|
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
هل يحتاج وجود الله لدليل او بحث ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هل يحتاج وجود الله لدليل او بحث ؟
اعترض احد الملحدين على هديه صلى الله عليه وسلم فيما يقوله ويفعله من ابتلي بالوسواس وما يستعان به على الوسوسة فى قوله عليه الصلاة والسلام : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بالله ولينته" بقوله كيف يكون ذلك هو الصواب دون بحث او تفكير .
رد الاعتراض
هناك بالفعل أشياء تحتاج إلى التفكير ومراجعة النفس , اما معرفة الخالق والدلالة عليه فلا تحتاج إلى ذلك مطلقا.. لكون الفطرة مفطورة على تلك المعرفة إلى الدرجة التي تجعلها شىء بديهى وواضح ينقاد إليه الإنسان بسهولة ولا يحتاج معه الى دليل , ((فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ))
(الروم – 30)
.
فلقد جعل الله الفطرة نازعة إليه بطبيعتها تطلبه دواماً كما تطلب البوصلة أقطابها مشيرة إليه دالة عليه .
فليس لدى الفطرة مصنوع بلا صانع او فعل بلا فاعل او موجود بلا موجد , حتى اهل الجحود , ينسبون فعله تاره الى الصدفة والاتفاق وتاره الى الطبيعة لانهم لا يمكن ان يتصوروا فعل بدون فاعل , وليس هناك اكثر من اقرارالشيطان لذلك (الجلاء الفطرى فى الدلالة على الخالق) عندما يستغله كارضية خصبة للتضليل بعض البشر وجرهم الى مستنقع الالحاد بعد تشكيكهم باسئلته المعهوده التى تبدأ بمن خلق الكون ؟ وتنتهى بسؤاله القائم على المغالطة , من خلق الخالق ؟ وهو يعلم يقينا الاجابة ... لابد للفعل من فاعل.
ولقد اشار القرآن الكريم الى بداهة وجود الله وذلك فى قوله تعالى : (أفى الله شك ) اى : انه لا يتاتى الشك فى وجود الله عند العقول والفطر السليمة .
والمعنى :ايشك فى الله حتى يطلب دليلا على وجوده ؟ واى دليل اصح واظهر من هذا الدليل .
ثم نبه بعد ذلك القرآن الكريم على الدليل لمن يحتاج اليه لضعف عقله أو انطماس فطرته فى قوله : (فاطر السموات والارض ).
فوجود الله اذن اوضح من إن يبرهن عليه واظهر من إن يحتاج الى دليل خارجى , ولذلك لان الشعور الدينى والايمان بخالق الكون ومدبره امر فطرى فى الإنسان .
والى ذلك يشير القرآن الكريم فى قوله تعالى : (فأقم وجهك للدين القيم فطرة الله التى فطر الناس عليها )
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم : (كل مولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) . (العقيدة فى ضوء الكتاب والسنة – الدكتور صلاح عبد العليم ص23 )
ويقول الامام ابن القيم : ومعلوم إن وجود الرب تعالى اظهر للعقول السليمه والفطر من وجود النهار ومن لم ير ذلك فى عقله وفطرته فليتهمهما ) . (مدارج السالكين 1/23 طبع المنار )
ويستطرد فيقول :
"تأمل حال العالم كله علويه وسفليه بجميع أجزائه تجده شاهدا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده لا فرق بينهما بل دلالة الخالق على المخلوق والفعال على الفعل والصانع على أحوال المصنوع عند العقول الزكية المشرقة العلوية والفطر الصحيحة أظهر من العكس
فالعارفون أرباب البصائر يستدلون بالله على أفعاله وصنعه إذا استدل الناس بصنعه وأفعاله عليه ولا ريب أنهما طريقان صحيحان كل منهما حق والقرآن مشتمل عليهما" . (المرجع السابق ج1 ص32 )
والواقع انه حين بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم , الجهر بدعوته , بعد نحو ثلاث سنوات من الاسرار بها : فأنه صلى الله عليه وسلم , لم يبدأ بأثبات وجود الله , وانما بدأ بالبرهنة على صدقه هو , وتحدى العرب بصدقه , ومن قبل ذلك حين فاجأه الملك ونزل الوحى لم يبدأ الملكاو لم يبدأ الوحى بأثبات وجود الله , وانما بدأ الامر بأ، يقرأ الرسول صلوات الله وسلانه عليه بأسم ربه : (اقرأ باسم ربك الذى خلق ).
ومضى القرن الاول كله ولم يحاول انسان قط : إن يتحدث حديثا عابرا أو مستفيضا عن اثبات وجود الله تعالى .
ومضى اكثر القرن الثانى والمسألة فيما يتعلق بوجود الله لا توضع موضع البحث .
وذلك لان وجود الله انما هو امر بديهى لا ينبغى إن يتحدث فيه المؤمنون نفيا أو اثباتا ولا سلبا أو ايجابا .
