بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لمن يستحق الحب من كل وجه والصلاة والسلام على خير من صدق في حبه نبينا محمد بن عبدالله عليه وعلى آله وأصحابه أفضل صلاة وأزكى سلام :: أما بعد :
فالحب كما يقال لغة يشترك فيها الخلق بجميع لغاتهم كما أنها تحمل في طياتها معانٍ كثيرة تحتاجها النفس البشرية وتبحث عنها إن فقدتها! وقد يؤثر ذلك الفقد سلبا إن وُجد بغير طرقه الصحيحة!؟
ومهما كانت الظروف فمن أيقن بوجود ربه وخالقه ومن هو قائم بأمره لا ينبغي له أن يملأ قلبه بغيره أو أن يحب شيئا دونه فضلا عن أن يشغل قلبه بمحبة غيره محبة غير شرعية؛ فالتعلق لدى من ابتلوا به من الجنسين داء عظيم يصعب الخروج منه ومن أراد الخروج وصدق لابد أن يعاني وكما قلت سابقا كل أمر تريد الخروج منه وفي خروجك نعمة وراحة اعلم أنك ستعاني في طريقك للخروج فالهبوط أسرع من الصعود والمرأة عندما تلد الطفل تمر بمخاض شديد تتمنى معه أن تكون نسيا منسيا وهذه سنة الله في الخلق ! فاصبر وجاهد إن كنت صادقا واعلم أنك إن وفقت فإن حظك عظيم ! يقول الحق تبارك وتعالى ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ).
ثم إن الله له من الأسماء الحسنى والصفات العلى من تأملها وأبصرها وعلم معانيها أدرك العظمة والقدرة بكمالها والحكمة والرحمة بجمالها فسبحانه من إله اتصف بكل جمال وحسن!
إن ربنا عزيز لا يرضى بأن يشاركه أحد لا في العبادة ولا غيرها لذا لا يجتمع محبة الله والتعلق به مع غيره؛ وإن كانت المرأة لا تود أن يشاركها أحد في حب زوجها وكذا الرجل والأم مع أن الحب علاقة فطرية جعلها الله ليس معها استشعار إحسان إلا في قلب الأم ؛ فكيف بربنا تبارك وتعالى وله المثل الأعلى وهو الذي فضله ونعمه علينا سابغة ظاهرة وباطنة ألا يوجب هذا في قلب المؤمن أن يقدم محبوبات الرب ومراضيه على هوى نفسه وطاعة غيره؟! بلى والله يوجب ثم يوجب ولا منة لنا ولا فضل, فإن كنت تقول بمثل ما أقول فأفرغ قلبك لربك تنل السعادة والرضى!
** نقطة نظام **
من نظر في رسالة الإسلام وجد أنها تنهج في كثير من مواضعها نهج الحب والتعامل به ! بل تذكره أحيانا حتى إنها لتشير إلى تبادل الحب بين الله وخلقه؛ وأن أردت أن ترى الحب الصادق بجميع صوره فإنه يتجلى في حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الذي قال كما ثبت عند مسلم [202] من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا . أَوَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَىْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ " .
وهذا من كمال الدين وجماله لأنه أتى بجميع احتياجات الإنسان وكفل له حفظها وعلمه إياها؛ وجعل في البهائم درسا لمن نكس عن هذه الفطرة كما في دفن الغراب ومحبة الحيوان المفترس لأبنائه ورحمته بهم ...! فهل من معتبر؟
** جزء من مقال **
أكاد أجزم أنك لا تدخل مكتبة أو تقرأ صحيفة أو تتصفح موقعا إلا وتجد فيه ذكرا للحب والحديث عنه , باختلاف رؤى وعقول من يتحدث عنه؛ وكثير من الناس عندما يسمع هذه الكلمة أول ما يتبادر إلى ذهنه أحد معنين:
1) العلاقة الخاصة
2) الحب الطبيعي الأسري
بينما الأمر أعم وأشمل؛ ولا يكاد يوجد إنسان إلا وقد تحدث عن هذه النقطة ووقف عندها فمنهم من مدح ومنهم من ذم ومنهم من اقتصد وأنصف ! كذلك كان منهم من مر مرور الكرام ومنهم من وقف حتى صدق عليه ما يقال : علم على رأسه نار !!؟
ولعل السؤال المتفق عليه عند كثير من الناس وعليه مدار بحثهم كيف أجعل الناس يحبونني ؟!
وقد ألفت بهذا العنوان الكتب العديدة وبلغات شتى ؛ حتى وصل الحال من شدة المبالغة أن ظن بعض الناس بعض ما يطرح نوع استفزاز كما في عنوان " اجعل الناس يحبونك في عشر دقائق " لكن هي مبالغة والعاقل من لا تغره المظاهر!
إن مما يميز المسلم أن جميع طرقه شرعية فهي صحيحة لأنه يصدر عن كتاب وسنة بخلاف غيره !
والقارئ لهذه الكتب يجد طرقا وأساليب جيدة في الجملة لكن جميع نتائجها ظنية, بخلاف طريقة واحدة نتيجتها يقينية والسبب أن من أخبرنا بها هو من يملك قلوب الخلق ويقلبها كيف يشاء فهو الذي يملك فتح الباب وغلقه بخلاف غيره فإنه يملك المفاتيح لكن ليس من شرطها أن تفتح فالأبواب تختلف كما أن المفاتيح لا تتشابه
يقول الله في كتابه ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) يقول القرطبي رحمه الله تعالى في كلام له نفيس جدا :
واعلم أن مثال محبة الله تعالى بترك النواهي , أكثر من مثالها بما سواها من أعمال الطاعات, فالأعمال الصالحة قد يعملها البر والفاجر , والانتهاء عن المعاصي لا تكون إلا بالكمال .... وعليه يترتب تخريج الحديث الذي خرجه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم واللفظ لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ - قَالَ - فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ فَيَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ - قَالَ - ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ . وَإِذَا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ فَيَقُولُ إِنِّي أُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضْهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ فُلاَنًا فَأَبْغِضُوهُ - قَالَ - فَيُبْغِضُونَهُ ثُمَّ تُوضَعُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ " .
وصدق والله فيما قال فالأعمال الصالحة يعملها البر والفاجر , بل حتى المسلم والكافر لكن من يجتنب السيئات فقد أعظم التوقير ونال بكرم من الله التكريم والتبجيل والتفضيل فيا حسرة على من قدم واشترى لهو ساعة وضيّع شرف دار وزمان لا ينتهي!
** طيور مهاجرة >>
الحب كالكأس ؛ وعاء وماء وقدر معين ! فلا تسكب الماء إلا في وعاء نظيف ولا تضع في الوعاء إلا ماء نقي ولا تنس أن الكأس له قدر معين فإن زدت على هذا القدر فقد آذيت نفسك وأسرفت!!
فالقلب هو الوعاء والمحبة هي الماء والقدر المعين هو الحب باعتدال !
** نقطة عبور **
ظنية : أي محتملة الوقوع
يقينية : أي متحققة الوقوع
منقول
Hrvf 'vdr g;sf lpfm hgkhs ,rg,fil i`h hg'vdr !
المفضلات