بسم الله الرحمن الرحيم
أحيانا يكون الصمت أبلغ من الكلام
أحيانا التوضيح يفسد المعنى الصريح
ببساطة...أقدم لكم ألى هدية فى الوجود....(الحقيقة)
من مؤلفات و ترجمات الاب بولس الفغالى:
دورى سوف يقتصر على بعض التعليقات البسيطة باللون الأحمر
و أترك للأخوة التعليق........
لقد تعمدت نقل الموضوعات كاملة حتى لا أتهم بالمونتاج(القصقصه):
و لكن فى البدايه:
لابد ان نعرف معلومه مهمه جدا
بخصوص الرسائل الوارده فى العهد الجديد:
معرفة اسم الكاتب شرط اساسي لقانونية الرساله
1-
بولس ورسائله يوم الـخميس الفصل التاسع والعشرون: الرسائل البولسيّة الثانية :
الفصل التاسع والعشرون
الرسائل البولسيّة الثانية
إن رسائل بولس الأصيلة، هي أقدم كتابات العهد الجديد، وقد دُوّنت بين سنة 50 وسنة 64 أو ،67 سنة موته. ولكن حتى قبل أن تدرك هذا الوضع القانوني، كانت أقدمَ أدب مسيحيّ. لا نعرف عددها بالضبط، لأن عددًا منها قد ضاع(1)، ولأننا لا نستطيع أن نميّز بدقّة، بين تلك التي حُفظت لنا، الرسائلَ الأصيلة، والرسائل التي استعارت اسم بولس. فعند موت بولس قاربت رسائله العشر(و ليس14 ان لم يكن أكثر). إذن، قبل تدوين الأناجيل، ظهرت مجموعة صغيرة من الكتابات المسيحية. ثم صارت مرجعًا يرجعون إليه، بشكل تدريجيّ. وجاءت الجماعات المسيحية تستقي منه معلومات، وتبحث فيه عن حلول لأسئلة طُرحت عليها. وقبل أن تأخذ وضع كتاب مسيحيّ بشكل مطلق، كانت منذ ذلك الوقت مجموعة مكوّنة يرجعون إليها.
وبولس نفسه عاد كثيرًا في كتاباته، إلى الكتاب المقدّس كما عرفته اليهوديّة، إما بإيرادات صريحة، وإمّا بتلميحات. ومنذ القرن الأول وُجدت شهادات تقول إنهم كانوا يعودون إلى بولس. وأعطي عن ذلك مثلين. نجد الأول في 2تس التي أعتبَرُها مع عدد كبير من الشرّاح المعاصرين، أنها استعارت اسم بولس. يقول الكاتب إلى قرّائه: ((لا تتزعزعوا سريعًا عن ذهنكم ولا ترتاعوا، لا بوحي نبوي ولا بكلمة ولا برسالة كأنها منّا فتجعلكم تظنّون أن يوم الربّ قد حضر)) (2تس 2: 2). ونقرأ في نهاية الرسالة أيضًا: ((السلام بيدي، أنا بولس، هكذا أوقّع كل رسالة. وهكذا أكتب)) (2تس 3: 17). مثل هذا الكلام يدفعنا إلى القول بأن 2 تس استعارت اسم بولس. وفي الوقت عينه، يدلّ على أن بولس صار يوم دوّنت هذه الرسالة، المنشئ الأوّل للرسائل في العالم المسيحيّ. وعُرفت رسائل أخرى لبولس، وانتشرت. فعادت إليها الجماعات المسيحيّة، وهذا أمر لا شكّ فيه.
والمثل الثاني الذي هو معروف هو مقطع من 2 بط يذكر الرسائل البولسية. ((واحسبوا أناة ربنا خلاصًا، كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضًا بحسب الحكمة المعطاة له. وهذا ما يقوله أيضًا في جميع الرسائل التي يتكلّم فيها عن هذه الأمور. فيها أشياء عسيرة الفهم يحرّفها الجهّال وضعفاء النفوس، كما يفعلون في سائر الكتب المقدّسة، لهلاك نفوسهم)) (2 بط 3: 15-16). إذا كان الجدال لا يزال قائمًا بالنسبة إلى 2تس، فبالنسبة إلى 2بط، لم يعد من جدال تقريبًا: إن توافقًا واسعًا من الشرّاح يعتبرأن هذه الرسالة استعارت اسم بطرس،(بالمرة) ويرى أنها تعود إلى سنة 130(2). فالطريقة التي بها صارت الرسائل البولسيّة مرجعًا هي واضحة هنا أكثر ممّا في 2تس. تحدّث الكاتب عنها، وجعلها بجانب ((سائر الكتب))، أي الكتاب المقدس بعهده القديم. فدخلت في نواة القانون المسيحي الذي كان موجودًا في ذلك الوقت.
