اعتراضات حزب النور الذين بايعوه ثم خرجوا عليه
1-ان الدكتور وصل بطريق غير شرعي وهي الديمقراطية
2-ان القول بالتدرج قول فيه مغالطة منا اي انها كلمة حق لكن استخدمت في غير محلها اذ ان التدرج لايعني تأخير البيان او الاقرار علي القوانين الصريحة المصادمة للشرع
3-ان قولنا بأسلامية الدولة بناء علي مادة الدستور الثانية يستلزم الحكم لنظام حكم مبارك والسادات بأنه اسلامي
الرد
اولا:الديمقراطية:من حيث تصورها من الجهة الشرعية وثانيا:من حيث المشروعية وثالثا:من حيث مايرد عليها من اشكالات شرعية
إن على المسلم أن يزيل المنكر إن قدر عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره)[1]، وقوله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ78 كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 78 - 79]، والأدلة على هذا المعنى متظاهرة.
وإن لم يستطع إزالة المنكر لكن أمكنه التخفيف منه فذلك واجب عليه، فمن أصول الشريعة تقليل المفاسد إن لم تمكن إزالتها، قال ابن القيم رحمه الله: «إنكار المنكرات أربع درجات؛ الأولى: أن يزول ويخلفه ضده، الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته، الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله، الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه.. فالدرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثة موضع اجتهاد، والرابعة محرمة»[2]، ومن أدلته قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)[3]، والأدلة على هذا المعنى كثيرة،ولذا نص الفقهاء علي وجوب تولي الامارة والوظائف وان كان المنكر لايزول بل مجرد ايقاف او تقليل المنكر يوجب علي من عنده اهلية للمنصب يجب عليه قبول المنصب بل والسعي اليه وللعز ابن عبد السلام وابن تيمية كلام نفيس في هذا الباب جماعه باب المصالح والمفاسد وكلام ابي المعالي واضح في كلامه في حال خلوا المكان من خليفة من وجوب قيام اهل الحل والعقد بمكان الخليفة وهذا يعني وجوب السمع والطاعة والالتزام بكلامهم رغم ان المفترض ان كل من حولهم لاينتمي الي الشرع من القوانين والتشريعات وليس معهم مما يوجب الطاعة لاهل الحل والعقد واعتبار ولايتهم شرعية الا ماقالوه فقط ولم يفعلوا شيئا(وقطعا لايتعارض هذا مع المذهب اهل السنة من ان الايمان قول وعمل لان مقصودهم قطعا الاقرار بأن العمل من الايمان وليس الدخول في العمل لانه اذا اقر ولم يأت وقت الصلاة او الزكاة او الحج او غير ذلك فلا شك ان اقراره يدخله في الاسلام ولايجعله من المرجئة) وكيف يتصور شرعا وعقلا ان نوجب الطاعة لاهل الحل والعقد قبل مجئ الامام او الرئيس لافرق وهم ليسوا اهل شوكة وليس عندهم قوة ينفذون بها احكام سوي طاعة الناس لهم ثم اذا تمكنوا من تنصيب رجل منهم مثل الدكتور مرسي بموافقتهم وهي المشورة الشرعية والبيعة الشرعية(لايعترض علينا بأنه دخل معهم في التصويت من ليس منهم من غير المسلمين لان دخول هؤلاء علي اهل الحق لايبطل قول اهل الحق كما سوف يأتي مفصلا في بحث آلية الديمقراطية وعلاقته بالشوري الشرعية) اذا بهم يقولوا له بأن ولايتك غير شرعية وناقصة ولايعتبر حكمك اسلامي (وسوف يأتي مزيد لهذا المبحث)واذا تحققت هذه النظرة الشرعية من خلال قواعد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقواعد المصالح والمفاسد فلنشرع في استكمال المناقشة
