الظلام المخيفبقلم : د. مصطفىمحمود
هل خطر على بالك وأنت تتأمل السماء في ليلة صافية أنكلا ترى من هذه السماء إلا 5 % وربما أقل من محتوياتها مهما استخدمت من مناظيرومجسات وأدوات استشعار .. مظلمة لا يخرج منها ضوء وسحب من العوالق والأتربة ممتدةمترامية بلا حدود ..
ويقول رجال الفلك أنهذه المادة السوداء المظلمة هي مجموع الغبار الكوني وسحب الغاز البارد وفقاعاتكونية سابحة في الفضاء وكتل مادية جوفاء وثقوب سوداء ونيازك وبقايا نجوم ميتة .. وجسيمات دقيقة وفتافيت ذرات هائمة في تجمعات سحابية مثل البروتونات والنيوتروناتوالباريونات والكواركات وجسيمات النيوترينو التي تخترق الأرض وتخرج من الناحيةالأخرى في سر عات مذهلة مثل السهام الخفية .. هذا عدا الأجسام الكبرى العملاقةكالنجوم والشموس والمجرات والكواكب والتوابع والأقمار التي تدور في أفلاكها .
وافتراض وجود هذه المادة السوداء الخفية كان سببه أنالنجوم والشموس والكواكب والكتل المجرية العملاقة لا تكفي بمجموع كتلاتها للاحتفاظبتماسك مجموع الكون ككل .. وتأثيرها الجذبي لا يكفي لجمع شمل العناقيد الكونيةالهائلة من مجرات وتوابع لتسبح في أسرة متحاضنة كما نراها .. وكان لا بد أن تنفرطلولا وجود هذه المادة المفترضة .
والمعضلة معضلة حسابيةوإحصائية ، فحاصل جمع الكتل الموجودة والمرئية بمناظيرنا وكاميراتنا الفضائيةومجساتنا لأشعة اكس وأشعة جاما والأشعة تحت الحمراء ومنظار هابل تقول إن مجموعالمادة الموجودة أقل بكثير من المقدار الذي يفسر هذا التماسك الجذبي القائم ولو أنما نرى هو كل المادة الموجودة لكان لابد أن ينفرط هذا الكون بددا ويتناثر في الفضاءويضيع ويبرد وينطفئ ولا يجتمع له شمل .. فهناك حد أدنى من الكتلة لتكون هناك قبضةتمسك البنيان الكوني .. وكان لابد من الافتراض أن أكثر من تسعين في المائة من مادةالكون خافية وغير منظورة ولا يخرج منها أي ضوء يدل عليها .. وأنها لابد أن تكونموجودة قطعا رغم أننا لا نراها لتكون هناك تلك القبضة الملحوظة التي تمسك بالكونالمرئي
وعلماء الجاذبيةيؤكدون أن هناك حدا أدنى من الكتلة لتتماسك هذه الأسرة الهائلة من المجرات والنجوموالشموس والكواكب والأقمار ولترحل كما نراها وهي متحاضنة في هذا الفضاء اللانهائي .
فإذا كانت الكتلة أكبرفإن المجموعة تنهار على بعضها وتنكمش وتتكدس وتتضاغط وتنصهر ويجري عليها أقصى درجةمن (الهرس) الجذبي وترتفع درجة حرارتها وتتحول إلى عجينة نارية .
ثم تنضغط إلى حد أقصىمن الصغر.. ثم تعود فتنفجر وتتمدد وتتناثر في الفضاء لتعيد قصة الانفجار الأول الذيبدأ به الكون .. ثم تنتشر في السماوات السبع وتتشكل على صورة نجوم وشموس ومجراتسابحة مرتحلة .. كما هي في عالمنا المشهود الآن .
وتظلتتمدد وتتباعدبفعل قوة الانفجار حتى تخمد هذه القوة .. فينشأ ما يسمى بالكون المتعادل بين قوتين .. القوة الجاذبة المركزية والقوة الطاردة المركزية ويستمر هذا الكون عدة ملياراتأخرى من السنين .
فإذا استمر التباعدوتغلبت القوة الطاردة المركزية على القوة الجاذبة المركزية بسبب صغر الكتلة فإنالقبضة تظل تضعف وتضعف ثم يتناثر الكون بددا في الفضاء .. وذلك هو الكون المفتوح فيلغة علماء الفلك .. فهو في تمدد أبدا وفي تناثر دائما لا يجتمع له شمل .
وإذا حدث العكس بسببضخامة الكتلة المادية فإن الكون ينهار على بعضه بسبب ثقله ثم ينكمش ويتضاغط إلىنقطة الانفجار الأول .ز وذلك هو نموذج الكون المغلق في لغة الفلكيين .
يقول ربنا عن الساعةفي القران :
" ثقلت في السماواتوالأرض لا تأتيكم إلا بغتة " .
فيربط سبحانه وتعالىبين " الثقل " والانهيار الكوني في كلمة "ثقلت" .. وهي إشارة علمية بليغة تفوتالكثيرين .. وسبحان الذي وسع كل شئ رحمة وعلما .. فكلمة " تثاقل " .. هي الترجمةالحرفية لكلمة Gravitation.. أي الجاذبية وهذه معجزة البيان القرآني الدقيق الذيلا تنتهي عجائبه .