ونتائج هذا الوضع الفريد في الأدب المسيحي، هو أن بولس سيقتدى به كما اقتُدي بأجلّ النصوص في العهد القديم. وكانت كتاباتٌ امتدادًا لكتاباته. فدوّن تلاميذه ((رسائل)) وجعلوا ما دوّنوه تحت اسمه. ذاك هو المبدأ الذي يتكلّم عن الرسائل البولسيّة الثانية.
1 - اعتبارات عامة حول استعارة الاسم في الكتابة
قبل أن ندرس بتفصيل أكثر، مسألةَ الرسائل البولسيّة الثانيّة، يجدر بنا أن نلقي نظرة عامة إلى استعارة الاسم في الكتابة. هذه الظاهرة التي انتشرت انتشارًا واسعًا في عالم البحر المتوسط القديم، تضايق الباحثَ المعاصر الذي يهتمّ اهتمامًا خاصًا بالملكيّة الأبديّة ويشعر ببعض الاحتقار تجاه مؤلّفات تقلّدُ من سبقها. أتكلّم هنا بشكل خاص عن العالم الغربي.
ولكن الوضع بدا مختلفًا في العالم القديم. فقد نُفرط إن قلنا إن الملكية الأدبيّة لم تكن موجودة. فالمزاحمات بين الكتّاب ظلّت مشهورة. مثلاً، تلك التي جعلت المواجهة بيت شاعرين يونانيين كاد الواحد يعاصر الآخر، هما ايسخيليس(3) واوريبيديس(4). ورأت رومة خطر الاقتداء بالكتّاب الكبار يتّخذ حجمًا مقلقًا، فاتّخذت الدولة اجراءات قانونيّة في القرن الأول المسيحيّ تضع حدًا لهذه الظاهرة. ومهما يكن من أمر، فتلاميذ الخطباء والفلاسفة العظام اعتادوا أن ينشروا باسم معلّميهم مؤلّفات حسبوها التعبيرَ الأمين لهؤلاء المعلّمين. والأمر معروف بالنسبة إلى أفلاطون(5).
وهذه الظاهرة التي انتشرت في العالم اليوناني والرومانيّ، وُجدت أيضًا وبشكل أوسع في العهد القديم، الذي هو مجموعة كتُب ارتبطت بجماعة لم يوقّعها أغلبية كاتبيها. فداود هو أبو المزامير. وقد جعل التقليد تحت اسمه عددًَا كبيرًا من المزامير المئة والخمسين. وكان سليمان الحكيمَ الحكيمَ، فصار كاتب سفر الجامعة والأمثال وبعض الكتب الأخرى. بل صار صاحب سفر الحكمة (حكمة سليمان) الذي دُوّن في اليونانيّة قبل بداية المسيحيّة ببعض عقود من الزمن.
وبعبارة أخرى،(ركز فى الى جاى) ورغم التحفّظات التي نربطها بهذه التأكيدات، فتلميذ يكتب ويختبئ وراء اسم معلّمه، ليس كاتبًا مزيّفًا، إلاّ إذا توخى من كتابته أن يمنح لتعاليمه الشخصيّة سلطة لا يحقّ له بها. بل إن من مدّ فكر المعلّم، دلّ على تكريمه وعلى خصب فكره حتّى بعد موته.(هالولويا ...يعنى ممكن نعتبر تفسيرات البابا شنودة فى وطنى مثل :فى الليل على فراشى ..زاصحاحا تاسعا للنشيد.......)
