ضيفنا الفاضل
أين حوار الأديان في المناظرة ؟
أراه بدأ بموضوع كان سبباً في ظهور الجدال الفلسفي بين الفرق المختلفة ولكن هذه الفرق كانت قد آمنت بالفعل وعرفت الدين الصحيح ثم تكلمت بعدها عن هذه الأمور
إذاً فعلينا أولاً أن نعرف ما هو الدين الصحيح ونؤمن به ثم ندخل في هذه الجدالات الجانبية
فكيف يتحاور الضيف عن مشيئة أو إرادة أو قدر لإله لا يعرفه ولم يلم بصفاته التي اعترف بها الإسلام؟
ضيفنا الفاضل : لقد تشربت صفات معينة لإلهك تربيت عليها منذ الصغر وتريد أن تطبق هذه الصفات على خالق الكون وأول ما بدأت به هو أنك تريد أن تنزع عنه المشيئة التي يدبر بها كونه ومخلوقاته فهل تعرف أولاً من هو الله حتى تتحدث عن مشيئته؟
بالطبع لا تعرف لأنك لو عرفته حتماً سيسكن الإسلام قلبك
أتمنى أن يكون الحوار حول مسألة إسلامية لا مسألة فلسفية أصابتنا بالصداع طوال سنوات الجامعة لاختلافها بين الأديان المختلفة بل وبين أصحاب الدين الواحد بفرقه المختلفة وتناولتها كتب الفلاسفة
فعلينا أولاً أن نتكلم عن الله الحق...أي إله تتبع ولماذا؟
ولكن أريد توضيح فكرة بسيطة مرتبطة بالموضوع
حضرتك تقول :
اقتباس:لا يمكن ان يختار الله فعل الشر
الله الذي أنعم على الأرض بالحدائق والأعناب هو الله الذي يفجر البراكين لتحرق القرى ويقيم الزلازل لتهدم الدور وتقتل من فيها
كل هذا بمشيئة الله
الخير والشر الصالح والطالح الكل بمشيئة الله ليس له شريك
شاء الله في أن يموت فلان الآن مقتولاً سيرسل له من يقتله أو سيهدم عليه داره هذه مشيئة الله في الحالتين
القتل فعل شر ولكن اختاره الله وشاء بأن يتحقق فهل معنى هذا أن الله حاشاه "شرير"كما تقول؟
سقط حجر على رأس طفل فأرداه قتيلاً
هل تنكر أن هذه العملية بأكملها تمت بمشيئة الله؟
سقوط الحجر والقتل؟ فهل هنا امتنعت مشيئة الله ودخلت مشيئة آخر؟
بالطبع لا فقد شاء الله أن يسقط الحجر وشاء أن يُقتَل الطفل
قِس على ذلك إنسان مكلف وضعه مكان الحجر
فالإثنين قتلا الطفل ولكن أحدهما مكلف اختار أن يقتل والآخر غير مكلف لم يختر ولكن كلاهما وسيلة
فشاء الله أن تقوم هذه الوسيلة بهذا الفعل وهو يعلم أن الرجل يريد القتل ويحبه ويسعى إليه
فأتم الرجل ما فعله بنجاح بمشيئة الله وفي نفس الوقت برغبة الرجل
ولكن ماذا لو أن الأمر يتم بمشيئة الرجل وتراجع الرجل عن فكرة القتل ولكن مشيئة الله أن يُقتَل الطفل هل ستمنع مشيئة الرجل مشيئة الله؟
بالطبع لا ...فمشيئة الله لا يتدخل فيها بشر وقد شاء الله بقتل الطفل سواء بهذا الرجل أو بغيره
إذاً فعليك أن تنظر إلى الأمر يا ضيفنا نظرة متكاملة من جميع النواحي
مشيئة الله تتم في خلقه أياً كانوا والخلق مجرد وسائل لتنفيذ مشيئة الله باختيارهم الذي علمه الله في علمه المسبق فيشاء الله أن يتحقق علمه
فمشيئة الله وعلمه يسيران معاً ولا يمكن أن تخالف مشيئة الله علمه
فالله عليم ويجب أن يشاء بتحقيق كل ما يعلمه إما بخلق يختار أفعاله ويعاقب ويثاب عليها أو بخلق لا يختار أفعاله ولا يعاقَب عليها
اقتباس:الجواب طبعاً..كل شر وضلال في العالم هو مخالف لمشيئة الله
مادام الشر مخالف لمشيئة الله فلماذا خلقه؟
لماذا خلق الشيطان ؟
لماذا خلق صفة الشر من الأساس ؟ ألا تتساوى صفة الشر هذه مع الصفات الأخرى مثل القبح مثلاً والذي هو عكس الجمال والذي خلقه الله وليس للإنسان دخل فيه إلا أن الإنسان يستخدمه فقط إن أراد؟
سؤال :
لو عندي طفل وأعطيته مالاً وأنفق جزءاً منه في الخير وجزءاً منه في المعصية
فهل مصروفه خرج من إطار المال الذي أعطيته إياه؟
بالطبع لا
