خدعوك فقالوا يا عبد الحق .
أولا : الآية لا تُكتب هكذا ..
الآية الصحيحة هي : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" .
ثانيا : لا يوجد مصدر واحد ولا حتى مصدر صوفي قال بهذا الكلام الذي تقول .
الوِرد يقول : "عين الوجود" وأنت تقول : معناها "رحمة للعالمين" وكأن الوجود قد بدأ بمبعث النبي محمد رحمة للعالمين ، ولم يكن هناك وجود قبله .
دعني أشرح لك صلاة شجرة الأكوان يا عبد الحق التي تقرأها دون التنبّه لما تحويه من كفر وزندقة ..
يجب عليك ان تعلم أولا أن صلاة شجرة الأكوان هي من تأليف الشيخ محمد المدني القصيبي المديوني ، وليست من تأليف الشيخ إسماعيل الهادفي كما ذكرتَ في الاقتباس .
إعلم يا أخي بأن الوجود هنا يُقصد به الوجود كله ، أي أن محمداً هو أصل كل الموجودات ، وهو إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود ، عين أعيان خلق الله المتقدم من نور ضيائه ..
وهذا القول ذكره العديد من مبتدعة الصوفية كالجزولي في دلائل الخيرات ، والجفري في المنحة الإلهية وغيرهما كثير
والمقصود :
أنه أصل الوجود وأن الكائنات خلقت من نوره ، وأن نوره أول مخلوق ، وأنه الواسطة بين الله وباقي المخلوقات .
قال محمد البكري :
قبضة النور من قديم ارتنا
في جميع الشؤون قبضا وبسطا
وهي أصل لكل أصل تبدى
بسطت فضلها على الكون بسطا
ثم قال :
ولدت شكلها فأنتج شكلا
بشريا أقام للعدل قسطا
إلى أن قال :
كل شيء معناه والكل منه
وعليه مبناه ما احتل شرطا .
وفي الصلاة المشيشية ( لابن مشيش ) :
" اللهم صل على من منه انشقت الأسرار ، وانفلقت الأنوار ، وفيه ارتقت الحقائق ونزلت علوم آدم بأعجز الخلائق وله تضاءلت الفهوم فلم يدركه سابق ولا لا حق فرياض الملكوت بزهر جماله مؤنقة وحياض الجبروت بفيض أنواره متدفقه ولا شيء إلا هو به منوط إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط" .
بل إن في صلاة شجرة الأكوان ما يؤكد كلامي هذا .. ولعلك لم تقرأ تلك الصلاة جيدا حتى الآن .. أو لعلك تحفظها بدون فهم .
فأنت تقول فيها : "فيضُ الأمَاكنِ والأزْمَان, ويُنْبوعُ المَعَاني والعرْفان, فَهُوَ جنَانٌ والأَنَامُ أَثْمَارُهُ, أَوْ روْضٌ وَبُرُوقُ الخَلْق أَنْوَارُهُ, بَلْ هُوَ سمَاءُ الوُجُودِ"
وكاننا نتحدّث عن إله ، وليس عن نبي بشر مرسل .
بل إن الصوفي الزنديق محيي الدين بن عربي قد وصف ربّه بهذه الجملة أيضا "عين الوجود" ، فقال في كتاب فصوص الحكم (ص 109) :
"فمن عَرَف أن الحق عينُ الطريق، عَرَف الأمر على ما هو عليه، فإن فيه -جل وعلا- تسلُكُ وتسافر، إذ لا معلوم إلا هو، وهو عينُ الوجود، والسالكُ والمسافر"
حتى قال في نفس الكتاب (ص 111) :
...وبالِإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها، فهو محدودٌ بحدِّ كل محدود، فما يُحَدُّ شيء إلا وهو حد الحق، فهو الساري في مسمَّى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود، فهو عينُ الوجود، فهو على كل شيء حفيظ بذاته، ولايؤوده حفظ شيء، فحفظهُ تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته، ولا يصح إِلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد، والمشهود من المشهود، فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبِّر له، فهو الِإنسان الكبير.
الله ومحمد عين الوجود ، والله هو الإنسان الكبير!! .
هذا هو معنى عين الوجود يا عبد الحق التي تقرأها في وِردك وتريد التعبد بها إلى الله في الاحتفال بيوم مبتدع أيضا لم يرد عن النبي ولا صحابته أنهم احتفلوا به ، بل ولم يرد نص واحد صحيح في تحديده أصلا .
يعني يا قلب لا تحزن
والحقيقة أن عقيدة وحدة الوجود هذه والتي تساوي بين الخالق و المخلوق إنما هي من طامات الصوفية الكبرى وشطحاتهم التي لا يوافقها نقل وقد قالوا : إن الوجود واحد: خالقه ومخلوقه، ربه ومربوبه، فليس ثم إلا الله، فكل ما تراه وتسمعه وتحسه فهو الله، حتى تجرأ أشقاهم فنطق بالخنا والزور، وفاح بالنتن والقيح، فقال وبئس ما قال:
وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا راهب في كنيسة
وقال:
الرب عبد والعبد رب فليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك رب أو قلت رب أنى يكلف
وهذه العقيدة أيضا مما فاحت به صلاة شجرة الأكوان التي تتعبّد بها إلى الله يا عبد الحق .. فانت تقول فيها :
فَقُلْنَا لاَ مَوْجُودَ غَيْرُكَ وَمَا فِي الشُّهُودِ إلاَّ بِرُّكَ وخَيْرُكَ فَاحْجُبِ اللَّهُمَّ بَصَائِرَنَا عَنِ الْعَدَمِ وَكَحِّلْ أَبْصَارَنَا بنُورِ الْقِدَمِ وأَوْقِدْ لَنَا نُورَ التَّوْحِيدِ مِنْ شَجَرَةٍ فأَيْنَمَا تُوَلّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ حَتَّى لاَنَرْضَى بِصُحْبَةِ غَيْرِكَ وَلاَ نَرَاهُ,
وتقول واصفا محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه :
سرِّ سَائرِ الأَوَانٍي
في حين يقول الصوفي ابن سبعين في الرسالة النورية واصفا ربه جل وعلا بأنه :
الذي الوجود ووحدته واحد، يا ماهية كل ماهية، يا آنية كل آنية.
أما قولك :
أ
ما بلا فاصل ولا فارق فمرتبة لا باس بها مصداق الحديث القدسي كنت يده التي
المفضلات