محب يتوب
يا أيها التائب لو تدري بمدلول حديث :
((لله أفرح بتوبة عبده))
لهمت طرباً ، ولتقطعت من الشوق إرباً إراباً ،
هنيئاً لك بنداء: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ،
إذا وصلك الخطاب، وعرفت الجواب
يتقلب التائب في الليل الداجي يبكي ويناجي
فيقال له: ما عليك إطّلعنا فسترنا ، وعرفنا فعذرنا ،
وعلمنا فحملنا، وقدرنا فغفرنا!.
قال التائب : يا رب أذنبت
قال: وأنا غفرت ،
قال التائب: ذنوبي تجل عن الإحصاء ،
قال الرب: ولو بلغت عنان السماء
قال التائب: يا رب أهلكتني السيئات ،
يا رب تسامحنا علي ما فات
أما تحاسبنا على تلك الزلات؟
فقال الرب: بل أبدل السيئات حسنات،
قال التائب: لا أكرم منك أحد ،
قال الله أنا الصمد!..
جاء مذنب إلى عالم فقال: غرقت في الذنوب،
فقال له: الآن أدركتك رحمته علام الغيوب ،
وقال أحد السلف: والله لو خيرت أن يحاسبني ربي أو يحاسبني أبى وأمي
لاخترت حساب ربي لأنه أرحم الراحمين!.
أيها التائب أبشر فإن تذكرك لذنبك طاعة منك لربك،
كلما احترق قلبك بنار الدم ، ذابت جبال الخطايا والغم،
كلما أطار الهم نومك وكدر الحزن يومك
غسلت سيئاتك ومحيت خطيئاتك ،
دمع التائب على صدق صاحبه برهان، وعلى صحة توبته سلطان:
إذا اشتبكت دموع في خدود *** تبين من بكى ممن تباكى
أيها التائب الآن عرفت فالزم،ووصلت فاسلم ،
وحصلت فاغنم، فتقدم ولا تحجم،
الباب أمامك مفتوح، والعطاء من ربك ممنوح،
والكرم منه يغدو ويروح:
والله والله ما أبكي على طلل *** أقفى وأقفر من أهل وسكان
ولا بكيت على واد الغضا سحراً *** أو خيمة بين روض الطلح والبان
وما ذرفت دموعي في الهوى سفهاً *** لفيء خل ولا تذكار جيران
لكن لذكر ذنوب ليتها محيت *** بعفو رب وغفران وإحسان
أيها التائب إرتكبت إمرأة ذنباً، فأسقت كلبا،
فأرضت رباً، وكشفت خطباً، وأزالت كرباً،
قالوا في الأخبار وقديم الآثار:
وقعت حمامة في ملامة فأكثرت الندامة،
فبكت علي الغصون بدمع هتون ،
وناحت في شجون وأنشدت:
ربي إذا ما القلب أفحم بالرضا *** وبكي لفرط ذنوبه وأتاكا
هل تعف عنه وهلا تزيل همومه *** إذ لا إله لذي الوجود سواكا
فهتف بها هاتف يقول:
من عصانا أمهلناه، ومن تاب إلينا قبلناه ومن أطاعنا قربناه..
نظر رجل في المرأة وهو في الأربعين
وقد عصى رب العالمين،
فرأى الشيب قد غطي عارضيه فصاح:
أواه، واأسفاه، يا رباه!، ثم ذهب إلى عالم فقال له:
أما ترى الشيب في هذا السواد شطا *** ونحن في ليل لهو نركب الغلطا
أراه ينهـــرني عـمـا ألم بـه *** كـأنما هو سيف بالهلاك سطـا؟!
فقال العالم: إن كان صبح الشباب عذرك ،
فإن غروب الشيب أنذرك ،
فتب إليه واشك الحال عليه،
فإذا لقيته يوم الدين ،
وقال لك: عبدي ما أغرك بي؟
فقل برك بي .
بكي عمر بن عبد العزيز ثم قال :
اللهم إنك قلت: (ُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)،
وأنا شيء فلتسعني رحمتك .
وخرج أحد العباد يصلي بالناس الاستسقاء
وهو شيخ كبير ،فكشف رأسه
فإذا هو أبيض كالقطن،
وقبض لحيته وبكى وقال:
سبحــان من يعفو ونهفو دائماً *** ولم يزل مهما هفا العبد عفا
يعطي الذي يخــطي ولا يمنعه *** جلالة عن العطى لذي الخطا
فنزل الغيث .
نقلته لكم مع بعض التغيير
من كتاب ضحايا الحب
للشيخ الدكتورعائض القرنيlpf dj,f
المفضلات