل من الإنسان والحيوان والجماد، هي جميعاً تعبير عن النزعةالجنينية.

    وإذا كانت الفلسفة الهيجيلية بواحديتها وعضويتها هي تعبير عنالحالة الجنينية في حالة الصلابة الأولى فإن فلسفة نيتشه هي تعبير عن حالة السيولة. وما بعد الحداثة هو انتصار حالة الجنينية الواحدية السائلة. فحديث دريدا عن عالمبلا إشارات، عالم برئ من الصيرورة الكاملة، عالم لا مركز له non logo-centric، هووصف لعالم الحالة الجنينية في حالة السيولة الشاملة. وإذا كان النظام الاستعماريالقديم تعبيراً عن النزعة الجنينية الغربية في مرحلة الصلابة، فإن النظام العالميالجديد تعبير عنها في مرحلة السيولة. ونحن نذهب إلى أن الإنسان تتنازعه نزعتانكامنتان فيه: النزعة الجنينية والنزعة الربانية.






  6. #76
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    الطبيعة / المادة
    «الطبيعة/المادة» مصطلح نستخدمه كثيراً في هذه الموسوعة بدلاً من مصطلح «الطبيعة». ومفهوم الطبيعة مفهوم أساسي في الفلسفات المادية التي تدور في إطارالمرجعية الكامنة، وخصوصاً في الغرب، فكلمة «طبيعة» داخل السياق الفلسفي الغربي لاتشير إلى الأحجار والأشجار والسحب والقمر والتلقائية والحرية، وإنما هي كيان يتسمببعض الصفات الأساسية التي يمكن تلخيصها فيما يلي:

    1
    ـ تتسم الطبيعةبالوحدة، فهي شاملة لا انقطاع فيها ولا فراغات، وهي الكل المتصل وما عداها مجرد جزءناقص منها، فهي لا تتحمل وجود أية مسافات أو ثغرات أو ثنائيات. وجماع الأشياءوالإجراءات التي توجد في الزمان والمكان هو الطبيعة، وهي مستوى الواقع الوحيد ولايوجد شيء متجاوز لها أو دونها أو وراءها، فالطبيعة نظام واحد صارم.

    2
    ـتتسم الطبيعة بالقانونية (لكل ظاهرة سبب وكل سبب يؤدي إلى نفس النتيجة في كل زمانومكان)، أي أن الطبيعة بأسرها متسقة مع نفسها، فهي تتحرك تلقائياً بقوة دفع نابعةمنها، وهي خاضعة لقوانين واحدة ثابتة منتظمة صارمة مطردة وآلية، قوانين رياضية عامةواضحة، حتمية لا يمكن تعديلها أو التدخل فيها، وهي قوانين كامنة فيها.

    3
    ـالحركة أمر مادي، ومن ثم، لا توجد غائية في العالم المادي (حتى لو كانت غائيةإنسانية تسحب خصوصيات النشاط البشري على الطبيعة المادية).

    4
    ـ لا تكترثالطبيعة بالخصوصية ولا التفرد ولا الظاهرة الإنسانية ولا الإنسان الفرد واتجاهاتهورغباته، ولا تمنح الإنسان أية مكانة خاصة في الكون، فهو لا يختلف في تركيبه عنبقية الكائنات ويمكن تفسيره في كليته بالعودة إلى قوانين الطبيعة. والإنسان الفرد (أو الجزء) يذوب في الكل (الطبيعي/المادي) ذوبان الذرات فيها، أي أن الطبيعة تلغيتماماً الحيز الإنساني.

    5
    ـ الإيمان بأنه لا توجد غيبيات ولا يوجد تَجاوُزللنظام الطبيعي من أي نوع، فالطبيعة تحوي داخلها كل القوانين التي تتحكم فيها وكلما نحتاج إليه لتفسيرها؛ فهي علة ذاتها، تُوجَد في ذاتها، مكتفية بذاتها وتُدرَكبذاتها، وهي واجبة الوجود.