فما الذى يجعل الانسان اذن يضع وجود الله فى مجال البحث؟
يتبع بعون الله تعالى
ig dpjh[ ,[,] hggi g]gdg h, fpe ?
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
-
رقم العضوية : 6183
تاريخ التسجيل : 4 - 1 - 2012
الدين : الإسلام
الجنـس : أنثى
العمر: 39
المشاركات : 3
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 0
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 0
التقييم : 10
البلد : الجزائر سوق نعمان
معدل تقييم المستوى
: 0
ت
I. أدلة وجود الله:
1- دليل الوحدانية:
فهو يشير إلى التفكير في الموجودات والمصنوعات للوصول إلى ذات الحق فهي الدليل الواضح على ذاته وذلك وفقا لقوله "انظروا ما في السموات والأرض" فلماذا نظروا وجدوه حقا، أي تمعنوا في الكون وتدبروا فيه متصلون إليه (واجب الوجود) ومن ثم قالوا "ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك" وبهذا تحصل المعرفة لأسرار الكتاب والوصول إلى معرفة الحق من خلال المصنوعات، وذاته متعالية ومستقلة عن ما صنعه -تعالى الله عن ذلك- وهذا يدل على أن معرفة الله تكون بالشهود فذاته هي الذات الجامعة لسائر الأسماء والصفات وهذا ما ورد في كتاب "أم القواعد وما انطوت عليه من العقائد" وذاته متفردة وقائمة لوحدها وبهذا فوجوده مطلق لا يتحيز ولا يتعدد ولا يتميز وهذا الإدراك لذاته لا يكون لجميع الناس، فوجوده تعالى لا يقبل الانتفاء في بصائر العارفين وهم من وصلوا لإدراكه ومعرفة حقيقته عندما رفع عنهم الحجاب وفهموا ما جاء في الكتاب عن طريق التأمل والتفكير في ذاته تعالى من خلال موجوداته معرفوه معرفة روحانية نفسية أما المحجوبين بين فطريتهم الحس والحس مرتبط بالوجود المادي فلا يرقى للوصول إلى الحق تبارك وتعالى[1].
فمعرفة الحق لا تكون لسائر الناس في تنزيهه وإقرار وحدانيته وقيامه بذاته مستقل عن كل صفة ينسبونها إليه وذلك لأن حقيقة الوحدانية تعجز الألفاظ عن إعطاء معناها ولا الإشارة أو تصريح أو عبارة، فهي متعالية عن كل ذلك فالذات قديمة والإشارة محدثة فلا يمكن معرفة حقيقة الذات بها، فالقدم دائما متعالي وأرقى من المحدث ولا يمكن أن يعبّر عن ذاته، والمحدث زائل ومنه ومتلاشي، فلا يمكن أن يعبّر عن ذات الذات التي لا ذات مع تلك الذات، أي الاستقلالية بذاته، وترفعه عن كل وصف يوصف به أو صفة تنسب إليه، فهو غني عنها لقيام ذاته، وبهذا فالألفاظ عاجزة عن الإيصال لمعرفة ذات الحق باعتبارها على الأوصاف والصفات، وينسب إلى ذاته من الصفات باعتبارها ألفاظ واللفظ محدث وبالتالي ناقص، وذاته تعالى كاملة فلا يمكن معرفة الكمال بالنقص، فذاته تعالى غنية عن الصفات، فمعرفة الذات بالصفات من معرفة يضيفها القوم أو العامة فقط،ى فالله كان ولا شيء معه وما زاد على ذاك هو من كلام القوم.
فالموجودات هي دليل على موجودها فهي غير مستقلة أو تعبّر عن ذاتها، والنظرة الأصح للفرد أن ينظر إليها على أنها فانية ومحدثة من طرف الخالق فإذا نظرت إليها تستحضر خالقها وموجدها لأن الأشياء من ذواتها العدم، والزوال باعتبارها محدثة والحدوث لا يثبت مع القدم.
2- دليل التنزيه:
يلخص ابن عليوة هذا الدليل من خلال العلاقة القائمة على التباين الموجود بين الصانع والصنعة التي ينشؤها وذلك من خلال الصفات التي تثبت وجوده ذاته ومخالفته للحوادث، فهو يذهب إلى اعتبارها دليل لا يعبّر عن الذات الحقيقة لذاته تعالى وإنما هي وسيلة تساعد العامة من الناس لكي لا يخرجوا عن إنكاره فهم يصفون الصفات الإلهية وينسبونها لذاته فتتكون لهم نظرة عامة على ذاته، وهذا ليس عين الذات الإلهية عند ابن عليوة، أما العارفين حقا لذاته فهم لا يعتمدون على هذه الصفة المتعلقة بماهية الذات الإلهية أي أنها مخالفة لما يتصوره الفكر وهو يقول أن الفكر لا يستطيع أن يتصور إلا مخلوقا مثله فلا يستطيع تصور الخالق، وبما أن الخالق لا يتصف بصفات المخلوق فلا يوجد في فكر الإنسان ما يتصوره عن الذات الإلهية وصفاته مخالفة لصفات البشر ولا تمت لها بصلة[2] ومنه الفئة من العارفين هم الذين يصلون إلى معرفة ذاته حق المعرفة فهم لا يشبهون ولا ينسبون ولا يمثلون لذاته تعالى فذاته قائمة بذاتها ومتنزهة على كل وصف يلحق بها، وذلك لخروجهم عن عالم الخيال والكيف والمنال.
