بسم الله الرحمن الرحيم ..
السفسطة هي خداع وتضليل يلجأ إليه الخصم العاجز عن إقامة الدليل بالعقليات القاطعة من أجل حفظ ماء وجهه وإخفاء انهزامه .. فهو حريص على الغلبة دون التزام بالحق والفضيلة ..
وتكون السفسطة عبارة عن قياس باطل يقصد به تمويه الحقائق .. ولا تنطلي إلا على الأغبياء ضعاف العقول الذين قد يظنون أن الغلبة تكون لمن يتكلم كثيرا بكلام غامض أو يتكلم أخيرا ..
والأفضل ترك جواب المسفسط وتجاهله فهو أبلغ جواب .. ويمكن تعرية بعض سفسطاته وكشفها ثم تركه بعد ذلك إذا كان من الممكن أن ينطلي خداعه وتضليله على بعض ضعاف العقول ..
ومن أشهر السفسطات :
قول الخصم : كل شيئ يقبل الشك .. أو قوله : لا توجد حقيقة .. أو قوله : لا يمكن إثبات أي حقيقة .. أو قوله : الحقيقة نسبية .. أو قوله : العلم لا يوصل إلى حقيقة .. أو قوله : لا علم أصلا .. أو قوله : يمكن أن يخرج الشيئ من اللاشيئ لأن المعقولات - كقانون السببية - تكون منعدمة في اللاشيئ ..
وقد يقول المسفسط بعض هذا لكن بعبارة أخرى أكثر غموضا لمزيد من التمويه ..
أما قول : كل شيئ يقبل الشك .. فإنه سفسطة لأنه لو كان كل شيئ يقبل الشك لكان هذا القول نفسه يقبل الشك وبالتالي فإن قوله أبطل نفسه بنفسه ..
أما قول : لا توجد حقيقية .. فإنه سفسطة لأن هذا القول نفسه هو إما حقيقة وإما لا .. فإذا كان حقيقة إذن توجد حقيقة ما وهذا تناقض .. وإذا لم يكن حقيقة إذن انتهى الأمر .. وهكذا فإن قوله أبطل نفسه بنفسه ..
أما قول : لا يمكن إثبات أي شيئ .. فإنه سفسطة لأن هذا القول نفسه هو إما شيئ تم إثباته وإما لا .. فإذا كان شيئا تم إثباته إذن يوجد شيئ ما تم إثباته وهذا تناقض .. وإذا لم يكن شيئا تم إثباته فهذا يكفي لتوضيح بطلانه .. كما أن هذا القول يستلزم أن صاحبه يعرف ماذا يعني إثبات شيئ ، ولن يعرف ماذا يعني إثبات شيئ إلا إذا سبق ثبوت شيئ ما بالنسبة له وهنا ينتهي الأمر بالتناقض ، وإلا فإنه إذا كان لا يعرف ماذا يعني إثبات شيئ فإنه لا يمكنه الحكم على أي شيئ هل هو في حالته تلك ثابت أم لا .. وبالتالي فإن قوله مبطل لنفسه بنفسه ..
أما قول : الحقيقة نسبية .. إذا كان المسفسط يقصد أن كل ما يراه الناس حقيقة وإن اختلفوا فيه فهو حقيقة ، أي أن كل ما يراه هو مثلا حقيقة بالنسبة له فهو حقيقة .. فإنه سفسطة لأنه لو كان بالنسبة لي مثلا أن شيئا ما منعدم لا وجود له .. وكان هذا الشيئ بالنسبة لغيري موجودا غير منعدم .. فبالتالي بما أن الحقيقة نسبية بهذا المعنى سيكون هذا الشيئ منعدما وموجودا في نفس الوقت .. وهذا لا يقول به عاقل .. أما إذا كان يقصد أن كل ما حولنا هو حقيقة بالنسبة لنا فقط وليس حقيقة في ذاته .. فإنه سفسطة لأن قوله هذا نفسه إما حقيقة في ذاته وإما لا .. فإذا كان حقيقة في ذاته إذن توجد حقيقة ما وهذا تناقض .. وإذا لم يكن حقيقة في ذاته إذن انتهى الأمر .. وهكذا فإن قوله أبطل نفسه بنفسه ..
أما قول : العلم لا يوصل إلى حقيقة .. فإنه سفسطة لأن هذا القول نفسه هو إما حقيقة معلومة وإما لا .. فإذا كان حقيقة معلومة إذن وصلنا إلى حقيقة ما وهذا تناقض .. وإذا لم يكن حقيقة معلومة إذن هو قول لا يصح وهذا يكفي .. لكن المسفسط قد يحصر ذلك في اختلاف النظريات العلمية ليقول أن العلم لا يوصل إلى حقيقة .. والنظريات وإن اختلفت فإنها ما كانت لتوجد لولا وجود قدر مشترك من الحقيقة تسعى هذه النظريات لكشفها أكثر ولولا وجود نتائج مرضية بالنسبة لأصحاب هذه النظريات على الأقل تبرر وجودها وإلا لما كان هناك معنى للاستمرار في البحث العلمي بما أننا لن نصل إلى حقيقة أبدا ولما كنا سنصل إلى ما وصلنا إليه من التطور العلمي .. كما أن هذه النظريات وإن اختلفت فإنها فيما بعد ستستقر على حقيقة ثابتة ككروية الأرض مثلا كانت في وقت من الأوقات مجرد نظرية ثم أصبحت حقيقة فيما بعد لا تقبل الجدل .. فكيف يقال بعد ذلك كله أن العلم لا يوصل إلى حقيقة ..
أما قول : لا علم أصلا .. فإنه سفسطة لأن صاحبه كأنه يقول : نعلم أنه لا علم .. فهو هنا أثبت علما ما هو مقولته نفسها .. فناقض نفسه .. وهكذا فإن قوله أبطل نفسه بنفسه ..
أما قول : يمكن أن يخرج الشيئ من اللاشيئ لأن المعقولات - كقانون السببية - تكون منعدمة في اللاشيئ .. فإنه سفسطة لأن حسب فهمه هذا سيكون أيضا ما هو ضد المعقولات منعدما في اللاشيئ ، وبالتالي لا يمكن أن يحدث ما هو ضد المعقول - كخروج الشيئ من اللاشيئ - في العدم .. كما أن المسفسط بما أنه يعتبر قوله هذا من المعقولات وبما أنه قال أن المعقولات تكون منعدمة في اللاشيئ ، فبالتالي لا يجوز له أن يحتج بقوله هذا في اللاشيئ .. كما أن الإنسان لا يمكن أن يقتنع بقول أو بفكرة إلا بأسباب تبرر له الاقتناع بهذا القول أو بتلك الفكرة والعكس صحيح ، فقانون السببية إذن مطبق بداخل عقل الإنسان نفسه على كل أقواله وأفكاره التي يقتنع بها أو لا يقتنع بها ، وبالتالي بما أن قول المسفسط بإمكان خروج الشيئ من اللاشيئ هو نفسه مبني في عقل المسفسط على قانون السببية الذي أبطله في العدم فإن قوله أيضا باطل لأن ما بني على باطل فهو باطل ..hglsts' ;dt juvti ,;dt jjuhlg lui
المفضلات