للطباعة
السلفيون والإخوان.. خصوم أم شركاء ـ خالد الشافعي
خالد الشافعي | 06-03-2011 00:19
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وبعد
جماهير الإخوان مشغولة اليوم بهجوم ضارى على السلفيين ، هجوم لم يترك للسلفيين حسنة ، فهم خونة ، وعملاء للنظام ، ومغيبون ، ومخذلون . يقولون للسلفيين أين كنتم ؟ نقول : كنا نعلم الناس فقه الحيض ، والنفاس ، وأحكام النكاح ، والطلاق ، والبيوع ، كنا نرد الناس إلى ربهم ، ونستردهم من شياطين الإنس والجن ونجهزهم ليوم الخلاص ليصلوا الجُمع فى ميدان التحرير بالملايين ، دون حالة تحرش أو سرقة بعد أن سقيناهم دين الله ، كنا نُعتقل ونمضى السنوات فى المعتقلات - لا يوجد شيخ سلفى واحد لم يعتقل ولا شاب السلفى لم يتنزه مرات ومرات فى مقرات أمن الدولة - كنا نعمل بما نعتقد نحن أنه دين ، لا بما يعتقد الآخرون ، كنا نمشى فى الشارع بلحية ظاهرة ولافتة فى منتهى الخطورة تقول نحن من التيار الإسلامى ، فنُعتقل من الميكروباص ، ومن القطارات ، ونحول إلى العمل الإدارى ، ونمنع من الوظائف ، فيا ترى أيفعل هذا جبان ؟ بالله عليكم أيهما أشجع وأبعد عن الجبن ؟ من يحلق لحيته ولو متأولاً ، ويخفى توجهاته ولو معذوراً ؟ أم من يعلن عن نفسه ويقول : ها أنا ذا ؟ وهل يمكن أن يكون هذا عميلاً لأمن الدولة - ما أرخصه من إتهام يبوء به أصحابه - هل يمكن أن يصل اللدد فى الخصومة ، والرغبة فى التشفى ، والمعايرة ، وغيبوبة نصر لم تظهر ملامحه بعد ، إلى درجة أن يُتهم شيوخ الدعوة السلفية نزلاء بالعمالة لأمن الدولة ؟
أين كنا ؟ كنا نعمل باجتهادنا الذى رأيناه الحق ونتحدى أى مخلوق على ظهر الأرض أن يثبت أن قولاً واحداً من أقوالنا لم يكن متكئاً على دليل شرعى واجتهاد مقبول ؟ بغض النظر عن نتيجة الإجتهاد ، نتحدى من يناظرنا على أساس من الشرع فيثبت أننا كنا نعمل على غير الشرع المطهر .
قد أفهم أن يُتهم السلفيون مثلاً بضعف الخبرة السياسية ، أو بالإفتقار إلى القراءة الصحيحة للواقع ، كل هذا ممكن أن أفهمه وإن كنت أتفق مع بعضه ، وأختلف مع بعضه الآخر ،لكن الذى لا أفهمه هو الطعن فى النوايا ، والإتهام بالتخوين ، والأهم من ذلك : ماذا يرجو أهل الآخرة من هذا ؟ يعنى هذا الإتهام للسلفيين بفرض أنه صحيح ، ماهى الفائدة من طرحه الآن ؟ إسقاط السلفيين ؟ وماهى الفائدة من ذلك ؟ هل السبب هو الإنفراد بالكعكة ، والحصول على أكبر قدر من الغنائم ؟ وأكبر مساحة من لوحة الشرف ؟ كل هذا قد يكون مفهوماً إذا كنا نتحدث عمن يرجون وجه الدنيا ، أما من يرجون وجه الله فلا يعنيهم إلا أن يُمكن الله لدينه ، ولو لم يظهروا فى الصورة ، بل عدم الظهور فى الصورة أرجى للإخلاص والقبول .
