الإعلان عن بدء تصوير فيلم عن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام تعتمد مرجعيته على القرآن الكريم والسنة النبوية يثير غضب زعامات الطوائف القبطية في مصر
أثار إعلان مخرج أردني عن بدء تصوير فيلم عن المسيح عيسى بن مريم عليه السلام تعتمد مرجعيته على القرآن الكريم والسنة النبوية، غضب زعامات الطوائف القبطية في مصر، فيما سيبحثه مجلس كنائس الشرق الأوسط في اجتماعه الاثنين القادم، الموافق 5-5-2008.
وأكد الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية بالأزهر د. ابراهيم الفيومي، وهي الجهة التي يخول لها القانون المصري سلطة اعطاء تصاريح الأعمال الدرامية التي تحتوي على نصوص دينية، أن المجمع سيرفض السيناريو في حالة عرضه عليه، بسب قرار صدر عن الأزهر قبل عدة سنوات بعدم جواز ظهور شخصيات الأنبياء في الأفلام والأعمال الدرامية، وهذا يعني أن هذا العمل سيكون ممنوعا في مصر.
وقال د. نجيب جبرائيل، مستشار البابا شنودة بطريرك الأرثوذكس الذين يشكلون غالبية المسيحيين المصريين، إنه تم تكليفه بارسال خطاب إلى الرئيس السوري بشار الأسد تحثه على التدخل شخصيا لوقف تصوير الفيلم، وارغام مخرجه على عرض السيناريو أولا على الكنيسة الأرثوذكسية المصرية لمراجعته وتصحيح الأخطاء العقائدية الواردة فيه.
وأضاف أنه سيرفع في الوقت نفسه دعوى قضائية باسم الكنيسة لوقف انتاج الفيلم أو تغيير السيناريو بما يتوافق مع العقيدة المسيحية التي تؤمن بحقيقة صلب المسيح.
وكان المخرج الأردني المعروف محمد عزيزية أعلن في تصريحات صحفية بدء تصوير فيلمه "المسيح العربي" من وجهة نظر إسلامية، وأن السيناريو يقوم على نفي قصة الصلب وفق ما جاء بالقرآن الكريم " وما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم " ويتناول بشارة المسيح بنبوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال عزيزية الاربعاء 30-4-2008 لجريدة "البديل" المصرية اليومية المستقلة إنه عازم على المضي في طريقه متحديا أي اعتراضات تقف فى وجهه.
وأضاف: لقد أعددت لهذا الفيلم طوال عامين ماضيين ولن أتنازل عن انتاجه حتى لو تراجع المنتج الحالى، مشيرا إلى أن الفيلم موجه في الأساس إلى الغرب ردا على الإساءات الغربية المتكررة ضد الرسول محمد صلي الله عليه وسلم بشكل خاص وللإسلام بشكل عام، وذلك عن طريق بيان عظمة المسيح لدينا، وأن الإسلام يؤمن بجميع الأنبياء بلا استثناء، وأن للمسيح منزلة خاصة و احتراما لدي المسلمين.
وتابع عزيزية بأن "الفيلم يظهر بوضوح كيف ينظر المسلمون للمسيح، وكيف ينظر المسيحيون لنا" موضحا أنه سيستعين بممثل وممثلة عربيين مسلمين لتجسيد دور المسيح وأمه العذراء. وقال إنه بدأ معاينة أماكن التصوير التى ستكون في سوريا والقدس وبيت لحم. مشيرا إلى أن أية اعتراضات لن توقف المشروع، ولن يؤثر علي قراره عدم قدرته علي عرض الفيلم في مصر أو في أي دولة عربية أخرى.
وكتب سيناريو الفيلم الأردني منير الرمحي في حوالي 125 صفحة، متضمنا جانبا من طفولة وشباب السيدة مريم عليها السلام، ومرحلة معجزات المسيح وهو يكلم الناس في المهد، ويتحدث عن رسالته السمحة. وشرح عزيزية بأن الفيلم يتناول رؤية العقيدة الإسلامية والنص القرآني، وورد في السيناريو نص الآية القرآنية الواردة في سورة "الصف": "ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد".
ويتعرض الفيلم لاضطهاد الرومان للمسيح ومطارداتهم له، ومحاولة صلبه، وكيف رفعه الله إلي السماء، وكراهية اليهود له كما كرهوا وحاولوا قتل قريبه النبي يوحنا المعمدان وهو يحيي بن زكريا عليه السلام. وأضاف أن السيناريو يؤكد علي أن كل مسلم مطالب بالإيمان بالمسيح، ويتضمن الحوار نص الآية القرآنية "وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا".
وقال مستشار البابا شنودة إن السيناريو المكتوب للفيلم يحمل ازدراء للمسيحية التى يعد من ثوابتها العقائدية مسألة صلب المسيح والفداء والقيامة. وأضاف نجيب جبرائيل أن انتاج الفيلم سيثير أزمة بين الكنيسة القبطية والشعب السورى، لاسيما أن الكنيسة الأرثوذكسية المصرية تعتبر على خط عقائدى واحد مع الكنيسة السريانية السورية، وبينهما توحد فى الطقوس، كما أن البابا شنودة يتمتع بشعبية جارفة فى الشارع المسيحي السورى.
