بسم الله الرحمن الرحيم
حقوق الأقاربالأمواتفي شرح الشيخ لسنن الترمذي ورد إلى الشيخ محمد بن محمدالمختار الشنقيطي - سلمه الله ورعاه - هذا السؤال :فضيلة الشيخ-حفظك الله- كما تعلمون- حفظكم الله - أن للقريب علىقريبه حقاً عظيماً خصوصاً إذا كان القريب ميتاً وإن بعض الناسيغفل عن هذه الحقوق فهلا تفضلتم بكلمة توجيهيةحول هذه الحقوق ؟فأجاب بهذا الجواب المؤثر في النفوس والموقظ لها من الرقدةوالسبات :القريب الميت له حق على قريبه ، بل أموات المسلمين عموماًينتظرون من أحيائهم حقوقاً أن يحفظوها ولا يضيعوها وأن يؤدوهاولا ينسوها ، نعم كم من ميت في قبره ينتظر من أخيه المسلم أنيترحم عليه كم من ميت في قبره ينتظر من أخيه المسلم أن يدعوربه أن يوسع عليه ، وقف رسول الله على أموات المسلمين لكييسن للأمة وللمؤمنين الترحم على أمواتهم لكي يتذكروا وشيجةالإسلام التي بينهم وبين إخوانهم ، فكيف إذا كانوا من الأقرباء ؟( صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على جنازةٍ فقال :اللهُمَّ اغفرْ لِحيِّنا ومَيتِنا ، وصغيرِنَا وكبيرِنَا ، وذكرِنَا وأنثانَا ،وشاهدِنَا وغائبِنَا ، اللهمَّ مَنْ أحييتَهُ مِنَّا فأحيهِ على الإيمانِ ،ومَنْ توفيتَهُ منَّا فتوفَّهُ على الإسلامِ ،اللهمَّ لا تحرمْنَا أجرَهُ ، ولا تُضلَّنَا بعدَهُ )الراوي : أبو هريرة – المحدث : ابن دقيق العيد –المصدر : الاقتراح - الصفحة أو الرقم : 97خلاصة حكم المحدث : صحيحو عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :أن رسول الله صلى الله عليه و سلم :( أتى المقبرةَ فسلَّمَ على المقبرةِ ،فقالَ : السَّلامُ عليكُم دارَ قومٍ مؤمنينَ ، وإنَّا إن شاءَ اللَّهُ تعالى بِكُملاحِقون ، ثمَّ قالَ : لودِدنا أنَّا قد رأَينا إخوانَنا ،قالوا : يا رسولَ اللَّهِ أولَسنا إخوانَكَ ؟قالَ : أنتُمْ أصحابي ، وإخواني الَّذينَ يأتونَ من بَعدي ، وأَنا فرطُكُمعلى الحوضِ ،قالوا : يا رسولَ اللَّهِ كيفَ تعرِفُ من لم يأتِ من أمَّتِكَ ؟قالَ : أرأيتُمْ لو أنَّ رجلًا لَهُ خيلٌ غرٌّ محجَّلةٌ بينَ ظَهْراني خيلٍ دُهْمٍبُهْمٍ ، ألم يَكُن يعرفُها ؟قالوا : بلَى ، قالَ : فإنَّهم يأتونَ يومَ القيامةِ غرًّا محجَّلينَ ، من أثرِالوضوء ،قالَ : أَنا فرطُكُم على الحوضِ ،ثمَّ قالَ : ليُذادنَّ رجالٌ عن حوضي ، كما يذادُ البعيرُ الضَّالُّ ، فأُناديهم: ألا هلمُّوا فيقالُ : إنَّهم قد بدَّلوا بعدَكَ ، ولم يزالوا يرجعونَ علىأعقابِهِم ،فأقولُ : ألا سُحقًا ، سُحقًا )الراوي : أبو هريرة – المحدث : الألباني –المصدر : صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم : 3494خلاصة حكم المحدث : صحيحوالود هو خالص الحب وخالص ما يريده الإنسان مما يشتهيهويطلبه ، انظروا إلى كريم خلقه وإنا والله نشهد الله أننا وددنا لورأيناه وودنا أننا كنا معه - عليه الصلاة والسلام - نفديه بأرواحناوأنفسنا- صلوات ربي وسلامه وبركاته عليه إلى يوم الدين -.فالترحم على أموات المسلمين لا شك أنه حق على الأحياء وأثنى اللهعز وجل على من حفظ هذا الحق وزكاه بالخير .