أما المحجوبون فهذه الصفة "مخالفته للحوادث" تساعدهم وهي سفينة نجاتهم لأن الاعتقاد بها ينفي وجود التكيف والتشبيه والتحيز والمكان والتميز لذاته تعالى، فإيمانهم هنا يكون عن لم وجمع الصفات وإعطائها نظرة عامة شاملة تفوق الصفات البشرية وبها تنسب إلى الذات الإلهية، ولكن هذه الصفات لا تعبّر عن ذات الحق تماما لأن صفة التنزيه مثلا لا تليق بذاته تعالى لأنه غني عن التنزيه ولا يحتاج إليه في ذاته وبتالي هذه الفئة من الناس ستقع في التشبيه لا محالة، وبالتالي فمعرفتهم غير صحيحة تماما، فيجب في حقه الوحدانية في الذات والصفات والأفعال فذاته لا شيء زائد عنها لا تقبل الزيادة ولا النقصان لقوله تعالى "كان الله ولا شيء معه" وهو الآن قائم بذاته وما عليه كان، وهذا يعبّر عن الوحدانية في الأسماء والصفات[3] والوحدانية في الفعل أي أنه لا فاعل مع الله أي أنه مصدر الأفعال كلها والقوم انقسموا في هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام:
فالأول: يرون أنه لا فاعل مع الله وبهذا يتحقق معنى الوحدانية في الأفعال وذلك عن طريق الكشف لا عن طريق الاعتقاد فهذه الفئة تحصل لها المعرفة عن طريق الاشراقات والمكاشفات التي تحصل لهم بعيدين عن الاعتقاد وباعتباره يبقى ناقصا.
أما الصنف الثاني: فينطلق بالإيمان بالوحدانية في الصفات وعندما يحصل على هذا الإطلاع في الصفات يجد ذاته منزهة عن كل الصفات والأسماء فهي قائمة ومستغنية عنها وبالتالي فكل الأفعال صادرة عن ذاته، فهو الخالق للمصنوعات والموجودات فهذه الصفات نفسية متعلقة بالموجودات.
أما الصنف الثالث: فهذا الصنف ينطلقون من حقائق الوحدانية في الذات أنها مستقلة ومنزهة عن كل وصف وتشبيه، وبذلك وصلوا إلى المعرفة الحقة كمالا ذاته وكشفوا عن عظمته، لم يجدوا هنالك فسحة تظهر فيها المكونات، فقالوا تكون ذاتية تخص كل فرد منهم وصل إلى هذا الاعتقاد وبالتالي يصل إلى التوحيد الخالص لذاته وتنزيهه عن كل الصفات وما سواهم هم محجوبون وغافلون لم يصلوا حقيقة التوحيد ولا استنشقوا رائحة التفريد وإنما سمعوا بالتوحيد فقط[4].
3- دليل الشك والنفي:
وفي حديثه عن الشك في ذات الله وكيف هو برهان يثبت وجوده، فلقد اتجه إلى دراسة ومعرفة الأسباب التي تجعل الفرد ينكر وجوده ويعتقد ذلك وكيف يصل إلى هذه النتيجة وما هي الدوافع والبواعث التي دفعته إلى هذا الموقف في الاعتقاد؟ فهو يقول أن المنكر لذاته الإلهية فهو في إنكاره يتجه إلى إله متصور في ذاته ويعتقد به ولكن يضيف إليه ويعتقد به ما شاء في الصفات وبالتالي فهو يظن أنه ناقص وبالتالي يرفضه، وذلك يعود إلى ما تلقاه وأخذه عن وسطه أو بالوراثة، وبهذا فهو يتخيل إله العالم لا يخرج عن التكيف الإنساني والكم مقره العلو جالس على كرسي أو نحوه، صالح أن يلمس باليد، فهذا هو معنى الإله عند هذه الفئة من الناس، ثم يتجه إلى الوجود أو العالم وينظر ما يحيط به من نظام عام وشامل ودقيق لحركة الأفلاك والكواكب والشموس، وتتوقف حركة بعضها إلى بعض الآخر حسبما تقتضيه الجاذبية والنواميس الطبيعية فيقول أن الأشياء مرتبطة ببعضها أو المسببات موقوفة على أسبابها والطبيعية فعالة في مركباتها.
