بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الحكمة من العقاب تحت المفهوم الاسلامى
بالنظر إلى أشكال العقوبة في مقابل دواعيها في الإسلام يكشف عن أن فكرتها تنطلق من كونها ردًا إصلاحيًّا على تصرفات أخلت بالمقاصد الشرعية الخمسة، وهي "حفظ المال، والعقل، والنسل، والدين، والمال"، إذ أن كل إخلال بواحد من هذه المقاصد هو عدوان على حقوق الله تعالى، وهو ما يسمى بالحق العام أو حق المجتمع أو عدوان على حقوق الأفراد. (العقوبة بين شمولية مقاصد الشريعة وقصور القانون - اسامة الهتيمى – لواء الشريعة )
والنظام العقابي في الإسلام استهدف حفظ هذه الكليات الخمس السابقة . فلحفظ النفس شرع القصاص ولحفظ الدين شرع حد الردة - ولحفظ العقل شرع حد الخمر ولحفظ النسل شرع حد الزنا -وللحفاظ على المال شرع حد السرقة - ولحماية هذه كلها شرع حد الحرابة . (الحرابة : هي خروج فرد أو جماعة ذوي منعة إلى الطريق العام بغية منع سلوكه أو أخذ أموال سالكيه أو الاعتداء على أرواحهم ودليل عقوبتها قوله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }{ إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } وقد نصت هذه الآية على عدة عقوبات لتعطي خيارات متعددة أمام مختلف الحالات فيعطى لكل حال الحكم الذي يناسبها (من كتاب الجريمة والعقاب فى الاسلام)
يقول الدكتور عبد العزيز ابن فوازان بن صالح الفوزان : وإذا كان الأمن حاجة إنسانية ملحة ، لا يستغني عنها فرد أو مجتمع ، فإن ذلك يعني بالضرورة وجوب مواجهة ما يخل به من العنف ، ومعالجة آثاره ، وقطع الأسباب الداعية إليه .
وللإسلام منهجه المتفرد في تحقيق الأمن ومكافحة العنف ، فهو يهتم بالجوانب التربوية والوقائية التي تمنع وقوع العنف أصلا ، كما يهتم بالجوانب الزجرية والعقابية ، التي تمحو آثاره ، وتمنع من معاودته وتكراره .
وهذا بخلاف ما عليه المناهج البشرية الجاهلية ، والقوانين الوضعية التي تهتم بمعالجة العنف بعد وقوعه ، أكثر من اهتمامها بمنع حدوثه ابتداء . [أثر العلم الشرعي في مواجهة العنف والعدوان - عبد العزيز بن فوزان بن صالح الفوزان]
"فالعقوبة في الإسلام إذن هي الجزاء المقرر لمصلحة الجماعة على عصيان أمر الشارع، والمقصود من فرض عقوبة على عصيان أمر الشارع هو إصلاح حال البشر وحمايته من المفاسد، واستنقاذهم من الجهالة، وإرشادهم من الضلالة وكفهم عن المعاصي وبعثهم على الطاعة. والعدوان يختلف من حيث الشدة والخفة في وقوعه، فالعدوان على الفرد قد يكون بالقتل أو بالجرح أو بالضرب أو بالشتم، ومعلوم أن هذه التصرفات ليست سواء في العقوبة والمؤاخذة، وهو ما دفع الفقهاء إلى تقسيم الجرائم إلى: ما يوجب الحد، كالزنا {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور:2]، وشرب الخمر، وما يوجب القصاص { وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، وما يوجب التعزير الذي يعود تقديره إلى القاضي، وبالتالي فإن كل عقوبة في الإسلام هي تقدير مثالي لنوع الجريمة وقدرها وذلك من حيث التشديد والتخفيف، إذ كان هدف الشريعة من العقوبة هو مراعاة انزجار الجاني بها بلا نقص ولا زيادة.
كذلك فإن ما يميز العقوبة في الإسلام أن نظرة الشريعة الإسلامية إلى الحدود والقصاص وجرائم التعزير المتعلقة بأصول الدين والأخلاق، لا تتغير لأن أساس التجريم فيها مستند إلى فعل ما نهى الله عنه أو ترك ما أمر به، وهو مستقبح في كل زمان ومكان، لإخلاله بالمقاصد الخمسة، فالقتل والزنا هما القتل والزنا في كل زمان ومكان.
يضاف إلى ذلك أن طريقة التجريم في الشريعة الإسلامية تختلف عن غيرها، فهي لم تكن قد وضعت الإجراءات الاعتباطية في طريقة تجريم الإنسان، وإنما كان الدين الإسلامي أحرص على تبرئة ساحة المتهم قبل أن يدان بالجرم الذي اتهم فيه، امتثالًا للقواعد العامة التي تقوم على العدل والرحمة في آن واحد من قبيل: "ادرؤوا الحدود بالشبهات"، و(ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ فى العفو خير من أن يخطئ فى العقوبة) [رواه الترمذي، (1489)، وضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي، (237)]. (العقوبة بين شمولية مقاصد الشريعة وقصور القانون - اسامة الهتيمى – لواء الشريعة )
hgp;lm lk hgurhf jpj hglti,l hghsghln
المفضلات