آالية الديمقراطية وعلاقتها بالشوري الشرعية:
المستفر شرعا من ادلة الشرع وكلام اهل العلم ان الشوري تعتبر واجبة وتشكل ركنا من اركان الحكم الاسلامي الراشدي الشرعي في موطنين اثنين:الاولي:في اختيار الحاكم والذي يتم عبر بيعة الناس جميعهم وليس جماعة اهل الحل والعقد فقط والتي دورها في ترشيح المستحق للحكم ثم بعد ذلك يكتسب ولايته الشرعية من بيعة الناس جميعهم- ومن شاء المزيد فليرجع الي دروس السياسة الشرعية لتفصيل الامر-والثانية :تستخدم الشوري في سن التشريعات التي لاتخالف الشرع ومراقبة اعمال الحاكم ولكن يشكل علي هذا الكلام ان الصورة التي تتم الان بها بعض فروقات عن البيعة الشرعية وسوف يتبين فيما يلي ان هذه الفروق بين الديمقراطية كاآلية للاختيار فقط وبين الشوري فروق بعضها حقيقي وبعضها صوري لكن في النهاية الصورة واحدة في الحالتين اي الشوري الشرعية والديمقراطية كاآلية اختيار للحاكم وسن القوانين التي لاتتعارض مع احكام الشرع فأقول:
تجيء إشكالية المشاركة في الانتخابات منتخَباً أو منتخِباً بقصد إزالة منكر بتحكيم شرع الله، أو بتخفيف معارضة الشريعة عن طريق اختيار الأمثل، هل هذا من قبيل التوسل إلى الطاعة بالمعصية المحرمة بل بالمشاركة في التشريع والحكم والدخول في عملية كفرية (ديمقراطية)؟ أم هو من قبيل إزالة المنكر أو تخفيفه بفعل لا يشتمل على محذور في ذاته ولا يقتضيه؟
هذا هو موضع الإشكال الذي اضطربت فيه أفهام فئام ممن أرادوا خيراً!
ولمعرفة وجه الصواب في القضية لا بد من استحضار أن التصويت للأقل مفسدة وإن كان كافراً ليس محرماً في ذاته بنص كالزنا! فإن الأفعال التي نص الشارع على تحريمها يجب اجتنابها، فلا يقال هذا الرجل إذا لم أشرب معه الخمر سيشربها مع تلك المرأة ويفجر بها! فهنا لا سبيل للتخفيف للعجز الحكمي بسبب تحريم الفعل المقلل للمفسدة، بل اجتناب المحرم واجبٌ، وكل نفس بما كسبت رهينة، وليس في الصورة المفروضة إكراه يعذر به أو ضرورة تلجئه لأحدهما.
أما إذا أمكن التخفيف بفعل لم يتوجه إليه نهي فيجب التخفيف، فإن أمكن رجل أن ينهى آخر بحضوره مجلس المنكر لإنكار بعض المنكرات دون بعضها وكان إذا غاب وقعت كلها شرع له الحضور بل يجب لتقليل المخالفة بهذا القيد، وليس حضور المنكر لإنكاره من شهود الزور المنهي عنه.
وكذلك التصويت هو إدلاء بالرأي أصله جائز لقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: 38]، ونحوها من الآيات، ولأن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شاور الناس-وهو يشمل الرجال والنساء كما حكي ذلك جمع من العلماء بدون انكار مثل ابن تيمية والسخاوي وابن كثير وغيرهم بل قد ورد عند البيهقي بأسناد صحيح ان هذا ايضا فعل عمر اي استشارة النساء-، وإنما دخل المنكر من جهة تسوية القائمين على الانتخابات في النظم المعاصرة رأيَ أهل الحل والعقد بالعامة، وتسوية الكافر بالمسلم، وهذا يتحمل وزره القائم على الانتخابات، فإن عُلم أن هذا سيعتمد رأي الأكثرية، وعُلم أن الواجب اعتماد رأي أهل النظر، شرع للعامة تكثير رأي هؤلاء بفعل هو في أصله جائز ما لم يفد إقراراً للمنكر.