    يُلاحَظ أن الطبيعة، حسب هذا التعريف الفلسفي،هي نظام واحدي مغلق مكتف بذاته، تُوجَد مقومات حركته داخله، لا يشير إلى أي هدف أوغرض خارجه، يحوي داخله كل ما يلزم لفهمه. وهو نظام ضروري كلي شامل تنضوي كل الأشياءتحته، وضمن ذلك الإنسان الذي يُستوعَب في عالم الطبيعة ويُختزَل إلى قوانينها بحيثيصبح جزءاً لا يتجزأ منها ويختفي ككيان مركب منفصل نسبياً عما حوله وله قوانينهالإنسانية الخاصة (ولذا فالرغبة في العودة إلى الطبيعة هي تعبير عن النزعة الجنينيةفي الإنسان). وهذه هي الصفات الأساسية للمذهب المادي. ولذا، فنحن نرى أن كلمة «المادة» يجب أن تحل محل كلمة «الطبيعة» أو أن تُضاف الواحدة للأخرى، وذلك لفك شفرةالخطاب الفلسفي الذي يستند إلى فكرة الطبيعة، ولكي نفهمه حق الفهم وندرك أبعادهالمعرفية المادية.

    ولعل كثيراً من اللغط الفلسفي ينكشف إذا استخدمنا كلمة «مادي» بدلاً من كلمة «طبيعي»، فبدلاً من «المذهب الطبيعي» نقول «المذهب المادي»،وبدلاً من «القانون الطبيعي» نقول «القانون المادي»، وبدلاً من «الإنسان الطبيعي» يمكننا أن نقـول «الإنسـان المادي»، وبدلاً مـن «الطبيعيـة (بالإنجليزية: ناتشوراليزم naturalism)» نقول «مادية». وحينئذ، فإننا نؤكد أن الإنسان الطبيعي، فيواقع الأمر، شخص يُعرَّف في إطار وظائفه الطبيعية البيولوجية ويعيش حسب قوانينالحركة المادية ويُرَدُّ إليها، ولذا فهو يجمع براءة الذئاب وتلقائية الأفعى وحيادالعاصفة وتَسطُّح الأشياء وبساطتها. وحينما نقول «العودة للطبيعة»، فنحن نقصد أنالعودة ستكون لقوانين الطبيعة، أي قوانين المادة. وقد فك هتلر شفرة الخطاب الفلسفيالغربي بكفاءة غير عادية حينما قال يجب أن نكون مثل الطبيعة، والطبيعة لا تعرفالرحمة أو الشفقة، وقد تبع في ذلك كلاً من داروين ونيتشه.







  7. #77
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    المادية
    «المادية» هي المصدر الصناعي من كلمة «المادة»، وهي لا علاقة لها بجمع المال أوبالإقبال على الدنيا كما قد يتوهم البعض. ويمكن للإنسان المادي المغالى في ماديتهأن يكون زاهداً تماماً في النقود والدنيا (كما هو الحال مع إنجلز وإسبينوزا). ويمكنالقول بأن كل الفلسفات إما مادية أو غير مادية، ولا يمكن تجزيء هاتين المقولتين إلىما هو أصغر منهما. والفلسفة المادية هي المذهب الفلسفي الذي لا يقبل سوى المادةباعتبارها الشرط الوحيد للحياة (الطبيعية والبشرية)، ومن ثم فهي ترفض الإله كشرط منشروط الحياة، كما أنها ترفض الإنسان نفسه، وأي منظومات فكرية أو قيمية متجاوزةللمادة. ولذا، فإن الفلسفة المادية تَرُدُّ كل شيء في العالم (الإنسان والطبيعة) إلى مبدأ مادي واحد هو القوة الدافعة للمادة والسارية في الأجسام والكامنة فيهاوالتي تتخلل ثناياها وتضبط وجودها. قوة لا تتجزأ ولا يتجاوزها شيء ولا يعلو عليهاأحد، وهي النظام الضروري والكلي للأشياء؛ نظام ليس فوق الطبيعة وحسب ولكنه فوقالإنسان أيضاً. وإن دخل عنصر غير مادي على هذا المبدأ الواحد، فإن الفلسفة تصبح غيرمادية.

    وكلمة «مادة» قد تبدو لأول وهلة وكأنها كلمة واضحة، ولكن الأمر أبعدما يكون عن ذلك. ومع هذا، يمكن تعريف الشيء المادي تعريفاً إجرائياً بأنه ذلك الشيءالذي تكون سائر صفاته مادية: حجمه ـ كثافته ـ كتلته ـ لونه ـ سرعته ـ صلابته ـ كميةالشحنة الكهربائية التي يحملها ـ سرعة دورانه ـ درجة حرارته ـ مكان الجسم في الزمانوالمكان... إلخ. والصفات المادية هي الصفات التي يتعامل معها علم الطبيعة (الفيزياء)، فالمادة ليست لها أية سمة من سمات العقل: الغاية ـ الوعي ـ القصد ـالرغبة ـ الأغراض والأهداف ـ الاتجاه ـ الذكاء ـ الإرادة ـ المحاولة ـ الإدراك... إلخ، أي أن المادي ليس له أية سمة من السمات التي تُميِّز الإنسان كإنسان.

