السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا مقتطف ممير من أحد مقالات الإمام محمد الغزالي رحمه الله
المقالة بعنوان
( لماذا أنا مسلم ؟ )
لقد ورثت الدين عن أبوي كما ورثت اللغة ٬ أي بالتلقي والتلقين اللذين يصحبهما طويل تأمل!! أو إعمال فكر ثم مرت بى مع فترة المراهقة حالة شك اجتاحت كل ما أعرف وجعلتني أناقش في حرية أدنى إلى الجرأة مواريث الإيمان والفضيلة ٬ وتقاليد الحياة العامة والخاصة! ولا أدرى كم بقى هذا الشك؟
كان لابد أن ينتهي إلى نتيجة حاسمة على كل حال! لأن العاقل يستحيل أن يعيش طول عمره أو أغلبه شاكا تحيره الريب. وقد خلصت من هذه الرحلة بأن الله حق واستبعدت وأنا مطمئن كل افتراض بأن العالم وجد من تلقاء نفسه أو وجد دون إشراف أعلى.
..... والإجابة على السؤال .....
أحصاها رجل لم يتخرج في جامعة دينية. ولم يتلق علمه عن الشيوخ المتخصصين في الدراسات الإسلامية ولكنه استطاع أن يذكر الحقيقة كاملة في سطور. إنه مصري هاجر إلى الولايات المتحدة. فلم يتنصر ولم يتهود. ولم يلحد في دين الله كما يفعل الأغرار الذين تستهويهم المدنية الغربية ويحسبون أقصر طريق للاندماج فيها هو الانسلاخ عن الإسلام والاستحياء عن النسبة إليه. قال الدكتور أبو شادي مجيبا على سؤال: لماذا أنا مسلم؟:
1- الإسلام الذي أؤمن به عقيدة سهلة سمحة تتفق مع المنطق المعقول.. أساسها الإقرار بإله واحد. أبدع هذا الوجود ودبر أمره على سنن حكيمة قديمة مطردة. ولا يوجد وصف لله أقدس ولا أزكى مما حواه الإسلام. فإن تصوير العظمة الإلهية في هذا الدين جمع بين مفهوم الحقائق العلمية الثابتة وأهداف الفلسفات النفسية والتربوية.
2- يرفض الإسلام الشرك بالله في صوره كلها ويرد كل احتيال للبس التوحيد بغيره من أساليب التعلق بغير الله والإسلام قاطع في عد الشرك امتهانا للعقل٬ وسقوطًا بالإنسانية. والإنسان في نظر الإسلام سيد حر بين عناصر الطبيعة المختلفة فهر ليس رقيقا للكون ولا مسخرا للوجود٬ بل هو كائن مخير إلى حد بعيد ٬ ذو إرادة مستقلة وهو مسير من جهة أنه جزء من نظام الملكوت وقطرة في خضم العالم الكبير.
3- الإسلام مع الأديان السماوية التي سبقته بناء متكامل فهي وحدة تمشى تحت رايته إلى غايتها الصحيحة وتعاليم السيد المسيح وفي طليعتها السلام والرحمة لم تجد كالإسلام نصيرا لها ولا مدافعا عنها واليهود والنصارى الواعدون في بلاد الإسلام هم في نظره مسلمون جنسية وإن احتفظوا بعقائدهم ومع أن الإسلام يأبى إكراههم على الدخول فيه فهو يسوى بينهم وبين أتباعه في الحقوق والواجبات وفق قاعدة :`لهم ما لنا وعليهم ما علينا.
4- الإسلام خصم للعدوان والفساد٬ وهو منذ نشأته ينادى بالحرية والعدالة ويتبرأ من الاستبداد والظلم.
5- الإسلام دين عالمي لا يمكن أن ينحصر في بيئة خاصة ولا أن يكون وفقا على جنس بعينه أو عصر بعينه إنه حقيقة إنسانية مطلقة تسع الأزمنة والأمكنة كلها.
6- للإسلام دستور مرن في شرائعه وآدابه هو القرآن الكريم وقيام القرآن على القواعد العامة للإيمان والأخلاق يترك المسلمين أحرارا في وضح القوانين الملائمة لأقطارهم وأزمانهم وفاقا للصالح العام والاجتهاد المقبول.
