الفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني، رفض الوظيفة و زهد في جاهه العريض ، وسخر حياته من أجل محاربة البدع والدفاع عن الدين الإسلامي كما ساهم بجهوده في المجال التعليمي والتربوي الذي رابط فيه زهاء 60 سنة من عمره المديد ( 86 سنة)، كما ساهم في تنوير مجتمعه بتعاليم الإسلام السمحة ، وكان المرجع في بلاد زواوة في المسائل و الإفتاء ، فهو القاضي و المفتي الشعبي في المساجد و الأسواق و التجمعات.
تمهيد:
لقد كانت لحالة الجزائريين المرضية في القرن 19 للميلاد من انتشار للضلالات وأسباب الغواية والانحراف ومحاولة الاستدمار طمس الشخصية ونشر الإلحاد والتنصير فبرز علماء جزائريون حاولوا بكل جهدهم تنوير قومهم ، و تعليمهم مبادئ الدين الإسلامي الحنيف ، بعيدا عن الخزعبلات و البدع التي انتشرت بسبب الجهل و الاستدمار، و من بين هؤلاء الرجال مترجمنا الذي عمل جاهدا مع ثلة من العلماء يتقدمهم الشيخين عبد الحميد بن باديس والإبراهيمي الذين عملوا على التصدي ومحاصرة هذه الأمراض التي فككت أواصر هذه الأمة ، و بذلوا الغالي و النفيس في سبيل تصحيح المفاهيم و إعداد الشعب الجزائري للعودة إلى منابع الإسلام القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة.
مولده و أسرته :
ولد في قرية ألموثن ببني ورتيلان، ولاية سطيف حاليا سنة 1276 هـ ( 1859 م ) ، و قد كتب والده في مجلد مخطوط بخط يده ما يلي : " .... في اليوم الثامن من رجب أحد شهور الله الحرم من عام 1276 هـ سنة ست و سبعين و مائتين وألف ، جعل الله البركة في عمره و أنبته نباتا حسنا و رزقه العلم النافع و القلب الخاشع و الرزق الواسع و العمل المتقبل ، و حفظه مما يخشى منه و جعله بارا لربه مع والديه و حشرنا و إياه مع أبائنا في زمرة مؤلفي هذا الكتاب و تغمدنا برحمته آمين".
ينتمي إلى أسرة " المرابطين الشرفاء " [ وأخيكم أبو مريم منهم ] الذين ينتسبون – و الناس مصدقون في أنسابهم – إلى الدوحة النبوية الشريفة ، و بقوا محافظين على هذا الشرف حتى حين امتزجوا بمختلف الأسر البربرية بالمصاهرة ، فيسبق اسمهم " بسيدي فلان" ، أما الأنثى فتدعى ب: " لـلا ".
و هذه الأسرة اشتهرت بالعلم و الدين ، فعائلة أبهلول ( البهاليل : الشجعان الصناديد ) لا يخلو جيل منها من عالم قرآني أو محدث أو فقيه أو أديب.
طلبه العلم و شيوخه:
أول شيوخه هو والده الشيخ الطاهر بن احمد ابهلول و قد عرف بعلمه وفقهه، كما كان من حفاظ القرآن الكريم ، فعلمه مبادئ العربية و رسم الكتابة ، و لما بلغ الخامسة من عمره بدأ في تحفيظه القرآن الكريم ، كما قام بتأديبه و تربته أحسن تربيه فلقته تعاليم الإسلام القويم، و قد طال العمر بالوالد حتى رأى ابنه عالما و مدرسا لا يشق له غبار.
و حفظ مترجمنا عن ظهر قلب بعض الأراجيز في القراءات و التوحيد و مبادئ الفقه و اللغة ، أثناء حفظه للقرآن الكريم الذي ختمه ثلاث ختمات متتالية ، ثم قرأ مختصر خليل في الفقه و ألفية ابن مالك ، و حفظ المتون المعروفة في وقته و استوعب النص و شروحه ، مما جعله مرجعا حجة في القضاء و الفتوى لا يجاري و لا يضاهي بإجماع علماء وقته ومشايخه.
بعد هذه المرحلة انتقل لطلب العلم عند علماء وشيوخ المعاهد و الزوايا المعروفين و منهم:
- الشيخ يحي حمودي امام و مدرس مسجد اولموتن ببني ورتيلان حتى وفاته ، اخذ عنه علوم الشريعة و الدين و قد أجازه بما لديه من مرويات و كتب بعد ان لمس بنفسه سعة علمه و أهليته لتلقي العلوم الشرعية.
- الشيخ عبد الله حمودي ابن الشيخ يحي حمودي و خليفته بعد وفاته و اخذ عنه علوم العربية و النحو و الصرف و البلاغة و البيان ، و قد أجازه هو الأخر كوالده لما تأكد له ضلوعه في العلوم المدروسة.
- الشيخ السعيد بن الحريزي العيدلي و عنه اخذ اصول الفقه و علوم اللسان و البلاغة و العروض.
- الشيخ محمد القاضي الصدوقي من قرية ثقاعت بلدة صدوق و لاية بجاية و عنه اخذ الفقه و التصوف و التفسير.
- الشيخ احمد رحاب المجاهد الذي شارك في ثورة الشريف المقراني سنة 1871م ، و عنه اخذ فنون المنطق و التاريخ الإسلامي عبر مؤلفات سعيد قدورة الازهري.
كما اخذ علوم التفسير و الحديث الشريف و الفقه عن الأساتذة:
- الشيخ حمدان لونيسي دفين المدينة النبوية طيبة المطيبة ،الأستاذ الكبير و الأب الروحي للإمام عبد الحميد بن باديس، حيث تتلمذ له مترجمنا لما كان يزور مدينة قسنطينة ، كما كان يراسله يطلب رأيه في الفتاوي التي تعرض عليه ، و كان مترجمنا حين يخاطبه يحليه هكذا : " حضرة ذي المعارف الربانية و النفحات الرحمانية ، وارث علم الأولين ، ونخبة العلماء العاملين ، إمام التحقيق ، و علم التحرير و التدقيق، العلامة الجليل ، الدراكة النبيل...".
- العالم المفكر العامل بعلمه، الأستاذ المربي المعلم عبد القادر المجاوي القسنطيني المغربي ( ت سنة1332) المدرس بجامع الكتاني والمدرسة الكتانية بقسنطينة ، ثم بالمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة ، من مؤلفات الكثيرة: " إرشاد المتعلمين" ، و" المرصاد في مسائل الاقتصاد" , و " شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية " للمفتي الشيخ المولود بن الموهوب.
- الشيخ صالح بن مهنا القسنطيني الأزهري، أحد رجال الإصلاح في الجزائر الذين مع الأسف لا يعرفهم الكثير ، وقد كان المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه الله يعتبره رمز الإصلاح في الجزائر وينوه بذكره في كتبه و مقالاته و مجالسه و مذكراته، درس بجامع الزيتونة المعمور ، و بالأزهر الشريف ، و عين إماما خطيبا بالجامع الكبير بقسنطينة بعد عودته إلى أرض الوطن ، كما شارك في التعليم و التدريس ، و التأليف أيضا حيث ترك مؤلفات منها " البدر الأسمى في بيان معاني نظم الأسماء الحسنى " و " كتاب شرح ابن عاشر "
و " تنبيه المغترين والرد على إخوان الشياطين " و " مختصر الترغيب والترهيب " و غيرها.
- الشيخ الفقيه الأديب الأريب ، عاشور الحنفي البسكري.
يتبع بعون الله
hgtrdi hgughlm hgsud] fk hg'hiv hg,vjghkd
المفضلات