واتهم الفيلم باثارة الفتنة الطائفية، مؤكدا أن مجلس كنائس الشرق الأوسط سيناقش هذه القضية في اجتماعات لجنة العدالة والسلام لاتخاذ الاجراء المناسب، خاصة أن الاجتماع يضم ممثلين عن كنائس سورية ولبنانية.
وقال الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى بصعيد مصر" ان مخرج الفيلم يريد أن يقول للغرب الذى أساء للرسول "محمد" أن لكل فعل رد فعل، ولكن توضيح صورة المسيح من وجهة نظر اسلامية يجب ألا تكون على حساب العقيدة المسيحية، فهناك أشياء خاصة بالسيد المسيح لا يقرها الإسلام، وبالأخص قصة الصلب والموت.
وأضاف: العقيدة المسيحية ترى أن المسيح قد صلب ومات وقام من بين الأموات فى اليوم الثالث ثم ظهر لتلاميذه وصعد الى السماء بعد 40 يوما من قيامته، فى حين أن القرآن الكريم يقول "وسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " فهناك اتفاق بين العقيدتين الاسلامية والمسيحية فى حتمية موت المسيح، ولكن جوهر الخلاف فى كيفية الموت.
وتابع الأنبا كيرلس بقوله إن المسلمين لا يؤمنون بحقيقة الصلب فى حين يؤمن المسيحيون بذلك، فإذا كان الفيلم سينتج وفق العقيدة الاسلامية فإن هذا يتعارض مع المسيحية مما يحدث بلبلة وقد يثير فتنة طائفية نحن فى غنى عنها خاصة في جانبه تعرضه للنبى محمد، فلا نحن نؤمن بذلك، ولا المسلمون يؤمنون بصلب المسيح، فلماذا يدخل المخرج فى مناطق الخلاف ويترك مناطق الاتفاق.
وقال: نحن نطالب المخرج بعرض السييناريو على قداسة البابا شنودة كما حدث مع فيلم "حسن ومرقص" للفنان عادل إمام، وهذا حق من حقوق الكنيسة لأن الأمر يتعلق بعقيدة المسيحيين، وحتى نصحح الأخطاء العقائدية الجوهرية التى يحتويها السيناريو. وتساءل الأنبا كيرلس: هل يقصد المخرج اظهار الفكرة الاسلامية فى مسألة صلب المسيح أم ينتقد ما جاء فى الكتاب المقدس، واجابة السؤالين فى الفيلم لا يحتملها الشرق الأوسط ،وسيلقى بهذه الصورة رفضا من المسلمين والمسيحيين العرب.
وقال القمص صليب متى ساويرس عضو المجلس الملى العام للأقباط الآرثوذكس : من المفروض حينما تمثل شخصية المسيح فى أى عمل فنى أن تطابق الشخصية لعقيدة الشخص نفسه وطبقا لما جاء فى الكتاب المقدس، فحينما ينتج فيلم عن الاسلام مثلا يتناول حياة الرسول محمد، لا يصح لمؤلف ومخرج العمل حتى لو كان مسيحيا أن يخرج عما جاء فى القرآن والسنة.
وأضاف أن انتاج فيلم "المسيح العربى " من وجهة نظر اسلامية ستحدث شقاق وفتنة بين أبناء الشعوب العربية، فلم ترد في العقيدة المسيحية مسألة معجزات المسيح وهوفى المهد ولم نقرأ أنه تكلم، ففى اظهار هذه الأشياء اساءة للمسيحية والمسيح".
وأكد د أكرام لمعى رئيس مجلس الإعلام بالكنيسة الانجيلية بمصر أن "تناول قصة المسيح بهذه الطريقة وفق الرؤية الاسلامية مسألة شائكة ومن المفترض اذا انتج فيلم عن المسيح أن يعالج بوجهة نظر متفق عليها بين الاسلام والمسيحية، مثل تناول التعاليم السامية للمسيح والمعجزات، أما أن يتناول المخرج مسألة الصلب فهذا يعتبر طعنا فى العقيدة المسيحية".
وأشار د اكرام لمعى الى أن عرض فيلم باسم " المسيح العربى " فكرة جيدة من حيث المبدأ وكنت أود ذلك منذ سنين لأن المسيح عربى الأصل، فالأفلام الأجنبية تظهر السيد المسيح دائما بعيون زرقاء وشعر أصفر، علما بأنه عربى حتى النخاع ومن شأن اظهار عروبة المسيح أن تزيد من من المساحات المشتركة بين المسلمين والمسيحيين العرب، خاصة حينما يشمل فريق العمل أشخاص من الديانتين.
وأضاف أن ذلك يساهم فى الرد على المتطرفين المسيحيين فى أوروبا الذين ينتجون أفلاما عن الرسول محمد والمسيح بها كثير من المغالطات المقصودة، فاذا كان هذا مقصد مخرج الفيلم فهو شىء يحمد عليه لكن فى نفس الوقت نطالبه بالتأنى فى مسألة الصلب ومعالجتها وفق العقيدة المسيحية، أما مسألة ظهور معجزات المسيح وهو فى المهد مثل تكلمه فلا ضرر منها ولن تسىء للمسيحية حتى لو لم ترد فى الكتاب المقدس.
