الإسلام هو المنة الكبرى والنعمة العظمى ، الدين الذى أرتضاه الله لأهل السماوات وأهل الأرض ، الدين الذى يتسم بالعدل والسماحة ، الدين الذى يتسم بالرحمة والرأفة ، الدين الذى يتسم بالربانية ، الدين الذى يتسم بالتكامل والشمول فى جوانب الدنيا والدين والدنيا والأخرة والروح والبدن ، الدين الذى يتسم بالتميّز والمفاصلة ، الدين الذى يتسم بالتوازن والإعتدال ، الدين الذى أنزله رب العالمين ليسعد به البشر فى الدنيا قبل الآخرة .
{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}آل عمران19
لذا قال جل وعلا {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }الحجرات17
لذا عامل الإسلام الآخر (أى من غير المسلمين ) معاملة مبنية على العدل والسماحة نعلن ذلك بفخر وإعتزاز .
الإسلام يتعامل مع الآخر بعدل وسماحة
_أسمع لقول ربى _
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8
قال جل وعلا {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90
قال جل وعلا {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36
قال جل وعلا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ }فصلت46
بل وكرم الإنسان أى أنسان
فقال جل جلاله {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }الإسراء70
(ويقف نبينا أمام الأنبياء الأعظم وسيد الأنبياء الأكرم يقف فى أوسط أيام التشريق بمنى ليخطب فى الصحابة خطبة عصماء مختصرة بليغة كما فى مسند أحمد وسنن البيهقى بسند صحيح من حديث جابر بن عبد الله فيقول ((ياأيها الناس ألا إن ربكم واحد ألا إن آباكم واحد ألا لا فضل لعربى على عجمى ولا لعجمى على عربى ولا لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"
بل وفى الصحيحين عن عبد الرحمن بن ليلى قال : كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليها بجنازة فقاما _سهل بن حنيف وقيس بن سعد
فقيل لهما إنها جناة واحد من أهل الأرض _يعنى من أهل الذمة يعنى من النصارى _ يعنى اجلسا لا تقوما فإنها جنازة نصرانى
فقالارضى الله عنهما : إن النبى صلى الله عليه وسلم كان جالسًا فمروا عليه بجنازة فقام صلى الله عليه وسلم فقيل يارسول الله إنها جنازة يهودى
فقال الحبيب النبى صلى الله عليه وسلم : أليست نفسًا .
وددت أن تسمع الدنيا كلها كيف يحترمالإسلام الآخرفلا نفرض ديننا على أى أحد بشرط _وأقولها واضحة _ أن لا يحول أحد بيننا وبين دعوة الآخرين إلى الله بالحكمة البالغة
والموعظة الحسنة والتواضع الجمّ والكلمة الرقراقة الرقيقة المهذبة المؤدبة .
أزعم ومن حقى أن أزعُم وأدعى ومن حقى أن أعتقد ذلك ؛أننى أحمل فى يدى مصباحًا مضيئًا وأننى فى طريق شديد الظلمة يتبعنى فلان ويلحق بى هذا ويسير خلفى هذا ،ليس من حق أحد على الإطلاق أن يخرج علىّ ليطفىء المصباح فى يدى أو ليحطم المصباح فى يدى ، ليس من حق أى أحد فإن شئت أن تسير معى فى هذا النور "نور القرآن والسنة " فحىّ هلا .
لكن ليس من حقك أن تحطم مصباحًا فى يدى أضىء به الطريق لنفسى ولمن يسير معى .
فأمريكا جاءت من أقصى الأرض لتُصدّر الديمقراطية بمعناها عندهم والحرية بمعناها وبمفهومها عندهم لكنّا جاءت لتصّر للعالم العربى الحرية والديمقراطية
على فوّهات المدافع وراجمات الصواريخ والطائرات والدبّابات وما أحداث العراق وأفغانستان منّا ببعيد .
فلماذا نُحلّ هذا لأمريكا ويحلون لهم ذلك ويحرّمون على الدعاة الذين يتحركون بالحكمة والرحمة والأدب_يحملون نور القرآن والسنة نور الهداية والهدى نور الخير والرشاد _ ؟؟!!
