بسم الله الرحمن الرحيم
كثرت الأحتفالات الدينية والسياسية في رمضان عام 1920 قبيل أندلاع ثورة العشرين بأشهر واستفحل التقارب بين الشيعة والسنة بشكل لم يشهد له مثيل من قبل في مدن العراق جميعا .
و في مدينة بغداد كان الأمر على أشدّه من تقارب وتوادد ومؤتمرات مشتركة وأحتفالات دينية تضم رجالات الدين والسياسة والمجتمع من السنة ومن الشيعة .
فمثلا كان السيد محمد الصدررجل الدين والسياسة المعروف يغادر منزله الكائن في الكاظمية يوميا لحضور الأحتفالات في الجوامع السنية ويستقل عربات ( التروماي) هو ومجموعة من مقربيه من مدينة الكاظمية حيث يسكن الى محلة الكرخ , وعندما تصل عربته منطقة الكرخ كان أهل السنة في محلات الجعيفر والسوامرة والتكارته وغيرهم يخرجون لأستقباله مع جماعته بالتهليل والتكبير وحمل الشموع وعند الوصول للمحطة تجد الأهالي بأستقباله وعلى رأسهم الشيخ أحمد الداود وغيره من علماء السنة المعروفين ويتعانق الشيخ والسيد عناقا اخويا يرمز للأخوة الحميمة بينهما .
و في تلك الليالي المباركة كانت تنظم القصائد الوطنية وتلقى الخطب الحماسية التي تدعو للتعاضد والوحدة والتحرر وفي أحد تلك الليالي قام السيد حبيب العبيدي الموصلي بنظم قصيدة شجب فيها الأحتلال الأنكليزي وتطرق فيها الى أهل البيت (عليهم السلام ) ومدحهم وذكر أسماء الأئمة الأثنى عشر واحدا بعد اخر ويقول في بعض أبياتها :
يامحبي ال النبي الكرام .... أيكون العراق ملك اللئام
وهو ميراث خير الأنام .... أفبعد الأئمة الأعلام
نحن نرضى بالأنكليز وصيا ؟
وكانت تعقد الأجتماعات بين رجال السياسة سنة وشيعة لتقديم المطالبات للحكومة الأنكليزية وتنسيق المواقف .
وفي مكان اخر كان ( الملا عثمان الموصلي ) يقوم بدور تقريبي رائع من خلال تنقله بين الكاظمية والأعظمية وهو يردد قصائد وترانيم في مدح أهل بيت الرسول عليهم السلام وصحبه المنتجبين الكرام .
وفي يوم 21رمضان يوم وفاة الأمام علي (عليه السلام ) قام أهل الأعظمية بأرسال موكب عزاء الى الكاظمية لمشاركة أهلها في العزاء فدخلوا صحن الكاظمية وهم يهزجون , وكذلك قام اهل محلتي التكارته والسوامرة بتنظيم موكب عزاء وذهبوا لمشاركة أهل محلة (الشيخ بشار ) الشيعية في الكرخ بأحتفالهم .
وبعد رمضان وفي شهر محرم ذهب موكب عزاء من الأعظمية الى الكاظمية على منوال ما حدث في شهر رمضان وهم يهزجون :
جيت أناشدكم يشيعة ..... صدك زينب سلبوها
فيجيب أهل الكاظمية :
أي وحك جدها وأبوها ..... حتى الخيام حركوها
و أعدم (عبدالمجيد كنه ) والذي كان من صناديد بغداد الذين وقفوا بوجه الأنكليز وقد جرى لجنازتة تشييع عظيم وقد اشترك به اهل الشيعة واهل السنة معا فاخرج الشيعة في التشييع اعلام مواكبهم الحسينية كما خرج المتصوفة في دفوفهم وحمل بعض الشبان الشموع بأيديهم اشارة الى ان الفقيد كان شابا وهذا يوم عرسه وقد حملت الجنازة من داره قبل الظهر ومرت في الشوارع يتقدمها اهل الدفوف والاعلام ويسير خلفها الالاف من الرجال والشبان وحاملوا الشموع وسلك النعش طريق (الفضل والميدان وجادة السراي وعبر الجسر القديم الى جانب الكرخ قاصدا مقبرة الشيخ معروف الكرخي).
وبعد ذلك وفي ذكرى المولد النبوي الشريف والذي يحتفل به أهل الأعظمية أحتفالا مهيبا وخاصا , عبر أهل الكاظمية (جسر الأئمة )الذي يربط مدينتهم بمدينة الأمام ألأعظم أبو حنيفة النعمان عبروا الى مدينة الأعظمية بمواكب يحملون فيها المشاعل والشموع لمشاركة أخوانهم السنة في الأحتفال .
وأستمر هذا التقارب الشديد والود بين الشيعة والسنة والذي سبب ازعاجا للأنكليز الذين كانوا يؤمنون بمبدأ ( فرّق تسد ) .
وفي مذكرات المس بيل السكرتيرة الشرقية للسفارة الأنكليزية في العراق تم ذكر هذا التقارب وكيف انه سبب حيرة وأزعاجا للأنكليز , وقد ذكرت ذلك أيضا لوالدها في أحدى رسائلها وسألته النصح لمواجهة هذه الحالة المتفاقمة , وقد نشرت الرسائل بعد وفاتها عام 1926 بفترة طويلة .
وعندما أندلعت الثورة كان العراق في حالة انسجام أجتماعي ساهم في توحد العراقيين تجاه عدوهم .
وأقول ... شتّان مابين أفعال ملاّ عثمان الموصلي التقريبية وبين أفعال بعض المتطرفين أمثال الزرقاوي الغريب تماما عن أخلاق أهل العراق التسامحية التعايشية الأندماجية , أفعال الزرقاوي اللعين التحريضية التي تدعو للتصارع بين السنة وبين الشيعة والذي أعلن صراحة وأمام الملأ أن عدوه الأول ليس الأمريكان المحتلين وأنما أهل البلد من الشيعة , وكذلك من السنة المعتدلين الرافضين لنهجه الدموي .
أفعاله الدموية تلك قد أتت أؤكلها نوعاما في الفترة مابين 2004 الى 2007 حينما تصاعد التوتر بين السنة وبين الشيعة أثر مهاجمة الزرقاوي لأضرحة أهل بيت النبي عليهم السلام وقتله وتمثيله بأي شيعي يقع تحت يده وكادت أن تندلع حربا أهلية لاتبقي ولاتذر بين الأخوان من السنة والشيعة لولا رحمة الله التي وسعت أهل العراق وأنبرى من الطرفين رجال شرفاء أستطاعوا بفضل الله أطفاء النار وأحباط سعيه الخبيث ..
وأقول أيضا شتّان مابين أفعال محمد الصدر انذاك وأفعال مايسمى (جيش المهدي ) الأجرامية تجاه أهل العراق ممن لايرضون بالفرقة ولايقبلون بالفحشاء من شرفاء أهل السنة , وكذلك الشيعة المعتدلين الرافضين لنهجهم الدموي .
أقول , شتان مابين دعاة الحب بالأمس ودعاة الكراهية اليوم ..
وما أروع التقارب بين المسلمين من السنة ومن الشيعة بالأمس والذي كان أحد أسبابه أناس متسامحين فائزين , وما أسوأ التباعد بينهما اليوم والذي أهم أسبابه وحوش متطرفين خائبين خاسرين .lh Hv,u hgjrhvf fdk hgskm ,hgadum ,lh Hs,H hgjfhu] fdkilh
المفضلات