3 - 2تس والاسكاتولوجيا
إن الضرورة (وذى ما انتو عارفين :الضرورات تبيح المحذورات)التي أحسّت بها الكنائس لتكتب في امتداد القديس بولس، وُلدت من مسائل جديدة طُرحت على الحياة المسيحيّة، فلم يعالجها الرسول نفسه ولا الكتابات المسيحيّة اللاحقة مثل الأناجيل الازائية وأعمال الرسل. ومن هذه المسائل بلبلاتٌ حصلت في نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني. ونحن نجد آثارًا عنها في رسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية. واجهت الكنيسة صعوبات داخليّـة وخارجيّـة بعد انتشار متنام للانجيل في حوض البحر المتوسّـط وفي الشرق الأوسط كله. ومن هذه الصعوبات اضطهاد دوميسيانس. كان الأولَ بين اضطهادات نظّمها الامبراطور فتوسّعت توسّعًا كبيرًا. بدأت في رومة نفسها سنة 93، فوصلت إلى أسرة الامبراطور بالذات، ساعة تعاطف أعضاء العائلة مع المسيحية أو اليهوديّة. وامتدّ الاضطهاد فوصل إلى آسية الصغرى وفلسطين، وكوّن في مخيّلة المسيحيين صورة عن قوى تُعارض مُلك المسيح. والمثلُ المشهور جدًا هو وحش سفر الرؤيا. كانوا يظنّون أن الشيطان سيهاجم الكنائس بعنف، وأن النهاية صارت قريبة. فنتج عن كل هذا اضطرابات بدأت مع انتظار خائف وجامد لكوارث مقبلة، وانتهت بالكسل والمجون.
نجد هذا الوضع في خلفيّة 2تس التي ندّدت تنديدًا بتصرّف أشخاص يعيشون على حساب الآخرين (2تس 3: 8-12).: ((من لا يريد أن يعمل، لا يحقّ له أن يأكل... فهؤلاء نوصيهم ونناشدهم في الربّ يسوع أن يشتغلوا بهدوء ويأكلوا من خبز كسبوه بأنفسهم)).
ولكن بأية وسائل نوجّه هذه التحذيرات الضروريّة؟(يا ترى اذاى؟؟؟) نعود إلى كاتب مسيحيّ كرّس رسالة للمسائل الاسكاتولوجيّة: هو بولس في الرسالة الأولى إلى التسالو###يين. فانبرى كاتب نجهل اسمه. عاش بلا شك في جماعة طُرحت فيها هذه المسائل المشار إليها بشدّة، فدوّن رسالة ثانية إلى التسالو###يين وجعلها تحت سلطة المعلّم. هي براهين عديدة تؤكّد أننا أمام مؤلَّف مقلَّد. ففي مقاطع عديدة،(امال لية بتضحكوا على البسطاء وتسموها رسالة بولس ..زقولولهم الحقيقة بقى) تكتفي الرسالة بأن تستعيد نصّ 1تس بألفاظ قريبة جدًا. وهكذا يكون الكاتب في الحقّ ويتحاشى الخطأ(أمال ليه ظهرت الحواشى؟؟؟). ثم أضافت هذه الرسالة إلى كل هذا، عناصرَ جديدة أخذتها من الوضع الجديد وهي: البطالة والمجون. إن هذا الوضع الذي عرفته الكنيسة في نهاية القرن الأول، جعلها تغرق في الاضطرابات. لهذا، حثَّت 2تس المؤمنين على تصرّف أخلاقيّ أكثر تطلّبًا. كما قدَّمت مقطعًا عن الاسكاتولوجيا، هو حضّ على الاعتدال والرجاء. ستأتي نهاية الأزمنة. هذا ما لا شكّ فيه. ولكنها لا تأتي في الحال. فلماذا نتوقّف عن الحركة والعمل؟ وقدّم كاتب الرسالة قراءة لعلامات الأزمنة، بدت بشكل استعراض لاضطرابات انتشرت في الكنيسة، ونحن نوجزها كما يلي: إن العلامات السابقة لنهاية العالم ليست بعدُ هنا.