وبهذا فهو لا يصل إلى وجود سلطة زائدة تشير إليه بالوجود أو الله فذلك نتيجة عجلة بالقول بمجرد الطبيعة وأنها تسير وفق لحاجاتها، وهكذا تجده يقول بالنفي، ولكن إذا تحدث عن نفيه فلن ينفي إلا الإله المقرر سابقا في ذهنه فهو أضاف له كل صفات ناقصة نتيجة تشبيهه بالإنسان، وبذلك فنفيهم يكون عاقد على الوصف المقرر الذي أضافوه لذاته في أذهانهم لا على الله الحق "فلو قيل لأحدهم أن الله هو قوة خارجية متعذرة الإدراك، تباين المادة بأتم المباينة يتحسسها الإنسان من قريب ومن بعيد ومن أقرب إليه من حبل الوريد لم تزل مجهولة، متعذرة الإدراك"، لما تعجل بالنفي لأن شعوره يثبت له شيئا من وراء إدراكه.
فالقانون بالنفي لم يكن نفيهم صادقا إلا على ما توهموه في الإله من قبل أما لو كان لهم إلمام بشيء من أخصه عقائد الإسلام بما صادفه نفيهم موقفا يقع عليه[5].
وبهذا نجد أن المشككين والنافين لوجود الله قد حاولوا إعطاء أدلة على عدم وجوده ولقد اختلفوا إلى فريقين فما اعتبره فريق دليل على إثبات عدم وجوده أي نفيه استدل الآخر بعكسه، فكان برهانهما من حيث الإجمال متركب من نقيضين فمنهم من يرى أن هذا الكون جاء على أتم الكمال والتناسق، أي أن الطبيعة عندهم أعطت كل شيء حقه وخلقه والأشياء عندهم مرتبطة ببعضها والمسببات موقوفات على أسبابها والعادة هي الحاكمة في نفسها دون أن يوجد في الكون أدنى اختلال.
وهكذا جاءت الأشياء وستبقى وفق نظام الطبيعة وطبق النواميس، ويقولون أنه لو كان هناك إله خارج عن إرادة الطبيعة لكان هناك أمور خارجة عن العادة الطبيعية والنواميس فتدل على بذلك على وجوده في الخارج، وحيث أنه لا يوجد ما ينافي العادة علمنا أنه لا شيء هناك.
أما الفريق الآخر فهو يذهب بما يعكس ما ذهب إليه الفريق الأول وذلك بقولهم أنه لو تتبعنا جملة من الكائنات فحصا وتدقيقا وتنقيبا لوجدنا منها ما جاء على خلاف العادة أو بدون غاية ووظيفة في هذا العالم، فهناك ما جاء على خلاف جنسه فهناك من الحيوانات ما يوجد فيه وصف الذكورية والأنوثة، وهو لا يستفاد منه فوجوده ما هو إلا اندفاع من الطبيعة جاء على غير قانون، ولو كان هناك إله قادر حاكم حسبما يقولون لما رأيت وجود هذا الصنف من المخلوقات أو الموجودات والفعال التي هي شبه عبث وبهذا فلقد نفى كل فريق حجة الآخر في نفي الإله والتشكك في وجود مدبر وخالق ومنظم لهذا الكون[6].
وبهذا فبرهان وجود الحق موجود في ذات الإنسان وفطرته، فله ما يرشده إلى استخلاص برهان وجود المدبر من أي شيء مهما كان، ولكن الفرد كثيرا ما يتعاصى أن يرى البرهان برهانا، ولو كثر عليه فكل موجود هو دليل على وجود موجدِهِ، فينبغي للحكيم أن لا يفوته شيء ليأخذ كدليل للوصول إلى الحق وإثبات المنشئ لهذا العالم وله القدرة على استخلاص الشيء من نقيضه، فيمكن أن يعرف الحق من خلال موجوداته ومصنوعاته فهي دليل على وجوده فالموجودات تعبّر عن ما ورائها من عظيم وهو سبب وجودها، والشك هو دليل على وجود المشكوك فيه لأن الشك شيء ولا شيء إلا وله فعال فيه آية وإذا فالشك لا يبعد أن يوجد فيه آية تدل على وجود الله.
فأنت إذا أعطيت مثلا شيئا من الاهتمام فإنك تجده متركبا من النقيضين أي النفي والإثبات بدونه أن يزاحم احد المتناقضين الآخرين، وبهذا فأنت تثبت وجوده من خلال هذا الطرح أي أنت تبحث في ذاته تعالى وتفكر فيها من دون أن تثبت بها أحدث الموقفين، فالإثبات يكون مستخلصه من خلال ما أوجده.
فالموجودات هي دليل على وجود خالقها فهو المؤثر فيها من الخارج، وهذا ما يدفع إلى التساؤل عن هذا المؤثر الذي يؤثر في الموجودات، فلا يصح أن يقال أن هذا الوجود أنه وقع من لاشيء والإثبات يكون وفق ما اقتضته الإحساسات الباطنية، وبذلك من خلال التدبر في المخلوقات واستحضار عظمة خالقها.
