بسم الله و والصلاة والسلام علي رسول الله
اللغة العربية هي تلك الإصطلاحات التي وضعها العرب الأقحاح الخالين من التأثر بعجمة اللسان
وهم العرب حتى القرن الرابع الهجري من أهل البوادي، وحتى القرن الثالث الهجري من أهل الحواضر
وقد تواضع العرب على أن السماع مقدم على القياس، وتواضعوا سماعا أن أولئك الناس الذين
يدينون باتباع المسيح بن مريم يسمون في لسان العرب بالنصارى، بغض النظر عما هو
المسيح رب أم عبد أم كليهما.
وقد اشترك في هذا المصطلح كافة العرب قبل الإسلام، بما في ذلك أجدادنا النصارى من
تغلب الذين اتبعوا مذهب الروم الأرثوذكس مثل غسان، والمناذرة الذين اتبعوا المذهب
النسطوري، وكندة أظن كانوا كغسان، ونجران الذين كانوا يتبعون مطرانية الحبشة الملحقة
ببطريريكية القبط الأرثوذكس.
و قد ذكر الله تعالى النصارى في كتابه سبقها في موضعين باللذين قالوا إنا نصارى، صارفا
التسمية لهم. فهم من سمى نفسه هكذا يوم كان منهم عرب اقحاح يعرفون اللسان.
( وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ
وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (المائدة:14) .
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ
الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) ( المائدة)
ثم يأتينا من
يرى أن العرب قد قطعوا لسانه، وهو لا يحسن أن يقول جملتين متصلتين خاليتين من اللحن،
ثم لا يعرف من فقه اللغة شيئا، هذا إن عرف أن هناك فقه لغة، أو عرف ما هو فقه اللغة،
فيجعل نفسه حجة علينا في لغتنا، ويرفض الإسم ليلبس الحق بالباطل، أو اتباعا لمن يلبس
الحق بالباطل. حتى نظن أن النصارى المذكورين في كتاب الله إن هم إلا قوم قد بادوا كعاد وثمود.
وفي اللغة العربية (وغيرها من اللغات) تقسم القواعد إلى صنفين:
قواعد سماعية وقواعد قياسية.
القواعد القياسية هي التي استنبطت من تكرارها في العديد من الإصطلاحات اللغوية، وهي تصلح لأن تطبق على ما لم نسمعه عن العرب.
أما القواعد السماعية، فهي ما انفرد مصطلح أو أكثر به، وهي قواعد لا تطبق إلا على الكلمة المعنية.
الأصل أن السماع مقدم على القياس مطلقا، والسماع يكون من أهل اللغة الأصليين الذين لم يتأثر لسانهم بلغات أخرى.
القاعدة هي تسمية الأديان والأفكار نسبة إلى مؤسسيها، فالأصل أن نقول بوذيين ومسيحيين وماركسيين وموسويين الخ....
إلا أننا قد وردنا من العرب الأقحاح أنهم قد اصطلحوا على أتباع موسى اسم علم اليهود، وهي كلمة معروفة الأصل العبري، وقد اصطلحوا على أتباع المسيح بإسم علم النصارى.
كلمة النصارى ظاهرها أنها لفظ جامد، فهي غالبا ليست مشتقة من الناصرة وإلا لكانت الناصريين، و لا مشتقة من النصرة إلا لكانت الأنصار والله اعلم .
ولو انعدم اسم العلم الذي اصطلحته العرب الأقحاح قبل الإسلام وبعده، من نصارى ومشركين ويهود ومسلمين، لصح استهدام الصفة مسيحي كإسم علم دال على الملة التي تنتسب إلى المسيح.
إلا أننا نترك القياس دوما من أجل السماع، وقد رضي هذا الإسم عرب نصارى، ليس منهم أحد من شيعة الأبيونيين ولا الأريسيين. مثل طيء وغسان وتغلب وكندة ولخم ونجران، وكان منهم من يتدين بدين قيصر، ومنهم من يتدين بدين اليعاقبة، وهو إسم الأقباط الأرثوذكس حينها.