هذا المقطع الذي لا يخلو من ارتباط مع تعليم رسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية والمدرسة اليوحناويّة، نقرأه في 2تس 2: 1-12 الذي يقدّم لائحة عن العلامات السابقة للنهاية. بعضها يُدعى بألفاظ مجرّدة: الكفر أو الجحود والارتداد(6). الشرّ أو اللاناموس أو المعصية(7). هذه اللفظة الأخيرة ستتوضّح بعض الشيء في عبارة ((سر المعصية)) (أو سرّ الإثمّ) في آ 7. ويصوّر الكاتب ما يتوقّعه من ثوران في نشاط إبليس (آ 9-10). ويدعو الشخص السرّي، الذي يتميّز عن إبليس، كما يبدو، ((رجل المعصية)) (آ 3)، ((ابن الهلاك))(8) (آ 3)، أو بشكل أبسط ((الكافر))(9). ربّما يتماهى عدوّ الله هذا الذي ينشر سلطانه الشّرير في السنوات التي تسبق نهاية العالم، مع ذاك الذي تسمّيه الكتابات اليوحناويّة ((ضد المسيح))، المناوئ للمسيح، المسيح الدجّال(10). غير أن يوحنا يختلف عن 2تس، فيستعمل اللفظة بعض المرات، في صيغة الجمع.
نستطيع بلا شكّ أن نحاول كشف هويّة هذا الكاتب الملهم الذي فكّر بأن يقدّم شقيقة صغيرة للرسالة الأولى إلى التسالو###ي، مكرّسة لمسائل مشابهة، وذلك بعد عشرات السنين. ولكن المحاولة لا تستحقّ كل هذا التعب. أولاً، طُرحت أسماء عديدة ولم يفرض اسمٌ نفسه. ثم إن مثل هذا البحث يخون بشكل من الأشكال الروح التي أشرفت على تدوين الرسالة(بجد ...حلوة). فبما أن الكنيسة بمجملها اعتُبرت ككاتب أكثر أهميّة من الافراد، رأت النورَ الكتبُ التي استعارت أسماء الرسل. فلماذا نبحث عبثًا عن اسم يطمئن عقول المعاصرين ولا يحمل فائدة إلى معرفة أصولنا.
4 - الرسائل الرعائيّة وتنظيم الكنائس
قبل اضطهاد دوميسيانس والقلاقل التي حرّكها هذا الاضطهاد لدى المسيحيين، طُرحت في الكنائس مسألة أقل مأساوية، هي مسألة التنظيم. فمنذ السنوات 80-85، زُرعت في حوض المتوسط الشرقيّ مدنٌ توزّعت فيها جماعات مسيحيّة ذات أهميّة بحيث لا يمكن اهمالها. أسّس بولس نفسُه عددًا كبيرًا منها، في آسية الصغرى وفي اليونان (نحن لا نقدّم لائحة عنها). وأسّس تلاميذ الرسول جماعات أخرى. نعرف منهم ابفراس في كولسي (كو 1: 7). وبين معاوني بولس الذين ظلّوا أمناء له، نذكر اثنين: الاول تيموتاوس الذي كان من لسترة في ليكأونية. تحدّد موقعُه الحضاريّ (ففاق بولس) على حدود عالمين: كانت أمه يهوديّة. وكان والده وثنيًا. هذا ما نقرأ في أع 16: 1. أرسله بولس إلى كورنتوس باسمه، منذ برزت الصعوبات (1كور 4: 17)، وضمّه إليه حين دوّن عددًا من رسائله (2كور، فل، كو، 1تس، فلم). وحسب شهادة سفر الأعمال، كان بولس يتركه في مدينة بشّرها، ليمضي إلى مكان آخر. فكانت مهمّة تيموتاوس تثبيت عمل الرسالة وتدعيمه. اذن، كان هذا التلميذ ذاك الذي يتابع العمل. ويُطرح سؤال: هل وجَّه إليه بولس رسالة من رسائله؟ لا تزال المسألة موضوع جدال(2000سنه ولسه!!). فيمكن أن 2تم كانت في الأصل بطاقة وجّهها بولس إلى معاونه الأمين، كانت بقدر فلم أو أطول منها بقليل(11).
