صفحة 9 من 11 الأولىالأولى ... 567891011 الأخيرةالأخيرة
النتائج 81 إلى 90 من 103
 
  1. #81

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان و أربعة عشر (214):
    - يصف القرآن الجبال تارة بأنها أوتاد, وتارة بأنها رواسى, وتارة أخرى بأن بها الأقوات, على تفسير بعض علمائكم للآية: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت:10]

    الرد:

    - إن المعانى كلها صحيحة.. كيف ذلك؟ قال الشيخ الشعراوى (رحمه الله) ما معناه: إن الوتد هو شىء يُدَق فى الأرض ليثبِّت شيئاً, كخيمة - مثلاً - بحيث يكون الجزء الأسفل المختفى فى الأرض أكبر من الظاهر, وهذا ما أثبته العلم الحديث, أن الجبال لها جذور فى الأرض, طولها أضعاف الجزء الظاهر منها, وهذا معنى الوتد, وقد خلقها الله عز وجل بهذه الصورة لتثبت الأرض, كما تُثبَّت الألواح الخشبية مع بعضها بالمسامير, فلولاها لحدثت انزلاقات رهيبة للقشرة الأرضية, ولمادَت الأرض بمن عليها, لأن القشرة الأرضية مكونة من صفائح, يسمونها (الصفائح التكتونية) وهنا سؤال: لماذا تميد الأرض وتضطرب بغير الجبال؟ والجواب أن هذا يدل على دوران الأرض, فلو كانت ثابتة فى مكانها لَمَا اضطربت, ولكن الاضطراب والانزلاقات تنتج عن سيرها بسرعة رهيبة ليل نهار فى دورانها حول نفسها وحول الشمس, فسبحان الله العلى العظيم. أما الرواسى فما معناها؟ الراسى يقال عادة على الشىء الراسى على سطح مائع كالماء, فيقال رست السفينة, ويقال على (مَرسَى) أى المكان الذى ترسو فيه السفن, كمرسى مطروح. فما علاقة هذا بما نقول؟ معلوم أن فى باطن الأرض أسفل القشرة الأرضية معادن منصهرة فى حالة من السيولة, والجبال - كما ذكرنا - جذورها ممتدة لمئات الكيلومترات, فكأنها ترسو على سائل, وهو المعادن المنصهرة فى باطن الأرض.
    والضمير فى قوله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} عائد على الأرض (كما قال علماء السلف رحمهم الله) أو على الجبال (كما قال الشيخ الشعراوى رحمه الله) ولا تناقض فى ذلك, فالجبال من الأرض. ولكن كيف تكون الأقوات فى الجبال؟ قال رحمه الله: معلوم أن الجبال لها قاعدة وقمة, وقاعدتها أكبر من قمتها, وعلى العكس من ذلك, تجد الوديان قاعدتها أصغر من قمتها. ماذا نستفيد من هذا؟ نقول وبالله التوفيق: إن الجبال معرضة لعوامل التعرية, من رياح ومطر وغيرها, فتتآكل من قمتها, ويحدث بها تشققات, فأين يذهب ما تآكل منها؟ يذهب إلى الوادى فيوسعه. فما فائدة ذلك؟ فائدته أن الذى ينزل مع المطر من قمم الجبال, ومن داخل التشققات, يتفتت أثناء نزوله لاحتكاكه بالجبل, فينزل على الأرض على هيئة (غِرْيَن) أى طمى, وهو أعلى وأرقى أنواع السماد للتربة الأرضية, فلا يضاهيه أى سِماد, وكلما حدث هذا التفتُّت من الجبال, ونزل إلى الوديان والسهول, كلما اتسعت الرقعة الزراعية فى الوادى, لتتناسب مع تزايد البشر, فسبحان من {أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] ربما يقول قائل: لو أن الجبال تتآكل بعوامل التعرية لفنيت هذه الجبال. فيجيب الشعراوى (رحمه الله) بقوله: إن الجبل كلما تآكل خفَّ وزنه, وقد ذكرنا أن أسفل الجبال صُهَارة سائلة, فهى تدفع الجبل لأعلى, فتعوض ما نقص منه, والله أعلم.





    الشبهة المائتان و خمسة عشر (215):
    - يقول القرآن عن ناقة صالح: {فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر:29] ثم يقول: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا} [الشمس:14] فمرة يقول إن القاتل واحد, ومرة يقول إنهم جماعة, فمن القاتل؟

    الرد:
    - إن السكوت على الظلم مشاركة فيه, فمثلاً: عندما يقوم بعض الرجال بتقييد رجل ليذبحه أحدهم, أليسوا كلهم مشاركين فى قتله؟ فإن قلت إن القاتل فلان, وأنت تقصد الذى ذبحه, لكنت صادقاً, وإن قلت إنهم قتلوه, وأنت تقصد الذى ذبحه والذين أعانوه, لكنت صادقاً أيضاً, فالذى عقر ناقة سيدنا صالح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - رجل واحد, وعندما ذهب ليعقرها, كان معه ثمانية يشجعونه, فلما رأوه خائفاً منها (لأنها كانت ضخمة) قالوا له: اشرب خمراً حتى تتجرأ على قتلها, فشربها {فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} وجميع القرية كانت تعلم أن هؤلاء التسعة نفر ذاهبون لقتلها, فلم يُبَلِّغوا سيدنا صالحاً, بل رضوا بفعلهم, فكان تواطؤهم على ذبحها كأنهم شاركوا الذى ذبحها, وهو (قدّار بن سالف) لعنة الله عليه.
    ثم إنه من الغريب أن تتعجبوا من الاختلاف الظاهر - فى ظنكم - فى عدد مَن قتل الناقة, ولا تتعجبوا من الاختلاف البَيِّن فى أسماء تلاميذ معبودكم؟ فهذا إنجيل (متى) يقول:
    ثم دعا تلاميذه الاثنى عشر وأعطاهم سلطاناً على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف. أما أسماء الاثنى عشر رسولاً فهى هذه. الأول سمعان الذى يقال له بطرس وأندراوس أخوه. يعقوب بن زبدى ويوحنا أخوه. فيلبس وبرثولماوس. توما ومتَّى العشار. يعقوب بن حلفى ولبّاوس الملقَّب تدّاوس. سمعان القانوى ويهوذا الإسخريوطى الذى أسلمه (متى10: 1-4)
    ثم يأتى إنجيل (لوقا) فيقول: ولما كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثنى عشر الذين سماهم أيضاً رسلاً. سمعان الذى سماه أيضاً بطرس واندراوس أخاه. يعقوب ويوحنا. فيلبس وبرثولماوس. متَّى وتوما. يعقوب بن حلفى وسمعان الذى يُدعَى الغيور. يهوذا أخا يعقوب ويهوذا الإسخريوطى الذى صار مُسَلِّماً أيضاً (لوقا6: 13-16)
    نلاحظ أنه ذكر فى النَّص الأول (لبّاوُس الملقَّب تدّاوُس) ولم يذكره فى النَّص الثانى, فى حين أنه ذكر (يهوذا أخا يعقوب) فى النَّص الثانى ولم يذكره فى الأول, فهل أسماء الرسل تُنسَى؟ إن أسماء الصحابة - رضوان الله عليهم -وأنسابهم معروفة, وهم حوالى مائة ألف أو يزيدون, فكيف بأسماء اثنى عشر رسولاً؟ وكيف يَعُدُّ (يهوذا الإسخريوطى) منهم, وقد خانه وسلَّمه لليهود بزعمكم؟, والله أعلم.





    الشبهة المائتان و ستة عشر (216):
    - يذكر القرآن الجنة مرة بصيغة المفرد, مثل: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [يس:55] ومرة بصيغة المثنى, مثل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] ومرة بصيغة الجمع, مثل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} [القمر:54] فهل هى جنة, أم جنتان, أم أكثر؟

    الرد:
    - الجنة حين تأتى بصيغة المفرد, فهى تعبِّر عن مجموع الجنات, فمثلاً: لو أن هناك بلداً, أو قرية سياحية, غنية بالأنهار والحدائق والبساتين (جنات) وأراد أحد أن يصفها فماذا يقول؟ لو قال إنها جنة, لكان صادقاً, لأنه يصف القرية كلها وصفاً مجملاً, ولو قال إنها جنات, لكان صادقاً أيضاً, لأنها تحتوى على بساتين مختلفة عن بعضها البعض, ولو أراد وصف حال ناس معيَّنين, عن يمينهم بستان, وعن شمالهم بستان, فقال إنهم يسكنون فى جنتين, لكان صادقاً أيضاً, فكذلك المؤمن الذى يدخل الجنة, عندما ينظر عن يمينه يجد جنة, وعن شماله يجد جنة, وإذا تجول فى الجنة وجد جنات, فهى جنة وجنتان وجنات, كما أن المؤمن يرث مقعد الكافر فى الجنة, فيكون له بذلك جنتان. وهناك قضية مشابهة وردت فى القرآن الكريم على لسان فرعون, وهى قوله: {وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي} [الزخرف:51] مُشيراً إلى فروع وترع وقنوات من نهر النيل, وسماها أنهاراً, مع أنها تتفرع من نهر واحد, والله أعلم.