فقال :{ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَسَبَقُونَا بِالأِيمَانِ }يا هذا سل نفسك كم لك من قريبٍ ميتٍ عظم حقه عليك فلم تزره يوماًمن الأيام تترحم عليه ، وقد كان يخرج في جوف الليل الأظلم إلىالقبور يتذكر الآخرة ويترحم على أموات المسلمين ،فما بالك بالقريب كم من عم وعمة وكم من خال و خالة ..بل كم من ابن كم من بنت وكم من أب وكم من أم حنون رحيمة كانتلك ستراً في هذه الدنيا وحسنة ونعمة من الله- جل وعلا –هل تذكرتها هل زرتها وترحمت عليها ووقفت على قبرهاوقلت :يا رب عظمت حقوق الوالدين على الولد وها أنا أؤدي بعضحقها على اللهم اغفر لها وارحمها .!!وقف رسول الله على أبي سلمة وقد فاضت روحه فسمع الصوت منداخل البيت فقال :( عن أمِّ سلَمةَ ، قالَت :دخلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ علَى أبي سلمةَ ، وقد شقَّ بصرَهُفأغمضَهُ ، فصيَّحَ ناسٌ من أَهْلِهِ ،فقالَ :لا تَدعوا علَى أنفسِكُم إلَّا بِخيرٍ ، فإنَّ الملائِكَةَ يؤمِّنونَ على ماتَقولون ثمَّ قالَ :اللَّهمَّ اغفِر لأبي سلَمةَ وارفع درجتَهُ في المَهْديِّينَ ، واخلُفهُ في عقبِهِفي الغابِرينَ ، واغفِر لَنا ولَهُ ربَّ العالمينَ ،اللَّهمَّ افسِح لَهُ في قبرِهِ ، ونوِّر لَهُ فيهِ )الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية – المحدث : الألباني –المصدر : صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم : 3118خلاصة حكم المحدث : صحيحوفىَّ رسول الله لأصحابه بعد موتهم فزار شهداء أحد كما في الحديثالصحيح فزارهم قبل موته .تقول أم المؤمنين كالمودع لهم- صلوات الله وسلامه عليه - ،فإذا كان هذا في عموم المسلمين يحفظ الإنسان حقوق إخوانه منالقرابة ، تعود أن تحفظ حقوق الناس حتى أصدقائك وأحبابك وأهلودك الذين ماتوا وانقضوا تذكرهم برحماتك .من طلاب العلم وأهل الخير والصلاح من إذا تهجد أو صلى أو كانفي عبادته يتذكر والديه يتذكر قرابته كيف تنـزل الرحمات علىالإنسان حينما يبدأ بالحقوق ويبدأ بالأقرب فالأقرب .جاء رجل يسأل النبي عمن يتصدق ؟فأمره النبي أن يتصدق على نفسه ثم على القرابة ثم الأقرب فالأقرب أدناكفقال له :( قدِمتُ المدينةَ، فإذا رسولُ اللَّهِ، قائمٌ علَى المنبرِ، يخطبُ النَّاسَ،وَهوَ يقولُ: يدُ المعطى العُليا، وابدأ بمن تعولُ :أمَّكَ وأباكَ، فأختَكَ وأخاكَ، ثمَّ أدناكَ أدناكَ )الراوي : طارق بن عبدالله المحاربي – المحدث : الألباني –المصدر : مشكلة الفقر - الصفحة أو الرقم : 46خلاصة حكم المحدث : صحيحفتبدأ في دعائك لنفسك وتسأل الله خير دينك ودنياك وآخرتك ثميخشع قلبك وتفيض عيناك حينما تتذكر حق الوالدين فتتذكر أمكوتذكر أباك إن كانا حيَّين سألت الله لهم حسن الخاتمة وسألت الله لهمصلاح الأمور وانشراح الصدور وسألت الله لهم أن يجزهم عنك خيرالجزاء .لماذا تجد الإنسان في بعض الأحيان يعيش في قلق قد يكون القلقحقوقاً ضيعها قد يكون القلق الغفلة عن هذه النعم التي لو أن اللهمنحها للعبد لأصابته الرحمات وكان الله يلطف بهم بالبلايا ولا يتسلطعليهم عدوٌّ حينما كان يحفظ الحي حق الميت يحفظ القريب حقالقريب وكل يخاف من الحقوق ؛لأنه يعلم أنه لا يسلَّط عليه إلا إذا ضيعها أو فرط فيها .سل نفسك ، كم قمت من حق للوالدين ؟