أما تيطس، فقد كان له، على ما يبدو، مهمّات محدّدة. لم يتحدّث عنه سفر الأعمال، بل بولس في رسائله. قالت غل 2: 3 إنه لم يكن مختونًا. وهذا يعني أن دمًا يهوديًا لا يسري في عروقه. نجده خاصة في كورنتوس حيث أرسله بولس خلال الأزمة التي كانت في أساس ((الرسالة في الدموع)) والفصول الأولى في 2كور. يظهر أن عمله هناك كان جيّدًا، لأن بولس استطاع أن يفرح، في 2كور 7: 6-7، بالأخبار الطيّبة التي حملها إليه. فكتب عنه في 2كور 8: 23: ((أما تيطس فهو رفيقي ومعاوني عندكم)).
والآن، كيف نستطيع أن نعيد بناء المسيرة التي تقود إلى تدوين 1تم، تي، وكتابة ملحقات أضيفت إلى 2تم؟ بطريقة تشبه تلك التي صوّرناها سابقًا بالنسبة إلى 2تس. فبقدر ما أخذت الكنيسة في الانتشار، وجب عليها الانتقال من مرحلة الخلق والانشاء إلى مرحلة التنظيم. فرُتّبت خدم اختلفت عن تلك التي عرفناها في 1كور 12: 28، وقد جاءت شبيهة في جزء منها بخدم عرفتها المجامع اليهوديّة في الشتات: أساقفة، شمامسة، أرامل، كهنة أو قسس(12). غير أن هذا الوضع الجديد كان محتاجًا إلى جذور. فوُجدت طوعًا عند بولس الذي كلّف تيموتاوس وتيطس بمهمّات لارسوليّة بحصر المعنى. وجاءت الرسائل التي استعارت اسم بولس وتوجّهت إلى هذا التلميذ وذاك، فصوّرت تنظيم هذه الوظائف.
هل كانت لتيطس وتيموتاوس علاقة شخصيّة بهذا الأمر؟ جوابنا هو كلا، بلا شكّ. فالرسائل التي وُجهت إليهما تعكس، على ما يبدو، وضعًا يعود إلى السنوات 80-90. فمن المعقول أن يكونا غادرا هذه الدنيا. ولكن قربهما من رسول الأمم، أتاح لاسمهما أن ينتقل إلى السلف فتَميّز عن اسم مسيحيين آخرين عاشوا في القرن الأول، لأنهما تسلّما في ((خدعة أدبيّة)) رسائل لم نعرف اسم كاتبها، ولكنها استندت إلى سلطة بولس.
5 - الرسالة إلى أفسس ووحدة الشعبين
إن عناصر التوازي التي اكتشفناها بين 1تس و2تس، والتي دلّت على أن الثانية قلّدت الأولى، تبدو أيضًا أكثر وضوحًا بين كو وأف. وهذه العناصر لافتة بشكل كبير، بحيث إننا نستطيع أن نرتّب النصّين بشكل متواز، وذلك بالنسبة إلى مقاطع كاملة(13). ولوائح المقاطع المتوازية التي نجدها في ترجمات الكتاب المقدس الحديثة مدهشة(14). نستطيع أن نشرح هذا الوضع الأدبيّ بثلاث رسمات تاريخيّة ممكنة: إما ترتبط أف بالرسالة إلى كولسي، وإما ترتبط كو بالرسالة إلى أفسس، وإما تألفت كو وأف في مدرسة بولسيّة واحدة(15) واستقلّت الواحدة عن الأخرى على المستوى الأدبي. يبدو أن مجمل الشرّاح يأخذون بالحلّ الأوّل(16)، الذي يستند إلى سمة نصوصيّة هامّة، وهي أنه لا يرد في أقدم المخطوطات (للرسالة إلى أفسس) إشارة إلى الذين أرسلت إليهم(17). هذا الوضع النصوصي الأصليّ، جعل الشرّاح يقدّمون فرضيّة تقول إن أف التي أرسلت منها أكثر من نسخة إلى كنيسة أفسس، لم تدوَّن من أجل كنيسة محدّدة، بل اتخذت وضع رسالة دوّارة بحيث تُقرأ في أكثر من جماعة، من النمط عينه، في منطقة واحدة. ولنا عن هذه الظاهرة شهادة أخرى في العهد الجديد: فالرسالة إلى كولسي تشير إلى وجود رسالة إلى اللاودكيين. فعلى الجماعتين في كولسي ولاودكية أن يتبادلا الرسالتين اللتين استلمتاهما (كو 4: 16).