    ويمكن القول بأن الأطروحات الأساسية للفلسفة المادية هي ما يلي:

    1
    ـ لا يوجـد إلا المادة، ولا توجد أية صفات سـوى الصفات المادية. فالمادة أزلية، فهيلا تفنى ولا تُستحدَث من العدم. وهي الأصل الراسخ لكل الموجودات، وهي الجوهر الواحدوالمبدأ الوحيد الأول والأخير الذي تُردُّ إليه جميع ظواهر الحياة الماديةوالإنسانية والحوادث التاريخية.

    2
    ـ لا توجد أية صفات سوى الصفات المادية،وطبيعة كل شيء وخصائصه إنما هي نتيجة تركيب لبعض ذرات هذه المادة تم بشكل آلي ومنتلقاء نفسه من خلال الحركة الأزلية للمادة. أما أحوال الشعور والفكر والعقل، فهيظواهر تابعة (بالإنجليزية: إبي فينومنون epiphenomenon) ناتجة عن ذلك الجوهر. ولايوجد سوى الكم في العالم، وكافة الكمَّات يمكن المقارنة بينها (أما الكيف فهو مجردشكل من أشكال الكم)، أي أنه لا يوجد سوى الكمي، أما الكيفي فهو ظاهري.

    3
    ـعادةً ما تُقرن المـادة بالحـركة، فالمادة والحركة لهما وحدهما وجود وحقيقة نهائية. ولكن الحركة كامنة في المادة، ومن ثم فإن المادة ليس لها سبب أو محرك أول.

    4
    ـ حركة المادة حركة آلية محايدة ليس لها قصد أو غاية أو معنى، وهي خاضعةلقوانين طبيعية لا تختلف ولا تتغيَّر أو خاضعة لقانون الصدفة.

    5
    ـ كلتَغيُّر، مهما اختلف مجاله، له أساس مادي. وكل الظواهر تتغيَّر وتختفي وتذوب فيمادة كونية أزلية. والتطور، بما في ذلك التطور في المجتمعات الإنسانية، هو نتيجةتطور متصل في القوى المادية، ولا علاقة له بالقيم أو الغائية الإنسانية.





  8. #78
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    والمادية ترى أسبقية المادة على الإنسان بكل نشاطاته، وهي تمنح العقل مكانةتالية على المادة. ولذا، ليس للعقل أية فعالية سببية، ووجوده ليس ضرورياً لاستمرارحركة المادة في العالم. وتُقر نظرية المعرفة المادية (في مراحلها الأولى) بإمكانيةقيام المعرفة، فالعالم قابل لأن يُعرَف لأنه مُعطَى لإحساسنا ووعينا، بل إن ماديةالعالم هي شرط لمعرفته. ولمعرفة هذا العالم، لا يحتاج الإنسان إلى استعارة وسائل منخارج عالم الطبيعة/المادة؛ فهناك أولاً حواسه الخمس التي ترصد المحسوسات، وهناكعقله الذي يرتب ويُركِّب المحسوسات ولكنه غير منفصل عن الوجود المادي الحسي ـفالمعرفة هي انعكاس الواقع الخارجي في دماغنا عبر إحساساتنا وتراكم المعطيات الحسيةعلى صفحة العقل البيضاء. ويمكن للإنسان أن يكتسب المزيد من المعرفة من خلال التجريبومراكمة المعلومات في ذاكرته. وفي بعض أشكال المادية، لا توجد حدود للمعرفة، فكل ماهو موجود قابل لأن يُعرَف، أما التساؤلات الميتافيزيقية فهي ليست موجودة أو ليستموضوعاً للمعرفة.