وأكد الأنبا يوحنا قلتة نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك بمصر أنه ليس هناك خلاف بين الطوائف المسيحية الثلاث على أن المسيح قد صلب فهذا جوهر العقيدة المسيحية فاذا كان الفيلم يتعرض لهذه المسألة بما يتعارض مع معها، فهذا مرفوض ولكنى أدعو الى التمهل فى الحكم على الفيلم قبل قراءة السيناريو.
وقال الصحافى والناقد الفنى ماجد حبتة إنه تحدث مع محمد عزيزية فى هذه النقاط الحساسة عن صلب المسيح، فأكد له أنه سيخرج العمل من وجهة نظر اسلامية لن تتعارض مع العقيدة المسيحية، وسوف يأتى مشهد الصلب متوافقا مع العقيدتين بحيث يعتمد فهم المشهد على تفسير كل شخص سواء كان مسلما أو مسيحيا، فالمسلم سيفهم أن هذا ليس هو المسيح الذى مات أو صلب وأنه رفع الى السماء، والمسيحى سيفسر المشهد على أنه هو المسيح الذى صلب وهذا الأمر سيعتمد على تقنيات فنية فى الفيلم.
وأشار ماجد حبتة الى أنه ليس هناك خلاف ين المسيحية والاسلام فى حتمية موت المسيح ولكن الذى قد يحدث أزمة عقائدية فى الفيلم هو المشاهد التى سترد فيها آيات يذكر فيها اسم النبى "محمد " صلى الله عليه وسلم حيث سترد آية "ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد " فحينما تأتى هذه الآية على لسان المسيح، قد تلقى اعتراضات عنيفة من قبل المسيحيين لأنهم بالطبع لا يؤمنون بالرسول "محمد "لأن المخلص من وجهة نظرهم هو المسيح فقط.
وأضاف حبتة أن المسيح ظهر في أكثر من 390 عملا دراميا حملت كل الجنسيات وتحدثت بغالبية لغات العالم حية وميتة، لكنه لم يظهر في أي عمل عربي، ولم يتحدث العربية، واكتفى بالظهور في آلاف الأخبار عن أفلام يتم التجهيز أو الإعداد لها.
وقال إن أهمية مشروع عزيزية واختلافه، تأتي من كونه أول عمل يقدمه "مسلم" المسيح أيضا ظهر بكل اللغات، الإنكليزية والفرنسية والإيطالية، ولم ينطق بالعربية إلا في أفلام "مدبلجة"، والأكثر من ذلك أن فيلم ميل غيبسون "آلام المسيح" كان ناطقا بلغات غير حية، وقبله حلم المخرج كارل دراير بأن يجعل المسيح يتكلم الآرامية أو العبرية في فيلم يخرجه لكن ذلك لم يتحقق له.
من جهته قال الشيخ عمر الديب، وكيل الأزهر والمتحدث الرسمي باسم شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي، لجريدة "البديل" إن هناك اجماعا داخل الأزهر علي رفض أي سيناريو يسمح بظهور الأنبياء (عليهم الصلاة والسلام) لما لهم من قدسية ولما نخشاه من العبث بالشخصـية الكريمة التي لا يستطيع أحد أن يتقمص روحها، كما أن الأمر يبعث علي الاستياء حين ترى ممثلا يجسد أدوار الشر وأدوار الأنبياء معا.
وأضاف الشيخ الديب أن سيناريو الفيلم معروض على الأزهر ويتداول أمره "فنجيزه أو لا نجيزه وفق ما قررناه من مبادئ". وأشار إلى أن الأزهر لم يبحثه حتي الآن، ولم يطلع عليه لكننا سنبحث ما لدينا من أعمال ونبدي قرارنا فيها، لكن الجهة المنوطة بالقرار هي مجمع البحوث الإسلامية.
إلا أن رئيس مجمع البحوث الاسلامية د. ابراهيم الفيومي أكد أسيناريو فيلم "المسيح العربي" لم يعرض على المجمع حتى الآن، لكن في حالة عرضه سيلقى الرفض. وعلل ذلك بأن الأمانة العامة للمجمع، وكل الإدارات التابعة له بما فيها مشيخة الأزهر وغيرها اتخذت قرارها منذ سنوات بعدم جواز تجسيد شخصيات أنبياء الله جميعا وآل بيت النبي عليهم الصلاة والسلام، والعشرة المبشّرين بالجنة من الصحابة.
وقال الداعية الاسلامي الشهير الشيخ يوسف القرضاوي– حسب جريدة البديل - إنه لا يجوز تجسيد دور الأنبياء حتى لو كان بنية خير، خاصة أولي العزم (محمد- عيسي ـ موسي ـ إبراهيم - نوح).tdgl "hglsdp hguvfd" dedv yqf Hrfh' lwv
المفضلات