قوانين وبناء القوة النفسية
مقدمة
بالرغم من أن القوة النفسية وقوة الشخصية لا تمثل تعريفاً علمياً مباشراً لموضوع بعينه فهذه الاصطلاحات تستخدم للتعبير عن قدرة الفرد على الثبات الانفعالي والضبط الذاتي وتوكيد الذات كما أنها تعكس أخلاق وعادات الفرد وقت التعامل مع الضغوط والأزمات وقدرته على الحلم وكظم الغيظ وعدم الاهتمام بصغائر الأمور.
وقد فسر الفيلسوف الإنجليزي "هوبس"
منذ أمد بعيد القوة على أنها كل خلق حميد فهو يرى أن الصبر قوة، لأن الضعيف يجزع ولا يقوى على الصبر والاحتمال وقد ثبت حديثاً أن الصبر وتحمل ألم الحرمان يزيد
من قدرة الجسم على إفراز الأندورفينات وهى أفيونات الجسم الطبيعية التي تحميه من الألم وتحقق له حالة مزاجية عالية !!
ويرى هذا الفيلسوف أيضاً أن الحلم قوة لأنه مزيج من الصبر والثقة وأنه ينطوي على شئ من الترفع عن صغائر المسيء وتجاوزاته بل والاستخفاف بها بتجاهلها تماماً
وهو يرى أيضاً أن الشجاعة قوة لأنها ترفض الجبن والمذلة، وأن العدل قوة لأنه يعكس تغلب الإنسان على نوازع الطمع وظلم الأخر بدوافع الأهواء، وكذلك فإن العفة قوة لأنها تقاوم الشهوة و الإغراء.
فالقوة النفسية هي القدرة على ضبط الذات في حدود الأخلاق السوية الجميلة, وأن مصدر الأخلاق الجميلة هو " عزم الأمور " كما جاء في القرآن الكريم.
أيضاً هناك معيار أخر هام للقوة النفسية هو المسئولية وتحمل تبعات الاختيار واتخاذ القرار..
وبالتأمل يسهل على الإنسان إدراك أن القوة هي الأخلاق الحميدة والقدرة على الضبط و التحكم وتحمل المسئولية وبالتالي تكون الحكمة في ارفع وأعظم الأخلاق
التى قد ورد في الصفات التي وصف بها الخالق نفسه في أسمائه الحسنى.
وينظر الإسلام للغضب – وهو من دلالات الافتقار للقوة النفسية - على أنه ضعف وخلل في عمليات الضبط الذاتي ونقص في السلوك التوكيدي lack of assertiveness
هذه القواعد أو القوانين المصاغة في عبارات يرددها الفرد لنفسه ليعدل بها حواره الذاتي ..
فاكتبها وضعها فوق مكتبك أو في حافظة نقودك واغرسها في ذهنك بالتأمل والتكرار والتركيز ..
خلال جلسات الخلوة ( راجع الخلوة العلاجية ) أو في لحظات الفراغ والاسترخاء بعد أن تطرد من ذهنك كل الأفكار الانهزامية المزعجة المسببة للتوتر والقلق والأفكار الاكتئابية السلبية المسببة لليأس والمخاوف ..
وسوف تصبح هذه العبارات بعد فترة قصيرة قوانين وقواعد تحفز إرادتك وعزيمتك .. ومرجعاً لقراراتك وتصرفاتك .. ومنبعاً لقوتك وثباتك .. ومفجراً للكامن من قدراتك وطاقاتك ..
درب نفسك باستمرار على الاحتفاظ بهدوئك وثباتك في أشد وأقصى الظروف وفي أصعب المواقف .. وهذا هو أعظم مكسب في الدنيا ..
وردد دائماً في مثل هذه المواقف الآيات الكريمة .. :
" رب اشرح لي صدري ،و يسر لي أمري ، و أحلل عقدة من لساني، يفقهوا قولي"
إرادتي وعزيمتي لا يمكن أن تلين ولو فشلت مائة مرة سأحاول من جديد....
