بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العلي القدير الحمد لله الرحمن الرحيم الحمد لله خالق السماء بلا عمد وباسط الأرض ومهد الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.
ونصلي ونسلم على نبي المكارم ورسول الملاحم المصطفى من بين الأنام بالمفاضل والمبعوث رحمة للعالمين بالمراحم نبينا وحبيبنا وقائدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم
التوحيد كلمة عزيزة معناه أن تجعل المقصود بالمحبة التامة والذل التام واحدا، معناها ألا تجعل مع الله ندا في العبادة بالمعنى الشامل لجميع مناحي الحياة "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لاشريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين" فالتوحيد أن تتخذ معبودا واحدا عزيزا قاهرا لا تخشى غيره ولا تنيب إلى سواه ولا تطيع إلا إياه وكلمة التوحيد بشقيها الجليلين العظيمين تتضمن معنى الاتباع ألا ترضى إلا بالله وبرسوله حكما عدلا مقسطا فلا تترضى إلا بأحكامهما التي ارتضاها الله رب العالمين لرسوله ولأمة التوحيد الخالص لله رب العالمين.
قال الشيوخ عبد العزيز بن باز وعبدالرزاق عفيفي وعبدالله الغديان وعبدالله بن قعود رحمهم الله جميعا في فتاوى اللجنة الدائمة 1/516،517 :"ومن أنواع الشرك الأكبر من يجعل لله ندا في التشريع بأن يتخذ مشرعا له سوى الله أو شريكا لله في التشريع يرتضي حكمه وبدين به في التحليل والتحريم عبادة وتقربا وقضاء وفصلا في الخصومات أو يستحله وإن لم يره دينا.
وفي هذا يقول تعالى } اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون{ وأمثال هذا من الآيات والأحاديث التي جاءت في الرضا بحكم سوى حكم الله أو الإعراض عن التحاكم إلى حكم الله والعدول.
وهذا النوع من الشرك يرتد به فاعله أو معتقده عن ملة الإسلام فلا يصلى عليه إذا مات ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يورث عنه مال بل يكون لبيت مال المسلمين ولا تؤكل ذبيحته ويحكم بوجوب قتله ويتولى ذلك ولي أمر المسلمين إلا أنه يستتاب قبل قتله فإن تاب قبلت توبته ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين"
وفي الحديث عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية :} اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم{ فقلت (القائل هو عدي بن حاتم رضي الله عنه) : " إنا لسنا نعبدهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ " فقلت :"بلى " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" فتلك عبادتهم"
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيح في شرحه على كتاب التوحيد :" وفي الحديث دليل على أن طاعة الأحبار والرهبان في معصية الله عبادة لهم من دون الله ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله لقوله تعالى في آخر الآية :} وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا سبحانه عما يشركون{ ونظير ذلك قوله تعالى :} ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون {
وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيح في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية :" من الأمور التي لا يصلح الإسلام إلا بها العمل بشرائعه وأحكامه وبالقيام بذلك يقوم الدين وتستقيم الأعمال كما :} ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا{ "
وهذا هو الإسلام الذي ارتضاه الله أن تكون مستسلما منقادا خاضعا لأحكام الله تعالى جل في علاه سلمت أمرك لله واستسلمت لحكمه وأسلمت أمرك لله رب العالمين فلا خروج عن حكم الله وأمره هذا هو معنى رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.
قال الله تعالى :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا"
وقال :"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" أي يحكموك في كل شيء شجر بينهم وصدر عنهم وحصل في ديارهم وحياتهم وأهليهم.
وقال الباري:" أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون" فجعل الله تعالى حكم الجاهلية مقابلا لحكم الله تعالى وهذا يعني بمفهوم الموافقة أن كل حكم ليس من عند الله فهو من حكم الجاهلية الذي استنكر الله على من اتبعه وابتغاه.