أما بالنسبة إلى العلاقة بين أف وكو، فنحن نأخذ بالفرضيّة التالية: توجّهت كو إلى جماعة مسيحيّة جاءت كلها من العالم الوثنيّ(18). ومن المعقول جدًا أن يكون بولس نفسه هو الذي كتبها، فجاءت خاتمةً كرونولوجيّة للفكر البولسيّ في نقطتين رئيسيتين.
أولاً، هي تدلّ على كرستولوجيا رفيعة تقدّم عن المسيح رؤية كونيّة شاملة، في نهاية الزمن كما في بدايته (كو 1: 15-16). هو رأس كل سلطان وكل قدرة سماويّة (2: 10). هو رأس الجسد الذي هو الكنيسة (1: 18). هو سرّ الله الخفيّ منذ البدايات والذي كُشف الآن (4: 3)(19). ونلاحظ أيضًا أن لفظ ((كنيسة))، استُعمل هنا في صيغة المفرد ليدلّ على مجموعة المسيحيين، ساعة استُعمل في الرسائل السابقة، لكلام عن الكنائس المحلّية الخاصّة. وهكذا كانت خطوة هامّة منذ الرسائل الكبرى في خط الشمول والكونيّة.
ثانيًا، تقدّم كو رؤية موحّدة جدًا عن العالم المخلّص، عن مصالحة أتمّها المسيح بين الله والبشر، ترافقت مع مصالحة بين الفئتين اللتين تكوّنت منهما البشرية، وذلك بحسب النظرة اليهوديّة: الفئة الأولى، اليهود. والفئة الثانية، اللايهود أو الوثنيون. لقد استخلص النشيد، في كو، من فكرة المصالحة، تطبيقًا جديدًا بالنسبة إلى الرسائل الكبرى، هي فكرة مصالحة إجماليّة بين البشر بعضهم مع بعض، وبين البشر والله. ((شاء الله أن يُحلّ فيه الملء كله، وأن يصالح به وله كل شيء، في الأرض كما في السماوات، فبدمه على الصليب حقّق السلام)) (كو 1: 19-20)(20).
غير أن هذا الغنى اللاهوتي في الرسالة إلى كولسي، لم يكن ليصل إلى جميع الكنائس، لأن الرسالة جاءت جوابًا على وضع متأزّم عرفته جماعة محدّدة: يبدو أن الكولسيين قبلوا المسيح بأنه الربّ حقًا. هذا صحيح. ولكنهم جعلوه ربًا بين أرباب آخرين. بالإضافة إلى ذلك، أخضعوا حياتهم لمجموعة من المحرّمات لا تتوافق مع الحريّة المسيحيّة: ((لا تلمس، لا تذق هذا، لا تمسك هذا. وهي كلها أشياء تزول بالاستعمال. نعم، هي أحكام وتعاليم بشرية)) (كو 2: 21-22). ندّد صاحب كو بهذا الموقف. ولكن رؤساء الكنيسة لم يرضوا بأن يجعلوا من رسالة تحمل عددًا من التحذيرات، رسالة دوّارة لدى جماعات غير معنيّة بهذه الأمور. لهذا، جاءت فكرة رفيعة تقوم بالانطلاق من كو لتأليف رسالة أكثر حياديّة، رسالة تخلّصت ممّا يتعلّق بانحرافات كولسي، رسالة تقدر أن تصل إلى مجمل الكنائس المسيحيّة الآتية من العالم الوثنيّ، لكي تنعم بالغنى الذي تضمّنه النصّ الأساسيّ، نص كو. مثلُ هذه الرسالة تستطيع أن تنتقل من كنيسة إلى كنيسة فتقدّم جوهر الفكر البولسي وقد بلغ إلى ملء نضوجه.
نستطيع أن نستعيد بعض مقاطع من كو لكي نرى ماذا صارت إليه في أف. المثل الأول نقرأه في كلام عن المسيح الرأس في كو 1: 18: ((هو رأس الجسد الذي هو *********). وكتبت أف 1: 22 في موازاة هذا النص: ((وجعل [الله) كل شيء تحت قدميه [قدمي المسيح]، وجعله، فوق كل شيء، رأسًا للكنيسة التي هي جسده وملء ذاك الذي يملأ كل شيء في كل شيء)). جاء الفكر في أف أكثر تفصيلاً. فلم يقل فقط من هو المسيح بالنسبة إلى الكنيسة، بل أيضًا من هو بالنسبة إلى الله الذي جعله (أعطاه كهدية) للبشر، وأيضًا من هو بالنسبة إلى جميع الكائنات بما فيها القوى السماويّة. كانت ربوبيّّة المسيح شاملة جدًا منذ الرسالة إلى كولسي، فاتّسعت شموليّتها أيضًا في الرسالة إلى أفسس.
