الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فهذه وريقات عن حرمة بناء الكنائس في جزيرة العرب دفعني [القول قول الكاتب لا أنا الناقل أي عبد مسلم !] لكتابتها ما يتردد كثيراً هذه الأيام في المحافل والمؤتمرات (1) وما يسمى بمنظمات الحقوق العالمية وتقارير وزارة الخارجية الأمريكية (2) وغيرها من الدعوة لبناء الكنائس في الجزيرة العربية، يغيظهم كونها حرم الإسلام ومعقله وقاعدته الأولى، ويردد ذلك معهم في بعض وسائل الإعلام من أعاروا عقولهم لغيرهم وأثاروا الشبهات والشكوك حول هذه المسألة القطعية من دين الإسلام، نقلتُ فيه طرفاً من النصوص الدالة على تحريم ذلك، وأقوال العلماء في المسألة مع الرد على شبهات المعاصرين.
و (جزيرة العرب أو شبه الجزيرة العربية يحدها غربا: بحر القُلْزُم، وهو المعروف الآن باسم: البحر الأحمر، وجنوباً: بحر العرب، ويقال له: بحر اليمن، وشرقاً: الخليج العربي،
والتحديد من هذه الجهات الثلاث بالأبحر المذكورة محل اتفاق بين المحدثين، والفقهاء، والمؤرخين، والجغرافيين، وغيرهم.
وممن أفصح عن هذا التحديد بالنص:
ابن حَوْقَل، والاصطخري، والهمداني، والبكري، وياقوت، وهو منصوص الرواية عن الإمام مالكٍ، وتفيده الرواية عن الإمام أحمد؛ رحم الله الجميع،
ويحدها شمالا ساحلُ البحرِ الأحمر الشرقيُّ الشماليُّ وما على مسامتته شرقاً؛ من مشارف الشام والأردن والعراق،
وعليه؛ فالأردُنُّ، وسوريَّا، والعراقُ؛ ليست في محدود جزيرة العرب وهو ما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقال (3):
(جزيرة العرب: هي من بحر القُلزم إلى بحر البصرة، ومن أقصى حِجْرِ اليمامة إلى أوائل الشام، بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم، ولا تدخل فيها الشام، وفي هذه الأرض كانت العرب حين البعث وقبله...) ) (4)
وهذا يعني أن دول مجلس التعاون كلها واليمن داخلة تحت مسمى الجزيرة العربية على الراجح من أقوال العلماء.
وهناك أقوال أخرى فنَّدها الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله- في كتابه الماتع (خصائص الجزيرة العربية) فليراجعها من شاء.
أما الأدلة: فقد وردت أحاديث صحيحة تحرِّم الإذنَ بوجود دين آخر مع الإسلام في جزيرة العرب وهي تقتضي تحريم بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أولى، ومن ذلك حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: (لا تكون قبلتان في بلد واحد) وفي لفظ: (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة) رواه أبو داود، وحديث عائشة رضي الله عنها: (لا يترك بجزيرة العرب دينان) رواه أحمد، وحديث أبي عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه: (لا يبقين دينان بأرض العرب) رواه البيهقي.
وعلى هذا جرى عمل الأمة قروناً طويلة ابتداءً من عصر خير القرون، وحتى وقت متأخر من التاريخ الإسلامي،
فأجلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهود خيبر ونجران وفدك، ووضع الشروط المشهورة بالعمرية (5) وفيها:
(أنَّا شرطنا على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا كنيسةً ولا فيما حولها ديراً ولا قلايةً ولا صومعةً (6) )،
وفي كتاب (الأموال) (7) لأبي عبيد القاسم بن سلام، و (مصنف ابن أبي شيبة) (8) بإسناد ضعيف عن عكرمة قال:
سئل ابن عباس عن أمصار العرب أو دار العرب هل للعجم أن يحدثوا فيها شيئاً؟ فقال: ( أيُّما مِصر مَصَّرتْهُ العربُ فليسَ للعَجمِ أن يبنوا فيهِ بناءً ولا بيعة ولا يضربُوا فيه ناقوساً...).
قال القاضي تقي الدين السبكي:
(وقد أخذ العلماء بقول ابن عباس هذا وجعلوه مع قول عمر، وسكوت بقية الصحابة إجماعاً) (9).
وفَهِمَ هذه الدلالة من أهل القرون المفضلة من غير الصحابة علماءُ التابعين وحكامُهم ،
فقد روى عبدالرزاق في مصنفه عن عمه وهب بن نافع قال:
(كتب عمر بن عبدالعزيز إلى عروة بن محمد أن يهدم الكنائس التي في أمصار المسلمين،
قال: فشهدت عروة بن محمد ركب حتى وقف عليها ثم دعاني فشهدتُ كتابَ عمر وهدْمَ عروة إياها، فهدمها) (10)،
وروى عن معمر عن إسماعيل بن أمية أخبره: (أنه مرَّ مع هشام بحدة وقد أُحدثت فيها كنيسة فاستشار في هدمها فهدمها هشام) (11).
وروى عن الحسن البصري قال: (من السنة أن تُهدم الكنائس التي بالأمصار القديمة والحديثة) (12).
والآثار في هذا كثيرة جداً،
(لهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام) (13)
بل وأجمعوا (على أن بناء المعابد الكفرية ومنها الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً) (14)
يتبع والله المستعانhkjfi,h:[vdlm fkhx hg;khzs td hg[.dvmKHp;hl avudm qv,vdm
المفضلات