هذا في كل الأحكام المتناولة جميع مناحي الحياة لا في بعضها ولا في معظمها ولا في أقلها فهذه الآيات تتحدث عن جميع أحكام الله التي يجب الخضوع والانقياد لها لا كما يصور البعض تلبيسا أو توهيهما أو جهلا أو عمدا أو هوى أنها قد تكون في بعضها وإنني لأتعجب أشد العجب من بعض الدعاة والمنتديات الإسلامية وخصوصا السلفية التي ارتضت منهج السلف منهاجا لدعوتها نعم فمنهج السلف أعلم وأحكم من غيره من المناهج البدعية ولكن ما هكذا فهم السلف الصالح آيات الحكم والتوحيد الخالص لله رب العالمين فصوروا للناس أن التصويت للمادة الثانية من الدستور المصري هو تصويت لتطبيق الشريعة الإسلامية و أنه من نصرة الشريعة أمام العلمانيين والليبراليين غير المسلمين أصلا.
أقول إن المادة الثانية من الدستور المصري تدل على أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع في الجمهورية المصرية العربية لماذا هذا يا أمة القرآن أقول ومعظم الدساتير العربية تنص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي من مصادر التشريع في تلك الدويلات التي قسمتها يد الغدر الاستعمارية فرسمت لها حدودا ما عرفتها أمة الإسلام أبدا فوضعت هذه الدساتير زاعمة أن هذا من تطبيق سيادتها على أرضها.
على كل أقول إن المادة الثانية من الدستور المصري تدل دلالة واضحة وصريحة على أن الشريعة ليست هي المصدر الوحيد من مصادر التشريع في بلادنا الحبيبة مصر وغيرها من بلاد الإسلام وهذا يعني أن المشرع المصري قد لا يرى الأخذ بحكم الشريعة في بعض الأحكام وقد يشرع تشريعا عاما مخالفا لحكم الشريعة الغراء ويجبر الناس عليه وعلى الخضوع له من دون حكم الله تعالى أو حكم رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا المشرع قد يكون البرلمان أو لجنة أو استفتاء شعبي فقد يكون الشعب كله فهل يجوز الاستفتاء على حكم الشريعة الغراء التي ارتضاها الله تعالى للناس إلى يوم القيامة ، لا سلطة ولا قرار للشعب أمام حكم الله وإرادته فيجب الخضوع لله تعالى ولأحكام شريعته التي أنزلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول عبد الله القرني في كتاب (ضوابط في التكفير):" إن شريعة الله تعالى يجب أن تكون حاكمة ومهيمنة على غيرها وأن تكون المصدر الوحيد للتشريع فلا ننخدع بما يقوله بعضهم بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع لما تتضمنه هذه العبارة الشركية من الإقرار والرضا بمصادر أخرى للتشريع ولو كانت مصادر فرعية"
أقول وإلى ألمح بل صرح ابن كثير في تفسيره عند حديثه عن الياسق الذي حكم في التتار وأنه مزيج من مصادر شتى للتشريع عندهم ونقل الإجماع على تكفير من فعل ذلك مثلهم ولولا خشية الإطالة لنقلته كاملا.
يقول الدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف:" فالحكم بالطاغوت ولو في أقل القليل ينافي هذا التوحيد" كما في كتابه "نواقض الإسلام"
يقول الشيخ صالح الفوزان :" ومثل القانون الذي ذكره عن التتار وحكم بكفر جعله بديلا من الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية التي جعلت اليوم في كثير من الدول هي مصادر الأحكام وألغيت من أجلها الشريعة الإسلامية إلا فيما يسمونه بالأحوال الشخصية"
ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ:" أما الذي جعل قوانين بترتيب وخضوع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل"
وغيرها كثير جدا فعلينا أن نتقي الله تعالى وأن نعمل على تحكيم الشريعة في كل صغير وكبير فهذا هو التوحيد الخالص وإن الناس لم يقعوا في شرك السجود للأصنام أو الذبح لها بل وقع كثير من الناس في شرك الخضوع إلى حكم غير الله تعالى .
وبهذه المناسبة أقول وفق الله العاملين لدينه وشريعته وفق الله أولئك الداعين إلى مظاهرة مليونية في ميدان التحرير لأجل تحكيم شرع الإسلام نحن معهم ودعاؤنا لهم وأفئدتنا تحوم حول ميدان التحرير الذي أسقط الطغاة وسيكون مبدأ التحرير لأمة الإسلام بإذن الله تعالى
أخوكم أبو محمد الشامي في 11/6/2011 الموافق 9/رجب/1432hg;ghl hg,[d. td hglh]m hgehkdm lk hg]sj,v hglwvd hglohgt gp;l hgugd hgu.d.
المفضلات