بسم الله الرحمن الرحيم
تحليل جديد لأخيكم نجم ثاقب .
أحبائي وأعزائي القراء الأكارم .
يعتبر هذا الموضوع من أهم بنود البحث حول لغة التسامح والمحبة التي كان يحصرها يسوع الناصري بأبناء جنسه من اليهود .... بينما سبقه غيره باظهار التسامح نحو الأمم الأخرى بل والى يسوع شخصيا .
سنتوقف هذه المرة عند شخصية الحاكم الروماني بيلاطس ....
[imgr]http://www.bakhdida.com/NajatGagi/passion23.gif[/imgr]
أريد من الجميع تأمل الصورة أعلاه كمدخل لمناقشة تلك الشخصية ....
الصورة على اعتبار أنها تمثل التقاء ملك السماء ( يسوع ) وحاكم في الأرض ( بيلاطس ) .
الحقيقة أن اليهود كانوا يظهرون الولاء والمحبة للقيصر .....
لدرجة أنهم كانوا يحاولون الضغط على الحاكم بيلاطس من هذا الجانب لصلب يسوع ....
فاليهود ليس لهم أعداء في ذلك الوقت .....
سوى الذي يقف ضد شريعتهم .....
وكما يبدو لنا كباحثين عند قراءة الاناجيل .....
أن اليهود كانوا يتمتعون بحرية دينية لا نظير لها في العهد الروماني .....
فهم مع أن يعطوا ما لقيصر الى قيصر .....
ومن جانب آخر ....
فهم ليس لديهم أدنى مشكلة لطالما أن القيصر صادق على اعطاء الحكم على اليهودي الى اليهودي ....
فالكهنة سعيدون بمنصبهم اذ يحكمون بالشريعة على أمتهم من اليهود .....
لهذا طالبوا المصادقة من الحاكم الروماني بيلاطس على تنفيذ حكم القتل على اليهودي يسوع .....
برغم أن القانون الروماني لم يجد فيه علة أو مخالفة قانونية .....
لكن القانون اليهودي هو الذي سرى عليه بمصادقة رومانية ....
لأن حكم اليهود على اليهود يرد الى اليهود .....
فالأمر يبدو كمعاهدة .....
فعندما تعطي قوة الرومان كسلطة الى اليهود سلطة على ما يريدون ....
فان ذلك يعني أن اليهود كانوا بمثابة حماية استخباراتية للقيصر .....
داخل الشعب اليهودي .....
مما يعني أن قيصر كان راضيا عنهم ويشعر بأهميتهم على صعيد أمنه .....
واليهود راضيون بأنهم نالوا سلطة الشريعة على اليهود .....
عموما .....
تلك كانت مقدمة لتبيان أن اليهود لم يكن لهم أعداء الا من أنفسهم .....
أعداءهم هم الذين قاوموا سلطة الكهنة وبنود الشريعة .....
لذا جاء المسيح لهم بلغة المحبة والتسامح لتسود بين بعضهم البعض .....
وعندما أحس اليهود بأن يهودي جاء ليقاوم سلطتهم .....
أعدوا له التهم .....
ودعونا نتوقف هنا .....
ألا يخطر ببالكم سؤال .... لماذا لم يقوم اليهود بقتل يسوع بمؤامرة ؟
لماذا لم يقوم اليهود باعطاء رشوة لأحد يقوم بقتله ؟
على ما يبدو ....
ان اليهود كانوا مقتنعين أن يسوع كان مذنبا ويريدون أن تتم به محاكمة عادلة ....
لا يريدون أن ينفذوا به حكما يحسب عليهم شرا في نظر الشريعة .....
لذا ....
فلضمان مصادقة الحاكم على محاكمته .....
أقنعوا انفسهم وصدقوا أنه جاء ليكون ملكا عليهم ....
اضافة الى اقتناعهم انه جاء لينقض شريعتهم ويسلب السلطة من كبار الكهنة ....
حيث كان بنظرهم أكبر خطر هدد أمة اليهود ....
لماذا ؟
لأن الخطر جاءهم من الداخل هذه المرة ....
من يهودي ....
وليس أى يهودي ....
