الحمد لله حتى يرضى، وسلام على عباده الذين اصطفى، تحية طيبة، وبعد:
إحدى علامات نبوة نبينا محمد_ صلى الله عليه وسلم _أنه أخبرنا عن هذه الفئة التي لا ترى الإسلام إلا القرآن، ولا تقيم وزنا لما نقل عنه، فقال_ مخبرا بالغيب _:" أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ"، رواه أحمد. ونحن في هذه المناظرة سوف ننفي عن الأحاديث النبوية تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
وقبل ولوج المناظرة، لا بدَّ من إشارة إلى عنوانها؛ ذلك أنَّ العنوان المفترض هو: (هل إنكار الأحاديث يتعارض مع القرآن؟)، ولكن زميلي أراد أن أثبت أنا وجهة نظري لا هو، أي سيلعب دور الناقد للأدلة التي تبين أنه لا تعارض بين الالتزام بالأحاديث والقرآن، وله ذلك.
إنَّ القرآن فرض على من آمن به أن يؤمن بالأحاديث، وجعلها المصدر الثاني للتشريع بعده، وها هو الدليل الخريت، والسلطان المبين، والبرهان الساطع، والحجة البالغة في إثبات ذلك:
1. اتباع الوحي: لقد أخبرنا القرآن أن النبي محمدا يتبع في أقواله وأفعاله الوحي، فقال:" إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ"، وقال:" إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إليَّ"، وقال:" وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى". وعليه، ثبت أنَّ الأحاديث والقرآن أصلهما واحد، وهو الله، فقد جاء بهما الوحي، غير أن القرآن هو كلام الله لفظا ومعنى؛ فالقرآن الكريم كلام الله حقيقة، بينما هو كلام الرسول مجازا؛ لأنه أول بشر نطق به، بشيرا ونذيرا:" إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ... تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ".
2. طاعة الرسول: لقد أمر القرآن بطاعة الله، وطاعة الله هي اتباع القرآن؛ لأنه أوامره ونواهيه، ولكنه لم يكتف بذلك، بل أمر بطاعة الرسول، فقال:" قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ"، وقال:" قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ"، وقال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ". وطاعة الرسول هي اتباع الأحاديث النبوية.
3. محبة الله: سهل أن يدعي امرؤ محبة الله، والقرآن بين لنا كيف تكون المحبة الصادقة لله، فقال:" قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ". فصدق محبة الله مشروط باتباع النبي، واتباع النبي هو الالتزام بالأحاديث النبوية.
4.علامة الإيمان: لقد جعل الله من صدق الإيمان التأسي برسول الله، فقال:" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا". والتأسي لا يكون إلا بالأحاديث النبوية.
5. نفي الإيمان: لقد نفى الله الإيمان عمن يعرض عن رسول الله، فقال:" فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ". وتحكيمه الآن هو الرجوع للأحاديث النبوية.
6. طاعة الله: لقد أمر الله بالانصياع لرسول الله، فقال:" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ". وهذه الأوامر والنواهي موجودة في الأحاديث النبوية.
7. تبيان القرآن: لقد جعل الله رسوله_ صلى الله عليه وسلم _مبينا للقرآن، فقال:" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ"، أي: لتبين القرآن، وهذا البيان هو: إلحاق فرع بأصل، وتفصيل مجمل، وتخصيص عام، وتقييد مطلق. وهذه الأمور موجودة بالأحاديث النبوية.
8. اكتمال الدين: لقد أخبرنا القرآن أنَّ الإسلام صالح لكل مكان وزمان، ومن أوجه صلاحه اكتماله، وهو قوله:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، والقرآن وحده غير مكتمل بتشريعاته، ولا يصلح للتطبيق من دون مكمله، وهو لا يكتمل إلا بالأحاديث النبوية الصحيحة.
وعليه، أنت_ يا زميلي _أمام خيارين:
1. أن تقبل بالأحاديث النبوية الصحيحة فتتبع القرآن.
2. أن ترفض الأحاديث النبوية الصحيحة فتخالف القرآن.
المفضلات