  2. #82

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان و سبعة عشر (217):
    - يقول القرآن: {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة:22] ثم يقول: {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان:15] فى الآية الأولى ينهى عن مودَّة الكفار, ولو كانوا الآباء, وفى الثانية يأمر بمصاحبة الوالدين المشركين بالمعروف, أليس هذا تناقضاً؟

    الرد:

    - المودَّة غير المعروف, المودة معناها الحب, والمعروف هو ما تعارف عليه الناس أنه خير, بشرط ألا يصطدم مع الشرع, والمسلم مأمور بالإحسان لوالديه, ولو كانا غير مسلمَيْن, كما أذِنَ الرسول - صلى الله عليه و سلم - للسيدة أسماء بنت أبى بكر - رضى الله عنهما - أن تَبَرَّ والدتها, مع أنها مشركة. ولتَعلَم الفرق بين البر والحب, تخيل أن لك جيراناً أشراراً, فإنك تحسن إليهم ابتغاء مرضاة الله جل وعلا, ولكن هل إحسانك إليهم يعنى أنك تحبهم؟ ولو أن لك زوجة غير محبوبة, وأنت تحسن إليها, أيكون إحسانك حباً لها, أم طاعة لربها؟ فالمسلم مأمور بمصاحبة والديه إن كانا مشركين بالمعروف, مع عدم حبهما, فهو يبرَّهما, ويصِلهما, ويطيعهما, ولكن ليس فيما يغضب الله سبحانه وتعالى‌. قال العلماء إن الآية التى فى سورة (لقمان) نزلت فى سعد بن أبى وقاص - رضي الله عنه - وقد كان بارّاً بأمه, وحين أسلم أمرته أن يكفر, وإلا- فستمتنع عن الطعام والشراب, وتقعد فى حر مكة إلى أن تموت, ويعيِّره الناس بها, ويقولوا له: يا قاتل أمه. وفعلاً امتنعت عن الطعام والشراب, حتى إنهم كانوا يفتحون فمها بالعصا, وكادت تهلك, فقال لها: لو كان لك مائة نفس خرجت نفساً نفساً ما تركت دين محمد, فَكُلى أو دَعِى, فأكلت, وأنزل الله عز وجل هذه الآية تأييداً لموقفه من عدم طاعته لها فى الشرك بالله, ولكنها أمرته بالإحسان إليها. أما الآية التى فى سورة (المجادلة) فقد قال العلماء إنها نزلت فى أبى بكر, وأبى عبيدة بن الجراح, ومصعب بن عمير, وغيرهم من الصحابة - رضوان الله عليهم -أجمعين, ففى موقعة بدر كان عبد الرحمن بن أبى بكر لم يسلم بعد, وكان من فريق الكفار, ورأى أباه فى المعركة, ولكنه لم يقتله, وبعد أن أسلم والتقى بأبيه, قال له: لقد رأيتك يوم بدر ولكنى لم أقتلك, فرد عليه أبو بكر, وقال له: لو أنى رأيتك لقتلتك, وفى المعركة نفسها قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه, ووجد مصعب بن عمير أخاه قد أسَرَه أحد المسلمين, فلما رآه أخوه استغاث به أن يتوسط له لدى المسلم ليفك أسره, فكانت النتيجة غير متوقعة, وذلك أن مصعباً قال للمسلم: اشدد وثاقه فإن أمه غنية تفديه بمال كثير, فقال له أخوه: أهذه وصيتك بأخيك؟ فرد عليه بقوله: هو أخى دونك, أى أن المسلم أخو مصعب, وليس هو, لأنه مشرك. فالخلاصة أن المسلم يبر أبويه ويحسن إليهما, ولو كانا مشركَيْن, أما إذا وصل الأمر إلى حرب الإسلام والمسلمين, ففى هذه الحالة يحاربهم تماماً كحربه لأعداء الله.
    وقد جاء فى الكتاب المقدس النهى عن الشىء والأمر به فى آن واحد, إذ يقول: لا تجاوب الجاهل حسب حماقته لئلا تعدِلَه أنت. جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً فى عينى نفسه. (أمثال26: 4-5) ونحن نسألكم: هل تجاوبون الجاهل أم لا تجاوبونه؟, والله أعلم.



    الشبهة المائتان و ثمانية عشر (218):
    - يقول القرآن: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون:1] فى هذه الآية ناقض القرآن نفسه بأن شهد لنبيكم بالرسالة, ثم كذَّب من شهد بها.

    الرد:
    - ما هو المنافق؟ المنافق فى اللغة حيوان صغير ضعيف اسمه اليربوع - فى جزيرة العرب - أكبر من الفأر وأصغر من الأرنب, تأكله الثعالب والقطط البرية وغيرها, وسُمِّىَ منافقاً لأن لديه مهارة فائقة فى حفر الأنفاق المتعددة المداخل والمخارج, فعندما يشعر بالخطر يدخل النفق, ويخرج من مكان آخر بعيد عن الخطر, فلا أحد يعرف مدخله من مخرجه, أما المنافق شرعاً فهو مَن أبطن الكفر وأظهر الإسلام, فقلبه غير لسانه, لا يُعرَف مدخله من مخرجه, ولا أوله من آخره. فعندما جاء المنافقون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا له: {إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} فهم كاذبون فى قولهم, لأنه مخالف لما فى قلوبهم (مع أنه رسول الله حقاً, والله عز وجل يشهد له بذلك) كمثل رجل قال لك: أنا أحبك, فى حين أنه يكرهك, ولكنه قالها نفاقاً, فالصدق لابد أن يكون له واقع يؤيده, والمنافقون واقعهم غير أقوالهم, فهم كافرون بالرسول - صلى الله عليه وسلم - معادون له ولدعوته, يكيدون له ولأصحابه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
    والناس أربعة أصناف: فالمؤمن منسجم مع نفسه, فقلبه موحِّد مثل لسانه, ومتجانس مع الكون, لأن الكون كله يوحِّد الله جل وعلا, والمنافق متنازع مع نفسه, قلبه غير لسانه, ومتنازع مع الكون, والكافر متجانس مع نفسه, لأنه مُقِر بالكفر لا ينكره بلسانه, ومتنازع مع الكون, والنوع الأخير هو الْمُكرَه الذى يُعذَّب ليكفر, فهو يبطن الإيمان ويظهر الكفر من شدة التعذيب, كما حدث فى قصة عمار بن ياسر, رضى الله عنهما, والله أعلم.




    الشبهة المائتان و تسعة عشر (219):
    - كيف يقول القرآن: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} [الطلاق:1] ثم يقول: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} [الطلاق:6]؟ فمرة يأمر بعدم إخراجهن من البيوت, ومرة يأمر بتوفير السكن لهن, وكل هذا بعد الطلاق!

    الرد:
    - الآية الأولى خاصة بالمطلقة طلاقاً رجعياً, أى بعد الطلقة الأولى أو الثانية لا يخرجها زوجها من بيتها, ولا تخرج هى بنفسها, حتى تنقضى عدتها, أما الآية الثانية فهى خاصة بالمطلقة ثلاث طلقات, ففى هذه الحالة تكون قد بانت من زوجها بينونة كبرى, فلا يحل لها أن تمكث معه فى المنزل نفسه, ولكنه مُكلَّف أن يسكنها فى مكان يتناسب مع مستوى سكنه, وينفق عليها حتى تنقضى عدتها. وهذا وذاك من الإحسان إلى المرأة فى الإسلام, والله أعلم.




