آية عظيمةومنة جليلة
يا ترى هل أدينا شكرها
لقد خلقنا لإله واحد
يحكم عباده ويفصل بينهم
فنظرت فإذا الناس غيرنا في آلهتهم متحيرون
وفي ريبهم مترددون
هذا يأمره بشيء وغيره يأمره بضده
فنظرت إلى قوله تعالى
"(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر:29)
فقلت سبحان الله لا يستويان فأنا عبد لله وحده وليس لشركاء متشاكسون
فلن أجعل ديني آراء الناس وأهوائهم
وإنما ديني ما صح به كتاب الله وسنة ورسوله
فالحمد لله رب العالمين
ورأيت أن الكثير من المسلمين جعل لنفسه إلها غير الله وربا سوى خالقه ومولاه
فعجبت كيف يرضى بالدون من كان عاليا
رأيتهم يتبعون من يخالف ما علم بالضرورة من دين الله ويبرر له الخطأ وينافح عنه بدلا من أن ينصحه في الله ويبرأ ساحته أمام الله
فقرأت هذه الآية
"( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31)
فغلبني البكاء عند قوله تعالى
وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون
فقلت لأطوفن على أهل العلم بالكتاب والسنة لأنظر ما قالوا
فوجدت عجبا فكونوا معي يرحمكم الله
قال ابن جرير الطبري عن الضحاك ، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم ، قال : قراءهم وعلماءهم .
أربابا من دون الله ، يعني : سادةً لهم من دون الله ، يطيعونهم في معاصي الله ، فيحلون ما أحلوه لهم مما قد حرمه الله عليهم ، ويحرمون ما يحرمونه عليهم مما قد أحله الله لهم ، كما :
حدثنا ………..عن عدي بن حاتم قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال : يا عدي ، اطرح هذا الوثن من عنقك ! قال : فطرحته ، وانتهيت إليه وهو يقرأ في ( ( سورة براءة ) ) ، فقرأ هذه الآية : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، قال قلت : يا رسول الله ، إنا لسنا نعبدهم ! فقال : أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ، ويحلون ما حرم الله فتحلونه ؟ قال قلت : بلى ! قال : فتلك عبادتهم
حدثنا …….. عن حذيفة : أنه سئل عن قوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، أكانوا يعبدونهم ؟ قال : لا ، كانوا إذا أحلوا لهم شيئاً استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئاً حرموه .
قال ………عن أبي البختري : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، قال : انطلقوا إلى حلال الله فجعلوه حراماً ، وانطلقوا إلى حرام الله فجعلوه حلالاً ، فأطاعوهم في ذلك . فجعل الله طاعتهم عبادتهم . ولو قالوا له : ( ( اعبدونا ) ) ، لم يفعلوا .
حدثنا ……….. عن الحسن : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ، قال : في الطاعة .
حدثني ……..عن ابن عباس قوله : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، يقول : زينوا لهم طاعتهم .
حدثني ….عن عبد الله بن عباس : لم يأمروهم أن يسجدوا لهم ، ولكن أمروهم بمعصية الله فأطاعوهم ، فسماهم الله بذلك أرباباً .
حدثنا …….. عن أبي العالية : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ، قال : قلت لأبي العالية : كيف كانت الربوبية التي كانت في بني إسرائيل ؟ قال : لم يسبوا أحبارنا بشيء مضى ، ما أمرونا به ائتمرنا ، وما نهونا عنه انتهينا لقولهم ، وهم يجدون في كتاب الله ما أمروا به وما نهوا عنه ، فاستنصحوا الرجال ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم .
.
وأما قوله : والمسيح ابن مريم ، فإن معناه : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم والمسيح ابن مريم أربابا من دون الله .
وأما قوله :
وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا
فإنه يعني به : وما أمر هؤلاء اليهود والنصارى الذين اتخذوا الأحبار والرهبان والمسيح أرباباً ، إلا أن يعبدوا معبوداً واحداً ، وأن يطيعوا إلا رباً واحداً ، دون أرباب شتى ، وهو الله الذي له عبادة كل شيء ، وطاعة كل خلق ، المستحق على جميع خلقه الدينونة له بالوحدانية والربوبية ، ( ( لا إله إلا هو ) ) ، يقول تعالى ذكره : لا تنبغي الألوهية إلا للواحد الذي أمر الخلق بعبادته ، ولزمت جميع العباد طاعته ، سبحانه عما يشركون ، يقول : تنزيهاً وتطهيراً لله عما يشرك في طاعته وربوبيته ، القائلون : عزير ابن الله ، والقائلون : المسيح ابن الله ، المتخذون أحبارهم أرباباً من دون الله
قال الحافظ ابن كثير
قال الحسن البصري : لا ينبغي هذا لمؤمن أن يأمر الناس بعبادته ، قال : وذلك أن القوم كان يعبد بعضهم بعضاً ، يعني أهل الكتاب كانوا يعبدون أحبارهم ورهبانهم ، كما قال الله تعالى : اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله الاية ، وفي المسند والترمذي كما سيأتي أن عدي بن حاتم قال : يا رسول الله ما عبدوهم . قال : بلى إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال ، فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين فإنهم إنما يأمرون بما يأمر الله به ، وبلغتهم إياه رسله الكرام ، وإنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغتهم إياه رسله الكرام ، فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ الأمانة ، فقاموا بذلك أتم القيام ، ونصحوا الخلق ، وبلغوهم الحق وقال عند قوله تعالى
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون
وقال السدي : في تفسير هذه الاية : إن المشركين قالوا للمسلمين : كيف تزعمون أنكم تتبعون مرضاة الله ، فما قتل الله فلا تأكلونه ، وما ذبحتم أنتم تأكلونه ؟ فقال الله تعالى : وإن أطعتموهم فأكلتم الميتة إنكم لمشركون وهكذا قاله مجاهد ، والضحاك ، وغير واحد من علماء السلف .
وقوله تعالى : وإن أطعتموهم إنكم لمشركون أي حيث عدلتم عن امر الله
يتبع باءذن الله
hdi u/dli hdi u/dli hdi u/dli
المفضلات