يهودية اسرائيل ادعاء يضيف اسطورة جديدة للاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية بقلم: عبد الغفور عويضة
تاريخ النشر : 2009-11-27
بقلم: عبد الغفور عويضة
تحدث الكاتب روجيه جارودي عن الاساطير التي ساهمت في صنع الدعاية الصهيونية العالمية التي كانت ذات تاثير كبير على المجتمع الدولي، و استدرت عطفه احيانا و اشترته احينا اخرى لتاتي الموافقة على انشاء كيان صهيوني بناء على رغبة هرتزل في فلسطين، تلك الاساطير التي تمخض عنها وعد بلفور و ما تلاه من سياسة داعمة ومن بعدها السياسة الامريكية في جميع فترات حكمها، جارودي تحدث في كتابه عن اسطورة الارض الموعودة، و اسطورة الارض بلا شعب لشعب بلا ارض، و اسطورة الهولوكوست او المحرقة النازية لست ملايين يهودي في اوروبا الذين يدعون ان هتلر قد احرقهم و اسطورة عدالة نورمبيرغ، و الان فان نتنياهو و اقطاب حكومته اليمينية عن اسطورة جديدة تضع الحجر الاخير في بناء الدولة العنصري القائم حتى الان و يبدو ان نتنياهو و اقطاب حكومته متشددين في مطلبهم هذا و هو مطلب سياسي اكثر منه ديني فكما قامت هذه الدولة في بداياتها على اساطير دينية ذو استغلت لاهداف سياسية صهيونية كما هو وارد في مذكرات ثيودور هرتزل فان الحجر الاخير يعتمد الاساس نفسه، غير ان هناك حقائق قد اغفلها السيد نتنياهو، و تساؤلات كثيرة يتوجب على السيد بيبي الاجابة عليها بينه و بين نفسه لانها تتعلق باليهودية، و اولها من هو اليهودي؟ و ما هي اليهودية؟اهي دين ام حركة سياسية ؟؟ و هل حقا ان كل " يهود" العالم يعتزون بمواطنتهم في اسرائيل؟ و ان كان حلم نتنياهو قد اكتمل هكذا و اراد ان يعلن يهودية الدولة فهل اكتمل الحلم التوراتي؟ و ما هو موقف اليهود من دعوة نتنياهو هذه و اقصد هنا المعنى الدينى و ليس الاسرائيلي العلماني؟.
ان لدى المجتمع الاسرائيلي غير العربي نزعة هتلرية، اصبحت جزءا لا يتجزأ من تركيبهم الجيني، فاذا كان هتلر قد قال يوما بنقاء الجنس الآري فان اليهود قالوا نحن شعب الله المختار و تلك عنصرية لا يضاهيها عنصرية على هذه الارض، غير ان في هذا الادعاء تناقض ... و أي تناقض هذا؟؟ هذا التناسق يبدو جليا اذا القينا نظرة من الداخل على المجتمع الاسرائيلي و نظرنا الى تركيبته الاجتماعية نجد ان عنصر النقاء اليهودي غير موجود فيه ، و انا هنا وللامانه لا نريد ان نقول البته بل ان هناك نسبة قليلة جدا من اليهود ذو النقاء غير ان الغالبية العظمى لا تتمتع بهذا النقاء لان هناك حدث امتزاج جيني على مر آلاف السنين منذ السبي البابلي الاول و الثاني حيث تشتت اليهود في قارات العالم القديم الثلاث و العالم الجديد حديثا فمثلا نلاحظ التمازج السلالي عندهم فمنهم من يوصف بالسلالة القوقازية واخر بالمنغولية وثالث بالزنجية وهذا لا يدل على النقاء الطبيعي او الاصل السامي الواحد الذي يدعون زورا انهم ينتمون اليه ويظهر الامر جليا اذا تتبعنا الاصل الجغرافي لليهود نجد انهم من بني يعقوب"اسرائيل" الذين سكنوا البادية المصرية وقدموا الى مصر العليا حيث كان يوسف عليه السلام قد استلم خزائن الارض واستعمروا هناك الى قدوم موسى عليه السلام وقصة خروجهم معه ودخولهم الارض المقدسة بعد ان اعتمدوا القتل والتدمير في دخولهم هذا وما يكسر نظرية النقاء هذه ان هناك كثير من الاختراقات التي حدثت للجماعات اليهودية المتعاقبة على مر العصور عن طريق الزواج الذي لا يزال محط جدل في الكنيست الاسرائيلي حتى ايامنا هذه التي لم تتوصل حتى الان الى الاجابة عن السؤال الملح ،من هو اليهودي؟؟؟