7- يعتبر الإسلام العلم ٬ هر المصباح المنير المرشد إلى تفسير آياته والدال على صدق رسالته ولذلك يحارب الجهل والغباء ويحتفي بالمعرفة والحكمة.
8- لا يقر الإسلام أية واسطة بين الإنسان وربه٬ فلا كهنوت في الإسلام بأية صورة من الصور٬ ويحترم الشخصية الإنسانية ويؤمن بإمكان ترقيها إذا استجابت لهداية الفطرة ونداء الإيمان.
9-خلق الإسلام من مذهبه في العدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة وضعا سياسيا للحكم لم يبز في أى عصر كان ولا يزال مصدر النعمة الموفورة للشعوب التي أخذت به مخلصة٬ وما سقط هذا الحكم إلا يوم انفصل عن هذه التعاليم وخضع لهوى الأنفس.
10- إن الإسلام دين عملي كفيل بالنجاح المادي والروحي معا ٬ وقد تنزه تنزها تاما عن الخرافات والخزعبلات والغيبيات السخيفة والأوهام التي يخلقها الجهل أو التعصب الأعمى٬ كما تنزه عن التواكل والتسليم بالقدرية.
11- اعتبر الإسلام قداسة العلم أعظم من قداسة العبادة الشكلية٬ لأنه اعتبر العلم في ذاته عبادة ينكشف بها الحق ويقوم عليها الإيمان وتتلاشى في جوها الخرافات.
12- جاء `القرآن` الشريف بنبوءات شتى انطبقت على تطور البشرية وعلى اكتشافاتها ومخترعاتها مما لم يكن يحلم به أحد منذ أربعة عشر قرنا٬ ولو أن القرآن نزل اليوم ما تغير!! فيه حرف واحد لأن صلاحيته للعصور كلها لم تمس.
13- جاء` الإنجيل` بتنبؤات عن رسالة محمد صلوات الله عليه كما جاء قبله `التوراة` بذلك مما لا يحتمل أى تأويل آخر وإن جادل علماء الديانتين في المعنى بهما.
14- أصول الإسلام نابعة من العقل والفطرة ٬ وبهذا فتح صدره لتقبل جميع الأنظمة المتمشية مع مبادئه الأدبية الرفيعة والكفيلة بسعادة البشرية أينما كانت ٬ وهكذا ساند جميع الحضارات السامية ورعاها ٬ فاستظلت بجناحه واستوعبتها فلسفته٬ فامتدت وترعرعت وأسهمت في إسعاد المسلمين ٬ بل في إسعاد البشرية عامة.
15- لا يحتمل الإسلام الرجعية مطلقا٬ وإنما شعاره دائما الرقى والتقدم ٬ فكل حجر على الحرية أو النهوض مناف له٬ هو بمثابة الكفر به. وكل إنسان يحترم حقوقه وفي مقدمتها حرية الفكر والقول لابد أن يناصر الإسلام ولو لم يكن من أتباعه.
16- يعتبر الإنسان نفسه هو المسئول عن خلاصه بالعمل الطيب٬ فلا وساطة ولا شفاعة ولا فداء ينجيه إذا لم تنجه أعماله هو٬ وما ورد غير ذلك في أي دين فإن الإسلام ينكره.
17- يستطيع المسلم أن يكون موسويا أو عيسويا أو محمديا في آن واحد لأن هذه روح الإسلام وعالميته، وكذلك كان الإسلام ولا يزال أهلا لقيادة العالم قيادة ديمقراطية صحيحة مشربة بروح المحبة والسلام.
قال الدكتور أبو شادي لهذه الأسباب الوجيهة ولأسباب متفرعة عليها آثرت أن أبقى مسلما واعتززت بإسلامي٬ تاركا التوسع في التفسير والتطبيق العملي لمن يخصهم ذلك ويعينهم من الشيوخ الواعين والمثقفين المتفرغين لهذا العمل الحميد ولا يسعنا في ختام هذا الحديث إلا أن نقتبس هذه التحية من توماس كارليل وقد وجهها إلى نبي الإسلام `إلى البطل في صورة نبي` فهي أبلغ في دلالتها من أي شعر نزجيه.
......
انتهىglh`h Hkh lsgl ?
المفضلات