قاعدة التوحيد
************************************************** *******************
.................................................. ...........
سبحانه تصرف فى ملكه كما شاء عزاً وعدلاً وسلطانا . ونصب من كل خلق على وحدانيته دليلاً وبرهانا ..
وهب للمتقين أمناً وإيمانا . ولم يقطع أرزاق أهل الكفر والمعصية جوداً وامتنانا . وعمّ المذنبين والمستغفرين بتوبتهم ورحمته عفواً وغفرانا ..
سبحانه هو الواحد الأحد لاشريك له ولا ولد .. أقر العباد بذلك أم أنكروا .. علموا أم لم يعلموا ..
.......
الإيمان بوحدانية الله .. هى أن تؤمن بالغيب وبما استأثره الله فى علمه ..
فتؤمن بالملائكة ورسل الله التى أرسلها والكتب السماوية التى أنزلها . وتؤمن بأن الجان أمة عاقلة موعودة ومتوعدة .
وتؤمن بأن الشيطان للإنسان عدو مبين .. وتؤمن بإحياء الموتى وبالبعث والحساب وبأن الله هو الذى يذيقنا الموت وهو الذى يَهب لنا الحياة ..
وتؤمن بما تراه وتشاهده وبما لاتستطيع إبصاره أو رؤيته .. { فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ } .
.......
الكفار والمشركين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين .. أصابهم الرجس واستحوذ عليهم الشيطان ..
لا يؤمنوا إلا بما يدركوه من ماديات ولايوقنوا إلا بما يلمسوه من محسوسات وما يصل إليه فكرهم فتجاوزوا بذلك قدر عقولهم وعبوديتهم لله ..
بظلمة قلوبهم وبلادة أذهانهم : { كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ }
كفروا بوحدانية الله وعبدوا غير الله ولم يؤمنوا برسل الله وحرفوا ما أنزل الله واتخذوا لله ولدا ..
لو أعملوا عقولهم لنفذت بصيرتهم ولما طبع الله على قلوبهم ..
{ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ }
عكفوا على البحث فى شتى المجالات ومختلف العلوم والدراسات والظلمة أغشت أبصارهم وسحب الجهل تلبدت على عقولهم ..
لم ينظروا ويتأملوا ولم يتفكروا ويتدبروا لكى يستضيئوا ويستنيروا .
زعموا أنهم معجزين معاجزين وأخلوا بالنواميس التى وضعها الله للحياة . واستنسخوا فىما خلق الله . لم يعوا ما قاله إبليس اللعين :
{ وَلآمُرَنهم فَلَيُغَيِّرُن خَلْقَ اللّهِ }
جهلوا أن الله هو الذى خلقهم ورزقهم وهو الذى يحييهم ويميتهم .
وجهلوا ولم يعلموا أن الله هو الذى خلق لهم كل ماعملوا وما يعملون وكل ما صنعوا وما يصنعون .
{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } .. { قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ }
.
إن كان عملهم فيه شر على البشرية فقد اقترفوا أوزاراً على أوزارهم وآثاماً سوف تنوء بها ظهورهم ..
وإن كان إبداعهم فيه خير وسعادة للإنسانية فلن ينالهم به رحمة أو نعمة لأن الله قد أحبط أعمالهم ..
{ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً }
.......
سبحانه لايُؤدّى شكر نِعْمة من نِعَمه .. إلا بنعمةٍ منه ..
لو كان هناك إلهاً أو آلهة غير الله لتعددت الإرادات واختلفت المشيئات ولذهب كل إله بما خلق ولعلا عمن سواه
هذا يريد أن يأتى بالشمس من المشرق وهذا يريد أن يأتى بها من المغرب هذا يريد أن يمنع الماء وهذا يريد أن يحجب الهواء
هذا يريد أن يُسْكن المتحركات وهذا يريد أن يحرك الساكنات هذا يريد وهذا يريد فلايستقيم الكون ولاتستقيم الحياة .
{ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا }
...
سبحانه لو كان له ولد لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم له من أول العابدين .. يقول جل شأنه :
{ قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ }
ولو أراد الله أن يصطفى ولداً من خلقه وعبيده لاصطفاه فهو الإله .. يقول جل ذكره :
{ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ }
.......
الإيمان بوحدانية الله .. أن تؤمن بأن لاإله إلا الله لامعبود ولارب سواه وأن لا تكفر أو تشرك به أحدا .
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }
ولقد شهِد الله لنفسه وكفى به شهيداً .. بأنه هو الله لا إله غيره لايساهمه أحداً فى الخلق أو يساويه ولاينازعه أحداً فى الملك أو يناويه ..
جلّ عن مثَل يطاوله أو ند أو نظير يقابله ..
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }.. { إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }.. { إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
.
وأن تؤمن بأن الله هو الذى أرسل نبيه ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بآخر الشرائع والأديان دين وشريعة الإسلام ..
ولقد شهد الله بذلك وكفى به شهيداً .. { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً } ..
.
وأن تؤمن بأن الله هو الذى أنزل كتابه وقرآنه على نبيه ورسوله .. ولقد شهد الله بذلك وكفى به شهيداً .
{ اللّه يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً }
.......
سبحانه هو الغنى ونحن الفقراء إليه .. هو المُسْتغنى به ولا يُستغنى عنه .. كل شىء يرجع إلى إرادته
وكل ما فى الكون خاضع لمشيئته .. هو رب كل شىء وفاطره ورب كل خلق وبارئه ..