    والمادة لا تسبق العقل وحسب وإنما تسبق كل ما هو إنساني،فهي مثلاً تسبق الأخلاق (ولذا فإن الأخلاق تُفسَّر تفسيراً مادياً ووفقاً لقانونطبيعي)، فمنطق الحاجة الطبيعية المباشرة هو الذي يتحكم في الأخلاق الإنسانية تماماًمثلما تتحكم الجاذبية في سقوط التفاحة. ولذا، تنادي المذاهب الأخلاقية المادية بأنالشيء الوحيد الذي يجدر بالإنسان أن يسعى إليه هو الخيرات المادية التي تجود بهاالحياة. وثمة قيم أخرى في النظام المادي، ولكنها قيم مادية مثل البقاء والنمووالحركة. وإذا كانت القوة هي الآلية التي يتم بها حسم الصراع في عالم الطبيعة، فهيتصبح بالتالي الآلية الأخلاقية المادية الكبرى.

    والشيء نفسه ينطبق علىالمعايير الجمالية، فالشعور والإحساس بالجمال وكل الأحاسيس الإنسانية يمكن فهمهابردها إلى المبدأ الطبيعي/المادي الواحد، فهي مجرد تعبير عن شيء مادي يُوجَد فيالواقع المادي. والمادة تسبق التاريخ، ولذلك فإن كل تَطوُّر (اجتماعي وتاريخي) يتوقف على الظروف المادية والاقتصادية (على سبيل المثال: تَطوُّر أدوات الإنتاجوعلاقات الإنتاج والمصلحة الاقتصادية). وأسلوب الإنتاج في الحياة المادية هو شرطتَطوُّر الحياة الاجتماعية والسياسية والعقلية على العموم. بل إن المشاعر الإنسانيةالكونية الأولية مثل مشاعر الأبوة والأمومة والرغبة في الاطمئنان والائتناس بالآخر،ومظاهر النبل والخساسة، كلها أمور مادية. وكما يقول الماديون، فإن البناء الفوقي (الفكري والعقلي والنفسي) يُردُّ، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، إلى المادة،وما لا يُردُّ إلى المادة لا وجود له، وقبول وجوده هو سقوط في الميتافيزيقاوالغيبية والجهالة.

    وهذه هي نقطة انطلاق الحداثة المادية الغربية والفلسفاتالعلمانية الشاملة، وهي فلسفات حلولية كمونية واحدية مادية تَردُّ كل شيء إلىالطبيعة/المادة وتنكر وجود قانونين أحدهما يسري على الطبيعة/المادة ويسري الآخر علىالطبيعة البشرية. وبدلاً من ذلك، تؤكد هذه الفلسفات وجود قانون طبيعي واحد يسري علىكل الظواهر ليتساوى، في ذلك، الإنسان والأشياء (وهذا هو أساس فكرة وحدة أو واحديةالعلوم). ولذا، فالنتيجة المنطقية للفلسفات العلمانية المادية الشاملة حينماتُطبَّق على الإنسان بصرامة هي تفكيكه ورده إلى القوانين الطبيعية/المادية والإحاطةبه ككائن لا استقلال له عن النظام الطبيعي/المادي.







  9. #79
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي



    الإنسان الطبيعى )المادى(
    «الإنسان الطبيعي» هو «الإنسان الطبيعي/المادي»، أي الإنسان الذي يدورفي إطار المرجعية الكامنة في المادة، يعيش بالطبيعة/المادة وعلى الطبيعة/المادة. والإنسان الطبيعي/المادي تعبير متبلور عن النزعة الجنينية وعن اختفاء النزعةالربانية، ولذا نجد نفس النمط الذي تتسم به النزعة الجنينية يعبِّر عن نفسه منخلاله: التأرجح بين الواحدية والثنائية وبين الصلابة والسيولة:

    1
    ـ الإنسانالطبيعي/المادي إنسان بلا حدود، يتمتع بكل السمات الأساسية للطبيعة/المادة، فهومكتف بذاته، مرجعية ذاته، ومعيارية ذاته، لا توجد أية حدود أو سدود أو قيود عليه: اجتماعية أو تاريخية أو أخلاقية أو جمالية، فهو سوبرمان حقيقي. إنسان يعيش فيالزمان الطبيعي الحر وليس في الزمان التاريخي الإنساني الذي تتحكم فيه القيموالأعراف، فهو تعبير واضح عن الواحدية الذاتية.

    2
    ـ هذا يعني في واقع الأمرأنه لا توجد مسافة تفصله عن الطبيعة أو عن قوانينها الكامنة في المادة، فما هو إلاجزء عضوي لا يتجزأ منها، لا يمكنه تجاوزها، حدودها حدوده، فضاؤها فضاؤه، أي أنالحيز الإنساني يختفي تماماً.