وهل أنت راض عن أمك التي فارقتك وودعتك وكلها أمل أن تذكرهاولا تنساها وكلها أمل أن تذكر تلك الأيام التي خلت والحسنات التيمضت فلا تملك إلا أن تدعو لها من قلبك وتسترحم ربك لها ؟هل تذكرت والداً طالما مسح برأسك وطالما ضمك وطالما شمكوطالما لثمك وطالما قام على حقوقك ورعاك على أحسن ما يكونالأب لابنه ؟هل تذكرت حقه وهو اليوم غريبٌ عنك بعيدٌ عنك أحوج ما يكون إلىدعوة صادقة من قلبك أن تترحم عليه أن تذكره ولا تنساه ؟نعم إنك إن فعلت ذلك زكاك رسول الهدىفقال - صلوات الله وسلامه عليه - :( إذا مات الإنسانُ انقطع عنه عملُه إلا من ثلاثةٍ :إلا من صدقةٍ جاريةٍ . أو علمٍ ينتفعُ به . أو ولدٍ صالحٍ يدعو له )الراوي : أبو هريرة – المحدث : مسلمالمصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم : 1631خلاصة حكم المحدث : صحيحالله أكبركان بعض المشايخ والعلماء يقول :من علامة صلاح العبد أن تجده لا ينسى والديه بعد موتهما فإذاوجدته كثير الترحم على الوالدين .. كثير الدعاء للوالدين ..كثير الاستغفار للوالدين فاعلم أنه من أمارات صلاحه .ذلك هل تذكرت الأعمام والعمات هل تذكرت الأخوال والخالات هلتذكرت آل كل والقرابات من الذين فجعت بهم من الأموات هلتذكرتهم الآن من أحوج ما يكونون إلى دعوةربما تقول :ربَّ ارحم فلاناً ويكون في قبره في ضيق وكرب فيفرج الله كربه بتلكالدعوة وتكون راحماً لعبد فيرحمك الله من فوق سبع سماوات.!!نعم ما أحوج الأموات إلى دعوة الأحياء وما أحوج الأحياء أن يتذكرالذين مضوا ، وعلى الأئمة والخطباء أن ينبهوا الناس على هذه الحقوقوأن ينبهوا الناس على أموات المسلمين المحتاجين للدعوات الصالحةوأن ينبهوهم على أسباب الرحمة ؛ لأن هذه من أسباب الرحمةفالراحمون يرحمهم الله ، ويقف الإنسان مسترحماً بقلب حي حاضرويعلم أن الله يحب منه ذلك وأن الله يرضى عنه في ذلك ولا يقف الأمرعلى القرابة فالسؤال عام لكل الناس والقرابة حقهم أكبر ،والآن تذكر إذا جيت تريد أن تنظر إلى واقع القريب ..تذكر أنه لو حضرت منيتك ..تذكر لو أنك الآن في قبرك ..ماذا تنتظر من أولادك سؤال تسأله وتقول :سبحان الله أنسيني ابني أنسيني فلذة كبدي هكذا يُـغفَل عن كلإنسان.!!ينتظر أموات المسلمين ينتظرون الدعوات ينتظرون صالح الدعواتينتظرون الترحم عليهم فهذه أمور كلها مسنونة مشروعة ومنوشائج الإسلام أن الله لم يقطع أخوة الإسلام بالموت فالأخلاءيتقاطعون ويتباعدون بمجرد الموت ؛لكن أخوة الإسلام تبقى شافعة نافعة حتى في يوم لا ينفع فيه مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم{ الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ }فهؤلاء لا تنقطع أخوتهم لكن المتقين المتقون الصالحون الذينيرعون الحقوق ويقومون بها ، وأما عموم المسلمين أمواتالمسلمين عموماً فلا يذكرون إلا بكل خير .قال صلى الله عليه و سلم :( اذْكُرُوا محاسنَ موتاكُمْ، وكُفُّوا عنْ مساوِيهِم )الراوي : عبدالله بن عمر – المحدث : السيوطي –المصدر : الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم : 905خلاصة حكم المحدث : صحيحكم من أخٍ لك ومحب لك بينك وبينه ود وحب هل تذكرت تلك الأيامالماضيات وترحمت عليه وزرت أهله بعد موته أو وجدت عندهمحاجة قضيتها أو كربة فرجتها وفاءً لأخيك .؟