وفاة المعتمد بن عباد/إعداد مجد الغد
وفاة المعتمد بن عباد
سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
في هذه السنة توفي المعتمد بن عباد الذي كان صاحب الأندلس مسجونًا بأغمات من بلد المغرب وقد ذكرنا كيف أخذت بلاده منه سنة أربع وثمانين وأربعمائة فبقي مسجونًا إلى الآن وتوفي وكان من محاسن الدنيا كرمًا وعلمًا وشجاعة ورئاسة تامة وأخباره مشهورة وآثاره وله أشعار حسنة فمنها ما قاله لما أخذ ملكه وحبس: سلت علي يد الخطوب سيوفها فجذذن من جسدي الحصيف الأمتنا ضربت بها أيدي الخطوب وإنما ضربت رقاب الآملين بها المنى يا آملي العادات من نفحاتنا كفوا فإن الدهر كف أكفنا وله قصيدة يصف القيد في رجله: تعطف في ساقي تعطف أرقم يساورها عضًا بأنياب ضيغم وإني من كان الرجال بسيبه ومن سيفه في جنة وجهنم وقال في يوم عيد: فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فساءك العيد في أغمات مأسورا قد كان دهرك إن تأمره ممتثلًا فردك الدهر منهيًا ومأمورا من بات بعدك في ملك يسر به فإنما بات بالأحلام مسرورا وكان شاعره أبو بكر بن اللبانة يأتيه وهو مسجون فيمدحه لا لجدوى ينالها منه بل رعاية لحقه وإحسانه القديم إليه.
صورة لضريح المعتمد بن عباد
.
فلما توفي أتاه فوقف على قبره يوم عيد والناس عند قبور أهليهم وأنشد بصوت عال: لما خلت منك القصور ولم تكن فيها كما قد كنت في الأعياد فمثلت في هذا الثرى لك خاضعًا وتخذت قبرك موضع الإنشاد وأخذ في إتمام القصيدة فاجتمع الناس كلهم عليه يبكون.ولو أخذنا في تفصيل مناقبه ومحاسنه لطال الأمر فلنقف عند هذا.
قدْ زُرْتُ قَبْرَكَ عنْ طَوْعٍ بأغْماتِ........رأيْتُ ذلِكَ منْ أوْلَى المُهِمّاتِ
لِمْ لا أزُورُكَ يا أنْدَى المُلوكِ يَداً.........ويا سِراجَ اللّيالي المُدْلَهِمّاتِ
وأنْتَ مَنْ لَوْ تخَطّى الدّهْرُ مَصْرَعَهُ......إلى حَياتي أجادَتْ فيهِ أبْياتِي
أنافَ قَبْرُكَ في هَضْبٍ يَميزُهُ...................فتَنْتَمِيهِ حَفِيّاتُ التّحِيّاتِ
كرُمْتَ حَيّاً ومَيْتاً واشْتَهرْتَ عُلاً..........فأنْتَ سلْطانُ أحياءٍ وأمْواتِ
ما رِيءَ مِثْلُكَ في ماضٍ ومُعْتَقَدِي.أنْ لا يُرى الدّهْرُ في حالٍ وفي آتِي
(لسان الدين ابن الخطيب)
الكامل في التاريخ
الجزء السادس
( 228 من 309 )
لابن الاثير
,thm hglujl] fk ufh]LYu]h] l[] hgy]
المفضلات