فالإنسان يحس بوجود قوة خارجية تحكمه وتحكم العالم وتسييره بدقة وهي عالمة بكل ما فيه من عظيم ودقيق ونظام، فتارة تجده يثبت هذه القدرة وأخرى ينفيها.
وذلك بحسب قدر الإيمان المتسرب إلى فؤاد الفرد وتختلف درجة الإيمان من فرد لآخر، ويصل من خلال باطنه إلى قدر كبير من الإيمان يستريح له ضميره وذلك من خلال صنع ما عند غيره وما وصلوا إليه من الإيمان والحجج والبراهين التي يثبتون بها وجود الله حتى يتقوى إيمانه وتزداد معرفته وهذه المعرفة تكون لمن لا ينكر الغيب ويستهين به[7].
دليل الصفات
[1] أحمد بن مصطفى العلاوي: المنح القدوسية في شرح المرشد المعين بطريق الصوفية، المطبعة العلاوية، مستغانم، ط2، 1998، ص 48.
[2] أحمد بن مصطفى العلاوي: المنهج المقيد في أحكام الفقه والتوحيد، ط1، المصدر السابق، ص 7.
[3] أحمد بن مصطفى العلاوي: المنح القدوسية في شرح المرشد المعين بطريق الصوفية، ط1، المصدر السابق، ص 52.
[4]أحمد بن مصطفى العلاوي: المنح القدوسية في شرح المرشد المعين بطريق الصوفية، ط2، المصدر السابق، ص 53.
[5] أحمد بن مصطفى العلاوي: الأبحاث العلاوية في الفلسفة الإسلامية، المطبعة العلاوية، مستغانم، 1984، ص 16.
[6] أحمد بن مصطفى العلاوي: المصدر نفسه،ص- ص 16-17.
[7] أحمد بن مصطفى العلاوي: الأبحاث العلاوية في الفلسفة الإسلامية، المصدر السابق، ص-ص 26-27.
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
بارك الله فيكم اخى وجزاكم كل خير
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
ملحوظة
هذا الموضوع للرد على من يعترض على هديه صلى الله عليه وسلم فيما يقوله ويفعله من ابتلي بالوسواس كوقاية من حدوث الشك و الانكار اما اذا حدثت الشكوك بالفعل وذلك سوف يكون نتيجة الاسترسال مع الوساوس , فلابد من استخدام الادلة والبراهين التى تجابهه وترجع الانسان لفطرته و صوابه ,وما اكثرها فى الكون والقرآن.
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
الاجابة
سؤال الشيطان وما فيه من مغالطات قائمة على التسوية بين أمرين متباينين تبايناً كلياً، لا يصحّ التسوية بينهما في الحكم الخالق والمخلوق. واستجابة الانسان لهذه الوساوس والاسترسال معها ووضعه هذا السؤال موضع البحث والتفكير , فالإنسان قبل أن يتسلط عليه الشيطان بوساوسه المعهودة والتي ما تتكرر بنفس المنهج مع اختلاف الزمان والمكان والأشخاص يكون متقينا تماما من وجود الله و هذا اليقين الفطرى لم يتولد من فراغ كما قلنا فالبعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير كما قال الأعرابي عندما سُئل عن دليل وجود الله ؟ , فاليقين ليس وليد تكيف او تقليد والايمان لا يحتاج الى بحث ليخرج من التقليد الى الاكتساب لكونه فطرى وتلقائى و الشذوذ لدي الإنسان يتمثل فى الشك والإنكار مما يجعله يسأل نفسه ... كيف ينكر إنسان وجود الله او يشك فى وجوده ؟
وسوف يستمر الإنسان هكذا ما دام معرضا عن وساوس الشيطان , لايحتاج لدليل على وجود الله , لان هذا الدليل مركب داخل حواشيه , ولن يغير هذه الحقيقة الا القياس الذى يستدرجه اليه الشيطان ويجعله يساوى بين الخالق والمخلوق "(لاحظ ان سؤال الشيطان مبنى على وهم و افتراض .. هذا الافتراض مبنى على حقيقة فطرية مغروسة فى النفس الانسانية ولا يمكن مجابهة الافتراض بالحقيقة او الوهم بالواقع) , ويترتب عليه قوله : "إن كان لا بد أن يكون للكون بداية فلا بد أيضا أن يكون لله بداية ؟ " , فهل يصح قياس المدرك على المتعالى عن الادراك ؟ هل يصح قياس المخلوق بالخالق ؟ هل يغير الحقيقة الفطرية الظاهرة الجلية وهم يلقيه الشيطان مبنى على هذه الحقيقة ؟ لو علم الانسان ذلك , لوفر على نفسه الجهد والتعب والعناء ولن يفعل سوى الاخذ بالحقيقة الفطرية وغلق جميع الابواب على الظنون والاوهام , بعد علمه بانه و الكون شىء (تخبر الفطرة بان له خالق وهذا الاخبار مبنى على اشياء تدرك فى الكون ولا يمكن ان تدرك فى الخالق فانا ارى الكون ولا ارى خالقه) و الله وصفاته شىء اخر (فوق العقل والادراك فلا يستطيع العقل الا ان يدل عليه تحت حدوده اما البحث فى ذاته او صفاته فهو فوق طاقته فلا مجال للقياس او حيثيات للحكم) . وبالتالى فلن يكون له علاج افضل من الاعراض والاستعاذة .