( جاءت عجوزٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وهو عنديفقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : من أنتِ ؟قالت : أنا جثَّامةُ المُزنيَّةُفقال : بل أنتِ حسَّانةُ المُزنيَّةُ كيف أنتُم ؟ كيف حالكم ؟كيف كنتُم بعدنا ؟قالت بخيرٍ بأبي أنت وأمِّي يا رسولَ اللهِ .فلما خرجتُ قلتُ : يا رسولَ اللهِ تُقبِلْ على هذه العجوزِ هذا الإقبالَفقال : إنها كانت تأتينا زمنَ خديجةَ وإنَّ حسنَ العهدِ من الإيمانِ )الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : الألباني –المصدر : السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم : 1/424خلاصة حكم المحدث : صحيحوأذكرُ من أهل الود والأخوة الصادقة من يضرب به المثل في الترحمعلى الأموات من إخوانه وأصدقائه .حتى إني أذكر بعض أصدقاء الوالد - رحمه الله - يقول :وكان من قُـوَّام الليل ، ومد الله في عمره وعمِّر- رحمه الله برحمتهالواسعة - وعمر على صحة وعافية ، ولكنه كان لا يترك قيام الليل ،وكان يقولون من أعظم الأسباب التي يعافي الله بها العبد ويدفع عنهبها البلاء والشرور قيام الليل .فكان - رحمه الله - محافظاً على قيام الليل ، وكان ذات مرة تذاكر أمرفي حق سأله بعض القرابة وكان من أعز أصدقاء الوالد حتى إنه-رحمه الله- لما خرجنا من البقيع بعد دفن الوالد- رحمه الله - وقف وبكى كالطفل وقال :أقسم بالله العظيم وكان عنده ولد كقرة عين ، والله من أبر الناس بهوكان لا يساوي بهذا الولدوكان يقول :أقسم بالله العظيم لموت ابني هذا أهون علي من موت الشيخالمختار- رحمه الله - من شدة المحبة ومن شدة الأخوة .!!فهذا الرجل كان يقول- رحمه الله - :والله إني لأسمي أصحابي في جوف الليل واحداً واحداً ،ما يقول ربَّ اغفر لي ولأصحابي ولأخواني إنما يتذكرهم رجلاً رجلاًحتى يكون ذلك ادعى لتذكر فضائلهم وأخوتهم .!هل الإسلام إلا حفظ الحقوق ، الإنسان يقال له ملتزم وصالح ومعذلك قل أن يفعل الخير له ولأقرب الناس منه ثم يدعي أنه على التزاموصلاح !!أين الالتزام وأين المحبة الصادقة لله إذا لم تشبها الرحمة والله يقوللنبيه :{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً }فالالتزام هو الرحمة أن ترحم وترحَم حتى تُـرحم وجرب ذلك وستجدأثره .أُذكرْ قرابتك أموات المسلمين وأكثر من الترحم عليهم وذكرمحاسنهم والكف عن مساوئهم وأحْـي ذلك في إخوانك وأخواتكوقرابتك يجلس الإنسان مع إخوانه وأخواته ويقول لهم :يا إخوان ويا أخوات :هل تتذكرون والدي ووالدتي هل لكم أن تترحموا عليهم يذكرهمبهذه الحقوق حتى يكون مباركاً أين ما كان آمراً بالخير رحمةبالمسلمين .ونسأل العظيم رب العرش الكريم في هذه الساعة بعزته وجلالهوعظمته وكماله ورحمته التي وسعت كل شيء أن يسبغ شآبيبالرحمات على قبور المؤمنين والمؤمنات .اللهم اغفر لهم مغفرة تامة كاملة يا حي يا قيوم نسألك بعزتك وجلا لك ألا تفتنا بعدهمولا تحرمنا أجرهم وأن تحسن لنا العاقبة منبعدهم إنك ولي ذلك والقادر عليه .والله تعالى أعلم .pr,r hgHrhvf hgHl,hj
المفضلات