فالقرآن العظـيم أصـله التلاوة أمـا الخـط فهـو مما كان عــليه القـوم من رسم الحــروف أي أنها ليست من الله ورسـوله
من قال بأن كتابة القرآن ليست من الله ورسوله ؟
بل هي من الله ورسوله .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يتنزل عليه شيء من القرآن يستدعي أحد كتبة الوحي ويأمر بكتابتها فور نزولها ، ويبلغها أصحابه ،
ولما توفي صلى الله عليه وسلم كان القرآن كله مكتوبا في اللحاف والرقاع والعسب والأقتاب والأكتاف.
واختلف أهل السير في تحديد عدد كتاب الوحي، فمنهم من جعلهم ثلاثة عشر، ومنهم من جاوز بهم العشرين، وجعلهم ابن كثير ثلاثة وعشرين كما في البداية والنهاية، وهذه أسماؤهم كما أوردها :
قال: "أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهم أجمعين فمنهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم....
ثم ذكر: أبان بن سعيد بن العاص، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأرقم بن أبي الأرقم واسمه عبد مناف، وثابت بن قيس بن شماس، وحنظلة بن الربيع،
وخالد بن سعيد بن العاص، وخالد بن الوليد، والزبير بن العوام، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أرقم، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، والعلاء بن الحضرمي، ومحمد بن مسلمة بن جريس، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم أجمعين"
ثم جاء عهد أبي بكر حين أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن ..
يقول زيد بن ثابت : " فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال "
ثم قام أبو الأسود الدؤلي فيما بعد بتنقيط المصحف نقاط الإعراب، فوضع نقطة فوق الحرف لتدل على الفتح، ونقطة أمام الحرف لتدل على الضم، ونقطة تحت الحرف لتدل على الكسر ونقطتين لتدل على التنوين، وذلك بمداد يخالف لونه لون مداد المصحف.
ولما صعب على كثير من المسلمين التمييز بين الحروف المتشابهة وضع نصر بن عاصم ويحيى بن يعمر نقاط الإعجام لتمييز الحروف المتشابهة رسماً من بعضها بلون مداد المصحف، فالباء نقطة واحدة تحت والتاء بالمثناة الفوقية والثاء بالمثلثة الفوقية. ثم طور الخليل بن أحمد الفراهيدي نقاط الإعراب إلى حركات الإعراب ، فجعل الضمة واواً صغيرة فوق الحرف، والفتحة ألفاً صغيرة مبطوحة فوق الحرف، والكسرة ألفاً مبطوحة تحت الحرف، والتنوين حركتين والشدة رأس الشين والسكون رأس خاء، وهكذا تنامى علم مصطلحات ضبط المصحف حتى وصل إلى ما هو عليه الآن .
فهل معنى ذلك أن تنقيط كلام الله وتشكيله من البدع المستحدثة التي لا تستحق التعلّم ؟
فهكذا القول في علم أصول الفقه الذي هو علم استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية (يعني قرآن وسنة) . ولن يكون هناك فقه إلا به أصلا ، وقد كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يكتب فيه الأئمة كتباً ،
ولعلك قرأت مداخلة أخونا الفاضل الأستاذ خالد حين نقل لك كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي يقول فيه :
" الكلام في أصول الفقه وتقسيمها إلى الكتاب والسنة، والإجماع ،واجتهاد الرأي والكلام في وجه دلالة الأدلة الشرعية على الأحكام أمر معروف من زمن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والتابعين لهم بإحسان، ومن بعدهم من أئمة المسلمين ، وهم كانوا أقعد بهذا الفن وغيره من فنون العلوم الدينية ممن بعدهم ." "كتاب أصول الفقه 220/20 :"
فهذه العلوم الشرعية كلها تم تدوينها لنتعرف نحن البسطاء على ما كان عليه نبينا الكريم وصحابته الأطهار ، وليست علوما قائمة بذاتها دون أصل من الشرع تستند إليه .
الحديث سيطول . ولعلنا نستكمل بعد ان ينتهي أخونا الفاضل خالد بن الوليد من حواره مع الأخ عبد الحق .
هدانا الله لما يحبه ويرضاه .
المفضلات