    ان شاء الله










  3. #83

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان و عشرون (220):
    - يقول القرآن: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} [الملك:5] و{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ{6} وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} [الصافات:6-7] ثم يقول: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً{8} وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً} [الجن:8-9] الآيتان الأولى والثانية معناهما أن السماء كانت محفوظة, وأن الشياطين كانت تُرجَم قبل بعثة محمد, ثم ناقض نفسه وقال فى سورة (الجن) إن رجمهم كان لأجل بعثته؟

    الرد:

    - بفهم بسيط لآية سورة (الجن) يُعرف معناها, ولكنه الطمس على القلوب, والعياذ بالله. فماذا قالت الآية؟ هل قالت (فوجدنا بها حرساً شديداً وشهباً)؟ أم قالت: {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ}؟ إن ملء الشىء لا يعنى كونه فارغاً, فمثلاً: لو أحضرت لك زوجتك كوباً من العصير, فقلت لها: أريده مملوءاً, فهل هذا يعنى أنه كان فارغاً؟ أم أنه كان به بعض العصير, ولكنك تريده مملوءاً؟ ومثال آخر: لو أنا تعودنا على وجود حرس بمنطقة معينة لأهميتها, ولكنا فوجئنا فى يوم من الأيام أن عدد الحرس قد زاد زيادة رهيبة, مع وجود أسلحة ومعدات لم تكن من قبل, فقلنا إن المكان مُلِئَ بالحرس, أليس هذا يعنى أنهم كانوا موجودين, ولكن بعدد أقل؟, والله أعلم.




    الشبهة المائتان واحد و عشرون (221):
    - يقول القرآن: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} [الملك:5] فكَوْن النجوم زينة يقتضى بقاءها, وكونها رجوماً للشياطين يقتضى زوالها, فكيف نجمع بين المعنيين؟

    الرد:
    - لو قلتَ إنك ضربت أحداً بالمسدس, أتكون ضربته بالمسدس نفسه, أم بالرصاص الخارج منه؟ أو كما يقال: لقد ضربنا العدو بالمدفعية الثقيلة, أنكون قد ضربناهم بالمدافع نفسها؟ أم بالدانات الخارجة منها؟ فكلمة {رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} معناها أنها مصدر الرجم بألسنة اللهب, والشهب, والنيازك الخارجة منها, وليس بذاتها, وكأنها قاذفة صواريخ, فإن خروج ألسنة اللهب من النجوم لا يفنيها, والشمس مثال لذلك, فهى ترمى بألسنة اللهب منذ ملايين السنين, وما زالت كما هى لم تتغير, ولم تتبدل, بقدرة العلى القدير سبحانه وتعالى, والله أعلم.




    الشبهة المائتان اثنان و عشرون (222):
    - ذكرت آيات كثيرة أن النار خُلِقَت للكفار, وآيات أخرى توعدت عُصاة الموحدين بالنار, فكيف تكون خلقت للكفار, ثم يدخلها الموحدون؟ وما فائدة التوحيد إذن؟ وما دليلكم على أنهم سيخرجون منها, ولا يخلدون فيها؟

    الرد:
    - إن أصحاب الكبائر من المسلمين أمرهم موكول إلى الله عز وجل, إن شاء غفر لهم, وإن شاء عذبهم, وليس معنى أن النار {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} أنه لا يدخلها غيرهم, وإلا- لتمادى عُصاة الموحدين فى عصيانهم (كشاربى الخمر, والمرابين, والزُّناة, وغيرهم) توكُّلاً على توحيدهم, إن هذا لا يقوله عاقل, مخاطباً عباده المؤمنين: {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} [النساء:123] فالنار فى الأصل {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:24] وهم أهلها المخلدون فيها, أما عصاة الموحدين - إن لم يغفر الله لهم - فسيدخلونها على قدر ذنوبهم, ثم يخرجون منها, فهى للكافرين دار مؤبَّدة, ولبعض الموحدين دار مؤقَّتة, وهذه هى فائدة التوحيد, والدليل على ذلك قوله جل وعلا: {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [الحجر:2] قال العلماء فى تفسيرها: إن أهل النار عندما يجدون أهل التوحيد يعذبون معهم فى النار يقولون لهم: هاأنتم تعذبون معنا وما نفعتكم (لا إله إلا الله) التى كنتم تقولونها, فعندها يغضب الله سبحانه وتعالى, ويأمر بإخراجهم من النار. والدليل من السنَّة المطهرة, قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن شعيرة, ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن بُرَّة, ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان فى قلبه من الخير ما يزن ذرَّة)) [صحيح مسلم] والأدلة على دخول عصاة المسلمين النارَ كثيرة, منها ما سبق, ومنها مثلاً: عقوبة آكلى الربا {فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:275] و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{130} وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران:130-131] وعقوبة قذف المحصنات {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور:23] وعقوبة أكل مال اليتيم ظلماً {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء:10] وغير ذلك من الأدلة من الكتاب والسنة. : {وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران:131] هذه الآية جمعت بين الأمرين, ففيها دليل على أن النار خُلِقت للكافرين, وفيها أيضاً تحذير للمؤمنين, وكأن الله عز وجل يقول لهم: إن النار لم أخلقها لكم, ولكنى خلقتها للكافرين, فلا تعصونى فأجعلكم معهم, والله أعلم.




    ان شاء الله










  4. #84

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان ثلاثة و عشرون (223):
    - يقول القرآن: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [المزمل:9] ويقول: {‌رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن:17] ويقول: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} [المعارج:40] ما كل هذا الاختلاف؟

    الرد:

    - قال العلماء: عندما يقول الله عز وجل: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} فهو مشرق الشمس ومغربها على الإطلاق بغير تحديد (أى الجِهَة التى تشرق من ناحيتها, والجِهَة التى تغرب عندها) وعندما يقول: {‌رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} لأن الشمس لها مشرق فى الصيف غير الشتاء, ولها مغرب فى الصيف غير الشتاء, وعندما يقول: {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ} لأن الشمس لها كل يوم مشرق يختلف عن بقية الأيام, ولها كل يوم مغرب يختلف عن بقية الأيام, حتى إن بعض ملوك العصور القديمة, مثل رمسيس (فرعون) والملكة (بلقيس) كان لهم قصور لها نوافذ بعدد أيام السنة, بحيث يدخل أول ضوء للشمس فى كل يوم من نافذة مختلفة عن بقية النوافذ, وهكذا كانت نوافذ الجامع الأموى الكبير فى دمشق بعدد أيام العام, وفى أبو سمبل (جنوب أسوان) تتعامد أشعة الشمس عند الشروق على وجه تمثال رمسيس الثانى, وتنفُذ خلال المعبَد الفرعونى مرة واحدة يوم 22فبراير, ومرة أخرى يوم 22 أكتوبر دون سائر أيام العام, وذلك لتغيُّر زاوية الشروق. وقول هؤلاء العلماء صحيح, ولكن - بالإضافة إلى ذلك - أثبت العلم الحديث أن الأرض تدور حول محورها أمام الشمس مرة كل يوم, فيكون لها مشرق واحد ومغرب واحد (وإن كان لها مشارق ومغارب متعددة فى كل منطقة على خطوط الطول, ولكنها من اتجاه واحد) وهناك كواكب أخرى فى مَجَرّات أخرى تدور حول نجمين, فيكون لها مشرقان ومغربان, وكواكب تدور حول ثلاثة نجوم, فيكون لها ثلاثة مشارق, وثلاثة مغارب. كما أن مجموع الشروق والغروب للكواكب أمام نجومها يكوِّن منهما مشارق ومغارب كثيرة, والله أعلم.






    الشبهة المائتان أربعة و عشرون (224):
    - يقول القرآن: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] أى أنه نزل كله مرة واحدة فى ليلة القدر, ثم يناقض نفسه فيقول: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً} [الفرقان:32] أى أنه لم ينزل جملة واحدة, ولكن نزل منجَّماً حسب الأحداث.

    الرد:
    - قال عبد الله ابن عباس, رضى الله عنهما: إن القرآن نزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا فى ليلة القدر, ثم نزل بعد ذلك منجَّما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حسب الأحداث. وقيل أيضاً: إن أول نزوله على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى غار حراء كان فى ليلة القدر, وهذا معنى قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وأىّ آية من القرآن تسمى قرآناً, كما أن جميع القرآن يسمى قرآناً, فليس هناك تناقض على الإطلاق, والله أعلم.




