محمود سلطان | 11-08-2011 01:57
وصلتني هذه "الرسالة ـ المقالة" من الأستاذ "ناصر الحلواني" يقول فيها:
نتقدم نحن ، الإسلاميون ، كما شاع عنا ، أو مسلمو مصر ، كما نحن فعلا ، خالص الشكر إلى جيراننا من العالمانيين والليبراليين ، لما يبدوه من شفقة وقلق على ديننا الحنيف من أن يلوثه خَبَث السياسة ، وهنا هم ، بالطبع ، يعنون سياستهم ، أو السياسة التي يتعاطونها ، ونقول لهم : جزاكم الله حسب نيتكم ، ولن نبادر بإساءة الظن بهم .
ولكن لنا توضيح : فالسياسة التي يتحدثون عنها ، وهي النهج السائد والمهيمن على دول العالم اليوم ، والذي تُعتبر الولايات المتحدة نموذجه الأوضح والأكثر امتلاء بالخبث ، تقوم على المصلحة العليا ، إما للدولة كما في بلدان العالم الأول ، كأوروبا وأمريكا ، أو المصلحة العليا لسيادة الحاكم الفرعون ، كما في دول العالم الثالث ، اتباعا لأسيادهم .
ولكن المصلحة العليا في هاتين الحالتين تشبه القطار ، يسير على خط لا يحيد عنه ، ولا يوقفه ما يكون أمامه من أعراف أو قوانين أو خصائص مجتمع ما أو حتى أرواح بشرية ، يدهسها جميعا إذا عرضت في طريقه ، لتأتي منظمات حقوق الإنسان التابعة له ، لتلملم هذه الأشلاء فيما بعد ، وتنظف ما سببه من قذر وخبث ودماء وفساد ، ولهذا القطار محطات بعينها ، لا يتوقف في غيرها ، فقد يتوقف في محطة أقباط مصر ، أو نصارى جنوب السودان ، أو محطة المستوطنات اليهودية ، ومثل ذلك ، لكنه لا يتوقف أبدا ـ إلا إذا أمرته المصلحة العليا بالطبع ـ في محطة الأحواز العربي المسلم والمحتل ، أو محطة اللاجئين الفلسطينيين ، أو جوعى الصومال ، وشبه ذلك من محطات الفقر والتوتر الذي لا يليق برفاهيته واستعلائه .
ومثل هذه المصلحة العليا تفرض ، مثلا ، على عبيدها أن يلقوا بمئات الآلاف من الأطنان من القمح في البحر ، لمجرد الحفاظ على سعره العالمي ، ولا تستطيع أن تلقيه في أفواه الجوعى في أفريقيا .
هذه هي سياستهم ، الذاخرة بالخبث ، والمتلونة بألوان الدهاء والظلم والعدوان المقدس ، والفوضى الخلاقة ، والقذارة البراقة ، وبالتالي صدق هؤلاء ، فتلك لا تناسب بالفعل دين الإسلام .
أما السياسة التي نقصدها ، سياستنا ، فأشبه بفارس يجول على فرسه ، حر الحركة ، لا تحده إلا حدود الحلال والحرام ، مصلحته العليا هي رضا ربه ، وعمل الصالحات ، والإحسان إلى رعيته ، فيتوقف عند الفقير ليمنحه ما يحتاج إليه ، ويسقي الظمآن ، ويعين الضعيف ، ويأبى إلا الصدق وأكل الحلال الطيب ، ونبذ الحرام ، ولو أدى ذلك إلى جوعه وتعبه والحرمان من معونة الآخرين ، التي لا ينتظرها أصلا .
فمثله الأعلى هو رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، رضي الله تعالى عنهم ، في شِعب مكة ، محاصرون ، جوعى ، ضعفاء ، قلة ، ولكن : صابرون ، مؤمنون ، راضون بقدر الله تعالى ، فرزقهم الله عز وجل الفتح ، ورفع قدرهم وجعل كلمتهم هي العليا ، ووهبهم من بعد ضعف قوة .
هذه هي السياسة التي نقصدها ، سياسة أصلها شرع الله ، وفروعها الرحمة والعدل والإحسان ، وثمارها العزة والقوة والنصر من الله تعالى .
: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59) ) (النساء)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه " السياسة الشرعية " : قال العلماء : نزلت الآية الأولى في ولاة الأمور ، عليهم أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل ، ونزلت الثانية في الرعية من الجيوش وغيرهم ، عليهم أن يطيعوا أولي الأمر الفاعلين لذلك في قَسَمِهم وحُكمهم ومغازيهم وغير ذلك ، إلا أن يأمروا بمعصية الله ، فإن أمروا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وإذا كانت الآية قد أوجبت أداء الأمانات إلى أهلها ، والحكم بالعدل ، فهذان جماع السياسة العادلة ، والولاية .
فهذه سياستنا ، فهل لا يزالون يرونها لا تصلح لديننا !!!"
انتهت.sdhsjkh ,sdhsjil
المفضلات