يهودي جاء يتكلم ومعه خوارق ومعجزات تؤيده ....
لذا كرهوه كرها عظيما .....
واعتبروا ذلك الشخص كواحد يضاهي اجتماع كل الكهنة والشيوخ الكبار باجتماعهم ....
عموما ....
ان الخلاصة التي أريد ان أصل بكم اليها ....
ان اليهود لم يكن لهم اعداء الا الذين قاوموا سلطة شريعتهم التي تخول كبار الكهنة من نيل الاحترام أمام الشعب اليهودي كله ....
وكان تطبيقهم للشريعة يعد كاثبات وجود للأمة اليهودية ....
فلا يصدقون ان تقوم خصومة بين الشعب ....
حتى تتم المحاكمة ....
فهم يتصيدون الزانية والسارق قبل أن يسمعوا دفاعه .....
حتى يرد الخلاف الى الكهنة .....
ويبدأ التفاعل بخضوع الشعب الى السلطة .....
ويعلن حكم الشريعة وينفذ ....
ان تنفيذ الشريعة هو اثبات وجود بالنسبة للامة اليهودية ....
فالكهنة لا يريدون سلاما وتسامحا في أمة اليهود .....
لأن التسامح والمحبة والسلام بين شعب اليهود ....
لن ينشأ معه خصومة أو عداوة ....
وبالتالي ....
لن يصدر حكما من الكهنة أصحاب السلطة ....
وبالتالي ....
لن يكون للشريعة دور عند تطبيقها .....
هذا ما ارتأيته كباحث موضوعي .....
لأجل هذا جاء المسيح .....
ليقول لهم ليست الشريعة بحاجة الى خصومة حتى تقوم وتثبت وجودها ....
بل الشريعة هي حدود لتهذيب النفوس ....
لذا جاء بنهج تهذيب لليهود حتى يتعاملوا مع الشريعة بشكل أفضل .....
ليفهموا مقاصدها الحقة من ربهم .....
لأن اليهود كانوا يأخذون الشريعة بتطبيقها على أنها اثبات وجود لسلطتهم بين الأمم على بعضهم البعض ....
وكما أسلفت فان بيئة السلام والتسامح والمحبة ليست هي البيئة الخصبة من أجل تطبيق الشريعة التي تجعل اليهود يشعرون باستقلالية سلطتهم واعلان وجودهم بين الأمم الأخرى .
لذا .... ومن المنطلق السابق .....
فهم كانوا مسالمين مع الامم الأخرى .....
كانوا موالين لقيصر ....
كأمة استخباراتية يهمها سلطة القيصر وأداء الجزية للدولة الرومانية نظير احترامه لتطبيق سلطة الشريعة بين اليهود بعضهم البعض .....
هذا هو لب الواقع كما خلصت له من واقع فهمي للنصوص والمواقف والأقوال التي قرأتها ....
والذي يجد خلاف ذلك منطقيا فليناقش بدليل النص والمنطق حتى نستفيد جميعنا .
وبناءا عليه .....
نصل الى أن يسوع لم يكن يهمه لغة التسامح والمحبة أن تصدر الى الأمم الأخرى حيث لا مشكلة بالاصل في ذلك كما هو الواقع اليهودي في ذلك الزمن مع القيصر والامة الرومانية ....
و اني أدعوكم هنا ....
لأريكم أن صاحب السلطة الأرضية هو الذي ابتدأ بالتسامح اتجاه اليهود ....
بل اتجاه يسوع نفسه ....
لكن يسوع لم يكن يهمه ذلك حتى من باب الثناء على التسامح والمحبة الموجهة له ....
لقد أظهر بيلاطس استعداده للعفو عنه ....
فقط طلب منه الكلام والدفاع عن نفسه ان كان على حق .....
لكن يسوع لم يظهر اهتماما الى تسامح بيلاطس معه .....
بل قلل من شأن سلطته ....
وتفاخر بنفسه أمامه ....