" أفكر وأفكر ، لشهور وسنين وبعد تسع وتسعين محاولة أصل إلى نتيجة خاطئة ، وفي المرة المائة ، أصل إلى النتيجة الصحيحة "....ألبرت اينشتاين
الخايف هايف .. واللي يخاف من الناس ينداس
وحقاً أن : .." دائماً ما يتحول رأي المجموعة بكل طغيانه نحو من يظهر خشيته منهم ، أما هؤلاء الذين لا يكترثون فنادراً أن يتحول رأي المجموعة ضدهم "
لا توجد مشكلة يستعصي على حلها وسوف أتغلب على أي مشكلة بالحلم و الاتزان و التعقل .
لحظات من الخلوة والتأمل تحقق لي الهدوء والتوازن والتركيز وتدفع في نفسي قوة هائلة لمواصلة الطريق..
من هذه اللحظة سوف أتمتع بالصبر والمرونة وإهمال الصغائر ..والنظر إلى مشاكلي بحجمها الحقيقي .. فالعالم لن يتوقف عند هذه الصغائر..
سوف أستمر بصبر نحو هدفي ..
سأضع أمام عيناي دائماً أن:"المثابرة و الصبر هي التي تصنع الأعمال العظيمة "
صامويل جونسون
قدرات وقوى الإنسان الكامنة أعظم بكثير مما يتوقع ..وهو غالباً لا يعرف عنها شيء ولا يستغلها ..
و الآن أخذ قراري بإطلاق هذه الطاقات وسوف أبذل الجهد الجبار .. ولن أتعجل النتائج والانتصار..
الفطام الذاتي...
هو الحل..فبدلاً من أن ألوم والداي على المشكلات والصعوبات التي أواجهها..وأصرخ وأبكي وأطلب المساعدة دائماً...
سأتعلم أن هذه المشكلات هي التي ستقويني وسأتعلم منها الطريق إلى النجاح .
لن أقول أنني فاشل أو تعيس ..بل سأعمل دائماً على مضاعفة تقديري لذاتي ..فكل شيء يمكن إصلاحه إلا تقدير واحترام المرء لذاته.
" انظر لأهدافك وتخيلها حقيقة واقعة "
لن يهزمني ضعفي أو عجزي أبداً .. لن أكون أضعف من المكفوفين العباقرة الذين أخذوا بأيدينا نحو النور
لو خلا العالم من البهجة والسعادة ما كنا لنتعلم الشجاعة والصبر .
هيلين كيلر
لن أترك نفسي لحظه بدون هدف أو بلا معنى..
" إن الإنسان الذي ينظر إلى حياته على أنها عديمة المعنى ليس تعيساً فحسب ، بل يكاد يكون غير صالح للحياة.."......
البرت اينشتاين
لوم الناس لا يفيد .. وتكرار لوم الآخرين يظهر ضعفي ويعلن أنني ضحية قابلة لسيطرة الآخرين...ويظهرني بمظهر ضعيف ..وقد يغرى البعض بالتمادي بعد أن عرف ما يضايقني..
الحل هو تحمل المسؤولية والثبات وإعلان رفضي بثبات وحلم واتزان..
تقدير الآخرين والثناء على إيجابياتهم بذكاء هو أعظم استثمار لأنهم سيعطونك أفضل ما لديهم ...أما نقدهم وتعمد كشف عيوبهم سيحولهم إلى أعداء كارهين وسترى منهم أسوأ ما فيهم
ما هو أسوأ شئ ممكن أن يحدث .. ليكن ما يكون .. لن تكون نهاية العالم.. وحقاً :
" إن الإنسان يشعر بالهدوء في مواقف الخوف عندما يتخيل أسوأ ما يمكن أن يحدث وكأنه قد حدث بالفعل .. ويقنع نفسه بأنها ليست نهاية العالم .." برتراند رسل
كل إنسان له دور رئيسي في متاعبه .. ولن أكون من هؤلاء الذين يصطدمون بالمشكلات دائماً ويهدرون طاقاتهم في تضخيمها..
