شجرة الدر
تولت شجرة الدر ترتيب أمور الدولة ، وإدارة شئون الجيش في ميدان القتال بعد وفاة السلطان الصالح ايوب، وعهدت للأمير "فخر الدين" بقيادة الجيش، وفي الوقت نفسه أرسلت إلى توران شاه ابن الصالح أيوب تحثه على القدوم ومغادرة حصن كيفا إلى مصر، ليتولى السلطنة بعد أبيه. وفي الفترة ما بين موت السلطان الصالح أيوب، ومجيء ابنه توران شاه في (23 من ذي القعدة 648هـ = 27 من فبراير 1250م)، وهي فترة تزيد عن ثلاثة أشهر، نجحت شجرة الدر في مهارة فائقة أن تمسك بزمام الأمور.... ونجح الجيش في رد العدوان الصليبي، وإلحاق خسائر فادحة بالصليبيين، وحفظت السلطنة حتى تسلمها توران شاه الذي قاد البلاد إلى النصر.
التخلص من توران شاه
بعد النصر تنكر السلطان الجديد لشجرة الدر، وبدلاً من أن يحفظ لها جميلها بعث يتهددها ويطالبها بمال أبيه، فكانت تجيبه بأنها أنفقته في شئون الحرب، وتدبير أمور الدولة ولم يكتف توران شاه بذلك، بل امتد حنقه وضيقه ليشمل أمراء المماليك، أصحاب الفضل الأول في تحقيق النصر العظيم، وإلحاق الهزيمة بالحملة الصليبية السابعة، وبدأ يفكر في التخلص منهم، غير أنهم كانوا أسبق منه في الحركة وأسرع منه في الإعداد، فتخلصوا منه بالقتل.
ولاية شجرة الدر
اختار المماليك وهم اصحاب الكلمة الاولى شجرة الدر سلطانة للبلاد ويتعجب المرء من اختيارهم هذا، وهم الأبطال الصناديد، والقادة الذين مشى النصر في ركابهم.
ولم تكن شجرة الدر أول امرأة تحكم في العالم الإسلامي، فقد سبق أن تولت "رضية الدين" سلطنة دلهي، واستمر حكمها أربع سنوات (634-638هـ/1236-1240م).
"وشجرة الدر" من أصل تركي وقيل أرمينية، وكانت جارية اشتراها السلطان الصالح أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها وأنجبت منه ولدًا اسمه خليل، توفي في صفر، وفي (2 من صفر 648هـ = مايو 1250م).
أخذت البيعة للسلطانة الجديدة، ونقش اسمها على السكة (النقود) بالعبارة الآتية "المستعصية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين".
تصفية الوجود الصليبي
كان أول عمل اهتمت به شجرة الدر بعد جلوسها على العرش وامساكها بزمام الامور هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد، وإدارة مفاوضات معه، انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان أسيرًا بالمنصورة على تسليم دمياط، وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله، والباقي بعد وصوله إلى عكا، مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل الإسلام مرة أخرى.
غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر شجرة الدر في الحكم طويلاً، على الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شئون الدولة، وتقربها إلى العامة، وإغداقها الأموال والإقطاعات على كبار الأمراء، فلقيت معارضة شديدة داخل البلاد وخارجها
تنازل عن العرش
ولم تجد شجرة الدر إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش للأمير عز الدين أيبك الذي تزوجته، وتلقب باسم الملك المعز، وكانت المدة التي قضتها على عرش البلاد ثمانين يومًا.
وإذا كانت شجرة الدر قد تنازلت عن الحكم والسلطان رسميًا، وانزوت في بيت زوجها، فإنها مارسته بمشاركة زوجها مسئولية الحكم، وخضع لسيطرتها، فأرغمته على هجر زوجته الأولى أم ولده عليّ، وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها.
وفاة شجرة الدر
غير أنه انقلب عليها بعدما أحكم قبضته على الحكم في البلاد، وتخلص من منافسيه في الداخل ومناوئيه من الأيوبيين في الخارج، وتمرس بإدارة شئون البلاد، وبدأ في اتخاذ خطوات للزواج من ابنة "بدر الدين لؤلؤ" صاحب الموصل، فغضبت شجرة الدر لذلك؛ وأسرعت في تدبير مؤامرتها للتخلص من أيبك؛ فأرسلت إليه تسترضيه وتتلطف معه، وتطلب عفوه، فانخدع أيبك لحيلتها، واستجاب لدعوتها، وذهب إلى القلعة، حيث لقي حتفه هناك في (23 من ربيع الأول 655هـ= 1257م).
أشاعت شجرة الدر أن المعز أيبك قد مات فجأة بالليل، ولكن مماليك أيبك لم يصدقوها؛ فقبضوا عليها، وحملوها إلى امرأة عز الدين أيبك التي أمرت جواريها بقتلها بعد أيام قليلة، وألقوا بها من فوق سور القلعة، ودُفنت بعد عدة أيام.. وهكذا انتهت حياتها على هذا النحو بعد أن كانت ملء الأسماع والأبصار.hgsg'hkm hgp;dlm
المفضلات