    الشبهة المائتان خمسة و عشرون (225):
    - يقول القرآن: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} [النجم:53] بصيغة المفرد, ويقول: {وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ} [الحاقة:9] بصيغة الجمع, فأين الصواب فى العبارتين؟

    الرد:
    - مكان (المؤتفكة) هو منطقة تسمى (سَدُوم) وقد سماهم الله بهذا الاسم لفعلهم الشنيع, وهو فاحشة إتيان الذكور, وقد أُفرِدَ الاسم فى سورة (النجم) للدلالة على البلد كله, أما فى سورة (الحاقة) فجُمِعَت لتعدد المناطق داخل هذا البلد, لأنها كانت تحتوى على خمس قرى, وذلك كما تذكر قطراً معيَّناً بصيغة المفرد, وإذا ذكرت محافظاته تذكرها بصيغة الجمع, والله أعلم.





    ان شاء الله











  5. #85

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    لشبهة المائتان ستة و عشرون (226):
    - كيف يسمح القرآن بحرية العقيدة {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29] ثم يتوعد الكافرين بالعذاب الأليم؟

    الرد:
    - الله سبحانه وتعالى بيَّن لعبادة طريق الهداية, وطرق الغواية, وترك لهم حرية الاختيار, ووعد من سلك طريق الهداية بالنعيم المقيم, وتوعَّد من سلك طرق الغواية بالعذاب الأليم, فهذه الآية الكريمة لا تترك للناس الحبل على الغارب ليفعلوا ما يشاءون, ولكنه أسلوب تهديدى, كالذى يقول لابنه: انت حر, فافعل ما بدا لك - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ} - فهل الأب يعطى لابنه الحرية المطلقة فى أن يخرِّب ما شاء, ويفسد ما شاء, بغير عقاب؟ وهل يساوى بينه وبين من أطاعه من أولاده؟ إذن لكان هذا الأب ظالماً, ولكانت فوضى, ولَمَا تأدب ولده, ولَعاث فى الأرض فساداً. فلو ترك الله للناس الحرية فى فعل ما يشاءون, دون رادع يردعهم, ولا ثواب أو عقاب ينتظرهم, لكانت فوضى, ولاضطربت موازين الحياة, الصالح كالطالح, والمصلح كالمفسد, والبارّ كالفاجر... إلخ. والدليل على أن الآية تهديدية أنها خُتِمَت بقوله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً} لتبين جزاء الكافرين, ثم تلاها بيان جزاء المؤمنين {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً{30} أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً}
    والأساليب التهديدية ليست فى الآية التى وردت فى السؤال وحدها, بل وردت كثيراً فى القرآن الكريم, مثل قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت:40] وقوله: {وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ} [هود:121] وقوله: {قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [الزمر:8], والله أعلم.





    الشبهة المائتان سبعة و عشرون (227):
    - يقول القرآن: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور:26] والواقع يكذِّب ذلك, فالرجل الطيب يتزوج من الخبيثة, والمرأة الطيبة تتزوج من الخبيث, وهذه الآية تتناقض مع قصص القرآن الذى أقرَّ بأن امرأة نوح وامرأة لوط كانتا كافرتين, وامرأة فرعون كانت مؤمنة, والآية أيضاً بها تكرار لا فائدة فيه, ألا كان يكفى أن يقال (الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين)؟

    الرد:
    - إن الآية معناها أن الخبيثات من الأقوال للخبيثين من الرجال, والخبيثين من الرجال للخبيثات من القول, والطيبات من القول للطيبين من الرجال, والطيبين من الرجال للطيبات من القول (كما قال عبد الله بن عباس, رضى الله عنهما) وبديهى أن ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء أيضاً. والآية جاءت تعقيباً على حادثة الإفك, أى أن من اتهم السيدة عائشة - رضى الله عنها - بالقول الخبيث, فذلك لأنه هو الخبيث, أما هى فلا يليق بها إلا الأفعال والأقوال الطيبة. أما ما يظنه السائل أنه تكرار لا فائدة فيه فهو ليس بتكرار, بل هو تأكيد وحصر, أى أن الخبيثات من الأقوال لا تخرج إلا من الخبيثين من الناس, فلا يمكن أن يتكلم بها الطيبون, والخبيثون من الناس لا يتكلمون إلا بالخبيثات من الأقوال, فهى مقصورة عليهم, وهم مقصورون عليها, وكذلك فإن الطيبات من الأقوال لا تخرج إلا من الطيبين من الناس, وهم لا يُخرجون إلا الأقوال الطيبة, فهى أيضا مقصورة عليهم, وهم مقصورون عليها, والله أعلم.



    الشبهة المائتان ثمانية و عشرون (228):
    - يقول القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة:6] فى هذه الآية جعلتم أهل الكتاب أسوأ من المشركين, لأنكم ذكرتموهم قبلهم, فى حين أنكم تُقِرُّون بأن أهل الكتاب أفضل من المشركين, بصريح القرآن الذى قال: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:116] فما هذا التخبط؟ ثم إننا لسنا بأسوأ حال منهم.

    الرد:
    - إن أهل الكتاب لم يكن لهم عذر فى كفرهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كان عندهم وَصْفُه فى كتبهم, وهم الذين كانوا يهددون المشركين به, ويقولون لهم: لقد أَطَلَّ زمن ظهور نبى نجد وَصْفه فى كتبنا, وسنتبعه ونقاتلكم معه, وننتصر عليكم. وهذا ما ذكره الله عز وجل فى قوله: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ} [البقرة:89] لدرجة أن المشركين فى المدينة كانوا يترقبون مجيئه, وحين عرض نفسه عليهم فى موسم الحج, سارعوا إلى الإيمان به, وقالوا: إن هذا هو النبى الذى تحدثنا عنه يهود, فلا يسبقونا إلى الإيمان به. قال الله عز وجل: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ} [الأنعام:20] فالآية الكريمة توضح أن أهل الكتاب - سواء من اليهود أو النصارى - كانوا يعرفون النبى كمعرفتهم أبناءهم, بل إن منهم من قال: (إنى أعرف محمداً أكثر من معرفتى لابنى, فإنى لا أدرى ماذا فعلت أمّه) أبَعْد هذا يكون لهم عذر فى الكفر به, وعدم تصديقه؟ ولذلك جاء ذكرهم فى الآية قبل المشركين, لأنهم أوْلى باتباعه منهم, فمثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أن أباك حذرك من الاقتراب من جهاز معين, لأن فى اقترابك منه مفسدة لهذا الجهاز, ثم لعب فيه أخوك الذى لم يسمع التحذير, وأنت تراه ولم تذكر له خطورة فعله, فحين يعلم الوالد.. أتكون عقوبتك مثل أخيك؟ لا شك أنها ستكون أشد, لأنك تعلم ولا يعلم {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر:9], والله أعلم.
















  6. #86

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان تسعة و عشرون (229):
    - يقول القرآن: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء:47] ويقول: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:8] ويقول: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف:105] كل هذه الآيات متعارضة مع بعضها, فمرة تقول إنها (موازين) ومرة (وزن) ومرة لا ميزان أصلاً.