فهناك رأي يقول انه من كان ابوه يهوديا فهو يهودي وهذا مناف للديانة اليهودية نفسها لان اليهودية تتبع نسب المولود لامه فمن كانت امه يهودية فهو يهودي الامر الذي اوقع _ ايضا_ اليهود في مطب كبير فهناك الكثير من اليهود و قد تزوجوا من غير اليهوديات و يقيمون الان مع زوجاتهم في اسرائيل فماذا يصنف ابناؤهم حسب الديانة اليهودية ، و يقال ان هذه القضية قد حلت بان تعتنق اليهودية لكن بشرط ان يشهد لها اربعة من الاحبار (علماء الدين عند اليهود) بعد ان تقف امامهم لتستحم عريانة تماما و هو امر شبيه بالتعميد في الديانة المسيحية، و هذا الامر انكرته مؤسسات حقوق الانمسان و جمعيات المجتمع المدني في اسرائيل حتى توقفوا عن هذه الممارسة التي اعتبرت انتهاكا لحقوق المراة و لا تنسجم و السلوك الحضاري و الديموقراطي، و هذه الدلائل تدل على التناقض بين ما يقتضيه الدين اليهودي و ما يقتضيه دين الواقع العلماني في اسرائيل، فكيف يطالب نتنياهو العرب و الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية الدولة ولم تعترف الدولة نفسها بيهوديتها بعد؟ و هو نفسه يُشك في يهوديته و يهودية مواطنيه في دولته، هنا لا يخفى على احد ان الهدف من الاعتراف بيهودية الدولة هدف سياسي محض و يهودية الدولة هذه اسطورة اسرائيلية جديدة تُجير لاهداف سياسية و استعمارية.
نظرة اخرى على الواقع الديني في اسرائيل ، نجد ان هناك تناقضات كثيرة في هذا المجتمع في كثير من الامور، فمن ناحية الشعور الوطني الديني يبدو ان هناك شرخا كبيرا بين انتماء الاسرائيلي الديني و الانتماء لوطنه هذا الشرخ دعا اليهود الى رفض قيام دولة اسرائيل لايمانهم ان اليهودية ديانه لا يجب حصرها في بقعة جغرافية ذات حدود، كما ان قيام اسرائيل يتناقض مع النصوص التوراتية التي تتحدث عن عقيدة المُخلص الذي سيظهر و يجمع شتات اليهود و ينصرهم على اعدائهم و هناك جماعات يهودية تنحو هذا المنحى امثال جماعة ناطوري كارتا (حراس المدينة) و التي تتخذ من بروكلين مقرا لها و غيرها من الجماعات، و هنا لا بد من سؤال ما هو مدى فخر الاسرائيلي الحقيقي بدولة كدولته و اذا صرفنا النظر عن الاغراءات المادية التي تقدمها اسرائيل لمن تسميهم بالقادمين الجدد كاغراءات قانون الجنسية و السكن و الاغراءات المالية؟ و ما مدى الجدية من قبل هذا اليهودي او القادم الجديد الذي لا تعرف هويته الحقيقية التي ترتبط باللغة العبرية ؟ الا توجد هناك مجموعات يهودية قدمت الى اسرائيل و اقامت فيها منذ زمن بعيد و لا زالت تتحدث لغة البلد التي قدمت منها كاللغة الروسية او اللهجة المغاربية العربية؟ الم تنشا في اسرائيل محطات اذاعة تخاطب اليهود بلغات غير العبرية؟ أليس هذا تناقضا او ازدواجية في الشخصية الاسرائيلية و ضياع بين الدين اليهودي و ما يقتضيه من التزامات و بين الوطن و بلاد المولد التي فرضت عليهم ثقافة معينة اصيلة من الصعب ان تذوب في ثقافة حاول القادة الصهاينة من لدن هرتزل الى نتنياهو ان يصطنعوها لهم في دوله تعتمد على القتل و الاحتلال و التدمير و العيش على جثث ابناء الوطن الاصلي .
اما من ناحية الشعور الاجتماعي الديني فان نظرة المواطنين اليهود الى بعضهم لا تعتمد على اسس دينية ولا تعاملهم يعتمد على هذا الاساس بشكل مطلق، بل انه يعتمد على تصنيف اجتماعي تبعا للمجتمع الذي انحدر منه الفرد قبل قدومه الى اسرائيل بغض النظر عن الدين الواحد الذي يدعون انه يجمعهم، فهذا اشكنازي و هذا سرفادي و ذلك شرقي و اللاخر غربي و ذلك افريقي كوشي و غير ذلك و هذه التقسيمات ليست كلاما عابرا بل هي بمثابة الهوية او تصريح العبور او كرت الـ" بلانش" الذي يحصل بموجبه الاسرائيلي اليهودي على الامتيازات التي تقدمها الدولة كتولى المناصب الحكومية او الوظائف او المساعدات المعيشية و هذا هو الاساس المعتمد في التصنيف دون النظر الى الجانب الديني او المواطنة في الدولة، فنحن و العالم لم نلحظ في تاريخ الدولة الصهيونية ان تولى "يهودي" افريقي منصب رفيع في الدولة فالين اليهودية التي يدعو نتنياهو الى بناء دولة على اساسها .