تعالوا نتابع النص والردود من الطرفين :
18: 28 ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا الى دار الولاية و كان صبح و لم يدخلوا هم الى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فياكلون الفصح
18: 29 فخرج بيلاطس اليهم و قال اية شكاية تقدمون على هذا الانسان
18: 30 اجابوا و قالوا له لو لم يكن فاعل شر لما كنا قد سلمناه اليك
18: 31 فقال لهم بيلاطس خذوه انتم و احكموا عليه حسب ناموسكم فقال له اليهود لا يجوز لنا ان نقتل احدا
وهذا تسامحا عودهم عليه :
18: 38 قال له بيلاطس ما هو الحق و لما قال هذا خرج ايضا الى اليهود و قال لهم انا لست اجد فيه علة واحدة
18: 39 و لكم عادة ان اطلق لكم واحدا في الفصح افتريدون ان اطلق لكم ملك اليهود
18: 40 فصرخوا ايضا جميعهم قائلين ليس هذا بل باراباس و كان باراباس لصا
وهذا موقف آخر يظهر ميل بيلاطس للتسامح :
19: 4 فخرج بيلاطس ايضا خارجا و قال لهم ها انا اخرجه اليكم لتعلموا اني لست اجد فيه علة واحدة
19: 5 فخرج يسوع خارجا و هو حامل اكليل الشوك و ثوب الارجوان فقال لهم بيلاطس هوذا الانسان
19: 6 فلما راه رؤساء الكهنة و الخدام صرخوا قائلين اصلبه اصلبه قال لهم بيلاطس خذوه انتم و اصلبوه لاني لست اجد فيه علة
19: 7 اجابه اليهود لنا ناموس و حسب ناموسنا يجب ان يموت لانه جعل نفسه ابن الله
19: 8 فلما سمع بيلاطس هذا القول ازداد خوفا
19: 9 فدخل ايضا الى دار الولاية و قال ليسوع من اين انت و اما يسوع فلم يعطه جوابا
19: 10 فقال له بيلاطس اما تكلمني الست تعلم ان لي سلطانا ان اصلبك و سلطانا ان اطلقك
19: 11 اجاب يسوع لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد اعطيت من فوق لذلك الذي اسلمني اليك له خطية اعظم
19: 12 من هذا الوقت كان بيلاطس يطلب ان يطلقه و لكن اليهود كانوا يصرخون قائلين ان اطلقت هذا فلست محبا لقيصر كل من يجعل نفسه ملكا يقاوم قيصر .
اريدكم ان تدققوا باجابة يسوع نظير ابداء بيلاطس المسامحة ....
هذه اجابة يسوع :
19: 11 اجاب يسوع لم يكن لك علي سلطان البتة لو لم تكن قد اعطيت من فوق لذلك الذي اسلمني اليك له خطية اعظم .
لم يثني على ميل بيلاطس نحو لغة التسامح والعفو ....
بل اوضح له أنه لا ينظر الى ذلك بأهمية ....
وقلل من شأنه بطريقة ما ....
ان بيلاطس كصاحب سلطة أبدى التسامح نحو يسوع ....
ولكن يسوع ما كان يعنيه أن يثني على التسامح الذي يبديه بيلاطس كصاحب سلطة نحو رجل غير روماني .....
لأنه جاء بلغة التسامح والمحبة لليهود ....
لأنهم يفتقدونها فيما بينهم .....
لقد كان بيلاطس بنظري باكورة التسامح نحو الأمم الأخرى ....
خاصة وأنه صاحب سلطة ....
لذا أعتبره نموذجا ....
لأن العفو عند المقدرة هي صفة محمودة للغاية .....
فبيده كروماني له سلطة أن يتهم اليهود بالثورة على القيصر ....
ويبيدهم عن بكرة أبيهم ....
لكن الذي حدث أنه وجد يسوع صامتا ....
فقط كان المطلوب من يسوع أن يكلم الحاكم ويهتم لاحترام أسئلته ....
لكن يسوع لم يفعل ....
بل اجاباته القليلة لم تكن سوى تقليل من شأن بيلاطس ....
بيلاطس أحب فقط أن يسمع دفاع المتهم ....
كان فقط يريد من يسوع أن يقول أنه ليس مذنبا .....
لكنه أبى أن يقولها ....
رغم أنها كلمة حق .....
بل ان التسامح الذي أبداه بيلاطس نحوه ....