    3
    ـ هذا يعني أن الإنسان خاضع تماماً لقوانينالطبيعة الكامنة في المادة تحركه أينما شاءت لا يمكنه الفكاك من حتمياتها، يُرد فيكليته إلى النظام الطبيعي/المادي، يمكن تفسيره في إطار مقولات طبيعية/مادية مستمدةمن عالم الطبيعة/المادة: وظائفه البيولوجية (الهضم ـ التناسل ـ اللذة الحسية)،ودوافعه الغريزية المادية (الرغبة في البقاء المادي ـ القوة والضعف ـ الرغبة فيالثروة)، والمثيرات العصبية المباشرة (بيئته المادية ـ غدده ـ جهازه العصبي)، فهوسبمان حقيقي، تعبير واضح عن الواحدية الموضوعية المادية.

    ويمكننا الآن أننتعامل مع سمات الإنسان الطبيعي/المادي:

    1
    ـ جوهر الإنسان الطبيعي ليسجوهراً إنسانياً، مستقلاً وفريداً، وإنما هو جوهر طبيعي/مادي، فالإنسان لا يختلف،بشكل جوهري، عن الكائنات الطبيعية الأخرى. قد يكون سلوك الإنسان أكثر تركيباً منسلوك الكائنات الطبـيعية الأخـرى، ولكـن الاخـتلاف بينه وبينها هو اختلاف في الدرجةوليس في النوع. ولذا فالإنسان، في نهاية الأمر وفي التحليل الأخير، هو وأفكارهوتاريخه وأشواقه وأحزانه مجرد جزء من بناء فوقي وهمي يُرد، في نهاية الأمر وفيالتحليل الأخير، إلى البناء المادي التحتي الحقيقي، الطبيعة/المادة وقوانينها.

    2
    ـ الإنسان الطبيعي، شأنه شأن الكائنات الطبيعية، جزء من النظام الطبيعي،وهو نظام واحدي صارم لا يعرف الثنائيات أو التركيب وليس بإمكان كائن تجاوزه، ولذافالإنسان الطبيعي إنسان أحادي البُعد (إنسان وظيفي) سلوكه يتبع نسقاً منطقياًواضحاً يمكن التنبؤ به. ولذا يمكن اختزاله إلى تلك الصيغ الكمية والرياضية البسيطةالمستخدمة في العلوم الطبيعية، ويمكن تفسيره من خلال مقولات مادية محضة، ويمكنتوظيفه وحوسلته وجعله مادة استعمالية نافعة.

    3
    ـ لأن الطبيعـة يمكن أنتوجـد دون الإنسـان فيمكن القول بأنه لا يشكل المركز في الكون، فما هو إلا جزء عرضيفيه، وينبغي عليه أن يزعن لقوانينها وألا يحاول تجاوزها.

    4
    ـ معرفة الإنسانالطبيعي، محدودة بحدود الطبيعة والعلاقات بينها، فالإنسان، شأنه شأن الكائناتالطبيعية جزء من برنامج طبيعي مادي، ذاتي الحركة والتنظيم. بل يُلاحَظ أن الحيواناتالعليا تشترك مع الإنسان (الطبيعي) في درجات من الذكاء ووسيلة من وسائل الاتصالوالتنظيم الاجتماعي وأشكال من الاقتصاد، ولكنها جميعاً تتسم بالبساطة والمنطقيةالبالغة. ويشير علي عزت بيجوفيتش، المفكر الإسلامي رئيس جمهورية البوسنة، إلى أنصناعة الأدوات واستخدامها (وهي ظاهرة تدل على التقدُّم الشديد في حلقة التَطوُّر) تُمثِّل استمراراً للتَطوُّر البيولوجي، وهو تَطوُّر خارجي كمي يمكن تتبُّعه منالأشكال البدائية للحياة حتى ظهور الحيوان الكامل. فالوقفة المنتصبة، واكتمالاليــد، واللغة والذكاء، كلها حالات ولحظات من التطور تبقى بطبيعتها في إطارهـاالحيواني. والإنسان، عندما استخدم لأول مرة حجراً لكسر ثمرة صلبة أو لضرب حيوان،فلابد أنه فعل شيئاً مهماً جداً ولكنه ليس جديداً كل الجدة، ذلك لأن آباءه الأوائلمن فصيلته الحيوانية حاولوا فعل الشيء نفسه.