وحقيقة أن مشاكل المضطربين نفسياً سببها تكرار التعامل مع الأشياء المستحيلة والبحث عن الكمال , وعدم الاستفادة من الممكن وتنميته , والاصطدام بالمواقف المثيرة للاضطراب .
لا يوجد مستحيل ..
فقط ركز فيما تسعى إليه...وهناك دائماً طريق يوصلك إلى هدفك ...
الحمد لله..الحمد لله.. كررها وأنت تستخدم مخيلتك في استعراض نعم الله التي تتمتع بها .. وسوف يزول قلقك في الحال
انظر إلى ما لديك..وقل الحمد لله ، أحذر أن تفكر في ما ليس لديك وتحزن..وإلا سوق تقلق وتتوتر في الحال.
كلما حزنت أو تضايقت .. تصور أنك على شاطئ البحر تلقي بالماضي وهمومه .. و تراه يغرق و يتجه نحو القاع ..
وقل لنفسك " ليس أمامي إلا الحاضر و المستقبل .. وخسارة أن تضيع لحظة واحدة في التفكير في تجارب ومواقف الماضي الفاشلة ..
لن أتخيل النجاح والوصول إلى القمة فقط بل سأتخيل نفسي وأنا ابذل الجهد وأتجاهل المشاكل التافهة
وأتخطى العقبات واقهر الصعاب بصبر صعوداً نحو القمة " كل شئ يمكنك تخيله هو شئ حقيقي " بيكاسو
كل فشل يكشف لنا الأخطاء التي يجب ألا نقع فيها .. وكل فشل هو تجربه إيجابية و درس عظيم .. وخطوة حقيقية نحو النجاح ..
الفشل هو أعظم معلم..
و.."الفشل أمر سيئ ، ولكن الأسوأ منه هو ألا تحاول النجاح أبداً "
تيودور روزفلت
الرجل الذي يتسم بالحلم والثبات الانفعالي ويملك نفسه عند الغضب هو أسعد رجل في العالم
لأنه يملك أهم أركان القوة النفسية و تأكيد الذات ويملك قلبا خاليا من الحقد والحسد والشماتة..
والغضب مثل البخار المضغوط في إناء محكم إن لم يجد مفرا لخروجه فإنه يخترق أحد أعضاء الجسم فيسبب قرحة
في المعدة أو قولونا عصبيا أو ذبحة صدرية ..الخ ويفضح ضعفنا وقلة حيلتنا
حقاً :لا ينال العلا من كان طبعه الغضب
ولكل داء دواء يستطاب به إلا الحماقة أعيت من يداويها
حقاً :الكلام اللين يغلب الحق البين
: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي }الفجر: 27ـ28
خاتمه
انها كلمة راائعه ففي قوله تعالى وجل "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ [الفجر : 27]
ما أروع هذه العبارة ---النفس المطمئنّة --نفس يظللها سكون ويعمّها هدوء ويدعمها ثبات ويحلّيها ارتياح--ويرفعها تصديق بوعد الله.
قال الطبري فيها "يعني بالمطمئنة: التي اطمأنت إلى وعد الله الذي وعد أهل الإيمان به في الدنيا من الكرامة في الآخرة، فصدّقت بذلك. "
وكون النفس مطمئنة دليل على صحّة نفسيّة عالية--وتطمئن النفس بقراءة القرآن مع الإنفعال اللازم مع معاني الآيات--وقد يصل الإنفعال أحيانا إلى درجة البكاء من خشيته تعالى
وقد نقل الطبري عن مجاهد "في قوله: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ )
قال: النفس التي أيقنت أن الله ربها، وضربت جأشا لأمره وطاعته. "
فمجاهد رحمه الله جعل الطاعة شرطا لحصول الإطمئنان وبالفعل لا نجد اطمئنانا عند النفس العاصيّة--فهي في قلق يغلب عليها لعصيانها وتوتر ظاهر لا يخفى
اللهم اجعلنا من ذوي النفوس المطمئنة
منقولfkhx hgr,m hgktsdm ,r,hkdkih
المفضلات