يستلزم أبدا العودة إلى أصحاب اللغة لمعرفة أسباب وضعهم الأسماء، وهناك علم مفصل في اللغة العربية يبحث في أسباب وضع الأسماء والمصطلحات، إسمه فقه اللغة.
فلا نستطيع أن نكره الفرنسيين على تغيير تصريف فعل être أو avoir لأنه لا ينسجم مع باقي القواعد، ولا نستطيع أن نجعل الإنكليز يلغون الأفعال الشاذة مستبدلين لها بماض ينتهي بـ ed.
كيف تفسر أن العرب المتنصرة مثل غسان وتغلب وطيء من الملكانية(الروم الأرثوكس) ولخم من النسطورية ونجران من اليعقوبية(القبط الأرثوذكس) وكندة، كانوا يسمون بعضهم بعضا بالنصارى والمتنصرة؟
وبالفعل هناك قول أن نصراني هي نسبة شاذة إلى الناصرة، إلا أن من قال بهذا القول ضعفه أيضا، وهو لسان العرب.
نصارى لها جذر ثلاثي صحيح، إلا أنه ليس كل كلمة ذات جذر ثلاثي هي مشتقة بالضرورة، هناك كلمة بيت أو سماء أو بنت، وهي كلمات جامدة.
اللغة هي إصطلاحات وضعها قوم للدلالة على ما يريدون من معان وأسماء وأفعال.
واللغة العربية هي إصطلاحات العرب للدلالة على ما يريدون.
وليس العرب بمن اتبع المسيح منهم فحسب، بل هناك المشركين والمسلمين واليهود والنصارى والأميين.
والعرب كلهم حجة في اللغة العربية، إن خلا لسانهم من العجمة.
والعرب تسمي الجمادات والحيوانات والجماعات البشرية والأقاليم الجغرافية والأجرام الفلكية كما يصطلحون هم، وليسوا بمجبرين أن يتبعوا راي غيرهم ممن هو أجنبي عن اللغة.
وقد يتوافق مصطلحهم مع غيرهم وقد يتعارض.
الأصل أن نبحث في الإسم الذي أطلقه العرب على الملة التي تتبع المسيح من أي عربي، حتى لو كان مسلما، فاتهامك للمسلمين والقرآن بفرض الاسم لا يصح لأسباب عدة أهمها:
القرآن يغلب عليه ذكر النصارى مع سابقة الذين قالوا، أي أنه ينفي التسمية عن نفسه.
ليس النصارى وحدهم من خالف القرآن، فهناك اليهود ايضا. فلم ينقل القرآن إسم اليهود دون أن يظهر لنا منهم من يسمي نفسه موسويا ويدعي أن القرآن قد سمى مبتدعة الموسويين باليهود؟
هل النصارى وحدهم دونا عن الجماعات البشرية تعمد القرآن الخطأ في ذكر إسمهم؟ ولم كان هذا الخطأ؟
أكان العرب أمة معزولة وهم أهل تجارة وإيلاف صيف وشتاء فلا يعرفون خطأ محمد؟ سيما أن أول ذكر للنصارى كان في مكة؟
ألم تعلم قريش، أرباب اللغة وأهل القصاحة، ومن ينزلون صيفا في جوار قيصر، وشتاء في جوار النجاشي، وينزلون مصر بين حين وآخر، ألم تعلم أن محمدا ينقل إسما خطأ فيحاسبوه عليه بدل محاسبتهم إياه على ألفاظ كسخريا وكبارا؟
القرآن حجة لغوية ، ذلك لأن قائله بغض النظر عن الإيمان غنما قد قاله بين العرب، وتلقفه العرب حينذاك بالقبول على أنه كلام عربي مبين. والأصل أن نحتكم إليه في صحة اللفظ العربي، لا أن نعرب ألفاظا سريانية وآشورية.
وأقوال العرب في الجاهلية والإسلام حجج لغوية هي المعول إليها في صحة التسمية من عدمها.
prh gds,h kwhvd
المفضلات