    من هذا المنظور يمكن القول بأنعقل الإنسان ليس له أية فعالية، فوجوده ليس ضرورياً لحركة الكون. بل إن العقلوالخيال ومقدرة الإنسان على التجاوز والترميز والتجريد تشكل عوائق تقف في طريقمحاولة الإنسان الإذعان للطبيعة والتحرك معها والخضوع لحتمياتها.






  10. #80
    مراقبة أقسام رد الشبهات حول الإسلام
    الصورة الرمزية ساجدة لله
    ساجدة لله غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 317
    تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 16,235
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 23
    البلد : مصر الإسلامية
    الاهتمام : منتدى البشارة
    الوظيفة : أمة الله
    معدل تقييم المستوى : 34

    افتراضي




    5
    ـالإنسان الطبيعي/المادي، شأنه شأن كل الكائنات الطبيعية لا يعرف القلق أو التفكيرفي المجهول ولا يفكر في مصيره ولا في مصير الكون، ولا تعكر صفوه أية أسئلة معرفية،نهائية وكلية كبرى، فأسئلته كلها أسئلة عملية مادية محصورة بالبيئة والاحتياجاتالمادية المباشـرة. وعقل كل من الإنسـان (الطبيعي) والحيوان صفحة بيضاء تُسـجَّلعليها الأحاسيس المادية، ولذا فإن كليهما يدرك السطح بكفاءة عالية ولا يحاول الغوصإلى باطن غير مادي مُتوهَّم. وكلاهما لا ينسب إلى الأشياء دلالات رمزية غير موجودةفي جبلة الأشـياء المادية.

    6
    ـ يمكن تفسير قيم هذا الإنسان الطبيعي/الماديودوافعه ونشاطاته على أُسس طبيعية/مادية. فما يحركه هو أخلاقيات طبيعية/ماديةبرانية تستند إلى المنفعة والمصلحة والرغبة في البقاء الكامنة في المادة. قد يتوهمالناسأن القيم من لدن الإله أو من إبداع الإنسان، وهذا وهم. فمصدر القيم هوالطبيعة، ومن ثم يمكن من خلال دراسة الطبيعة وقوانينها المختلفة دراسة إمبريقية أننصل إلى منظومات قيمية ومعرفية وجمالية (طبيعية/مادية) يستطيع الإنسان أن يعيش بهاوأن يحقق مصلحته وبقاءه المادي ولذته.

    7
    ـ الطبيعة البشرية، شأنها شأنالطبيعة المادية، في حالة حركة دائمة وتغيُّر دائم، ولذا لا توجد إنسانية مشتركة،ولا يمكن أن توجد أية معايير دينية أو أخلاقية أو حتى إنسانية، فمثل هذه المعاييرخاضعة لقوانين الحركة.

    8
    ـ على المستوى الرمزي يتم إدراك الإنسان الطبيعيمن خلال رموز طبيعية مستمدة من عالم الطبيعة/المادة وهي عادةً صور مجازية مستمدة منعالم الحيوان والنبات (عضوية) أو من عالم الأشياء (آلية) أو خليط منهما.

    وتَصدُر الفلسفات المادية عن الإيمان بأسبقية الطبيعة/المادة على الإنسانولذا فهي تركز على الإنسان الطبيعي والجوانب الطبيعية/المادية من الوجود الإنساني،وتَرُد كل جوانب الوجود الإنساني الأخرى له، ولذا فهي تُلغي ثنائية الإنسان/الطبيعة (والرباني الجنيني) حتى تسود الواحدية المادية. ولذا، فنحن نربط بين الإنسانالطبيعي والنزعة الجنينية التي تعفي الإنســان من عـبء الهوية والمسـئوليةوالاخـتيار وتدور في إطـار الواحدية المادية.

    والعـلوم الإنسـانية فيالغرب، وكذلك النماذج التحليلية السـائدة فيها، تدور معظمـها حول مفهوم الإنسانالطبيعي، ولذا فهي تنظر إلى الإنسان باعتباره مجموعة من الوظائف البيولوجيةوالحقائق المادية، فالإنسان مجرد نظام طبيعي كغيره من النظم الطبيعية ويخضع بدورهللقواعد الحتمية الصلبة للطبيعة، ويمكن تفكيكه إلى أجزائه المادية الأساسية إلى أنيتلاشى تماماً في النهاية. وحتى في تطوُّره، نجد أن الإنسان الطبيعي لا يختلف عنالحيوان الطبيعي، فهما نتيجة عملية تَطوُّر طويلة تبدأ من أدنى أشكال المادة حيث لايوجد أي تميُّز واضح بينهما؛ فكلاهما مجرد وظائف بيولوجية، وكلاهما نتاج لبيئتهوعمله ولمحاولة البقاء من خلال الصراع والتكيف.