شعور ثالث يسود فيه هذا التناقض في دعوة اليهودية ، و هو الشعور الديني السياسي ، وفي هذا الجانب لا اعتقد ان بين هذان الجانبان شيئا من الترابط الا بقدر ما يخدم الاهداف الاستعمارية و الاحتلالية للصهيونية الامر الذي نجده واضحا في مذكرات المؤسس الاول للصهيونية و تحديدا في مراسلاته مع الحكومة البريطانية قبل الحصول على وطن قومي لهم في فلسطين فهو يقول في احدها""" فانا لا غنوصي" أي انه لا يخضع لاي دافع ديني بقر ما هي ميول استعمارية احتلالية مغلفة بغلاف ديني و باحلام الارض الموعودة من الرب و الهيكل المزعوم و عودة المخلص _ تناقضان قيام دولة اسرائيل_ و الحنين لايام النبي داوود عليه السلام الذي قتل جالوت ملك القوم الجبارين، و هنا فان الرغبة الاحتلالية العنصرية و العاطفة الدينية التي تغذيها النزعة التلمودية ولا اقول التوراتية يسيران بانسجام تام غير انها بعيدة كل البعد عن المبادئ العامة للديانة اليهودية و ما يؤكد ذلك إقدام المتطرف "ايجال عامير" على اغتيال اسحاق رابين لانه شعر بانه اخل في الوعود الالهية التي قطعها الصهاينة على انفسهم منذ البداية،هذا من جانب و من جانب اخر فان اسرائيل التي دعا نتنياهو الى الاعتراف بيهوديتها مخالفة لعقيدة المخلص اليهودي و هنا نلقي نظرة على عقيدة الطائفة اليهودية الفلسطينية ( الطائفة السامرية) تلك الطائفة التي نعترف واقعيا و تاريخيا بيهوديتها الحقيقية سلاله و جينيا و تاريخيا بل و دينيا و رحما ايضا فهم كما يقال ابناء عمومة بالعودة الى بنوتهم لاسحاق ابن ابراهيم ابو اسماعيل عليهم اتم الصلاة و افضل السلام و لنقارن عقيدتها بالدينية بالعقيدة التي يحملا نتنياهو و من دار في فلكه ممن يدعون اليهودية، و لنلقي نظرة اخرى على اراء جمعية ناطوري كارتا المناهضة لقيام اسرائيل ، و نظرة ثالثة الى حركة الهجرة العكسية التي تحدث في اسرائيل في حالة حدوث الحرب او تهديد الامن ، فعن أي انتماء وطني و عن أي يهودية للدولة يتحدث السيد بيبي؟؟.
ان حديث نتنياهو الاخير امام الكنيست و تأكيده على الاعتراف باسرائيل من قبل العرب و الفلسطينيين كشرط اساسي لاستئناف المفاوضات و الوصول الى حل سلمي انما هي دعوى سياسية و ما يهودية اسرائيل الا اسطورة جديدة يهدف من خلالها الى تكريس الاحتلال و انهاء القضية الفلسطينية و الى الابد فيهودية اسرائيل تعني طرد الفلسطينيين من الارض الفلسطينية المحتلة في العام 1948 و انهاءا لقضية اللاجئين و تاكيد الحق الاسرائيلي في القدس واي فعل ستقوم به بعدها سيكون مبررا تلقائيا امام العالم، ومن هنا فان مجرد التفكير العربي او الفلسطيني بالاعتراف ف بدعوة نتنياهو هذه يعني شيئا واحدا ليس له ثاني يعني دق المسمار الاخير في نعش القضية الفلسطينية و بذلك لا ننتظر شيئا الا ان نشيعها الى مثواها الاخير، ولا نريد هنا شيئا من الاعترافات المبطنة او الملتوية لا سيما اذا كانت موقعة رسميا كالقول "بدهم اياها يهودية فليكن دولتهم و هم حرين فيها" لا ليست دولتهم و ليسوا حرين فيها بل انها قضيتنا و نحن ملزمين بها و بالدفاع عنها بكل الوسائل للوصول الى التحرر الحقيقي... و الحقيقي فقط.
http://pulpit.alwatanvoice.com/content-181106.htmldi,]dm hsvhzdg h]uhx dqdt hs',vm []d]m gghsh'dv hglcssm ggsdhsm hghsvhzdgdm
المفضلات