قوبل بعدم مبالاة من يسوع .....
فهل تجدون علة على بيلاطس ؟
ان موقف يسوع من الامم غير اليهودية واضح .....
يتجلى بمثالين ....
المثال الأول نحو غير يهودي له سلطة .... وهو بيلاطس .....
والمثال الثاني نحو غير يهودية ليس لها سلطة .... وهي المرأة الكنعانية .....
ان المرأة الكنعانية كانت تأمل الحصول على فتات من الوجبة المقدسة الموضوعة على مائدة الأسياد اليهود .....
أيضا لم يكلمها يسوع بالبدء ....
وأهملها ....
وأظهر نحوها عدم الاكتراث بكلامها مما يعد اهانة لكرامتها كمرأة ....
ومع ذلك ....
نظير أهمية الحصول على حاجتها من يسوع ....
اعترفت أنها كمثل الكلبة ( كغير يهودية ) تستجدي أن تحصل على الفتات ممن اعترفت بهم أسيادا لها ....
لذلك تكلم يسوع مثنيا عليها بأن ايمانها خلصها ....
ايمانها أنها تستجدي من أسيادها ....
بينما هي لم تكن معنية حتى تدعى الى مائدة الأسياد ....
فكانت مستحقة للفتات .... !
هذه هي كلمات يسوع نحو غير اليهود ....
سواءا كانوا مستجدين طالبين ....
أو كانوا أصحاب سلطة يبدون الانصاف والعفو والتسامح .....
هي لغة واحدة ....
قلة الكلام ....
قلة الاهتمام ....
لذا فان بيلاطس استحق أن يكون الباكورة .....
انه صاحب السلطة الذي أظهر التسامح والعفو والانصاف نحو الأمم الاخرى غير الرومانية .....
لقد سبق يسوع في ذلك .....
بينما يسوع كان مشغولا باليهود الذين افتقدوا لغة المحبة والتسامح فيما بينهم !
فلا يعنيه تسامح غير اليهودي مع أمة اليهود .....
ولا يعنيه تسامح اليهود مع غير اليهود ....
مهمته محددة .....
وكأن لغته جاء ليقول بها :
يا أيها الكهنة .....
الذين تحبون بيئة التخاصم أن تسود بين اليهود .....
حتى يكون هناك دور للشريعة .....
للحكم فيما بينهم بسلطتكم كحافظين ومطبقين للشريعة .....
ليس الأمر كذلك أيها الكهنة .....
فاثبات الوجود بأمة ليس من خلال تطبيق دستورها ببئية خصام .
بل ان الشريعة حدود الله لحفظ مجتمع يحفظ الحقوق وينشر المحبة والتسامح قبل الوصول الى الخصومة أو الجريمة .....
هذا ما كان يسوع قد جاء لأجله ....
لذا قال لهم أحبوا أعداءكم .....
باركوا لاعنيكم ....
حولوا خدودكم ....
أعطوا ثوبكم ....
حتى لا تكون بيئة المجتمع اليهودي بيئة خصام .....
الخصام الذي أراده الكهنة لاثبات وجودهم بين الأمم بتطبيق شريعتهم التي تتصيد المتخاصمين !
وأعيد السؤال على كل قارىء .....
هل تجدون ببيلاطس علة واحدة مع يسوع ؟
أليس هو باكورة التسامح مع الأمم الأخرى وليس يسوع الذي جاء لاشاعة التسامح فقط في المجتمع اليهودي .... ؟
أليس أكبر دليل على استخراجي هو عدم ثناء يسوع على لغة التسامح الموجهة له شخصيا ؟
أليس خطيئة أن لا نولي الغير اهتماما في الرد على تساؤلهم البسيط ؟
ما رأيكم ....
هل تجدون على ( بيلاطس التسامح والعفو عند المقدرة) أية علة ؟
بانتظار ضيف فاضل يناقشنا في الموضوع تحت مظلة التهذيب والترحيب .
:98-:
أطيب الأمنيات من نجم ثاقب .fdgh's Hl ds,u td j'fdr Hpf,h Hu]hx;l kp, hgHll hgHovn ,prdrm juhgdl hglpfm
المفضلات