وعلى العكس من ذلك هناك أشياء لا تحتاج إلى التفكير أو المراجعة لرفضها لكونها قد بلغت الحد في المخالفة والتناقض كالعقيدة المسيحية وما شاكلها ولكن للأسف يأتي التكيف مدعوما بالتقليد ليلعب الدور الذي لعبه الشيطان بالنسبة للفطرة و للإيمان , فكما عبث الشيطان بفطرة الإنسان وجعله يبحث في وجود الله مع عدم وجود داعى لذلك فان التكيف والتقليد سوف يجعلانه يهضم العقائد المشوهة و يثبت عليها مع عدم وجود اى حافز للاستحسان اوالقبول فلا يجد اى مشكلة معهما في عبادة البقر أو السجود للنار والشمس.
وبإيجاز إذا طرحت التأثير الشيطاني من الجزئية الأولى فلن تحتاج إلى بحث في وجود الله لان الفطرة سوف تقودك اليه اما إذا طرحت التكيف والتقليد من الثانية فلن تتردد في رفض كل مشوه أو فاسد.
هل هناك من يشهد بصحة ذلك ؟
يتبع بعون الله تعالى
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
هل هناك من يشهد بصحة الكلام السابق نعم التدرج الشيطاني وتبريرات النصارى واعترافاتهم الضمنية وتفسيراتهم الواهية التى تحتم عليهم فى بعض الاحيان الرجوع الى الفطرة والعقل , فالشيطان لا يستطيع أن يدفعك للإنكار مرة واحدة بل لابد أن يبدأ معك بالتدريج من احد الأبواب الفرعية البعيدة تماما عن البحث فى أصل الأصول (وجود الله) لأنه يعلم يقينا بان الفطرة سوف تقف له بالمرصاد و تدفعه عن تلك الجزئية بسهولة تامة وبالتالى يتوجب عليه العبث فى الفطرة وتشوشيها وتشويهها تدريجيا لتجهيزها لاستقبال تلك الفكرة الشاذة .
أما النصارى فامرهم اعجب حيث نجد بعضهم يجعل المخالفة للعقل شرط للايمان" أؤمن بذلك لأنه محال" فى نفس الوقت الذى يتخذ فيه الجدال حرفة والبعض الاخر يعترف صراحتا بكون العقيدة المسيحية بعيدة عن العقل كالقس جورج سيل حين قال : "لا تعلموا المسلمين المسائل التي هي مخالفة للعقل ؛ لأنهم ليسوا حمقى حتى نتغلب عليهم في هذه المسائل ، كعبادة الصنم والعشاء الرباني ، لأنهم يعثرون كثيرا من هذه المسائل ، وكل كنيسة فيها هذه المسائل لا تقدر أن تجذبهم إليها") ويكفينا ان نعلم كون الشيء مخالف للعقل لكي نلفظه والمخالفة في المسيحية صارخة لا تحتاج الى بحث ناهيك عن تلك الاعترافات وتكفينا مسألة التثليث مع التركيز على وصفى التغفيل والحماقة اللذان وصفا بهما القس نفسه ضمنيا اقتداء ببولس: "قد صرت غبيا وأنا افتخر" بينما البعض الآخر يعطون المخالف والفاسد صفة العلو عن الإدراك مع الاختلاف الظاهر فالمتعالي عن الإدراك يقره العقل دون القدرة على الاحاطة بكنهه كعظمة الله في حين أن الفاسد لن يجد من العقل سوى المج التلقائى وببساطة أكثر عدم الإدراك لا يمكن أن يرتبط إلا بماهية الشيء أو كيفية نشوءه الخارجة عن نطاق العقل والحواس لا بحقيقته أو واقعه الظاهر والمحسوس الداخلة فى هذا الاطار.
فالانسان يؤمن بالروح
ولكن من السفه ان يبحث فى كنهها
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) الاية (85) من سورة الاسراء...
فهى لا يمكن إن تكون عرضة للتجارب المعملية .
ويؤمن بالكون
دون البحث فى كيفية خلقه التى لم يشهدها (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) الاية (51) من سورة الكهف .
اذن اذا كان هناك سر لا يدرك لخروجه عن اطار العقل والحواس
فهناك حقيقة تقرر وجوده وامكان حدوثه تحت نفس الاطار فهناك فرق بين الوجود والكنه كما ان هناك فرق بين امكانية الحدوث وبين كيفيته .
