بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
الرد علي الشبهات المثارة حول ( تعظيم وتقبيل الحجر الأسود )
أولاً:
إذا كنتم تعدون تقبيل الحجر الأسود عبادة له من دون الله، فلابد أن نبين لكم حقيقة العبادة.
إن من يعبد شيئا مهما كانت طبيعته فإنه يعتقد أن له سلطة غيبية ينعكس تأثيرها على الواقع ، وبالتالي فإن العابد يتقرّب إلى معبوده رجاء للنفع أو دفعاً للضرّ ، وهو في الوقت ذاته يعتقد أن التقصير في حق هذا المعبود أو ترك عبادته يترتّب عليه حصول الضرر ووقوعه كنوع من العقاب ، ومثل هذا مشاهدٌ حتى في واقع الناس اليوم من أتباع الديانات الوثنية المنتشرة في أرجاء الأرض ، إذ يلاحظ في أتباع تلك الديانات خضوعاً لمعبوداتهم رغبةً في جلب المنافع المختلفة ، أو دفع المضارّ من القحط والجفاف ونحوه ، مع تعلّق قلوبهم بهذا المعبود خشية منه ورهبة من سلطانه.
وهذه السلطة الغيبية قد تكون في نظرهم سلطة ذاتية ، بمعنى أن العابد يرى استقلال معبوده بالنفع والضرّ ، وهذا كالذين يعبدون الشمس والكواكب لاعتقادهم بتأثيرها على نواميس الكون وتسييرها للخلائق ، أو أن تكون السلطة غير ذاتية بأن يعتقد أن معبوده يشكّل واسطة بينه وبين قوّة علوية لها قدرة ذاتية مستقلة في النفع والضرّ ، فيؤدي ذلك إلى عبادته رجاء شفاعته عند من يقدر على النفع والضرّ ، كما هو الحال مع كفار قريش الذين كانوا يعتقدون أن الأصنام والأوثان التي يعبدونها تقربهم إلى الله جلّ وعلا ، وتشفع لهم عنده ، يقول الله عزوجلّ مبينا ذلك : { والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله } ( الزمر : 3 ) ، وفي موضع آخر : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } ( يونس : 18 ) .
وبناء على ما سبق ، فإن المسلمين لم يعبدوا الحجر الأسود ، لأنهم لا يرون أن أحداً يملك الضرّ والنفع غير الله تعالى ، فهم ينفون وجود أية سلطة ذاتية في المخلوقات مهما كانت ، كما أنهم يرون أن علاقة المخلوق بالخالق علاقة مباشرة ليس فيها وسيط ، وأن العباد لا يحتاجون إلى شفيعٌ يقصدونه بالتقرّب دون الله عزوجل ، بل إنهم يعدّون ذلك من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام ، لأنهم يرون أن العبادات لا يجوز صرفها لأي مخلوق ، سواء أكان ملكاً مقرّباً أم نبيّاً مرسلاً ، فضلاً عن كونه حجراً لا يضرّ ولا ينفع .
ثم إن رحى العبادة تدور على قضيّتين أساسيّتين : تمام المحبة مع غاية الذلّ والخضوع ، فمن أحبّ شيئاً ولم يخضع له فليس بعابد له ، ومن خضع لشيء دون أن يحبّه فهو كذلك ليس بعابد له ، ومعلوم أن تقبيل الحجر الأسود هو فعلٌ مجردٌ من الخضوع والذلّ لذلك الحجر.
ثانياً:
سيدنا موسى والأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – كانوا يكرمون (تابوت العهد) ويبخرونه كما جاء في العهد القديم، والنصارى يقبلون صور وتماثيل المسيح والعذراء، ومنهم من يسجد لهذه الصور والتماثيل للحصول على البركة مع أن ذلك مخالف للشريعة التوراتية، ومنهم من يقول أن إكرام الصور والتماثيل عائد لإكرام الله تعالى. ونحن نقول أن تقبيل الحجر الأسود إكراما لله تعالى.
ثالثا:
عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود قال (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) وهذا يدل على أن التقبيل أمر تعبدي وأن النافع والضار في الحقيقة هو الله وحده. ومقولة عمر هذه قالها خشية أن يظن الجهال أن تقبيل الحجر عبادة للحجر نفسه.
رابعاً:
سبب الاهتمام والقدسية التي يحظى بها الحجر الأسود أنه وردت في فضله أحاديث وأنه من الجنة فهو ليس كبقية الأحجار. وقد انعقد إجماع الأمة على مشروعية تقبيل الحجر الأسود، وشتان بين من يقبل الحجر طاعة لله ورسوله معتقدا أن الحجر لا ينفع ولا يضر وبين من يقدس الأوثان التي نهى الله عن الاقتراب منها. فطواف المسلم بالكعبة وصلاته إليها إنما هي عبادة لله لا لها.
خامساً:
ومن المناسب أن نقول : إن من يعبد شيئا فلا شكّ أنه يرى في معبوده أنه أعلى منه وأفضل منه ؛ لأن العابد لا يعبد من يرى أنه مثله أو أدنى منه منزلةً وقدراً ، ونحن نعلم أن حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة ، بل أعظم من حرمة الدنيا بأسرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه أصحاب السنن عدا أبي داود عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم ) ، وجاء عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال في الكعبة : " ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ) ، فما سبق يبيّن لنا نظرة الشرع للمسلم في كونه أعظم حرمةً من الكعبة بما فيها الحجر الأسود ، فكيف يصحّ أن يقال إن المسلمين يعبدون هذا الحجر ؟!!
سادساً:
ماذا تقول أيها النصراني فيما ورد في كتابك المقدس في سفر التكوين [10:28] من أن نبي الله يعقوب كان في طريقه إلى حاران وشاهد رؤية السلم العجيب وبعد أن أفاق أخذ الحجر الذي توسده وسكب عليه زيتا وسمى المكان بيت ايل أي بيت الله، وأقام الحجر عمودا هناك وعاد إلى زيارة ذلك الحجر بعد عشرين عاما وأطلق عليه "مصفاة". وأصبحت هذه المصفاة مكانا للعبادة والمجالس العامة في تاريخ شعب اسرائيل وراجع التكوين 31 : 45-55 والقضاة 11 والقضاة 20 و 21 ، وصموئيل الأول7، وصموئيل الأول10.
*مستفاد من:
- رد افتراءات المنصرين حول الإسلام العظيم.
- حول تعظيم الجحر الأسود، أكرم ضياء العمري.hgv] ugd hgafihj hglehvm p,g ju/dl ,jrfdg hgp[v hgHs,]
المفضلات