فإذا كان المشارك يكثِّر رأي أهل الرأي والنظر وينتخب من يشير به أهل العلم وهو يعلن موقفه من الديمقراطية، فلا يقال إن مشاركته محرمة في ذاتها ولا باعتبار ما تفضي إليه في هذه الحالة، بل المحرمة من تفضي مشاركته إلى مخالفة رأي أهل الحل والعقد، بل لو قيل بتحريم مقاطعة من تفضي مقاطعتهم الانتخابات لمخالفة أهل الرأي المعتبر لكان وجيهاً لان الكف وهو المقاطعة عمل كما هو الصحيح في الاصول-كانوا لايتناهون عن منكرا فعلوه لبئس ماكنوا يفعلون فسمي الامتناع عن الانكار فعل وكذلك قوله تعالي:وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا فسمي الهجر الذي هو ترك وكف سماه اتخاذ-.
وقول بعض الفضلاء: المشاركة في التصويت مشاركة في الديمقراطية الكفرية وذلك رضا بها فلا تجوز بحال، أو بعبارة أخرى: رضا بالتشريع البشري المخالف لشرع الله وحكمه كالتشريع.
شبهة ملخصها أن التصويت محرم للزوم الإقرار أو الرضا له.
وكشفها باختصار في بيان أن المشاركة أنواع، منها ما يكون رضا بالتشريع أيَّاً كان الاختيار وإقراراً له، ومنها ما لا يكون كذلك، فجعل كل تعامل مع منكر رضا أو إقراراً له مجرد دعوى يظهر فسادها إذا اعتبرتها في منكرات أخرى، نظِّرها كما نظرها بعض أهل العلم بالمشاركة في دخول خمَّارة فيجب أن يفرق بين من دخلها لإزالة المنكر الذي بداخلها أو تخفيفه وبين من دخلها ليشرب أو يفجر، والتسوية بين هذين من أبين الظلم، بل لو شارك في منافسة لإدارة المبنى وهو يعلن أنه سيحوله إلى مطعم فعمله مبرور.
أما سكوته أو إحجامه أو مقاطعته لشؤون لا بد فيها من وقوع أحد محظورين وله بدفع أحدهما يد فهو معتبر كفعله، بل السكوت للإقرار والرضا أقرب، فإن قلت أنا أعلن رفضي للاثنين مع علمي بأنه مؤثر في نتيجة الانتخاب فكذلك المشارك يعلن مخالفته للاثنين لكنه دفع بالأخف ضرراً استجابة لمقاصد الشريعة وعملاً بقاعدتها في المصالح والمفاسد، وكما لم يلزم الرضا المقاطع، فلا يلزم المشارِك المنْكِر الذي يعلن أنه إنما يريد بمشاركته تخفيف المنكر، وإلا كان كل عمل على تقليل المنكر رضا بالمنكر الأدنى وهذا خلاف الواقع وما يقرره الفقهاء.
وهذا في المشاركة بالعملية الديمقراطية يشمل المشاركة في الترشح بغرض إقامة الشرع، والمشاركة في ترشيح من يقيم الشرع، والمشاركة في الدفع بالأخف ضرراً مع الجهر بالإنكار على مخالفاته.
- فالذي يزعم أن المشاركة بالترشح في العملية الديمقراطية مشاركة في التشريع أو رضا بمبدأ التشريع المخالف لشرع الله يغالط واقع المشارك الذي يُعلن أن الغرض من مشاركته إقامة شرع الله، وهو يعلن أن تلك خطته وذلك برنامجه الذي يحاول فرضه، ولا يرضى بسواه، بل سيعارضه.
وللمخالف أن يعكس القضية ويقول إحجامك إباحة أو رضى أو إقرار للاثنين أو من يظفر ولو كنت منكراً حقاً لا ادعاء لصَدَّق القولَ عملٌ؛ فإن كان عذرك العجز عن الإزالة كما هو عذر المشارك فليس لك عذر في ترك السعي للتخفيف من المنكر فذلك مقدور لك.