لماذا ينكرون علينا أن نتحرك بمصابيح مضيئة وبأنواره أنوار الكتاب والسنة أنوار الحق والهدى
والله دعنى أُبلغ عن الله ورسوله بهذه الضوابط ،مقومات الدعوة ليست وسيلة من الوسائل
تتغير بتغير الزمان والمكان فهى مقومات توقيفية ليس من حق نبى فضلًا عن داعية أن يختار لنفسه من المقومات ما شاء ويدع منها ما شاء
{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }النحل125
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى{43} فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{44}
إلى آخر هذه المقومات التى ليست محل خيار للأنبياء أو للنبى محمد فضلًا عن أن تكون محل خيار للعلماء والدعاة بل هى مقومات توقيفية
لا تتغير بتغير الزمان والمكان ، تختلف عن الوسائل الدعوية التى تختلف بإختلاف الزمان والمكان .
فالإسلام لا يفرض معتقده على الآخر بل هو يدعو ا الكل بهذه الضوابط ويدع دخول الآخرين فيه لإختياره هو ليس اكراه منّا .
اسمع لقول ربى لسيدالدعاة {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99
تدبّر الأية حبيبى فى الله هذا خطاب لسيد الدعاة " وَلَوْ شَاء رَبُّكَ –يعنى أطمئن لا تقلق ولا تحزن ولا تقتل نفسك حسرات على عدم إيمان من لم يؤمن
فمن شاء الله له الهدى آمن وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99
قال جل جلال {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256
قال جل وعلا {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29
إلى آخر هذه الآيات.
فالإسلام يعامل الآخر معاملة مبنية على العدل والتسامح ، أود ان أقول وأؤكد _ وقد ذكرت ذلك مرارًا فى الأيام الماضية
لأولئك الذين يريدون أن يشعلوا نار الفتنة الطائفية على أرضنا وفى بلدنا لتلتهم نارها الأخضر واليابس.
أود أن أقول لهم لقد أجمع علماء الأمة _ وأرجوا من طلّا بنا أن يراجعوا هذا الإجماع فى كتاب مراتب الإجماع لابن حزم _ نقل ونص على إجماع الأمة على أن حماية أهل الذمة (يعنى الأقباط يعنى النصارى ) نص على أن علماء علماء الأمة وأن الأمة قد أجمعت على أن حماية أهل الذمة واجبة على المسلمين فليسوا فى حاجة إلى استقواء بالخارج الأمريكى أو الخارج الأوروبى ولا بمجلس الأمن أو بهيئة الأمم فحمايتهم واجبة علينا نحن المسلمين. وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح سنن أبى داود (( ألا من ظلم معاهِدًا أو أنتقصه حقًا أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة ))
من يقدر من الموحدين المحبين لسيد النبيّين أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم حجيجه يوم القيامة لظلمه رجل من أهل الذمة من الأقباط أو من النصارى .
ظلمهم عندنا حرام والإعتداء على أموالهم وبيوتهم وأنفسهم حرام .
هذا ديننا نعتز ونسعد ونفخر به ونعلنه للدنيا كلها ولا نخجل من أية فى كتاب ربنا ولا من حديث ثابت صحيح فى سنّة نبينا.
قال صلى الله عليه وسلم كما فى صحيح البخارى من حديث عبد الله بن عمر (( من ظلم معاهِدًا أو معاهَدًا لم يرح _لم يشم _ رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا .
شيخ الإسلام ابن تيمية يطبق هذه المعانى تطبيقًا عمليًا حين أُسر من أُسر فى حرب التتار مع المسلمينوذهب الإمام حسنة الأيام شيخ الإسلام ابن تيمية
ذهب إلى قاطلوا شاه ليفك منه الأسرى وقال قائد التتار : أَسمح لك بفك أسرى المسلمين ولا أفك أسرى اهل الذمة من اليهود والنصارى .
فماذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية ؟
قال " أهل ذمتنا قبل أهل ملتنا "
المفضلات