وبالتالى فان السر والحقيقة المتعلقان بالشىء ذاته لا يمكن ان يناقض احدهما الا خر .
فكون الروح سر لا يدرك لا ينافى حقيقة وجودها .
وكون خلق ونشوء الكون سر لا يدرك لعدم المشاهدة والاطلاع لا ينافى حقيقة وجوده اوالايمان به فانا جزء من محتوياته
وكذلك النتائج المترتبة على كلا منهما لا ينافى احدها الاخر
وبذلك يمكن إن نستغنى بما هو مندرج تحت نطاق الحواس عن الذى فوقها لان النتيجة واحدة .
فنصل الى إن هناك فرق بين ما هو فوق العقل وبين ما هو مناقض للعقل
لانه اذا كانت هناك حقيقة غامضة ومجهولة لبعض الاشياء لكونها فوق الحواس أو الادراك
فسوف تكون هناك حقيقة ظاهرة جلية متعلقة بكل ما هو مناقض وهى الفساد والبطلان.
والعكس صحيح فهناك اشياء فوق العقول والحواس مع الاحتفاظ بعدم المناقضة للثوابت وقد ذكرنا بعضها .
وعلى ذلك لكى يكون الشىء صحيح لابد إن يكون متوافق مع العقل بغض النظر عن كونه سر لا يدرك أو سر يدرك
ليس هناك مشكلة فى ذلك فلا يمكننى إن انكر عظمة الله لانها فوق العقول فالعجز عن الادراك فى هذه الحالة ادراك
ولكن يمكننى إن ارفض 1 كحاصل جمع 1+1+1 لانها مناقضة للعقل والفطرة والعلوم والبديهيات والثوابت و اللغات والاشارات والرموزوالاعراف الانسانية
فانا لا ارفضا لكونها فوق العقل بل ارفضها لكونها مناقضة له .
وهذه الحقيقة لم يلتفت اليها المسيحيون عند وضعهم للتبريرهم الخاطىء المتعلق بعقيدة التثليث .
فكون التثليث سر لا يدرك لا ينفى وجوب كونه متوافق مع العقل ومنسجم مع الفطرة , فالحقيقة انه ليس مرفوض لكونه فوق العقول أو الافهام انما الحقيقة انه مرفوض لكونه مناقض لها
اوبمعنى اخر يمكننا إن نقول اذا كانت هناك ظنون تقول بانه فوق العقل أو الادراك
فهناك حقيقة ثابتة يقينية تقول بانه مناقض للعقل ومنفر للفطرة
وهذه طرقة وهذه طرقة
وبالتالى لن تكون الظنون ظنون ولكن اوهام
وعلى ما اعتقد ويعتقد الكثيرون إن الحقيقة لا يمكن تجاهلها لانها ببساطة حقيقة
ولن يشفع كون شىء فوق العقل لكونه مناقض له فهذا يظهر الغموض والكمال والعظمة
وهذا يظهر الفساد والتهافت والبطلان
ولا يمكن إن يجتمع ذلك مع ذلك .
يتبع بعون الله تعالى
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
-
سرايا الملتقى
رقم العضوية : 3264
تاريخ التسجيل : 24 - 1 - 2011
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 642
- شكراً و أعجبني للمشاركة
- شكراً
- مرة 0
- مشكور
- مرة 1
- اعجبه
- مرة 0
- مُعجبه
- مرة 3
التقييم : 10
معدل تقييم المستوى
: 14
هل هناك من يشهد بصحة الكلام السابق نعم التدرج الشيطاني وتبريرات النصارى واعترافاتهم الضمنية وتفسيراتهم الواهية التى تحتم عليهم فى بعض الاحيان الرجوع الى الفطرة والعقل , فالشيطان لا يستطيع أن يدفعك للإنكار مرة واحدة بل لابد أن يبدأ معك بالتدريج من احد الأبواب الفرعية البعيدة تماما عن البحث فى أصل الأصول (وجود الله) لأنه يعلم يقينا بان الفطرة سوف تقف له بالمرصاد و تدفعه عن تلك الجزئية بسهولة تامة وبالتالى يتوجب عليه العبث فى الفطرة وتشوشيها وتشويهها تدريجيا لتجهيزها لاستقبال تلك الفكرة الشاذة .