سؤال آخر : هل المال الذي أنفقه بنفسه في المعصية يعني أنني شريرية وأريد الشر؟أم أنني فقط أعطيته المال الذي لن يفعل شيئاً إلا به؟
ولله المثل الأعلى فمشيئة الله لن نفعل شيئاً إلا بها وكوننا عصينا فهذا ذنبنا
مشيئة الله تملأ الكون منا من يصيب ومنا من يخطئ ولكن كل شئ يحدث بمشيئة الله ( المال)
بالمال فعلت الخير وبالمال فعلت الشر فهل تأثر صاحب المال؟
بمشيئة الله فعلت الخير وبمشيئة الله فعلت الشر فهل يتأثر الله حاشاه؟
إذاً فمعنى أنني أنزع المشيئة من الله في المعصية فمعنى هذا أن الله ليس هو صاحب المشيئة الأصلية وأن هناك آخر يشاركه في المشيئة من أجل ارتكاب المعصية
سواء كان هذا الآخر إله آخر أشركته بالله أو شيطان أو إنسان شرير
فالإنسان يا ضيفنا يعصي بمشيئة الله وبمشيئته ولكن مشيئة الله تشمل مشيئته ولن يتم الإنسان أفعاله سواء حسنة أو معصية إلا بمشيئة الله ولو لم يشاء الله لن يفعل هذا الإنسان ما يريد أبداً مهما كان ما يريد
نفس مثال المال الذي أوردته لك
الإنسان لن يرتكب المعصية أو يفعل الحسنة إلا بالمال والمال في الأصل كله يخصني ولكنه أنفق المال بحسب رغباته هو ولولا مالي ما فعل الخير به أو الشر وبإمكاني سحب المال منه في أي وقت لو كان هذا ترتيبي للأمور أو في ذهني شئ معين
إذاً فالشرير رغب في ارتكاب المعصية ويعلم الله ذلك
فهناك احتمالين وكلاهما يتم بمشيئة الله
إما أن يمنعه الله من ارتكاب المعصية وبذلك شاء الله بعدم ارتكابه المعصية
وإما أن يتركه الله ولا يقدم له الوسائل التي تعوقه عن ارتكاب المعصية فيعصي ويتم ما سبق وعلمه الله وهذا أيضاً تم بمشيئة الله لأنه لم يعيقه عن ما أقدم عليه
تنبيه أخير
إن أنت نسبت المشيئة بالشر للإنسان من دون الله فعليك أيضاً أن تثبت الخير الذي يفعله الإنسان للإنسان فقط من دون الله والخير الذي تفعله الملائكة تنسبه لمشيئة الملائكة فقط من دون الله فالملائكة لا تعصي كذلك فكيف تفعل الخير؟
ولو كان للشيطان مشيئة تعلو مشيئة الله في الشر عليك أن تؤمن بأن للأنبياء مشيئة تعلو مشيئة الله في الخير
فكما خلق الله الخير خلق الشر
وكما خلق الجمال خلق القبح وإلا فالجنين المشوه في بطن أمه له مشيئة أخرى جعلته هكذا
وكما خلق العسل الحلو خلق الصبار المر
وكما خلق الحرير خلق الشوك
فلا دخل لمخلوق في خلق الله ولا في مشيئته ولا في تدبيره لهذا الكون
واقرأ هذه الآية القرآنية التي قال فيها الله تعالى:
وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَاللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ}29التكوير
فجميع الكائنات والأفعال لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى ، سواء كانت مما يتعلق بفعله،أو مما يتعلق بفعل المخلوقين
والإنسان يعلم أن له مشيئة ولكنها تقع تحت مشيئة الله
فالإنسان يمشي ويأكل ويقع ويقفز بمشيئته واختياره ولكنه تحت مشيئة الله
وهناك أشياء يفعلها الإنسان ولا تكون بمشيئته كالارتعاش وتغميض العين أثناء العطس مثلاً وحركة الأمعاء ونبضات القلب حركة الأجفان إذا تعرضت لضوء شديد وهكذا
فهذه تخص الإنسان ويفعلها ولكن ليس له فيها مشيئة أو إرادة بل هي مشيئة الله حتى ما يفعله الإنسان بإرادته كالمشي والجري مثلاً يقع بمشيئة الله ولو شاء الله لأصاب هذا الإنسان بالشلل وأقعده وعجز عن تحقيق رغبته في المشي
وهكذا في جميع الأشياء جميعها سواء عند الله
فالشر لن يؤثر في الله حتى نُخرِج الشر من مشيئته والخير لن يزد من قدسية الله حتى ننسب مشيئة الخير فقط له
فالله كامل ثابت لا يتغير ولا يتأثر بشرورنا فليشاء الله بما يشاء
أتمنى تكون وجهى نظري واضحة
المفضلات