    الرد:
    - ليس هناك أى تعارض بين الآيات, ولو أن السائل أكمل الآية الأولى لَعَلِمَ الإجابة {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا} إن أعمال الخير متفاوتة فى ثقلها, فهى تختلف فى تفاضلها حسب درجتها عند الله, فالصلاة غير الزكاة, أو الصوم, أو الحج, أو صلة الرحم... إلخ, وحسب نية فاعلها وإخلاصه لله, واتباعه للسنَّة فى فعلها, وغير ذلك. وكذلك أعمال الشر فهى متفاوتة أيضاً, فالقتل غير السرقة, أو شرب الخمر, أو النظر المحرم... إلخ. والله سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:40] فقوله تبارك وتعالى: {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} يعنى الوزن العمومى للحسنات والسيئات فى مُجمَلِها, أمّا {الْمَوَازِينَ} فهى مثاقيل الأعمال حسب تفاوتها ثقلاًً وخفَّة. ونحن فى واقعنا نطلق اسم المفرد على الشىء الذى يحتوى على أشياء متجانسة, فمثلاً نقول عن الراجع من السفر: إنه دخل الجمرك (بلفظ المفرد) فى حين أن البضائع تختلف عن بعضها البعض بالنسبة لما يُفرَض عليها من هذا الجمرك, فالسيارة غير الغسالة أو الثلاجة... إلخ, فكذلك كلمة (الوزن) تطلق ويراد بها مجموع الموازين. أما الآية الكريمة: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} فهى - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - كما نقول عن الرجل التافه إنه (لا وزن له) أى أنه لا قيمة له, فى حين أننا نقول عن رجل آخر (إنه ثقيل) أو (إنه جبل) وذلك لما نراه من حلمه وسَعَة عقله, فقوله تعالى: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} معناه: فلا نقيم لهم وزناً نافعاً, أى أنه لا قيمة لهم ولا لأعمالهم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنه ليأتى الرجل العظيم السمين يوم القيامة, لا يزن عند الله جناح بعوضة, اقرءوا {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً})) [متفق عليه]‌ أمّا المؤمن فهو ثقيل فى الميزان عند الله يوم القيامة, كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حين تعجب الصحابة - رضوان الله عليهم - من دِقَّة ساقَيْه: ((أتعجبون من سَاقَىْ ابن مسعود؟ إن ساقَى ابن مسعود أثقل من جبل أُحُد فى الميزان يوم القيامة)) (أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -) لأن الذى يُوزَن هو إيمان العبد الذى وَقَرَ فى قلبه, وليس العظم واللحم والشحم, والله أعلم.




    الشبهة المائتان و ثلاثون (230):
    - يقول القرآن: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت:16] ثم يقول: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ} [القمر:19] فأيهما نصدق؟ وهل هو يوم أم أيام؟

    الرد:
    - الآية الأولى تتحدث عن عدد الأيام التى سخر الله عليهم الريح فيها, أما الآية الثانية فتتحدث عن يوم نزع الناس {تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ} [القمر:20] فنزع الناس وجعلهم كأعجاز نخل منقعر كان فى يوم, أما الريح الشديدة فكانت سبعة أيام. فمثلاً: لو حدثت حرب بين طائفتين, واستمرت لعدة أيام, ثم انتصر أحد الفريقين, فقلنا: انتصر الجيش الفلانى فى يوم كذا, فهل معنى هذا أن الحرب كانت لمدة يوم واحد, أم أنها استمرت لعدة أيام, وكان النصر فى آخر يوم فيها؟ وهناك معنى آخر: وهو أن قوله تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ} يعنى أنه ليس يوماً واحداً, ولكنه {مُّسْتَمِرٍّ} مُمتدّ لسبعة أيام, والله أعلم.




    الشبهة المائتان واحد و ثلاثون (231):
    - يقول القرآن عن الكفار: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:174] يقر القرآن فى هذه الآية بأن الله لا يكلم الكفار, ثم يناقض نفسه فيقول: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص:62]

    الرد:
    - النداء يكون من مكان بعيد, وقد وصف الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بأنه يوم التناد {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر:32] كما ورد فى سورة (الأعراف) من نداء أهل الجنة على أهل النار, والعكس, أما الكلام فيكون من مكان قريب, فالله سبحانه وتعالى لا يكلم الكفار, ولكن يناديهم, لأن كلامه رحمة. أما النداء الذى ورد فى هذه الآيات - وغيرها - فهو للتوبيخ, ومن وراء حجاب, كما : {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] وليس شرطاً أن نداء الله لهم يسمعونه منه مباشرة, فربما كان عن طريق الملائكة, كما يخاطبنا الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} أو {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} أو يخاطب أهل الكتاب بقوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} والكافرين بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا} فهذا الخطاب لم يصل من الله إلى الناس مباشرة, ولكن عن طريق الوحى, ثم عن طريق الرسول - صلى الله عليه و سلم - {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:75] فهو سبحانه الذى قال: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} [الشورى:51] فإن سماع كلام الله سبحانه وتعالى متعة, وهو للمؤمنين خاصة يوم القيامة, فكيف يستمتع به الكفرة؟
    ثم إنه قد جاء فى الكتاب المقدس تناقض بين صفات الله جل وعلا, فمرة يقول إنه يشبه الإنسان, ومرة يقول إن ليس له شبيه: وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا. فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبّابات التى تدب على الأرض. فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم. (تكوين1: 26-27)
    لكى تعرف أن ليس مثلى فى كل الأرض. (خروج9: 14) ليس مثل الله (تثنية33: 26) لذلك قد عظمت أيها الرب الإله لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك (صموئيل الثانى7: 22) لا مثل لك يا رب (إرمياء10: 6) فبمن تشبهون الله وأى شبه تعادلون به. (إشعياء40: 18) فبمن تشبهوننى فأساويه يقول القدوس. (إشعياء40: 25), والله أعلم.













  7. #87

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان اثنان و ثلاثون (232):
    - يقول القرآن: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ} [المائدة:116] وفى آيات أخرى كثيرة يقول: {إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فكيف يكون الله {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ثم يسأل عيسى عن قضية من أخطر القضايا؟ أليس المفروض أنه يعلمها؟

    الرد:
    - نعم {إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ولكنه سؤال لتبكيت النصارى, وإقامة الحجة عليهم من نبيهم الذى أرسل إليهم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فلا يكون لهم حجة فى عبادتهم إياه بعدما تبرَّأ منها. فمثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - لو أن أحداً بلَّغك أن صديقك قد تكلم عليك بسوء, وأنت متيقن أن هذا الإنسان كاذب, لعلمك بخلق صديقك, فماذا تفعل لتظهر كذب هذا النمام؟ إنك تسأل صديقك أمامه, وتقول له: هل قلت علىَّ كذا وكذا؟ فهل أنت شاك فى صديقك؟ إنك على يقين من استحالة هذا الأمر, ولكنك تصرفت هذا التصرف لتخزى هذا الكاذب النمّام. فالسؤال الذى ورد فى الآية الكريمة ليس للاستعلام, ولكنه للتوبيخ كما قلنا, وبقية الآية تثبت علم الله سبحانه وتعالى بأن سيدنا عيسى لم يأمرهم بعبادته, ولا عبادة أمه, فبعدما سأله الله هذا السؤال, رد عليه سيدنا عيسى بقوله: {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}, والله أعلم.




    الشبهة المائتان ثلاثة و ثلاثون (233):
    - إن القرآن يتناقض مع نفسه فى آية واحدة, فيقول: {يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [نوح:4] فكيف يقول لهم نوح: {وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} ثم يقول لهم: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ}؟

    الرد:
    - إن سائل هذا السؤال ليس عنده ملكة اللغة العربية, ولكنه حكم على الآية حكماً سطحياً, وهناك فرق بين من يجيد التحدث باللغة وهو ليس من أهلها, وبين من هو من أهلها الذى يتكلمها بالسليقة بغير تكلف, ونحن حين نسمع أجنبياً يتكلم باللغة العربية ندرك أنه ليس عربياً مهما كان إتقانه, وكذلك لو تكلم العربى بلغة أجنبية فإنه لا يجيدها كأهلها, فهل الذى ينقض كلامه ينقضه فى نفس اللحظة وبهذه السرعة؟ إن الإنسان السريع النسيان لا يمكن أن ينقض كلامه بهذه السرعة, ولكنه يقول كلاماً ثم بعد فترة ينسى فيقول غيره. فهل يُعقل مثلاً - {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى} - أن يقول قائل: أنا سوف أقوم بتأجيل سفرى.. أنا سفرى لا يمكن تأجيله؟ أو يقول: أنا أجيد القراءة.. لا يمكن أن أجيدها؟ فإذا كان هذا لا يُعقل صدوره من إنسان, فكيف بالله سبحانه وتعالى؟ إن ما جاء فى الآية الكريمة فيه قولان للعلماء: القول الأول إنهم إذا آمنوا, فسوف يؤخر الله موعد موتهم ببركة إيمانهم, فلو كان مقدَّراً لهم - مثلاً - أن يعيشوا تسعمائة سنة, فسيجعلها الله ألفاً إذا آمنوا. ومعلوم أن الأعمال الصالحة سبب للبركة فى العمر, قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((من سرَّه أن يعظم الله رزقه, وأن يمد فى أجله, فليصل رحمه)) [صحيح الجامع:6291] أمّا لو لم يؤمنوا فإن أجلهم لن يتأخر. والقول الثانى أنهم خافوا من قومهم أن يقتلوهم لو آمنوا بسيدنا نوح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فطمأنهم أن آجالهم ستؤخر لحين مجيئها, أى أن قومهم لن يعجِّلوا أجلهم قبل موعده, أما أجلهم الحقيقى فلن يتأخر, والله أعلم.





    الشبهة المائتان أربعة و ثلاثون (234):
    - إن موقف القرآن من أهل الكتاب متخبط, فنجده يقول: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة:8] مع أنه يقول: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران:28] ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51]

    الرد:
    - ليس هناك أى تخبط كما يَدَّعى السائل, فإن الولاية غير البِرّ, البر يعنى حسن المعاملة, وعدم الجوْر أو الظلم, فلم ينهنا الله سبحانه وتعالى أن نبر أهل الكتاب (غير المحاربين) ونقسط إليهم, فلا نؤذيهم, ولا نهينهم, ولا نظلمهم, بل ونهاديهم, ونتقبل هديتهم, ونواسيهم فى مصائبهم, ونهنئهم فى أفراحهم التى لا ترتبط بعقيدتهم, ولكن لا نحبهم. أما ولايتهم فقد نهانا الله عنها, وهى حبهم, والتقرب إليهم, والتداخل فيهم وكأنهم أهلينا, يعرفون أسرارنا, ومُدخلنا ومخرجنا, وكأنهم إخواننا, فهذه الولاية لا تكون إلا للمؤمنين. وأشد ما فى هذه الولاية التى نهينا عنها, هى موالاتهم ومناصرتهم ضد المسلمين, كمن يقاتل فى صفوفهم, أو يتحالف معهم ضد المسلمين, ومن يفعل ذلك فهو منهم, بل إن من تشبَّه بهم فى احتفالاتهم, وكلامهم, ولبسهم, وعاداتهم التى تخالف شرعنا, فهو منهم, قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((من تشبَّه بقوم فهو منهم)) [سنن أبى داود, صحيح الجامع:6149], والله أعلم.














  8. #88

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان خمسة و ثلاثون (235):
    - تتناقض الروايات عندكم فيمن هو الذبيح؟ فمنكم من يقول إنه إسماعيل, ومنكم من يقول إنه إسحاق, والحق عندنا أنه إسحاق.

    الرد:
    - عجباً لكم أيها القوم! تتساءلون عن اسم الذبيح ولا تتأكدون من نسب معبودكم؟ فأيهما أهَمّ عندكم؟ وأيهما أكثر إثارة لدهشتكم؟ إن الأناجيل قد اختلفت فى نسب المسيح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - فإنجيل (متى) ينسبه إلى سليمان بن دواد - على نبينا وعليهما الصلاة والسلام - بينما ينسبه إنجيل (لوقا) إلى ناثان بن داود, وهذا التناقض ورد فى الإصحاح الأول من إنجيل (متى) والإصحاح الثالث من إنجيل (لوقا), وحتى لا نطيل على القارئ نذكر فقط كلمة من (متى) وكلمة من (لوقا): وسليمان ولد رحبعام. (متى1: 7) ناثان بن داود (لوقا3: 31)
    نعم.. لقد ذكرت بعض التفاسير نقلاً عن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - أن الذبيح هو سيدنا إسحاق, ولكن أغلب التفاسير على أنه سيدنا إسماعيل, على نبينا وعليهما الصلاة والسلام. وقد حدث هذا الخلط من بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - بسبب قربهم ومخالطتهم لعلماء أهل الكتاب, الذين يزعمون أن الذبيح هو سيدنا إسحاق, ولكن الحق قد جانبهم فى هذا الأمر, فإن الذبيح هو سيدنا إسماعيل, وهذا موجود عندهم فى الكتاب المقدس, ولكنهم حرفوه بطريقة ساذجة لا تخفى على أحد, وهاكُم ما جاء فيه:
    وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم. فقال له يا إبراهيم. فقال هَأنذا. فقال خُذ ابنك وحيدك الذى تحبه إسحَق... إلى آخر قصة الذبح. (تكوين22: 1-14)
    فالتلفيق فى قولهم (إسحاق) واضح وضوح الشمس, إذ كيف يكون ابنه الوحيد (أى البكر) هو إسحاق, مع أنه كان الثانى وليس البكر بنص التوراة نفسها: وكان إبراهيم ابن مائة سنة حين وُلِدَ له إسحَق ابنه. (تكوين21: 5) فى حين أنه رُزِقَ بإسماعيل وهو ابن ستة وثمانين سنة: كان أبرام ابن ست وثمانين سنة لما ولدت هاجر إسماعيل لأبرام (تكوين16: 16) (أبرام يعنى إبراهيم)
    فكيف يكون ابنه البكرى إسحاق, وبينه وبين إسماعيل أربعة عشر عاماً؟ وقد ادعوا أنه إسحاق حقداً على سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ابن الذبيح. والدليل على أن سيدنا إسماعيل هو الذبيح, أن القرآن ذكر فى سورة (الصافات) قصة سيدنا إبراهيم مع قومه, وما أرادوا من حرقه, وإنجاء الله له, وذلك فى الآيات من (83-98) وبعد أن نجاه الله من النار قال: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ{99} رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ{100} فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ{101} فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ{102} فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ{103} وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ{104} قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ{105} إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاء الْمُبِينُ{106} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:99-107] ثم بعد ذلك بشَّره الله سبحانه وتعالى بسيدنا إسحاق, فى قوله: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:112] فمن الواضح وضوح الشمس من هذه الآيات أن البشرى بسيدنا إسحاق كانت بعد انتهاء قصة الذبيح, فمن كان هذا الذبيح إن لم يكن سيدنا إسماعيل؟ ثم إن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أنا ابن الذبيحين)) [مصنف ابن أبى شيبة, مستدرك الحاكم] أى أنه من نسل الذبيح الأول, وهو سيدنا إسماعيل, وابن الذبيح الثانى, وهو عبد الله والد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا يقطع الشك فى أمر الذبيح, والله أعلم.





    الشبهة المائتان ستة و ثلاثون (236):
    - يتحدث القرآن عن هلاك الإنسان والحيوان وجميع الدواب بسبب ذنوب الإنسان, فيقول: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى} [فاطر:45] فما ذنب جميع الدواب؟ أليس هذا ظلماً؟ ألم يقل فى السورة نفسها: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}؟

    الرد:
    - إن المخلوقات التى نتعامل معها على الأرض أربعة (بغضِّ النظر عن بقية المخلوقات) جماد ونبات وحيوان وإنسان, فالجماد يخدم النبات بما يقدمه له من عناصر لازمة لنموه, والجماد والنبات يخدمان الحيوان, والجماد والنبات والحيوان يخدمون الإنسان, والإنسان خُلِق لعبادة الرحمن {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] فلو لم يعبد ربه فما فائدته؟ ولو آخذه الله بذنوبه لأهلكه, ولتَبِع ذلك هلاك كل ما يقوم بخدمته من جماد ونبات وحيوان, لأنها موجودة لخدمته, فما فائدتها بعده؟ فمثلاً: لو أحضرت خادمة لأمك العجوز, ثم ماتت أمك, هل تبقى الخادمة فى البيت بعد ذلك؟ وهل رأيت خدماً يقيمون بقصر سيدهم الذى مات؟ إن صاحب القصر قد مات, فمن يخدمون بعده؟ وها هى قصور الملوك والسلاطين ليس بها أنيس ولا جليس, بعد أن كانت عامرة بأهلها.
    والذين ينكرون على كتابنا هلاك كل شىء بذنوب الإنسان, جاء فى كتابهم المقدس الأمر بحرق المدن بما فيها من إنسان وحيوان وكل شىء, كما ذكرنا ذلك فى الرد على الشبهة رقم (81) وجاء فيه أيضاّ:
    هكذا قال السيد الرب. من أجل أن أدوم قد عمل بالانتقام على بيت يهوذا وأساء إساءة وانتقم منه لذلك هكذا قال السيد الرب وأمُد يدى على أدوم وأقطع منها الإنسان والحيوان وأصَيُّرُها خراباً (حزقيال25: 12-13)
    ويكون فى ذلك اليوم يوم مجىء جوج على أرض إسرائيل يقول السيد الرب أن غضبى يصعد فى أنفى. وفى غيرتى فى نار سخطى تكلمتُ أنه فى ذلك اليوم يكون رعش عظيم فى أرض إسرائيل. فترعش أمامى سمك البحر وطيور السماء ووحوش الحقل والدّابّات التى تدب على الأرض وكل الناس الذين على وجه الأرض وتندك الجبال وتسقط المعاقل وتسقط كل الأسوار إلى الأرض. وأستدعى السيف عليه فى كل جبالى يقول السيد الرب. فيكون سيف كل واحد على أخيه. وأعاقبه بالوباء وبالدم وأمطر عليه وعلى جيشه وعلى الشعوب الكثيرة الذين معه مطراً جارفاً وحجارة برد عظيمة وناراً وكبريتاً. فأتَعَظَّم وأتقدس وأُعرَف فى عيون أمم كثيرة فيعلمون أنى أنا الرب (حزقيال38: 18-23), والله أعلم.





    الشبهة المائتان سبعة و ثلاثون (237):
    - يتناقض القرآن كثيراً مع نفسه, فيقول عن غزوة بدر: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَـكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{43} وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ} [الأنفال:43-44] ثم يقول: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} [آل عمران:13] يبدو أن محمداً نسى وهو يؤلف القرآن, فمرة يقول: {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ} ومرة يقول: {يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ} فكيف نفهم هذا التضارب؟

    الرد:
    - ليس هناك تأليف ولا تناقض كما تزعمون, ولكن هذا من تثبيت الله عز وجل لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين, فقد رآهم رسول الله فى المنام قليلى العدد, ليبشر المؤمنين فيتجرأوا على قتالهم ولا يهابونهم, فلو رآهم كثيرى العدد, لفشلوا ولتنازعوا فى الأمر, لأنهم قد خرجوا لقطع الطريق على قافلة قريش, ليستردوا بعض ما أُخِذَ منهم ظلماً وعدواناً, ففوجئوا بأن أبا سفيان نجا بالقافلة وسار بها إلى مكان آخر, وأن قريشاً قد جمعت العدة لقتالهم, ولم يكن الصحابة - رضوان الله عليهم - قد أعدوا العدة لقتالهم, حتى إن كثيراً منهم تخلفوا عنها, لعدم علمهم بوقوع حرب بينهم وبين المشركين, فحينما اصطفَّ الفريقان للقتال رأى كل منهما الآخر قليل العدد, فكان هذا لصالح المؤمنين, بأن شجَّعهم على قتالهم, فى حين أنه لم يكن من مصلحة المشركين, لأنهم خرجوا مغرورين بعددهم وعدتهم, حتى إن البعض أشار على أبى جهل بالرجوع طالما أن قافلة أبى سفيان نجت, ولكنه أصر على القتال أشراً وبطراً, وظن أنه سينتصر, وينحر الجزور, ويشرب الخمور, وتغنى وترقص له ذوات الخدور, فعندما رأوا المؤمنين قليلى العدد استخفوا بهم أكثر, وظنوا أنهم سينتصرون عليهم بمنتهى السهولة, ولكن الله خيب أملهم, فحين بدأت المعركة, والتحم الخصمان, ظهر عكس ما رأوه, ورأوا أعداداً غفيرة تقاتلهم, غير التى رأوها قبل بدء القتال, فدب فى قلوبهم الرعب, مصداقاً لقوله تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ} [الأنفال:12] وانهزموا بفضل الله سبحانه وتعالى, وقال الناجون منهم: إن المسلمين قد ركبوا أكتافنا, وما هى إلا أن رأيناهم فسلمنا لهم أعناقنا. أما المؤمنون فلم يَرُعهُم رؤية المشركين على كثرة عددهم وعتادهم, بل زاد استبسالهم فى القتال, لأن الله أيدهم بالملائكة, وربط على قلوبهم, وثبت أقدامهم, بعدما استغاث الرسول - صلى الله عليه وسلم - بربه {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] وقد قاتلت معهم الملائكة, حتى إن أحد الصحابة - رضوان الله عليهم - قال إنه رفع سيفه ليقتل أحد المشركين, فوقعت رأسه دون أن يمسه {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال:12] وكان المؤمنون يعرفون الفرق بين قتلاهم ومن قتلتهم الملائكة, ببنان المشركين التى ضربتها الملائكة (أى أطراف أصابعهم) ومن العلامات السوداء التى على رقابهم, من آثار ضرب الملائكة لهم. فمن هذا يتضح أن آيات سورة (الأنفال) تذكر ما حدث قبل وقوع القتال, أما آية (آل عمران) فتتحدث عن حال الفئتين بعد التحام الصفين وبدء القتال, والله أعلم.













  9. #89

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان ثمانية و ثلاثون (238):
    - هناك تناقض فى القرآن بين قوله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ} [النساء:48] وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً} [الزمر:53]

    الرد:
    - إن هذا السائل كمن قرأ {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ} ولم يُكْمِلْ {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} ولو قرأ آيات سورة (الزمر) التى تلى هذه الآية, لَعَلِمَ الرد على سؤاله, فماذا قالت هذه الآيات؟ لقد قالت: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ{54} وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ{55} أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ{56} أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ{57} أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ{58} بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} إن معنى هذا أن الله سبحانه وتعالى يفتح باب التوبة على مصراعيه لكل الناس, مهما كانت ذنوبهم - حتى ولو كانت شركاً بالله - أن يتوبوا إليه ويستغفروه, قبل أن يباغتهم الموت, ويفاجأوا بالعذاب, فهل هناك ثمة تناقض بين الآيات؟ إن آية (النساء) تتحدث عمَّن مات مشركاً, ولم يَتُبْ من شركه قبل موته, أما آية (الزمر) فهى خطاب للأحياء أن يتداركوا أنفسهم, ويثوبوا إلى رشدهم, قبل أن يندموا وَلاتَ حين مَنْدَم.
    وبالمناسبة.. فقد جاء فى الكتاب المقدس أن الله سبحانه وتعالى يندم (وحاشاه) ومرة أخرى أنه لا يندم, وإليكم الدليل: فندم الرب على الشر الذى قال إنه يفعله بشعبه (خروج32: 14) والرب ندم لأنه مَلَّك شاول على إسرائيل (صموئيل الأول15: 35) فمن يشفق عليك يا أورشليم ومن يعزِّيك ومن يميل ليسأل عن سلامتك. أنتِ تركتنى يقول الرب. إلى الوراء سِرتِ فأمُد يدى عليكِ وأهلكك. مَللتُ من الندامة. (إرمياء15: 5-6) إن هذه النصوص تثبت الندم, ثم يأتى النَّص التالى لينفيه: ليس الله إنساناًً فيكذب. ولا ابن إنسان فيندم. (عدد23: 19), والله أعلم.




    الشبهة المائتان تسعة و ثلاثون (239):
    - مرة يقول القرآن عن مريم إنها قالت: {رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ} [آل عمران:47] ومرة إنها قالت: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} [مريم:20] دون أن تقول فى هذه الآية كلمة {رَبِّ}, وكذلك فإنها قالت فى الآية الأولى {وَلَدٌ} وفى الثانية {غُلَامٌ} فهل نسى محمد, أم أنه تشويق للسامع؟

    الرد:
    - ليس هذا نسياناً ولا تشويقاً, إن الآية الأولى التى وردت فى سورة (آل عمران) كانت بشرى من الله جل وعلا, حملتها الملائكة للسيدة مريم, رضى الله عنها {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [آل عمران:45] فلذلك قالت {رَبِّ} أما آية سورة (مريم) فكانت البشرى من سيدنا جبريل - عليه السلام - مباشرة {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً{17} قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً{18} قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً} [مريم:17-19] ففى هذه الحالة تكلم سيدنا جبريل, فكيف تقول له {رَبِّ}؟ إنها لو قالت ذلك لكان فى قولها حجة للنصارى الذين يَدَّعون أن الله سبحانه وتعالى تمثل لها فى صورة بشر ليَهَبَ لها الولد. أمّا قولها فى الآية الأولى {وَلَدٌ} وفى الثانية {غُلَامٌ} فلأنها فى الآية الأولى تعجبت من أن يكون لها ولد بغير زوج, ولم يَعْقُب هذه الآية نُطقُه فى المهد, أما الآية الثانية فقد أعقبتها آيات نُطقِه فى المهد, وهذا الكلام لا يتأتّى إلا من الغلام, فلما فعل فِعله أخذ صفته, والله أعلم.