والقصد بيان غلط من عدَّ الداخل مشاركاً في المنكر ولو دخل لإنكار التشريع المخالف لحكم الله أو تخفيفه، والمغالطة في هذا عند من تصورها أقبح من المغالطة في عدِّ الداخل خمارةً من أجل الإنكار شارباً! والداخل لسوق مقراً لكل منكر فيه والمشارك في منبر عام - كمنابر الإنترنت مثلاً - كذلك والداخل مدينة كذلك والعامل في مؤسسة كذلك وهلم جراً!ولذلك تجد في فتاوي اهل العلم سواء اللجنة الدائمة او الشيخ ابن باز او ابن عيثمين او الشيخ الالباني ومن قبلهم الشيخ احمد شاكر لايرون اي غضاضة في الانتخابات بين موجب للمشاركة ومفضل لها ومبيح لها حتي ان ابن عثيمين يعتبر ان دخوله المجلس مشروع ولو لم يفعل شيئا لكون مجرد وجوده هي اقامة للحجة وانكار للمنكر واناظر في حلف الفضول وتمني النبي ان يلبي اذا دعي اليه-رغم انه كان في المدينة وقد قامت الدولة-يجد ان مجرد المشاركة مع الغير في مجالس مختلطة لسن قوانين امر لايعتبر شركا مالم تكن هذه القوانين مضادة للشرع لان تنفيذ حلف الفضول يستلزم بلا شك اجراءات وتشريعات يومية توافق تفاصيل الحياة اليومية
- وأما الذي يزعم أن المصوت للأخف ضرراً تصويته له رضا بمنكرات برنامجه الذي اختاره، فلا يسلم وهو يعلن الإنكار عليه حيث خالف الشرع! وقريب من هذا اختيارك الصلاة بين اثنين أحدهما أخف بدعة من الآخر فلا يقتضي ذلك رضاك ببدعته! وجهادك خلف الإمام الظالم أو الفاجر أو المبتدع لا يلزم منه رضا بما هو عليه من الباطل أو مشاركة له فيه بل اذا تعارض مرشحين كلاهما علي باطل فأنه من الشرع اختيار الاقل مفسدة لقطع الطريق علي الاكثر مفسدة ولاتعتبر نصرتك للاقل مفسدة معصية بل في هذه الساعة تكون من انكار المنكر وقد بين هذه الصور العز ابن عبد السلام في قواعد الاحكام صفحة 84 .
نعم ترجيح صاحب برنامج أقل مفسدة يحتمل اختيارك له لرضاك ببرنامجه وهذا منكر ويحتمل اختيارك له دفعاً لمفسدة أعظم، فإن كنت تصرح بهذا وتعلنه وتنكر على المختار مخالفته انتفى احتمال الرضا وإن لم يظهر ذلك منك وجب الاستفصال منك للاحتمال، لا الاعتساف بالادعاء على النيات وصرف المحتمل لأسوأ محامله، ولهذا كانت جل فتاوى أكابر الراسخين من أهل العلم وفقهاء الشريعة مسوغة للمشاركة في العملية الديمقراطية لتخفيف منكرها أو إزالته، ولم يروا أن من لازم ذلك رضا بها.(----)
وقد علم أنه ليس من شرط اختيار المرشح قانونياً أو عرفياً الرضا أو الموافقة والإقرار له على كل برنامجه، كما أن حب ظهور أقلهما مفسدة لا يدل على الرضا بمخالفته للشريعة، ولهذا فرح المؤمنون بظهور الروم على الفرس كما في تفسير: {آلـم 1 غُلِبَتِ الرُّومُ 2 فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ 3 فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْـمُؤْمِنُونَ 4 بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم:1 - 5]، مع أن الروم كفار نصارى مثلثة مشركون! لكن شركهم وكفرهم أخف من شرك المجوس القائلين بالأصلين بل سمي الله ذلك نصر الله اي ان تأيد المبطل الاقل منكر علي الاكثر ضرر ومنكر يعتبر من نصر الله.