    وتَطوُّر الإنسان الطبيعي،مثل تَطوُّر الحيوان الطبيعي، داخل نسق بسيط مستمر منطقي، ومهما بلغ من تركيب فهويظل داخل إطار الطبيعة/المادة. وكما يقول علي عزت بيجوفيتش: "لقد أوضح إنجلز أنالإنسان نتاج علاقات اجتماعية (أو بدقة أكثر) نتاج أدوات الإنتاج الموجودة، إنهمجرد نتاج حقائق [مادية] معينة". ولقد أخذ داروين هذا الإنسان اللاشخصي بين يديهووصف تَقلُّبه خلال عملية الاختيار الطبيعي حتى أصبح إنسـاناً قادراً على الكلاموصناعة الأدوات وعلى أن يمشي منتصباً. ثم يأتي علم البيولوجيا ليستكمل الصورة،فيرينا أن كل شيء يرجع إلى أشكال الحياة البدائية التي هي بدورها عملية طبيعيةكيميائية: لعب بالجزيئيات (أما الحياة والضمير والروح فلا وجود لها، وبالتالي فليسهناك جوهر إنساني). وإنسان نيتشه، نتاج عملية التطور هذه، هو إنسان كامل اسماً، فهوفي جوهره حيوان كامل خاضع تماماً لقوانين التطور الطبيعية. وكل المدن الفاضلةالمادية (اليوتوبيات التكنولوجية التكنوقراطية)، التي تُدار على أسس علمية/مادية،يظهر فيها إنسان مثالي تماماً، إنسان في مثالية النحل والنمل والحيوانات التي تبلغالغاية في التنظيم، وهي كائنات تعيش في مجتمعها بشكل آلي منطقي؛ كالإنسـان الآليالمغسـول في الرشـد المادي من قمة رأسه إلى أخمص قدمه؛ إنسان لا يختار ولا يقرر،فكل شيء قد تم اختياره وتقريره له؛ وهو لا يحمل أية أعباء أخلاقية، فهو يتصرف بشكلآلي حسب طبيعته؛ وطبيعته لا خير فيها ولا شر ولا قلق ولا أسئلة كبرى. إن هذاالإنسان الآلي هو تَطوُّر طبيعي للإنسان الطبيعي/المادي لا يختلف عنه في الجوهر.

    إن عالم الإنسان الطبيعي عالم واحدي براني أملس. وكما يقول علي عزتبيجوفيتش: "لقد دأب الماديون على توجيه نظرنا إلى الجانب الخارجي للأشياء. فيقولإنجلز: إن اليد ليست عضو العمل فقط وإنما هي أيضاً نتاج العمل.. فمن خلال العملاكتسـبت اليد البشـرية هذه الدرجة الرفيعة من الإتقان الذي استطاعت من خلاله أنتنتج لوحات روفائيل، وتماثيل ثورفالدسن، وموسيقى باجانيني".

    "
    إن ما يتحدثعنه إنجلز هو استمرار النمو البيولوجي وليس النمو الروحي. ولكن الإنسان ليس مجردوظائف بيولوجية. والنمو البيولوجي وحده، حتى لو امتد إلى أبد الآبدين، ما كان بوسعهأن يمنحنا لوحات روفائيل، ولا حتى صور الكهوف البدائية التي ظهرت في عصور ما قبلالتاريخ".






 

صفحة 8 من 54 الأولىالأولى ... 4567891011121838 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 7 (0 من الأعضاء و 7 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء السادس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 61
    آخر مشاركة: 2010-10-27, 05:20 AM
  2. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الخامس
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 2010-10-26, 05:58 AM
  3. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الرابع
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 28
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:39 AM
  4. اليهود واليهودية والصهاينة والصهيونية الجزء الثالث
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 69
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:31 AM
  5. اليهود واليهودية والصهيونية والصهاينة الجزء الثاني
    بواسطة ساجدة لله في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 96
    آخر مشاركة: 2010-10-25, 05:04 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML