السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتبه/ أحمد فوزي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
فإن أمر العقيدة في الله -تعالى- لمن أهم الأمور والقضايا التي حرص الأنبياء على إجلاء أمرها لئلا يكون فيها لبس على الناس، فكان محور دعوتهم إخلاص العبادة لله - تعالى- بتوحيده -جل ثناؤه- ونفي الشركاء والأضداد عنه، قال -تعالى-: (وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُالدِّينَ)(البينة:5)، ولم يأت نبي يبلغ رسالة الله إلى الناس إلا قال لهم: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ)(الأعراف:59).
قانون الإيمان عند النصارى:
ينص قانون الإيمان عند النصارى على ما يلي:) نؤمن بإله واحد الآب، ضابط الكل، وخالق السماء والأرض وكل ما يُرى وما لا يُرى، نؤمن برب واحد، يسوع المسيح ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوي الآب في الجوهر، الذي على يده صار كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس، ووُلد من مريم العذراء، وصار إنسانا).
وهذا ليس بقانون إيمان، بل هو قانون الكفر، وأسرع طريق لدخول جهنم:) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْبِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَالِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ . لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْيَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌأَلِيمٌ))المائدة:72-73).
هل ورد هذا الاعتقادفي كتابهم؟
عند النظر والتأمل في كتابهم -المسمى بالمقدس- لا نجده ذكر شيئًا عن عقيدة التثليث مع ما فيه من تحريف، بل فيه نصوص كثيرة صريحة في بيان توحيد الله -تعالى- مثل ما ذكر في سفر التثنية (6/) :(4اسمع ياإسرائيل الرب إلهنا رب واحد)، وفي إشعيا (44/) :(6أناالأول وأنا الآخر ولا إله غيري)، وفي إشعيا (45/) :(5أنا الرب وليس آخر لا إله سواي) وفي ملوك ثاني (19/15)) :أنت هو الإله وحدك بكل ممالك الأرض).
بل قد ورد في العهد الجديد ما هو أصرح من ذلك دون فلسفة أو تأويل، وهو ما ذكر في إنجيل يوحنا (17/3): (وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته).
فهذا كتابهم حتى بعد تحريفه ليس فيه ما يذكرونه مما يسمى بقانون الإيمان، وهو ليس بإيمان بل هو الكفر على الحقيقة. فسبحان الله كيف يتركون ما دعاهم إليه نبيهم إلى اعتناق تلك الخرافات الوثنية؟!
(وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَقُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَسُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُقُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِينَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)(المائدة:116).
إذن... كيف وصل هذا الاعتقاد إلى النصارى؟
قال -تعالى-: (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُومِنْ قَبْلُ)
التوبة:33)، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى هذه
الاية "قالوا مثل ما قال أهل الأوثان".
وأهل الأوثان مثل الفراعنة والهنادكة والبوذيين والبابليين ونحوهم...
ولعمري إن هذه الآية من دلائل الإعجاز على صدق محمد -صلى الله عليه وسلم-، فأنى له أن يطلع على قول الذين كفروا من قبل، وأن مقالة النصارى مشابهة لها إلا إن كان الله أوحى له بذلك وأطلعه عليه؟؟
وفكرة التثليث أي: تجسد الإله في ثلاثة أقانيم فكرة موجودة في الوثنيين السابقين لظهور النصرانية، ولم تدخلها إلا في القرن الرابع الميلادي حيث تشكلت بواسطة راهب مصري يدعى "أثانا سيوس"، وتمت الموافقة على ذلك في الجامعة المسكونية.
جاء في دائرة المعارف الفرنسية عن "جوستن مارستر" وهو مؤرخ لاتيني عاش في القرن الثاني: "أنه كان في زمنه في الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح ويعتبرونه إنسانا بحتا، وإن كان أرقى من غيره من الناس. والنصرانية كانت بين شقي رحى: بين اضطهاد اليهود وتنكيل الوثنية الرومانية".
ففي سنة 325 عقد مجمع نيقية بقسطنطينية -الذي يجمع كل أساقفة العالم- وحضره "2408 أسقفا"، وذلك لتحديد من هو المسيح، فتناظر المجتمعون وقرر أغلبهم "1731 أسقفًا" أن المسيح كان إنسانا وهو عبد الله ورسوله، وعلى رأس هؤلاء عبد الله بن أريوس، وهو الذي كان على مذهبه هرقل زمن النبي- صلى الله عليه وسلم-.
لكن "أثانا سيوس" الذي كان راهبا بكنيسة الإسكندرية ومعه "317 أسقفًا" فقط أعلنوا أن المسيح إله تجسد، ومال قسطنطين الذي كان على وثنيته إلى هذا الرأي، وطرد أريوس وأتباعه، وحدث بعد ذلك التنكيل والتعذيب للموحدين.
ثم حدث سنة "381" أن عقد مجمع آخر بقسطنطينية حضره "150 أسقفا" وقرر فيه أن الروح القدس هو إله من جوهر الله. فاكتمل بهذا القول بالتثليث...
التثليث في الأمم المتقدمة:
(1) التثليث عند الهنود:
يقول مافير في كتابه "نخلة شفوات" المطبوع سنة 1895م -والذي ترجم إلى العربية عام 1913م- يقول: "لقد ذكر في الكتب الهندية القديمة التي ترجمت إلى الإنجليزية شارحة عقيدة الهنود القدماء ما نصه: نؤمن "بسافستري" -أي الشمس- إله واحد ضابط الكل، خالق السموات والأرض وبابنه الوحيد "آتي" -أي النار- نور من نور مولود غير مخلوق تجسد من "فايو" -أي الروح- في بطن "مايا" -أي العذراء-. ونؤمن "بفايو" الروح الحي المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يُسجد له ويُمجد.
فهل هناك من فرق بين هذا الاعتقاد وبيناعتقاد النصارى السابق؟؟؟
(2) التثليث عند البرهميةالهندوسية:
لهم ثلاثة أقانيم يعبدونها:
- "برهما": الإله الخالق مانح الحياة.
- "بشنو" أو "فشنو" أو "يش": الذي خلق في المخلوقات قبل العالم من الفناء التام.
-" سيفا" أو "سيوا": الإله المخرب المفني.
وهذه الأقانيم الثلاثة هي لإله واحد في زعمهم، والإله الواحد هو الروح المعظم واسمه "أتما".
وكما نجد عندهم أن بعض الآلهة حل في ناسوت "كريشنا"، وهو نفس اعتقاد النصارى أن اللاهوت حل في ناسوت عيسى.
(3) التثليث عند قدماءالمصريين:
عبد المصريين آلهة متعددة لاسيما مثلثة الأقانيم منها: "أوزيريس" الأب، و"إيزيس" الأم، و"حورس" الابن.
فاعتقدوا أن إلههم هذا مولود من والده ووالدته، وهو أيضا إله واحد بثلاثة أقانيم يمثل فيها أوزيريس إله عين الشمس "رع"، وهو الإله الخالق باسم "حنوم"، وهو الإله المعلم الحكيم باسم "توت"، ومع هذا كله فإنه إله العالم الآخر.
(4) التثليث عندالسومريين:
والسومريون كانوا يعبدون ثلاثة آلهة ذكور هم: "آنو" إله السماء و"أنليل" إله الهواء، و"أنكي" إله الماء.
هذه الاعتقادات كلها تبين لنا كيف وصلت عقيدة التثليث الوثنية إلى النصارى...
نداء إلىمعتنقي التثليث:
إن عقيدة التثليث بغموضها وبُعدها عن الحق ومخالفتها الصريحة لما جاء به الأنبياء جميعا عقيدة ضاربة في جذور الوثنيين من قبل، ولكن العجب كيف صارت أصلا يعتقده النصارى ويبنون دينهم عليه، مخالفين بذلك جميع أنبياء الله -تعالى- الذين دعوا إلى توحيده وإخلاص العبادة له.
ونحن إذ بينا أصل اعتقاد النصارى نناديهم بما ناداهم الله به كي يوحدوه وحده لا شريك له) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَاوَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَيَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْفَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)(آل عمران:64).
(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْعَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُاللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْبِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْإِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَافِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلا)(النساء:171 )
http://www.salafvoice.com/article.php?a=2544Hev hgurhz] hg,ekdm td hgjegdj
المفضلات