وكذلك شارك يوسف - عليه السلام - في حكومة فرعونية ولم تكن مشاركته رضا منه بما عليه الدولة التي ينتسب لحكومتها، ولا يقال هذا شرع من قبلنا، فالكفر المتعلق بمشاركة الله تعالى في حق التشريع لا تختلف فيه الشرائع -وقد اشار الي هذا شيخ الاسلام ابن تيمية عند احتجاحه بهذه الاية علي الولاية في انظمة الظلمة بشرط نوع من التمكين ولو كان في صورة ايقاف او تقليل المنكر وهذا هو عين ماحدث في من ولاية صلاح الدين الايوبي منصب كبير الوزراء في مصر في ظل ملاية الفاطمين والحاكم بأمر الله ولم يسمع عن احد من اهل العلم انكار ذلك علي صلاح الدين ومن معه -، فلو كانت المشاركة من لازمها الإقرار والرضا لكان ذلك كفراً في شريعته وشريعتنا، لأن حق التشريع من أمور العقائد وأصول الإلهية التي لا يدخلها النسخ، ولهذا قال في الأمم التي قبلنا: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْـمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: 31]، وقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21].
نعم قد نختلف في واقع معين حول جدوى المشاركة في تخفيف المنكر أو جدوى المشاركة في التمثيل مع ما يكلِّفه إذا كانت ثمة أمور أولى من تلك المشاركة وتلك مسألة اجتهادية. ونختلف خلافاً أكبر مع من تهيأت له وسائل أخرى لإقامة دين الله أو التخفيف من معارضة شرع الله، ثم أبى إلا الديمقراطية! ونختلف كذلك خلافاً أعظم مع من يزعم أن تخفيف المنكر يُصيِّر المخفف غير منكر فيمنع إنكاره، وخلافاً فوقه مع جاهل لم يعرف دين الله الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم فيزعم أن الديمقراطية الغربية الليبرالية لا تخالف الدين ما دامت تحترم جميع الأديان وتساوي بينها وتعتبر حقوق الأقليات! ولا يجوز بحال أن تسحب أو تلبس تنازلات هذا وأمثاله على المشاركة التي يجوزها كثير من العلماء.
وكل تلك وغيرها بحوث غير دعوى التلازم بين الرضا والدخول في العملية الديمقراطية لتحكيم الشريعة ومنع المنكر أو الاختيار للتخفيف من مخالفة الشريعة، اذ ان القاصي والداني يعرف هدف الاحزاب الاسلامية وهو الوصول الي تحكيم شرع رب العالمين وانها لاترضي ان تسوي بين شريعة الملك واي تشريع آخر.
ثانيا:التدرج في تطبيق الشريعة:والمراد به قطعا عند كل من تكلم في هذه المسألة من اهل العلم هو التدرج في القضاء وليس قطعا في التشريع اذ ان تحريم الزنا والربا وقتل النفس بغير حق يظل جرم وفسق لايقبل اي مساومة او تدرج انما الكلام في القضاء بذلك بين الناس والزامهم هذا الامر قضاء
ثانيا:يتضح مما سبق ان استخدام الديمقراطية كاالية فقط للتصويت انها تعتبر اقرب الصور الي الشوري علي رغم مافيها من مفاسد -كما مر سابقا-وان كل مايترتب عليها من نتائج فهو صحيح الا ان الفاضل صاحب الرسالة اختار بطلان الديمقراطية جملة وتفصيلا وبدون اي تفصيل ثم بني علي ذلك بطلان ولاية الدكتور الرئيس لان مابني علي باطل فهو باطل واقول:
1-هناك صور شتي تكلم عليها اهل العلم في وسائل باطلة لكن ترتبت عليها نتائج اصبحت صحيحة بحكم الادلة الشرعية او لكلام اهل العلم بصحة النتيجة رغم بطلان الوسيلة فمن ذلك المال التي تحصل عليه من طريق حرام مثل المرابي ففتاوي بعض الصحابة وبعض اهل العلم (وهو الاقرب الي الرجحان)انك تأكل منه فلك المهنأ وعليه الوزر وقل مثل هذا فيمن حصل علي مال يعتقد هو حله مثل اموال اهل الكتاب من بيع الخمر وقول عمر (ولوهم بيعها وخذوا اثمانها) او مثل حديث بريرة فقد حصلت علي مال من طريق تعتقد هي حله(وهو الصدقة)لكن الصدقة تحرم علي النبي صلي الله عليه وسلم او من ذهب يسرق ويغتصب فسقط فأنكسرت رجله فله الصلاة جالسا ولاتعتبر صلاته باطلة رغم ان الوضع الجديد كان من اصل باطل وهو الذهاب الي السرقة او الاعتداء اي ان بطلان الوسيلة اذا كانت ممن يجوز منه هذا مثل اهل الكتاب او بريرة مع ان هذه الوسائل بالنسبة للغير محرمة اي ان اعتقاد الفاعل كان له اثر في حلية المال رغم بطلان هذه الوسيلة بالنسبة للغير او حتي لو كان هو يعمل الباطل بلا تأويل مثل المرابي والسارق فلم تبطل النتائج المترتبة علي ذلك بينما في مهر البغي وحلوان الكاهن الوسيلة حرام والنتائج باطلة فتلخص من هذا انها ليست قاعدة عامة ببطلان ماترتب علي وسيلة باطلة بل الامر فيه تفصيل علي النحو السابق التمثيل له وليعلم كل احد ان هذه امثلة فقط وليس معتي ذلك صحة الرأي الفقهي مع ان القائلين بها اكابر الصحابة الذين لم يعرف لهم مخالف وبعضها قال به الجمهور لكني لااتبني اي رأي الان لان هذا ليس موضع ذلك
2-اما في السياسة الشرعية فالمسألة ايسر من هذا بكثير فجمهور اهل العلم حتي نقل بعضهم الاجماع-لكن الخلاف ثابت-ان المتغلب بالسيف علي الحكم واستقرار الامر له يحرم الخروج عليه وولايته صحيحة اذا التزم القيام بالشريعة -وهو مااعتمدته كل الدساتير الحديثة من عدم سن تشريع يبيح استخدام السلاح لمقاومة الانقلاب العسكري-وما ذلك الا لتغليب قاعدة المصالح المرجوة من الاستقرار والحكم بالشرع علي مفسدة اهدار ركن الشوري لان المفسدة وقعت وانتهت وجهادهم بالسلاح بعد استقرار الامر لهم فيه تضييع للعباد والبلاد واشاعة الفوضي
3-ومسألتنا -علي افتراض صحة كلام المعارض ببطلان الديمقراطية علي التفسير السابق ذكره-ان الوسيلة الباطلة ادت الي وصول الدكتور مرسي متعهدا بتطبيق الشريعة ومذكرا الناس في خطبه بالله والحساب والاخرة ومعتمدا مبدأ التدرج في تطبيق الشريعة وسيلة للوصول الي الهدف المراد فتصبح النتيجة صحيحة اي انها ولاية شرعية يترتب عليها السمع والطاعة له وعدم جواز الخروج عليه الا بالضوابط الواردة في الاحاديث وعدم جواز طرح المقولات التي قد يفهم منها البعض مشروعية الخروج علي الحاكم او العمل علي اضعاف نظام حكمه او التأخر عن تقديم العون له في الخير لتدعيم حكمه ووجوب النصح له سواء كان في صورية فردية او مادية حزبية طالما التزم بالمرجعية الاسلامية وصحة ولايته
ثالثا:مسألة التدرج في تطبيق الشرع:رفضوا امر التدرج وراحوا يبينوا ان هذا الامر لاينظر اليه وقائم علي غير شئ واقول:
1-المراد من قولنا بالتدرج اي تطبيق احكام الشرع التي تحكم احوال الناس مع بعضهم البعض شيئا فشيئا وليس جملة واحدة حسب المصالح والمفاسد من تطبيق شئ او تأخير تطبيقه وهذا هو المسمي قضاء اما كون الزنا والربا والسرقة من الموبقات والكبائر والمحرمات فهذا نعلنه من اول لحظة ولانخفيه ولايجوز وهذا يسمي ديانة فالربا محرم شرعا وديانة منذ العصر المكي ومع ذلك لم يهدر قضائا الا في حجة الوداع قبل وفاة النبي بعام واحد اي ان الناس يعرفون انه حرام بلا شك او لبس او تدرج -ديانة- لكن لم يسن قانون يهدر عقود والتزمات الربا الا في حجة الوداع
فتبين بهذا الفرق المهم بين ديانة وهي مالاتقبل التجزئة او تأخير البيان وبين قضاء فهو يقبل التدرج والتأخر الي الموعد المناسب
2-حالنا اليوم هو التدرج في التطبيق اي في سن القوانين وعد التأخر لحظة في اخبار الناس بدين رب العالمين بلا غموض او تأخير حسبما هو مفصل في كلام اهل العلم في توقيت وطريقة الاعلان
رابعا:قوله بأن تأخير العمل بأحكام الشريعة هو مذهب المرجئة القائلين بأن الاعمال ليست من الايمان واقول:
1-مذهب اهل الحق ان الايمان قول وعمل يزيد وينقص والمراد بذلك عند جميعهم هو الاقرار اي ان يقر المكلف بأن الصلاة والزكاة والحج والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واماطة الاذي شعب من شعب الايمان وان لم يعمل بها المكلف لعدم حضور الوقت مثل الصلاة او عدم تمكنه مثل الحج والزكاة لمن لم يكن مستطيع او لترتب عواقب اشد مثل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا يقدح ذلك في عقيدته او في دينه او في اسلامه
2-رئاسة وولاية الدكتور مرسي قائمة علي الاقرار بتحكيم القرآن والالتزام به جملة وتفصيلا بناء علي خطط تدريجية في التطبيق-بصرف النظر عن صحة هذه الخطط او غير ذلك-وهو المسمي تحقيق المناط وهو كيفية تنزيل الحكم الشرعي علي الواقع وهو موضع يختلف بأختلاف المكلفين بدون تجريح او استنكار علي احد مادام انه ثقة ظاهر السلامة ساعي في اقامة الحكم وهذا لايتعارض مع قول اهل الحق بأن الايمان قول وعمل
3-ثم اننا نتساءل متي تصبح ولايته شرعية-بعد كلامه وتعهده ووثوق من حوله في ظاهر حاله انه متعهد بتطبيق شرع الشرع-هل بعد تنفيذ الاحكام بنسبة مائة في المائة وهو مالم يحدث حتي الي قرب وفاة النبي-فيما قاله في حجة الوداع من اهدار امور الجاهلية مثل الربا والدماء-ام بنسبة اقل من المائة في المائة فأذا قال لايلزم للحكم بأسلامية الحكم التنفيذ بنسبة مائة في المائة سألناه كم تكون النسبة ولانزال نناقشه في النسبة وهو لايجد حد شرعي يقف عنده يقول عند كذا وبالتالي فليس له الا ان يقر مجرد تعهد الرئيس بالتطبيق ساعة التمكن وظاهر حاله العدالة وماضيه الشرعي هي العلامة الشرعية لصحة ولايته شرعا وهذا الزام لهم لامخرج له منه الا ان يقولوا بصحة ولاية الدكتور مرسي لان غير ذلك يلزمه الحكم علي فترة العهد النبوي انها لم تكن ولاية شرعية-لان التنفيذ لم يكن قطعا الي يوم عرفة بنسبة مائة في المائة بل كان التطبيق-القضاء-ناقص في امور من اسياسيات الملة مثل الربا والدماء وامور من امور الجاهلية لم يتم ابطالها قضاء بل لعل التدقيق في صور الزواج الاربعة التي حكت عنهم عائشة فيه من هذا المعني
يتبع ان شاء الله
المفضلات