[size="5"] أنت مـُـبدع ... !!! وأنتِ مـُبدِعـة ...!!!
قال ابن القيم رحمه الله مبدع الشيء وبديعه لا يصح إطلاقه إلا على الرب ، كقوله :
بديع السماوات والأرض والإبداع : إيجاد المبدَع على غير مثال سَبق . انتهى كلامه
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال عن رب العـزة سبحانه : مبدعٌ للسماوات والأرض ، والإبداع خلق الشيء على غير مثال ، بخلاف التولد الذي يقتضي تناسب الأصل والفرع وتجانسهما ، والإبداع خلق الشيء بمشيئة الخالق وقدرته مع استقلال الخالق به وعدم شريك له .
وقال رحمه الله وأما مبدع العالم فهو المبدع لأعيانه وأعراضه وحركاته ، فليس له نظير ،
إذ هو سبحانه ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله .انتهى كلامه
فالله هو المُبدِع ، وأما المخلوق فَـمُـبْـدَع ( بفتح الدّال ) .
وقد اطـّـلعتُ على كتاب ألـّـفه وجمعه مهندس إيطالي ، يعمل في مجال الهندسة الإنشائية المعمارية ، وقد صمم عدداً من أبنية المساجد في أوربا .جمع فيه مؤلفه مجموعة من الصور . وكانت تلك الصور لأشجار وأزهار وحيوانات وقواقع بحرية ... إلخ
ثم أتى بما يُـقابلها من بنايات ومناظر جمالية رسمها الإنسان أو خطـّـتها يد مهندس . وكان من تلك الصور الأخيرة : صور لبنايات ومنها ناطحات سحاب ، صور لمناظر جمالية ، صور لأبراج عالية ، صور لأماكن مختلفة ... إلخ .
ولما يُجري مُقارنة ويُـناظر بين الصورتين بأن يجعل الأصل في صفحة ويُقابله بالصورة في الصفحة المقابلة يظهر التقليد وتتبيّن المحاكاة . فالأصل هو إبداع الباري سبحانه . والصورة تقليد الإنسان ومحاكاته .
تعجّبت كيف أن المهندسين لا يُبدعون في شيء مما صمموه ، وإنما يُحاكون ما يرونه في حياتهم اليومية ، أو من عبر نافذة طائرة ، أو من خلال رحلة بريّة ... إلى غير ذلك . فعلمت أن ذلك المهندس الإيطالي كان يستوحي أفكاره مما أبدعه بديع السماوات والأرض سبحانه وتعالى .
وإن كان غيره أخفى إيحاءاته فهو قد أبداها وأظهرها في كتاب ضخم .
فلم يـَعُـد للإنسان دور سوى التقليد والمحاكاة .
وهناك أنواع من الطائرات قد وُضعت فكرتها نتيجة مشاهدة حركات طير أو طيرانه . فالطائرات المروحية – مثلاً – مستمدة فكرتها من حركات وطيران ووقوع تلك الحشرة الصغيرة ذات الذيل الطويل ، والتي تعيش في المزارع قرب المياه .
ورأيت شريطا مرئيا عن سلوك الإحتيال عند الحيوان وكان مما فيه : حركات واحتيال طائر الفريقيت ومنه أخذت فكرة طائرات الفريقيت فأخذوا الفكرة من ذلك الطائر وطريقته في الطيران بل سموا تلك الطائرات باسمه !!
بل إن فكرة الطيران أساساً قد أُستـُـمدّت من الطير بجناحيه وذيله ! كما إن أجهزة المراقبة الرادار صُـنعت تقليدا لذلك الطائر الليلي الأعشى الخفاش وما وهبه الله من ذبذبات ترتدّ عليه إذا اصطدمت تلك الذبذبات بأجسام صلبة .
ثم تأمل بعض الشاحنات وقد وُضِع على جنبيها قرون !! تراها تقليدا لقرون الاستشعار في بعض الحشرات !! حيث تتلمّس فيها وتتحسس الأشياء من حولها .
أجـِـل بطرفك وتأمل من حولك في البيوت والمصنوعات والبنايات وغيرها تجد هذا ظاهراً في كثير من الأحيان . ترى صنع الله الذي أتقن كل شيء .ثم تأمل ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور * ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير
ومهما أوتي البشر من قوة فلن يستطيعوا إيجاد مادة أو إبداعها على غير مثال سابق ،
فغاية ما في الأمر أن يُفرّقوا بين أجزاء المادة أو يجمعوا بين عناصر مادتين .
فالله عز وجل خلق الإنسان من طين ، وجعل هذه المادة بين أيديهم ، فأي شيء عملوا فيها أو عملوا منها ؟؟ إن كل ما يستطيعه البشر – مهما أوتوا من عِلم – أن يأخذوا حيوانا منويا ويؤلـّـفوا بينه وبين آخر . أما أن يوجدوا حيوانا منويا – لا يُرى بالعين المجردة – فهم أضعف وأذلّ .
لقد تحدّى الله البشرية أن تخلق حشرة صغيرة حقيرة إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له بل هم أضعف من تلك الحشرة وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه لما وهب الله لتلك الحشرة من خاصية في لعابها تقوم على تحويل المواد الممضوغة إلى مادة أخرى تختلف بتركيبها عن المادة الأصلية .
فسبحان من خلق فأبدع ... سبحان ربك رب العزة عما يصفون
سبحان من خلق الأكوان من عدم **** وعمـّـها منه بالإفضال والمنـنِ
ألم تر إلى صنع الله الذي أتقن كل شيء في كِلية الإنسان ، كيف إذا أصيب الإنسان بفشل كلوي ؟
غاية ما يستطيعون أن يفعلوه أن يأتوا له بكلية إنسان آخر .
فإذا أجاد الطالب أو الطالبة في مادة أو في رسم أو تصوير أو فكرة فلا يُقال له مُبدِع بل يُقال : إنه أجاد وأفاد وبرز في هذا الجانب ونحوها من الكلمات . ومثله كلمة تتكرر كثيرا ، وهي قولهم : قتل الإبداع !!
كتبه
عبد الرحمن بن عبد الله السحيمp;l r,g Hkj lf]u >> HkjA lf]um
المفضلات