أوسع الإخوان أن يصمتوا عن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة الآن ، رغم اعتراف شنودة بأنهما عنده ومع ذلك - ولحسابات المرحلة - وتكتيكات الجماعة الخاصة فليس هذا وقته ، ولحساب المرحلة أيضاً نضم نصارى للجماعة ، ولحساب المرحلة تم إرسال تطمينات للخارج والداخل بأنهم لا يريدون كرسى الرئاسة ولا حقائب وزارية ، ولحساب المرحلة يستنكرون الحديث عن المادة الثانية بدعوى أنها غير مطروحة للتعديل بالرغم من أن هذا لا علاقة له بالواقع ، بل على العكس فقد اعترف د/ يحى الجمل علناً أنه قدم إقتراحاً بتعديلها أو إلغائها ، ولكن هذا تم تأجيله ، كما تقدم أقباط المهجر بطلب إلى المجلس العسكرى لإلغائها ، ودعا ساويرس إلى ذلك ، واجتمعت الكنائس الثلاثة لأجله ، وطرحته الأهرام للإستفتاء ، ومع ذلك فأنتم ترون عدم إثارة الموضوع لطبيعة المرحلة ، وتريدونها دولة مدنية لطبيعة المرحلة .
وسعكم كل هذا ، وفعلتم كل هذا ، وغفرتم لكل هؤلاء ، ولم يسعكم أن تغفروا للسلفيين ما ربما ستثبت الأيام أنهم كانوا على حق فيه خاصة مع عدم وجود مكتسبات حقيقية بعد سوى تغيير بعض الأسماء والصور ، لكن هب أنهم كانوا على باطل ألا يحق لأحد أن يخالفكم ؟
بأقل قدر من الإنصاف والصدق مع النفس ، وقليل من حسن الظن تستطيعون أن تتفهموا مواقف السلفيين على إختلافها ومع إختلافى مع بعضها ، وتستطيعون أن تجدوا لهم دوافع منطقية ، فإن لم تجدوا ذلك تستطيعون ببعض أخلاق الإسلام من حسن الظن أو العفو عند المقدرة ، أو الدفع بالتى هى أحسن ، أو ترك العتاب ، أو حقوق الإخوة تستطيعون بكل هذه الخصال أن تبدأوا مع السلفيين صفحة بيضاء نقية ، دون أن تقعوا فى فخ المعايرة القبيح الذى فضلاً عن أنه فى غير محله لأنه لا حق لكم فيه مع مجتهد ، فإنه ليس من شيم الكرام ولا عمال الاخرة .
قوم يمشون فى سفر ، فبينما هم كذلك إذ نزل غيم شديد ، لم يجعل أحد يرى أبعد من موضع قدميه ، فانقسم الناس إلى طوائف فمنهم من تقدم معتقداً أن هذا هو أفضل حل ، وهناك من ذهب يميناً وشمالاً وتذبذب موقفه بفعل ضبابية الموقف ، وهناك من وقف حتى تنجلى ، فأى جريمة فعلها السلفيون ؟
أما حكاية أن علماء السلفية غيروا فتواهم ، فأقول وما العيب فى ذلك مادام تم على نفس الأصول وبنفس المنهج ، وفى أضيق الحدود ،وفى ظل واقع يتغير كل دقيقة ؟ أو لم يغير الشافعى مذهبه بالكامل حين جاء مصر أو فلنقل بعضاً من مذهبه ؟ أوليس للإمام أحمد فى مئات المسائل أكثر من قول فى المسألة الواحدة ؟ وهل ينكر منصف أن الفتوى مرتبطة بالواقع ؟ بل هذا عين رد الإخوان على شانئيهم فى حلاقة اللحية والإحتكام الى صناديق الاقتراع وغيرها من المسائل التى ينقمها عليهم من يخالفهم ، فيرد الإخوان أن تنزيل الفتاوى ينبغى أن يراعى الواقع الذى ستنزل عليه.
إذاً صار الأمر متعلقاً برؤية كل فصيل من فصائل الإصلاح الإسلامى للواقع ، ومتطلباته ، ولوجهات النظر ولتقدير المصالح والمفاسد ، وهنا لا يحق لأى طرف أن يتهم الطرف الاخر ، أو أن يشنع عليه لكن له أن يخالفه بأدب ، وأن يراجعه ليرجع ، وأن يناظره ليفهم ، أما أن تدعى أن رؤيتك هى الحق الوحيد ، وأن ماعدا ذلك فهو الباطل فهذه ديكتاتورية ذميمة ، هل يعقل أن كل من له رأى مخالف أو طرح مختلف هو خائن وعميل ومراهق سياسى ؟
أما إتهامكم للسلفيين أنهم لم يشاركوا فى الثورة أو شاركوا على استحياء ، فهذا نوع من غمط الناس ، وجحد الحق ، بل الحق الذى عليه ألوف الشهود ، وعشرات المشاهد ، والموثق بالصوت والصورة أن السلفيين كانوا بالألوف فى ميدان التحرير ، ووالله أعرف كثيراً منهم ممن شارك ، بل يقسم لى بالله من لا أتهمه أن الصفوف الأولى للثوار يوم معركة الجمل كانت مليئة بالسلفيين وأنهم هم من أكثر من ثبت وصنع إنتصار هذا اليوم .
