الهجمات المنظمة وغير المنظمة على الإسلام معروفة، والدس والمؤامرات الموجهة ضد الصحوة الإسلامية لا تخفى، وقد طعن الإسلام من جهات متعددة وجوانب شتى، فما ترك العدو باباً يمكنه الطعن في الإسلام منه إلا وجهه، وهذه المحاضرة تذكر بعضاً من ذلك، توضيحاً للحق، وتنبيهاً على الباطل.
الطعن في القرآن
إهمال القرآن
تحجيم القرآن وإقصاؤه عن الحياة الواقعية
الحمد لله، نحمده تعالى ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
.
صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عنوان هذا الدرس: كيف يذبح الإسلام؟
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون؛ اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.
إخوة الإسلام.
.
عباد الله الصالحين: هذه المحاضرة لا بد منها، ولا بد من بيان الطرق التي ذبح بها الإسلام على طول تاريخه الطويل، وهذه الطريقة التي أريد أن أتحدث عنها هذه الليلة هي ذبحٌ للإسلام على الطريقة الإسلامية، وليست على الطريقة اليهودية ولا النصرانية ولا الشيوعية ، لكنها ذبحٌ إسلامي بسكين المسلمين، وعلَّي أن أنفذ إلى مسائل يحتاجها الجيل؛ أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل.
ولابد للداعية أن يتحدث عن مغابن الشر وخفاياه، والداعية لا يتحدث من نفسه شوقاً إلى الحديث، ولكنه يتحدث مضطراً؛ كما قيل لأحد المحدثين وقد حضرته سكرات الموت كما ذكر الذهبي في السير وقال: كان في سكرات الموت، فسمع رجلاً يقول: حدثنا فلان عن فلان، وهذا الكلام طيبٌ إلى قلبه؛ لأنه في طول حياته كان يعيش على حدثنا حدثنا فاستيقظ وجلس، وأخذ يقول: حدثوني، قالوا: أنت في سكرات الموت، قال:والبيت هذا لـمجنون ليلى كما قيل، فإنهم قالوا: سقوه الخمر ثم رفع عقيرته يغني، قالوا: لا تغن، قال: تسقوني الخمر ولا أغني؟! والمقصود بالبيت: أن طالب العلم والداعية مضطر إلى أن يتكلم اضطراراً عن واقع المسلمين، وعن واقع الأمة، وأن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يبين للناس الميثاق، قال سبحانه وتعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] وقال جلت قدرته: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:159-160].
سقوني وقالوا لا تغن ولو سقوا جبال سليمى ما سُقِيتُ لغنتِ
إهمال القرآن أيها الإخوة الفضلاء: ذبح الإسلام بعدة سكاكين؛ فذبح في قرآنه، في الكتاب الخالد الذي أنزله الله سعادة للناس كما : طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى [طه:1-3] القرآن الذي جعله الله تعالى حلاً للأزمة الحضارية التي يعيشها الناس.
كيف طعن في القرآن؟! كيف ذبح كتاب الله؟! تصوروا الداهية الدهياء والمشكلة العظيمة التي ذُبح بها القرآن.
نحن عرب قح.
.
أنا وأنت ننطق الضاد من مخرجها، ونتكلم العربية الفصحى لكننا بلينا بأنا لا نستطيع أن نجود كتاب الله حتى يأتي الأعاجم، فيدرسوننا كتاب الله، العجم يحفظون القرآن، ويجودون القرآن، ويعلموننا مخرج الضاد، ويؤلفون في ذلك رسائل، ويأتون إلى قحطان، والأزد، ومذحج، ومضر، وربيعة، القبائل العربية التي أنزل الله القرآن بلغتها وقال فيه: قُرْآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [الزمر:28] وليس هذا انتقاصاً من الأعاجم فإن الله يقول: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89] والإسلام هذا ليس صكاً شرعياً للعرب، ولا للأكراد، وليس حقاً فقط للهنود، لكنه للأفغان والعرب والهنود والأتراك والأكراد والتركمان وكل من حمل الإسلام.
لكني أخبركم بالمشكلة والداهية حتى تتصوروا عظم هذه المأساة: إن طلابنا الآن في المساجد لا يدرسهم إلا أعاجم!إن طلابنا جميعاً في المدارس بعد صلاة العصر والمغرب، لا يدرسهم ولا يعلمهم كتاب الله ولا يعلمهم مخارج الحروف، ولا تجويد القرآن -وهو قد نزل بلغتي ولغتك- إلا الأعجمي من أفغانستان وباكستان ، هذا هو الأمر الأول.
تحجيم القرآن وإقصاؤه عن الحياة الواقعية الأمر الثاني: أن يحجم وقت القرآن، فلا يدرس إلا في حصصٍ كالضائعة، إما في السادسة، أو في الأسبوع مرة، فيخرج المتخرج بعد ست عشرة سنة، وهو لا يجيد أن يقرأ سورة ولو قصيرة بالتجويد، فلا يعرف القلقلة، ولا الإشمام، ولا الإدغام، ولا الإظهار، وكأنك تحدثه من قاموسٍ ملغىً.
الثالث: محو القرآن من حياة الناس، فقد أتى هذا القرآن ليقود البشرية إلى النجاة، فجعل القرآن ليقرأ فقط على من به مس، وهو رقية للقلوب، ورقية للأرواح، وللأبصار وللبصائر، وللأجيال، وللشعوب، وللحضارات؛ لأن منزله الله عز وجل: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].
أسلم أحد المستشرقين بمعجزة، وسبب إسلامه قال: أول ما فتحت القرآن قرأت في أول سورة البقرة قوله تعالى: الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:1-2] فعلمت أنه لا يتحدى إلا من يعلم أنه لا يدخله النقص، ولا يقول ذلك إلا الإله، لأن المؤلفين الآخرين كل مؤلف يبدأ في كتابه المقدمة: وإن وجد نقصٌ فليعذر، ومن وجد فهو من نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان، ومن وجد شيئاً من خطأ فليصلحه أو يتصل بي، هكذا يقول المؤلفون، أما الله فيتحدى ويقول: (الم) أي: من هذه الأحرف نظمنا وبنينا وقلنا هذا القرآن، لا ريب فيه.
ثم يقول سبحانه وتعالى في موقعٍ آخر: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82] ولذلك لا يوجد كتابٌ غير القرآن إلا وفيه أوهام، حتى صحيح البخاري بين شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثامن عشر أن في صحيح البخاري أوهاماً، ولست أنزع ثقة البخاري الليلة من صدوركم، لكني أريد أن أصل إلى أن هذا القرآن العظيم نزعت ثقته بطريقة أو بأخرى من الأجيال، فأصبح رقية، وأصبح يفتتح به الحفل، وأصبح يقرأ على الأموات من سورة يس على أن حديثها ضعيف، وعلى أنه لا يقرأ وقت الوفاة لما قال المحدثون، وهذا ليس غرضي، لكن هذا القرآن جاء مُنظّراً للبشرية.
فذبح الإسلام أولاً في القرآن، ثم عورض بالقوانين الوضعية، فأخذت بعض الشعوب الإسلامية المادة الثانية عشرة من نابليون ، والثالثة من هتلر ، والرابعة من لينين ، والخامسة من القرآن، فما اتفق مع أهوائهم أخذوه، قال سبحانه وتعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85] إما أن تأخذ الإسلام جملة أو تتركه جملة، أما أن تأخذ ما يوافق هواك، وترفض ما يعارضه، فهذه خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين.
( ;dt d`fp hgYsghl? ) ggado uhzq hgrvkd pt/i hggi
المفضلات