نعم أصبحت كارثة بعد أن كنا نعتقدها ملجأ وملاذ وصلة لكل متخاصم وقاطع رحم
كنا نقول لا تبخل برسالة تدعو بها إلى الله
لا تبخل برسالة تسأل فيها عن أمك الغائبة
لا تبخل برسالة تسأل فيها عن أقاربك
صل من قطعك ولو برسالة
صل رحمك ولو برنة محمول
لن تكلفك شئ ولكنك ستجني ثواباً كثيراً
ولكن ماذا حدث؟
وما النتيجة؟
تحولت علاقاتنا بالآخرين في كل شئ إلى رسائل ورنات
فكلما أردنا أن نسأل عن إخواننا وأقاربنا..
نوفر حق الزيارة بل وحق المكالمة ونرن رنة أو نرسل SMS
إذا أردنا أن نهنئ أقاربنا بقدوم العيد نرسل رسالة أو نرن رنة
ونقول- الحمد لله أصل رحمي -
نصل رحمنا؟
هل هذه هي صلة الرحم؟
وأحياناً أوفر على نفسي مشقة الدعوة إلى الله بالذهاب لمن أدعوه في عقر داره وأكتفي برسالة أقول له فيها :رزقك الله القبول وأدخلك الجنة مع الرسول:
وأقول لنفسي :الحمد لله:رسالة في ميزان حسناتي أدعو بها إلى الله أدعو الله أن يتقبلها
هل هذا صحيح؟
هل استسهال الأفعال واستثقال الأحمال سأؤجر عليه؟
فلنقارن هذا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم
إن كانت الرنات والرسائل كافية لصلة الرحم لفعلها نبينا الكريم
لا تقل لي كيف يفعلها ولم يوجد لديهم محمولاً
أقول:نعم كان يمكنه أن يوفر وقته الثمين وهو أكثر أمته اهتماماً بوقته ويرسل مرسال يحل محله في الزيارة
يرسل أحد الصحابة ليقوم له بالصلة والسؤال عن الأهل والأقارب
علينا أن نعلم ونتيقن ونتأكد أننا بذلك نخالف ما أمرنا به
نعم نخالفه.."
وقبل أن نعرف كيف نصل رحمنا علينا أن نعرف كيف أوصانا ديننا الحنيف على صلة الأرحام:
(( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون ))
(( يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيم ))
(( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ))
فماذا قال نبينا الكريم عن صلة الأرحام؟
أشار إلى أنها دليل الإيمان:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ] رواه البخاري.
سبب في بسط الرزق:
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه ] . رواه البخاري.
سبب في طول العمر ودفع ميتة السوء:
عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:[ من سره أن يمد له في عمره ، ويوسع له في رزقه ، ويدفع عنه ميتة السوء ، فليتق الله وليصل رحمه ] . رواه البزار والحاكم.
سبب في وصلنا بالله تعالى:
عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :[ الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله ] . رواه مسلم.
بالإضافة إلى أنها سبب في دخول الجنة:
فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ يأيها الناس أفشوا السلام أطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام ] رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
كيف كان النبي الكريم يصل رحمه؟
المواقف عديدة ولا يمكن حصرها
فمكارم أخلاق نبينا لا تكفيها صفحات المنتدى لسردها
ولكن نذكر منها إصراره أن يدخل عمه أبو طالب في الإسلام وخوفه عليه
كان يدعوه إلى الإسلام بنفسه ويتمنى له هذا الخير
ولم يرسل له مرسال يدعه للإسلام
وها هو بره وصلته حتى بالأموات:
فقد كان صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة والناس ملتفون حوله وقريش كلها تأتى إليه ليسامحها ويعفو عنها، فإذا به يرى سيدة عجوز قادمة من بعيد ..فيترك الجميع ويقف معها يكلمها ثم يخلع عباءته ويضعها على الأرض ويجلس مع العجوز عليها، فتسأل زوجته السيدة عائشة رضى الله عنها : من هذه التى أعطاها النبى صلى الله عليه وسلم وقته وحديثه واهتمامه كله ؟. فيقولون :هذه صاحبة خديجة . فتسأله :وفيم كنتم تتحدثون يا رسول الله ؟. قال صلى الله عليه وسلم : كنا نتحدث عن أيام خديجة.