والمعنى المستفاد منكل هذا أن الكتلة المادية لمجموع الكون هي التي سوف تحدد سلوكه وسوف تحدد نهايته .. ولأننا لا نرى مجموع هذه المادة ولا نشهد منها إلا الجزء الذي يشع ضوءا .. ويخفيعلينا نماما جانب المادة السوداء المظلمة ولا ندركها إلا تخمينا واستنتاجا منحساباتنا .. فإننا لن نعلم متى ستأتي لحظة الانهيار الجذبي ومتى تقوم الساعة رغمأننا نعلم أشرا طها وعلاماتها وتلك لفتة أخرى لدقة البيان القرآني "لا تأتيكم إلابغتة" أي أننا سوف نفاجأ بها ولن تدركها حساباتنا رغم توقعنا لحدوثها .. فهناك عنصرناقص في هذه الحسابات لن ندركه بوسائلنا .. هو المادة السوداء المظلمة ومداهاوكتلتها بالضبط
وهذه هي "س" فيالمعادلة التي لا سبيل إلى تحديدها كميا وهذا هو التحدي الذي يواجه العلماء .
أي أننا لن نعلم "بالضبط" مقدار هذه المادة السوداء المظلمة وبالتالي لن نستطيع أن نحدد ساعةالانهيار وهناك جنون فلكي الآن حول هذه المادة السوداء .. وهناك سباق محموم بين كلالمراصد ومراكز الأبحاث الفلكية للوصول إلى الماهية الحقيقة لهذه المادة السوداءوكميتها وكتلتها
والخلاف على أشده بينكل مراكز البحث
ولكن كلهم متفقون علىأنها حقيقية وأنها تملا السماوات .. ولكنهم مختلفون غاية الاختلاف في مقدارها .. وفي ماهيتها.
ولفتة أخرى للدقة القرآنية في خطاب اللهلموسى عن الساعة .. يقول ربنا لموسى إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بماتسعى (15 –طه) يقول ربنا " أكاد أخفيها " ولا يقول أخفيها .. أيأننا سنعلم أنها آتية .
والكلمة غاية في الدقة .. فالفلكيون الآن يعلمون أنها آتية لاشك وأنها مرتبطة بالزيادة التراكمية للكتلة .. ولكنهم لا يعلمون مقدار هذه الكتلة الكلية .. بسبب المادة المظلمة التي لا يخرجمنها ضوء ولا تدركها المناظير .. وبالتالي لا يستطيعون حساب موعد الانهيار بالضبطلان الرقم الكلي مجهول
وايات مثل .. "اقتربتالساعة وانشق القمر" (1 –القمر)
" وما يدريك لعل الساعة قريب" (17 – الشورى)
"يسأل أيان يوم القيامة" ( 6 – القيامة ) كلها .. إشارات إلى استحالة التحديد " فإذا برق البصر وخسف القمر وجمعالشمس والقمر " ( 7 – 8 – 9 – القيامة )
ولا يجمع الشمس والقمرإلا في الانهيار الجذبي الذي ينهار فيه الاثنان بجاذبية المركز ويتحول الكون كلهإلى عجينة واحدة تهرسها الجاذبية هرسا ..
ولا شك أنها ستكونحالة مشهدية خارقة تخطف البصر لغرابتها .. هذا إذا ظل المشاهد قادرا على المشاهدةوإذا لم يتحول إلى بودرة أو مسحوق .
والأمر لا يمكن وصفهفهو كارثة كبرى بكل المقاييس يتضاءل أمامها كل ما نرى من سيول وأعاصير وزلازلوبراكين وصواعق وانهيارات جليدية .
إنها النهاية التي لايعلم إلا الله ماذا بعدها .
ولا يملك عالم الفلكالذي يرصد ويقيس ويسجل ويحسب إلا أن يصاب بالرجفة والذعر .. فالأرقام التي تجتمعلديه من الحاسبات الكمبيوترية الضخمة تنبئ باحتمال مؤكد .. أن هناك مادة مظلمة خفيةتملا جنبات الفضاء والكون وأن هذه المادة الخفية تشكل أكثر من 95 من الكون وأن مانراه بأعيننا من هذا الكون أقل من 5% من محتواه الكلي .. وأن المجرات غارقة فيهالات خفية من هذه المادة كما تغرق حبات الفستق في المربى .. وأن هناك عفريتا مارداله ملايين الأذرع يضغط على مادة هذا الكون شيئا فشيئا من اللحظة الحرجة التي سوفينهار فيها كل شئ كمعمار هائل من القش متى ..؟ لا نستطيع أن نحدد .
والكمبيوترات الضخمةلا تسعف
والأرقام لم تظهربعد.
ولا نملك إلا التخمين .
ولكن كل الأرصاد تقولإن هذا الكون العظيم يسير حثيثا إلىنهايته.hg/ghl hglodt lrhgi vhzui gg];j,v lw'tn lpl,] hjlkn g;l hghsjljhu tn rvhzji
المفضلات