    الشبهة المائتان و أربعون (240):
    - ينكر القرآن على اليهود والنصارى ادِّعاءهم بأن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً, فيقول: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [آل عمران:65] فى حين أنه يدَّعى أنه كان مسلماً, فيقول: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران:67] مع أن الإسلام لم يظهر إلا بعد زمن طويل من اليهودية والنصرانية!

    الرد:
    - إن الإسلام معناه إسلام الوجه لله, بمعنى: إسلام القلب والقالب لله, وهو توحيد الله عز وجل بالربوبية والألوهية, وقد جاءت به جميع الأنبياء والمرسلين - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين - : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} [آل عمران:19] وقال رسوله - صلى الله عليه و سلم -: ((خير الدعاء يوم عرفة, وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير)) [صحيح الجامع:3274] وقد أوردنا فى الرد على الشبهة رقم (421) ما يدل على أن جميع الرسالات جاءت بالإسلام, ولا أعنى بالإسلام ديننا, ولكن أعنى توحيد الله جل وعلا, والانقياد له سبحانه وتعالى باتباع رسله, فلم يكن سيدنا إبراهيم - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - تابعاً لليهودية ولا النصرانية, ولكن كان مسلماً بالمعنى الذى ذكرناه, والله أعلم.

















  10. #90

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 14

    افتراضي


    الشبهة المائتان واحد و أربعون (241):
    - لماذا بدأ القرآن بفرار المرء يوم القيامة من أخيه, فقال: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} [عبس:34] ثم قال: {وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ} ثم قال: {وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} وكان الأبلغ أن يبدأ بأمه وأبيه, لأنهم أهم من أخيه, ثم يثنِّى بصاحبته وبنيه, لأنهم أيضاً أهم منه, ثم يأتى بالأخ بعد ذلك, ولقد جاء عندكم الترتيب صحيحاً فى قوله: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ{11} وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ{12} وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ{13} وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ} [المعارج:11-14] فلِمَ لم تكن مثلها؟

    الرد:
    - إن ما جاء فى سورة (عبس) يسمى فى البلاغة بالأسلوب التصاعدى, وهو يصور هول يوم القيامة, الذى يفر فيه المرء من أخيه, وقد كان التخلى عن الأخ عاراً عند العرب, ليس هذا فحسب, بل إن الأمر أخطر من ذلك, فسيفر أيضاً من أمه وأبيه, اللذَيْن هما أغلى عنده من أخيه, هل وقف الأمر عند ذلك؟ لا- بل سيفر من أغلى ما يملكه فى الدنيا, وهم زوجته وبنوه, وهذا عند الخروج من القبور, وما يصيب الناس فيها من الهلع والفزع, ومعلوم أن الأولاد هم أغلى ما يمتلكه الإنسان, حتى إنه حين يشعر بخطر سيصيب بيته (كحريق أو زلزال مثلاً) فإنه يحمل أولاده ليهرب بهم, وإن كان فى البيت أقارب غيرهم, مثل إخوته وزوجته وأمه وأبيه, أمّا لو كان الأمر فى أشد الخطورة فإنه يهرب وحده, ويترك حتى أولاده. أمّا آيات سورة (المعارج) فأسلوبها تنازلى, فهى تتحدث عن حال الإنسان حين معاينته لِما سيقع عليه من العذاب, بدليل قوله تعالى: {يَفْتَدِي} والإنسان حين يتعرض للعذاب, يقدم ما فى يده أولاً, ليكون فداءه, بغير تفكر ولا تعقل, من هول ما ألمَّ به, ثم يبحث عن شىء آخر ليقدمه, ومعلوم أن ما يكون فى يد الإنسان هو أغلى ما عنده, وليس عند الإنسان أغلى من أولاده, فلذلك يبدأ بهم أولاً. فمثلاً: لو أنك فوجئت بمن يريد قتلك, وكان معك مبلغ من المال, فأول شىء تفعله, هو أن تلقى له ما فى يدك من مال, لتكفّه عنك, فإن أصر على قتلك, فإنك تعرض عليه أن يأخذ شيئاً آخر, ثم شيئاً آخر... وهكذا, ولكن هذا المثل مع الفارق العظيم, فليس مثل عذاب يوم القيامة عذاب, والله أعلم.




    الشبهة المائتان اثنان و أربعون (242):
    - إن فى القرآن آيات يتناقض بعضها مع بعض, مثل قوله: {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ} [يونس:64] {لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الكهف:27] ثم قوله: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة:106] {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} [النحل:101]

    الرد:
    - إن الكلمة غير الآية, فقوله تعالى: {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ} و{لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} أى لا تبديل لسنن الله فى كونه, ولا تبديل لإرادته وقضائه وقدره, وذلك مثل ما كتبه علينا من الحياة والموت, والصحة والمرض, والفقر والغنى, والبعث والحساب... إلخ. أمّا {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ} فهى شرائع وأوامر ونواهٍ, يبدِّلها الله كيف يشاء, وذلك مثل قوله تعالى: {وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ} [البقرة:284] حين بدلها بقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286] وذلك عندما امتثل الصحابة - رضوان الله عليهم -لأمر الله ورسوله - صلى الله عليه و سلم - {وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285] وقد تكلمنا عن موضوع النسخ فى القرآن فى الرد على الشبهة رقم (31) وبالله التوفيق.
    ولقد جاء فى كتابكم المقدس أن معبودكم لم يأتِ لينقض الناموس (أى شريعة سيدنا موسى, على نبينا وعليهما الصلاة والسلام) ولكن ليكمله, فقال: لا تظنوا أنى جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئتُ لأنقض بل لأكَمِّل. فإنى الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. (متى5: 17-18) ثم يأتى فى الإصحاح نفسه وينسخ كثيراً مما جاء فى الناموس, فيقول: لقد سمعتم أنه قيل كذا (أى فى العهد القديم) وأنا أقول كذا, وفى موضع آخر ينسب الكذب للأنبياء, فيقول: احترزوا من الأنبياء الكَذَبَة الذين يأتونكم بثياب الحِملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة. (متى7: 15) فكيف يكذبهم, وهو الذى قال فى الفقرة الأولى إنه ما جاء لينقض الناموس أو الأنبياء؟, والله أعلم.




    الشبهة المائتان ثلاثة و أربعون (243):
    - يقول القرآن: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9] ثم يناقض نفسه فيقول: {يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:39]

    الرد:
    - إن الآيتين ليس بينهما أى تناقض, فالأولى تعنى حفظ القرآن من التحريف, أو التبديل, أو الزيادة والنقصان, كما حدث فى الكتب السابقة. أمّا الآية الثانية فقد تكلم الله سبحانه وتعالى فيها عن مَحْو بعض الأقدار أو إثباتها, كإثبات النعمة أو زوالها, كما : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال:53] وكإثبات البلاء أو رفعه, كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يُغنى حَذَر من قَدَر, والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل, وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة)) [صحيح الجامع:7739] فالله سبحانه وتعالى قد يعزّ ذليلاً ويذلّ عزيزاً, وقد يُغنى فقيراً ويُفقر غنياً, أو يشفى مريضاً ويُمْرض سليماً... إلخ, فهو سبحانه {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23]
    وقد جاء فى الكتاب المقدس تناقض بين كونه لا يمكن تحريفه, وبين احتمال تحريفه, فيقول: فإنى الحقَّ أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل. (متى5: 18) ثم يقول: لأنى أشهد لكل من يسمع أقوال نبوَّة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوَّة يحذف الله نصيبه من سِفْر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب فى هذا الكتاب (رؤيا يوحنا22: 18-19) وهذا ما خُتِمَ به الكتاب المقدس فى آخر صفحة منه, والله أعلم.
















 

صفحة 9 من 11 الأولىالأولى ... 567891011 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الرد على الملحدين (الاسلام دين اللحق)
    بواسطة نورالدين مومن في المنتدى قسم حوار الملحدين
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 2011-06-25, 11:15 AM
  2. الرد على الملحدين وصدفة نشوء الكون
    بواسطة ربيب الألباب في المنتدى قسم حوار الملحدين
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 2011-01-17, 03:55 PM
  3. الرد على شبهات الملاحدة
    بواسطة الهزبر في المنتدى المكتبة الإسلامية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 2011-01-10, 10:18 PM
  4. حملوا المفصل في الرد على شبهات أعداء الإسلام ارجو ان تتبت
    بواسطة MAROC في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2010-07-30, 06:09 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML