التمرجى ثائراً
بقلم / محمود القاعود
“زفة كدابة” و ” دوشة ” مصطنعة ، عانينا منها الأيام الماضية ، بسبب حادث يكاد يوقف الحياة على سطح الأرض، حيث رفضت جريدة الأخبار نشر مقال الحبر البحر العلامة الفهامة، درة الشرق ولؤلؤة الغرب، وحيد عصره وفريد زمانه الجهبذ الألمعى اللوذعى ، العظيم فى البطاركة، نيافة الأديب يوسف القعيد قُدس سره !
قامت الدنيا ولم تقعد .. قامت جريدة الوطن بعملية انتحارية ونشرت ”المقال الممنوع” المعنون بـ “لا سمع ولا طاعة” حتى لا تحرم الملايين من فوائد ” هرتلة” القعيد الذى يتحدى “الدولة الدينية” ويرفض الظلام والوهابية والصحراوية والبامية الملوخية!
عشرات المواقع الإليكترونية تعيد نشر ما يسمونه “المقال الذى رفضت جريدة الأخبار نشره”، يوسف القعيد يُصرح بأن ما حدث يهدف لأخونة الدولة، وأخونة الصحافة، ولم يكتف القعيد بذلك بل خرج على فضائية الحياة ليحذر من “الأخونة” وكيف أن ما حدث مع مقاله يعد اعتداءً سافرا على حرية الرأى والتعبير والإبداع ، وتساءل القعيد كيف يُمنع من نشر مقالاته وهو المتعاقد مع جريدة الأخبار؟!
تباكى القعيد ، ليس من أجل حرية التعبير والإبداع، ولكن لأن العزبة أغلقت أبوابها .. ولم يعد هناك عشرة آلاف جنيها يتقاضاها شهريا نظير ما يُطلق عليها مقالات يكيل فيها الافتراءات والاتهامات لكل ما يمت للإسلام بصلة..
يوسف القعيد أبعد ما يكون عن الفكر والأدب والصحافة، فقد عمل لسنوات في مهنة ” تمرجى” قبل أن يزعم أنه ” روائى”، ولا نقلل من هذه المهنة ، فالتمرجى له دور مهم يساعد به الطبيب، كما للممرضات اللائى اصطلح الناس على أنهن ” ملائكة الرحمة” ، لكن من غير المقبول والمعقول أن يفتى التمرجى في شئون الفكر والأدب، مثلما من غير المقبول أن يُفتى إمام المسجد أو المُدرس في شئون السباكة أو المحارة!
منذ سنوات ليست بعيدة ، وعندما كان صدام حسين رئيسا للعراق، كان القعيد يذهب لمنزل السفير العراقى بالقاهرة ليأخذ أولاده ليوصلهم إلى المدرسة، ثم عقب انتهاء الدوام ، يعود مرة أخرى ليرجعهم للمنزل، طبعا لم يكن ما يفعله القعيد من قبيل الإنسانية أو ” الاشتراكية” ! ولكن الدنانير تعمى القلوب والأبصار ..
القعيد الذى عاش طوال حياته يناصر الديكتاتورية والفاشية ويمتدح حسنى مبارك، هو الذى يدعى الثورية الآن ، ويدعو لمواجهة ” الأخونة” ! القعيد الذى ظل يتقرب لسوزان مبارك وكلاب حراستها من أجل نشر أعماله الركيكة الرديئة في مشروع مكتبة الأسرة، هو الذى يدعو لإسقاط الرئيس الشرعى المنتخب الدكتور محمد مرسى .. القعيد الذى امتدح ديكتاتور تونس الهالك زين العابدين بن على لأنه يحظر ارتداء الحجاب ويجرم تعدد الزوجات ، هو الذى يتحدث عن حرية الرأى والتعبير..
إن يوسف القعيد وأمثاله، هم آخر من يتحدث عن الحرية والثورية ، فهم طغاة وإقصائيون ومستبدون ولا يقبلون أى رأى يخالفهم أو يخالف توجهاتهم المشبوهة ..
لقد حاولت أن أقرأ أى عمل يُسميه القعيد “رواية” يكتبها فلم أتمكن .. لرداءة الأسلوب بما يجعلك تتوقف ولا تستطيع أن تكمل القراءة، تماما كما هى حال روايات ” نوال السعداوى” ..
ومن العجيب أن ينتفض إعلام غسيل الأموال ، بسبب الاعتراض على مقال القعيد ، وهو ذات الإعلام الذى دافع عن منع كاتب بجريدة الأهرام من الكتابة لأنه انتقد هُبل القرن الواحد والعشرين شنودة الثالث، وخرج رئيس تحرير الأهرام آنذاك أسامة سرايا ليدعى أن شنودة خارج تقييم التاريخ والجغرافيا!
وبالنظر لمقال القعيد ” لا سمع ولا طاعة” نجد أنه غاية في التفاهة والسماجة، فهو يعترض على المظاهرات السلمية الراقية التى ذهبت أمام مدينة الإنتاج الإعلامى لتعترض على فضائيات الإفك التى تبث الأكاذيب والأراجيف .. دافع القعيد عن فضائية توفيق عكاشة وقال أن البلطجية أفضل من المتظاهرين السلميين أمام مدينة الإنتاج الإعلامى ! هذا هو مقال وحيد عصره يوسف القعيد .. فأى فائدة ستعود على القارئ من هذا السخف ؟؟ ما هى الرسالة من هكذا مقالات ؟؟
بل نفس عنوان هذا المقال هو ما كتبته المستنيرة عبلة الروينى بعد طردها من جريدة أخبار الأدب، والقعيد يحاول محاكاة رفيقته في “الاستنارة” .. ثم من طلب منك السمع والطاعة أيها القعيد ؟ نعلم أن ساويرس منحك جائزة قدرها نصف مليونا ولذلك هو الأولي بالسمع والطاعة، أما الإخوان فلا يجبرونك على شئ ولا علاقة لهم بك ..
الغريب فى أمر “التمرجى الثائر” أن تتحول هذه القضية إلى رأى عام، وتخرج صحف الإفك بالسنج والسيوف والمطاوى والسلاسل ” ننشر المقال الممنوع ليوسف القعيد” ..” المقالات الممنوعة فى جريدة الأخبار” ” لا سمع ولا طاعة المقال الذى منعته الأخبار” !
بينما ينشغل الناس بما يحدث في سوريا و بورما وإنهاء حكم العسكر في مصر ، إذ بهم يشغلوننا بالتمرجى الثائر ! لمصلحة من ؟ وما هى الغاية من ذلك ؟hgj,lv[n hgehzv
المفضلات