بسم الله الرحمن الرحيم
المطعن
الحج والعمرة:
“وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ; (آية 196).
أركان الحج خمسة: الإحرام، والوقوفبعرفة،والطواف والسعي بين الصفا والمروة، وحلق الرأس أو التقصير. وأركان العُمرة أربعة: الإحرام والطواف والسعي والحلق والتقصير، وهي مأخوذة من مشركي العرب في الجاهلية (جواد علي. المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام المجلد الخامس).
الرد على المطعن :-
إن الحج الإبراهيمي الذي خطت معالمه على يدي النبي ابراهيم(عليه السلام) هو بلا ريب حجّ الإسلام، وتتكشف أهميته ومكانته كونه جعل من الكعبة موقعاً خالصاً لعبادة الله، وأسس لنوع جديد من التعامل بين الناس تمثل في إلغاء الفوارق والتمايزات ومحاربة الشرك بكافة أشكاله، ولكن هذا الحج لم يبقَ على نقائه وصفائه بسبب ما أدخل عليه من مظاهر إشراكية انحرفت به عن مساره الحقيقي... وهذا ليس بعجيب لأننا لو نظرنا إلى رسالة موسى عليه السلام سنجد أنه دعى بني اسرائيل لعبادة الله عز وجل ولكن عندما تغيب عنهم أربعين يوماً صنعوا لأنفسهم عجل فعبدوها .. فما بالنا بقرون مرت على الجزيرة العربية بعد وفاة سيدنا ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام .
أما في ما يتعلق بدخول الشرك وانتشاره في الجزيرة العربية فجاءت تأثرًا بالأيقونات التي صنعها النصارى لعيسى ابن مريم وأمه- عليهما السلام- وعبدوها، خاصة أن النصرانية كانت تحيط بالجزيرة العربية من أطرافها؛ فالروم والغساسنة في الشمال الغربي، والمناذرة حلفاء الفرس وكانوا نصارى في الشمال الشرقي ونصارى اليمن في الجنوب، وفي الغرب على ضفاف بحر القلزم الغربية (البحر الأحمر) نصارى الحبشة أصحاب التجارات البحرية الواسعة، وكل هؤلاء لم يكن يخفى حالهم على أهل مكة؛ بل كانت للمكيين تجارات معهم.
أقسام الحجاج في الجاهلية:
كان الحجاج في الجاهلية على أقسام ثلاثة وهم الحمس (الأحماس)،والطلس (الأطلاس)، والحلّة.
الحمس: وهم قريش وخزاعة وكل من ولدت قريش من العرب،وكان هؤلاء يطوفون بثيابهم، كذلك كان من الواجب على كل مكي أراد الطواف للمرة الأولى أن يطوف بلباس أهل الحرم، أي الحمس، وإن لم يجد ذلك طاف عرياناً. وما أوجده الحمس في الحج هو ترك الوقوف على عرفة والإفاضة منها إلى المزدلفة، فهم في الوقت الذي يقّرون فيه بهذه المناسك، باعتبار أنهم أهل الحرم ولا ينبغي لهم الخروج من الحرم وتعظيم غيره، وعندما يقف الحجاج في عرفة، يقفون هم عند أول الحرم ثم يذهبون ليلاً إلى المزدلفة .
وكان "الطلس" وهم سائر أهل اليمن وأهل حضرموت... لا يتعرّون حول الكعبة ولا يستعيرون ثياباً، ويدخلون البيوت من أبوابها ولا يئدون بناتهم.
أما "الحلة" والمفروض أنهم بقية القبائل، فكانوا يتعرون حول الكعبة، وبعد الفراغ من تأدية المناسك، كانوا يتصدقون بنعلهم وثيابهم عند دخولهم الكعبة، ويستأجرون للطواف الثياب من أهل الحمس، ويقصدون من نزع الثياب طرح ذنوبهم معها حيث لا يطوفون في الثياب التي قارفوا فيها الذنوب، ولا يعبدون الله في ثياب أذنبوا بها، وذكر أنّ "الحلّة" إذا أتموا طوافهم تركوا ملابسهم عند الباب ولبسوا ملابس جديدة.
وتجدر الاشارة إلى أنه لم يكن ثمة وجود للتلبية المختصة بحج ابراهيم(عليه السلام) والتي مفادها:"لبّيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك"... بل إنهم غيروا التلبية لتتوافق مع عقيدة الشرك لديهم، لتكون: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه وما ملك". ويظهر من هذه التلبية الاعتقاد بالشريك .
فالتلبية هي من الشعائر الدينية التي أبقاها الإسلام ، ولكنّه غيّر صيغها القديمة التي أفسدتها الوثنية بما يتّفق مع عقيدة التوحيد التي جاء بها إبراهيم عليه السلام ، فصارت على هذا النحو:
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك؛ إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك". كما جعلها جزءاً من حجّ مكة بعد أن كانت تتم خارج مكة .
فالجدير بالذكر أن الإسلام خطا بالضمير الإنساني شوطاً بعيداً في جميع هذه المناسك والعبادات، فالمسلم لا يحج إلى الكعبة ليعزّز فيها سلطان الكهّان أو ليقدّم إليهم القرابين والأتاوات كما يحدث في الكنائس والأديرة ، وإنّما هي فريضة "عبادية ـ سياسية" للأمة وفي مصلحة الأمة، وعلى شريعة المساواة بين أبناء الأمة، وهي بهذه المثابة فريضة اجتماعية تعلن فيها الأمة الإسلامية وحدتها، والمساواة بين الكبير والصغير أمام الله وعند بيت الله .
جاء الإسلام لمواجهة ضراوة الجاهلية في محاولتها الحفاظ على كيانها دون أن تتعقل ما جاءها به الرسول من نهج يضبط سير الحياة وإيقاعها منفصلا عن المواريث الخاطئة، ويطلب الحق من منبعه الأصيل (الوحي الإلهي)، ويعد أصول المفاضلة بين الناس هي ما نبع من جهد الفرد وتميزه في التعامل الصحيح مع الكون وخالقه والناس من حوله.
أراد الإسلام حينما جاء أن يمحو الجاهلية وحساباتها من قلوب الناس، ويلغي الأفعال والعادات التي يرفضها الطبع المستقيم، مثل: وأد البنات، والطواف بالبيت عرايا.. ويحل محلها كل ما هو عظيم وسامٍ.
وحينما غيّرت الرسالة الإسلامية الحياة، عمدت إلى الانحرافات العقائدية والشرور الأخلاقية التي تحلت بها الديانات المسيحية واليهودية والوثنية ؛ فمحها الإسلام ، واحتفظ بالفضائل والأخلاق الحسنة، وأتم الإسلام ذلك كله، وأسَّسَه على الاعتقاد الصحيح الذي يحدد أسس التوجه الإنساني وغاياته.
hgv] ugn afim s,vm hgfrvm Ndm 196
المفضلات