أما النصارى فامرهم اعجب حيث نجد بعضهم يجعل المخالفة للعقل شرط للايمان" أؤمن بذلك لأنه محال" فى نفس الوقت الذى يتخذ فيه الجدال حرفة والبعض الاخر يعترف صراحتا بكون العقيدة المسيحية بعيدة عن العقل كالقس جورج سيل حين قال : "لا تعلموا المسلمين المسائل التي هي مخالفة للعقل ؛ لأنهم ليسوا حمقى حتى نتغلب عليهم في هذه المسائل ، كعبادة الصنم والعشاء الرباني ، لأنهم يعثرون كثيرا من هذه المسائل ، وكل كنيسة فيها هذه المسائل لا تقدر أن تجذبهم إليها") ويكفينا ان نعلم كون الشيء مخالف للعقل لكي نلفظه والمخالفة في المسيحية صارخة لا تحتاج الى بحث ناهيك عن تلك الاعترافات وتكفينا مسألة التثليث مع التركيز على وصفى التغفيل والحماقة اللذان وصفا بهما القس نفسه ضمنيا اقتداء ببولس: "قد صرت غبيا وأنا افتخر" بينما البعض الآخر يعطون المخالف والفاسد صفة العلو عن الإدراك مع الاختلاف الظاهر فالمتعالي عن الإدراك يقره العقل دون القدرة على الاحاطة بكنهه كعظمة الله في حين أن الفاسد لن يجد من العقل سوى المج التلقائى وببساطة أكثر عدم الإدراك لا يمكن أن يرتبط إلا بماهية الشيء أو كيفية نشوءه الخارجة عن نطاق العقل والحواس لا بحقيقته أو واقعه الظاهر والمحسوس الداخلة فى هذا الاطار.
فالانسان يؤمن بالروح
ولكن من السفه ان يبحث فى كنهها
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) الاية (85) من سورة الاسراء...
فهى لا يمكن إن تكون عرضة للتجارب المعملية .
ويؤمن بالكون
دون البحث فى كيفية خلقه التى لم يشهدها (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) الاية (51) من سورة الكهف .
اذن اذا كان هناك سر لا يدرك لخروجه عن اطار العقل والحواس
فهناك حقيقة تقرر وجوده وامكان حدوثه تحت نفس الاطار فهناك فرق بين الوجود والكنه كما ان هناك فرق بين امكانية الحدوث وبين كيفيته .
وبالتالى فان السر والحقيقة المتعلقان بالشىء ذاته لا يمكن ان يناقض احدهما الا خر .
فكون الروح سر لا يدرك لا ينافى حقيقة وجودها .
وكون خلق ونشوء الكون سر لا يدرك لعدم المشاهدة والاطلاع لا ينافى حقيقة وجوده اوالايمان به فانا جزء من محتوياته
وكذلك النتائج المترتبة على كلا منهما لا ينافى احدها الاخر
وبذلك يمكن إن نستغنى بما هو مندرج تحت نطاق الحواس عن الذى فوقها لان النتيجة واحدة .
فنصل الى إن هناك فرق بين ما هو فوق العقل وبين ما هو مناقض للعقل
لانه اذا كانت هناك حقيقة غامضة ومجهولة لبعض الاشياء لكونها فوق الحواس أو الادراك
فسوف تكون هناك حقيقة ظاهرة جلية متعلقة بكل ما هو مناقض وهى الفساد والبطلان.
والعكس صحيح فهناك اشياء فوق العقول والحواس مع الاحتفاظ بعدم المناقضة للثوابت وقد ذكرنا بعضها .
وعلى ذلك لكى يكون الشىء صحيح لابد إن يكون متوافق مع العقل بغض النظر عن كونه سر لا يدرك أو سر يدرك
ليس هناك مشكلة فى ذلك فلا يمكننى إن انكر عظمة الله لانها فوق العقول فالعجز عن الادراك فى هذه الحالة ادراك
ولكن يمكننى إن ارفض 1 كحاصل جمع 1+1+1 لانها مناقضة للعقل والفطرة والعلوم والبديهيات والثوابت و اللغات والاشارات والرموزوالاعراف الانسانية
فانا لا ارفضا لكونها فوق العقل بل ارفضها لكونها مناقضة له .
وهذه الحقيقة لم يلتفت اليها المسيحيون عند وضعهم للتبريرهم الخاطىء المتعلق بعقيدة التثليث .
فكون التثليث سر لا يدرك لا ينفى وجوب كونه متوافق مع العقل ومنسجم مع الفطرة , فالحقيقة انه ليس مرفوض لكونه فوق العقول أو الافهام انما الحقيقة انه مرفوض لكونه مناقض لها
اوبمعنى اخر يمكننا إن نقول اذا كانت هناك ظنون تقول بانه فوق العقل أو الادراك
فهناك حقيقة ثابتة يقينية تقول بانه مناقض للعقل ومنفر للفطرة
وهذه طرقة وهذه طرقة
وبالتالى لن تكون الظنون ظنون ولكن اوهام
وعلى ما اعتقد ويعتقد الكثيرون إن الحقيقة لا يمكن تجاهلها لانها ببساطة حقيقة
ولن يشفع كون شىء فوق العقل لكونه مناقض له فهذا يظهر الغموض والكمال والعظمة
وهذا يظهر الفساد والتهافت والبطلان
ولا يمكن إن يجتمع ذلك مع ذلك .
يتبع بعون الله تعالى
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
----
وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ
|
|
المفضلات