التسويف ظاهرة جلية في أنفسنا نحن المسلمين، فمشاغل الدنيا ووساوس إبليس تجعل المرء يسوِّف في أعمال الخير، ويؤجِّل حتى تضعف همَّته وتثقل حركته فيفوتها، وكلما غاص المرء في عطن الدنيا؛ ازداد تعلقه، فازدادت أثقالها، وصعب الخروج منها.
فالذي يسمع نداء الصلاة يسوِّف المبادرة حتى تفوته الركعة والركعتان، وقد تفوته الصلاة، وما يزال به إبليس تسويفًا وإهمالًا حتى لا تراه إلا في الصفوف المتأخرة.
والمقيم على المعصية يسوِّف حتى تعظم المعصية، ويتمادى حتى تكبر ويترسَّخ حبها في النفوس، ثم يفاجأ بالموت ولات حين مندم.
أخطر ما يفتُّ العضد، ويوهن العزائم، ويحط الهمم، ويقتل الأهداف الطموحة: التسويف كم سوَّفنا حتى ضيعنا حلق العلم! كم سوَّفنا حتى أهملنا السنن الرواتب! وكم سوَّفنا حتى وقعنا في المحرمات! لذا يقول أحد السلف: "أحذركم سوف؛ فإنه أعظم جنود إبليس".
قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكم من عازم على الجد سوَّفه، وكم ساع إلى فضيلة ثبَّطه .
فلربما عزم الفقيه على إعادة درسه فقال: استرح ساعة، أو انتبه العابد في الليل يصلي، فقال له: عليك وقت، ولا يزال يحبِّب الكسل، ويسوِّف العمل، ويسند الأمر إلى طول الأمل، فينبغي للحازم أن يعمل على الحزم، والحزم تدارك الوقت،وترك التسويف".
المرجع: نفحات من منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
خطب ومواعظ (المجموعة الرابعة)
إعداد: الشيخ عبد الباري الثبيتي –حفظه الله-Ho'v lh d,ik hgu.hzl ,dp' hgill
المفضلات