أليس محمد عبد المقصود سلفياً ، أليس الشيخ نشأت سلفياً ، أليس الشيخ فوزى السعيد سلفياً أليس الشيخ صفوت حجازى سلفيا ، أليس الشيخ محمد الصغير سلفياً ، ما هى جريمة بيانات سلفية الأسكندرية حين طرحت وجهة نظرها من منطلق ماتراه ديناً ثم قالت أن الأمر مبنياً على المصالح والمفاسد وأن من يخرج لا ينكر عليه وكذلك من لا يخرج ، أى عيب فى ذلك ؟ هذا مع أننى أخالفهم الرأى ، وأعتب عليهم مستوى الخطاب .
أما حكاية القفز على الثورة فكلنا هذا الرجل ، أعلنتم قبل الثورة أنكم لم تشاركوا وأعلن الدكتور عصام العريان أنكم لم تلقوا بثقلكم إلا بداية من اليوم الثالث أو الرابع ، وبما أننا فى مقال مصارحة فوجهة نظرى أنه لم يكن عندكم بدائل ، لأن فشل الثورة كان يعنى مذبحة لللإخوان بعد أن ألصقها بكم النظام من أول يوم .
أعود فأقول أننى أختلف أيضاً مع السلفيين فى أساليب ورؤى لكن لا يمكن أبداً أن أشنع عليهم لأنهم تبنوا رأياً فقهياً معتبراً ويحتمله الدليل .
أخيراً هبوا أن السلفيين لم ينفقوا قبل الفتح ، بل كانوا على غير الإسلام ، وقاتلوكم قبل الفتح - أو قبل الثورة - وقتلوا منكم ثم هداهم الله يوم الفتح وتابوا وقالوا نخدم معكم الإسلام ونعوض ما فات ، فهل يقول عاقل : لا ، حتى تطأطاوا رؤوسكم ، وتضعوا وجوهكم جهة الحائط ، وتعلنوا أسفكم وندمكم ، وأنكم كنتم حمقى سفهاء وأننا كنا عباقرة زماننا ، يعنى أنا مندهش من دهشة الإخوان لمبادرات السلفيين وحركتهم فى كل أنحاء القطر ، أناس كانوا محبوسين فى سجن ، ولم يقاوموا السجان بينما قاومه آخرون ( أنا أتنزل وأفترض أسوأ التفسيرات وأدناها قطعاً لباب الجدال ) قام آخرون بمقاومة السجان حتى قتلوه وفتحوا أبواب السجن ، هل من العقل أو العدل أو المروءة أن يقولوا لمن لم يقاوم ( مع أنه قاوم ) هل من العدل أو العقل أن نقول له انت لم تقاوم لذا لا يحل لك أن تسترد حريتك أو تستفيد منها ؟ أنت كنت صامتاً فينبغى أن تستمر على صمتك !! أى عقل هذا ؟ أنا أتساءل هل يمكن أن يكون الكلام عن العمالة والتخوين والتخذيل فى هذه المرحلة لوجه الله ؟ أعنى هب أن السلفيين تخلفوا عن الجيش مثل ما فعل كعب ابن مالك ؟ أو أفشوا سر الرسول كما فعل حاطب أو تركوا الجبل كما فعل الرماة فى أحد ، بل هب أنهم ارتدوا عن الإسلام ثم عادوا وتابوا ، أليست التوبة تجب ما قبلها ؟
بقى أن أقول أنا ما كتبت هذا إلا دفعاً للظلم ورداً عن الشرفاء وأخذاً على يد أخوة نحبهم ، كتبت ذلك بعد أن بح صوتى لجمع الكلمة وتوحيد الصف ونبذ الخلاف ودعوها فإنها منتنة لكن فى النهاية لما بغى إخواننا علينا لم نجد سوى ردهم مع بقاء محبتنا موفورة .
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيمhgho,hk ,hgsgt
المفضلات