لا الكافر استبد بأمرٍ خرج به عن قدرة وعلم الله .. ولا المؤمن استغنى بإيمانِه عن معونةِ وفضلِ الله ..
وما استطاع عبد من عباده أن ينفذ من ملكه وملكوته . أو يشاركه وينازعه فى عزته وجبروته .
{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ }
.......
الإيمان بوحدانية الله .. يجعل كافة الخلق متساوين لاتمييز ولافرق بينهم .. ولافضل لأىٍ منهم على الآخر ..
فالكل سيعبد إلهٌ واحد ولن يكون له قيدٌ له إلا رضا ربه ومولاه فيتخلص بذلك من الوثنية فى عبادة غير الله
ويعتزل تأليه أو تقديس دولةٍ أو شخصٍ ما فيشعر بعزته وحريته وكرامته ..
.......
لقد أمر الله كافة خلقه وعبيده أن ينظروا ويتأملوا إلى ما خلق الله فى أرضه وسماواته وأن يتفكروا ويتدبروا فى آيات الله ومعجزاته
ليرواْ بَديع صُنع الله وصَنْعته والحجة الناطقة فى كمال قدرته فيزداد الذين آمنوا إيماناً ويوقن الذين اتبعوا الباطل بوحدانيته ..
...
{ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ }
أفلاك دائرة ونجوم سائرة لا تزيغ عن مدارها ولا تحيد عن مسارها.. من الذى يسيّر أفلاكها ويمسك أجرامها ..
شمسٌ وقمر دائبين لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار فى نسقهم ثابتين لاتغيير ولاتبديل لهم منذ أن خلقهم الله ..
كواكب وأقمار تخترق عباب السماء وتتزاحم فى الفضاء لا تسقط ولا تتوقف ولا تصطدم ببعضها كلٌ فى مساره يسير ويدور فى مداره .. من الذى يدبر أمرها ..
كون واسع فسيح ليس فيه زلل أو خلل .. من الذى يطوّعه ويقهره .. إتقان ونظام وتدبير وإحكام ..
من الذى ينظمه ويسيّره .. ومن الذى بيده المقاليد ليحكمه ويدبّره ..
..
سحب وأمطار ورعد وبرق وصواعق وإعصار . ورياح تأتى بالخيرات وأخرى تلقح النبات ورياح تهب بالنسمات وأخرى مرعدة عاتية مدمرة ..
بحارٌ ومحيطات وأنهار وعيون وآبار . ماءٌ يحيى الله به الأرض الموات ويُنبت به مختلف الزروع والنبات ولكل مذاق فى طعمها وأُكلها
واختلاف فى أشكالها وأنواعها وألوانها .. ماءٌ منه العذب الفرات والمِلح الأجاج .. ماءٌ فى تركيبه آيات ومعجزات ..
زلازل وبراكين وجبال شامخة وعجائب المخلوقات وأنواعها والدواب والأنعام واختلافها ..
..
خلْق الإنسان وما فيه من معجزات امتلأت بها الكتب والمجلدات وعجّت بها العلوم والدراسات .
نور وضياء وظلام . وتعاقب فى الليل والنهار . واختلاف وتغاير للفصول والأوقات ..
{ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء }.
{ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ } .
رِكاب وركبان وسفنٌ وأعلام واختلافهم وتطورهم عبر القرون والأزمان ..
ميّز الله فى ألواننا وصورنا فى أرحام أمهاتنا وميّز فى اختلاف ألسنتنا واختلاف البصمات والبنان ..
جعل الله لبساً ولباساً لنا ليقينا حر الصيف وبرد الشتاء ولكى نوارى به أجسادنا وسوءاتنا ..
{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ } .. { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ }
{ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ }
.......
آيات ومعجزات تعجز عن سردها العقول وتضيق بها كل النقول ..
.......
سبحانه أحاط بكل شىء علما ووسع فضله كل شىء رحمة وحلما .. سبحانه أزلىٌ بلا ابتداء وأبدىٌ بلا انتهاء .
لا تمثله العيون بنواظرها ولا تتخيله القلوب بخواطرها .. لايماثله أى موجود فهو الخالق والبارى لكل ما فى الوجود ..
{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ } .. { إِنهُ بِكُل ِّشَيْءٍ مُحِيطٌ }
.
إنْ تجاوز الإنسان عبوديته فى نظره وتأمله وتعدى فى فكره وتدبره من النظر والتأمل فى خلق الله وآياته
إلى البحث عن ذاته فقد اقترف أَمراً إِمرا وتجاوز مجاوزةً جوراً وظلماً وكان عن العقل خارجاً وفى تيه
الجهل والجاً .. يقول جل ذكره : { َولا تقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } .
.......
الأفهام فى عز سلطانه معقولة والأوهام مقهورة والأفكار مختلطة ملتبسة ..
سبحانه بإرادته كل رشد وغى وبمشيئته كل نشر وطى وكل بيان فى وصف جلاله حصر وعىّ ..
العقول محجوبة عن درك حقيقته لأن العقول خُلقت للعبودية لا للبحث والإشراف على الألوهية ..
فإنِ ارتدت أفقاً لاعِلم لك به فقد جُبْت بحراً لامنجى لك منه وعمِيت من حيث أبصرت وجهلت من
حيث استبصرت ولسوف تنأى عن اليقين والإيمان وستسبح فى ظلمات الشك والريب والخسران .
.................................................. ..
************************************************** *********************
سعيد شويل
rhu]m hgj,pd]
المفضلات