ولكن هل صلة الرحم بالرنات والرسائل فقط؟؟
صلة الرحم لا تكون إلا بالزيارة الصادقة المخلصة والمشاركة في الأفراح والأطراح
نفرح لفرحهم ونحزن لما يسوؤهم
نصلهم وإن قطعونا ونبر إليهم ونحسن وإن أساؤوا إلينا
نريهم منا خيراً علهم يعودوا إلى رشدهم ويعرفوا أننا على الحق
ولكن إن لم يتيسر لنا ذلك فلنجعل الهاتف حل مؤقت إلى أن يعيننا الله على الزيارة النافعة
ولكن ألا يكون الهاتف هو الصلة الوحيدة بهم فهم بمالنا أولى فهم الأقربون الذين وصى الله بهم في كتابه العزيز.
للأسف ما أصبحنا عليه واقتصارنا في السؤال عن أهلنا بمكالمة أو رسالة أو رنة أحدث جفاءاً كبيراً في المجتمع وأبعد أواصر المحبة والأخوة بين أفراد العائلة الواحدة
فعادى الأخ أخاه
وكره الأبناء أبائهم وأعمامهم
وانتشر الفساد بين الناس وصارت القسوة وعدم الرحمة هي الدافع المسيطر على أفعال البشر
أصيبوا بالجمود العاطفي والروحي وأصبح الذي يتحكم فيما بينهم من علاقات حميمة الرسائل والرنات
وإن لم يرد الطرف الآخر على الرنة أو الرسالة
...تعلن الحرب ولا تتوقف إلا بالاعتذار ورد الاعتبار
لا نقول بأن نمنع الرسائل والرنات فهي جيدة وأحياناً تؤدي وظيفة جيدة
أما أن نجعلها شغلنا الشاغل وأن تحبسنا عن زيارة الأهل والأقارب في الأعياد والمناسبات السعيدة ومشاركتهم الأفراح والأحزان:
فهذا ضرر يقع على المجتمع بأكمله لا يظهر أثره إلا على المدى البعيد
في وقت تضيع فيه سبل العلاج وتنتهي فيه إقتراحات الشفاء
وأختتم بمشهد مؤثر لكل قاطع رحم وكل مقصر في حق رحمه:
قاطع الرحم ملعون في كتاب الله :
قال الله تعالى: ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) . سورة محمد:32-33 .
قاطع الرحم من الفاسقين الخاسرين :
قال الله تعالى: ( وما يضل به إلا الفاسقين . الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون ) البقرة:26-27.
قاطع الرحم تعجل له العقوبة في الدنيا :
ولعذاب الأخرة أشد وأبقى :
عن أبي بكر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه بالعقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم ] . رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه .
قطيعة الرحم سبب في قطع الصلة بالله:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة : قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قال : فذلك لك ] . رواه البخاري.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يدخل الجنة قاطع رحم ))[2] أخرجه مسلم في صحيحه ،
وقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل قائلاً : (( يا رسول الله من أبر ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال في الرابعة : أباك ثم الأقرب فالأقرب ))[3] أخرجه مسلم أيضاً ،
أوصيكم ونفسي بتقوى الله في الأرحام
نعرف أن منتدانا يأخذنا ويأخذ كل أوقاتنا
ولكن فلنجعل لرحمنا مكاناً في أوقاتنا
لا تستخدموا الهواتف في هذا العيد:36_1_30:
هيا فلنترك كل ما بين أيدينا ولنذهب لزيارة أقاربنا الأحباء الذين اشتاقوا إلينا وقد يخجلوا من تبيان ذلك
فلنستقبلهم بالسلامات الحارة والابتسامات الحلوة فقد افتقدونا كثيراً
لا تستبعدوا المسافات ولا تحبسوا الطاقات
وليكن هذا أسعد عيد مر على أقاربنا بفضل الله ثم بنا
آسفة على الإطالة إخواني وأخواتي الكرام ولكني أحسست أنني أقصر كثيراً في حق الأقارب والأهل فأردت أن أنبه نفسي وإياكم لنشترك جميعاً في تذكير بعضنا البعض ونيل الأجر والثواب.
حياكم الله وأسعد أيامكم بكل خير:36_3_11:
عيدكم مبارك
;hvem hgJ sms
المفضلات