[frame="3 90"]
الله أكبر فزت ورب الكعبة[/frame]
انها كلمات خرجت من فم الصحابي الجليل حرام بن ملحان عندما فاز بالشهادة في سبيل الله ورأى دماءه التي امتزجت بآيات القرآن وحروفه ،وتفاعلت مع الاسلام
راها وهي تنزف من جسده الشريف على اثر طعنة جاءته من خلفه فلم يجد ما يعبر عن شدة سعادته وفرحه الا ان قال :الله اكبر ..فزت ورب الكعبة .
وكيف لا يقول تلك الكلمة وهو الذي تربى بين يدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي كان يتلو على مسامعه آيات القرآن التي تحث المؤمنين على الجهاد في سبيل الله وتخبر عن عظيم أجر الشهداء ومنزلتهم في جنات الرحيم الرحمن
{يا أيها الذين آمنوا هل أدلّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلك خير لكم أن إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين }
فلما عاش حرام بن ملحان رضي الله عنه بل وتعايش مع تلك الايات اصبح لا يتمنى شيئا الا ان يرزقه الله الشهادة في سبيله ،فهذا هو الفوز الذي ليس بعده خسارة .
وكان يخشى الا يرزقه الله الشهادة في سبيله فاخذ يدعو ويبتهل ويخلص في التذلل لله عز وجل لكي يرزقه الشهادة
وتمر الايام والليالي حتى يأتي اليوم الموعود وتاتي اللحظة التي اراد الله ان يكرمه فيها بتلك النعمة العظيمة الشهادة
وكان ذلك يوم بئر معونة
مأساة بئر معونة
وملخصها ان أبا براء عامر بن مالك (المدعو بملاعب الاسنة)قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ،فدعاه الى الاسلام فلم يسلم ولم يبعد ،فقال :يارسول الله لو بعثت اصحابك الى اهل نجد يدعونهم الى دينك ،لرجوت ان يجيبوهم ،فقال :(اني اخاف عليهم اهل نجد )فقال ابو براء :انا جار لهم ،فبعث معه اربعين رجلا في قول ابن اسحاق (1) ،وفي الصحيح (2) : انهم كانوا سبعين ،والذي في الصحيح هو الصحيح وامر عليهم المنذر بن عمرو احد بني ساعدة الملقب [بالمعتق ليموت وكانوت من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم ] ،فساروا يحتطبون بالنهار ،يشترون به الطعام لأهل الصفة ،ويتدارسون القرآن ،ويصلون بالليل ،حتى نزلوا بئر معونة وهي ارض بين بني عامر وحرة بني سالم فنزلوا هناك ،ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا ام سليم
بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عدو الله عامر بن الطفيل ،فلم ينظر فيه وامر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه ،فلما انفذها فيه ورأى الدم ،قال حرام :الله أكبر فزت ورب الكعبة .
وعن انس بن رضي الله عنه قال :(لما طعن حرام بن ملحان (وكان خاله )يوم بئر معونة قال بالدم هكذا ،فنضحه على وجهه وراسه ،ثم قال فزت ورب الكعبة ) (3)
بلغوا قومنا انا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه
لقد تالم النبي صلى الله عليه وسلم لاجل هذه الماساة ،ولاجل ماساة الرجيع اللتين وقعتا خلال ايام معدودة ،تالما شديدا وتغلب عليه الحزن والقلق ،حتى دعا على هؤلاء الاقوام والقبائل التي قامت بالغدر والفتك في اصحابه ،ففي الصحيح عن انس قال :(دعا النبي صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا اصحابه ببئر معونة ثلاثين صباحا ،يدعو في صلاة الفجر على رعل وذكروان ولحيان وعصية ،ويقول :" عصية عصت الله ورسوله ،فانزل الله تعالى على نبيه قرانا قرأناه حتى نسخ بعد :(بلغوا قومنا انا لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه ) فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قنوته (4)
هذا هو حرام بن ملحان رضي الله عنه الذي كان يتمنى الشهادة لانه يعلم قدر الشهادة وقدر الشهيد عند ربه جل وعلا فلما اكرمه الله بها قال :فزت ورب الكعبة
رضي الله عن حرام بن ملحان وسائر الصحابة آجمعين
(1) اخرجه ابن هشام في (السيرة ) 3/678 عن ابن اسحاق
(2) اخرجه البخاري 4088 ومسلم 302 ــ 677 وغيرهما من حديث انس رضي الله عنه
(3) اخرجه البخاري 7/446 المغازي
(4) اخرجه البخاري 2814 ومسلم 297 ــ 677hggi H;fv >>t.j ,vf hg;ufm
المفضلات