والمثل الثاني يكشف أيضًا الطريقة التي به استعادت الرسالة نصًا من رسالة أخرى: توجّه صاحب كو إلى قرّائه بالكلمات التالية (1: 21- 22).
(21) وأنتم الذين كنتم فيما مضى، غرباء، أنتم الذين دلّت أعمالكم الشريرة على عداوة عميقة،
(22) ها إن الله صالحكم الآن بفضل جسد ابنه البشريّ، بموته...
هذا المقطع الذي جاء موجزًا في تعبيره، قد توسّعت فيه أف كما يلي (2: 21-16):
(12) فاذكروا أنكم كنتم فيما مضى من دون مسيح، بعيدين عن رعيّة اسرائيل، غرباء عن عهود الله ووعده، لا رجاء لكم ولا إله في هذا العالم.
(13) أما الآن، فأنتم الذين كنتم فيما مضى بعيدين، صرتم قريبين يوم المسيح.
(14) فهو (المسيح) سلامنا: جعل ما كان مقسومًا، واحدًا. في بشريّته هدم الحاجز الذي يفصل بينهما: العداوة.
(15) ألغى الشريعة ووصاياها مع أحكامها. وهكذا أراد أن ينطلق من اليهودي والوثنيّ (اللايهوديّ) ليخلق في شخصه انسانًا واحدًا جديدًا، بعد أن أحلّ السلام.
(16) ويصالحهما كليهما مع الله في جسد واحد، بصليبه: فقتل العداوة.
من الواضح أن نص أف يعطي دورًا كبيرًا جدًا للمسيح. فهو ليس فقط ذاك الذي به تمّت المصالحة، بل أيضًا ذاك الذي أتمّها في شخصه. ثم عبَّر النصّ عن التقارب بين فئتي البشريّة، بصور قويّة جدًا: هُدم جدار العداوة. لم يعد اليهود من جهة واللايهود من جهة أخرى، بل هناك شعب وحيد واحد وقد توحّد منذ الآن. هذا ما يصل بنا إلى عبارة مشهورة لا نجد ما يقابلها في كو: ((هناك جسد واحد وروح واحد، مثلما دعاكم الله إلى رجاء واحد: ربّ واحد، إيمان واحد، معموديّة واحدة. إله واحد وأبٌ للجميع. يسود على الكل، يعمل بالكل، ويقيم في الكل)) (أف 4: 4-6). قبل ذلك الوقت، لم يعبّر كتاب من العهد الجديد، بمثل هذه القوّة، عن وحدة الكون في الله وفي المسيح. كانت هذه الوحدة نبتة صغيرة في كو، فوجدت في أف قوّة ووضوحًا في التعبير له بليغ الأثر.
6 - الحواشي:(لاحظ ان احنا ما زلنا بنكلم عن كلام الرب) شكل آخر من الرسائل البولسيّة الثانية
إذن، أعيدت قراءة القديس بولس، وأعيد تفسيره. فأنتجت هذه الظاهرة خمس أو ست رسائل بولسيّة ثانية،(اعادة انتاج كلمة الرب هههه) أدخلتها الكنيسة في قانونها، معتبرة (وهذا أمر نعود إليه) أنها تستحق الاكرام الذي تنعم بها رسائل صدرت مباشرة من يد الرسول. غير أننا لا نستطيع أن ننهي هذه النظرة الاجماليّة دون أن نشير إلى شكل آخر من الرسائل البولسيّة الثانية: هو نصّ محدّد وقصير. لهذا نعتبره غير موفّق. نحن هنا أمام حواش أدرجها الكتبة في النصوص ليجعلوها تتجاوب تجاوبًا أفضل مع وضع الكنائس التي تقرأها. عندئذ نجد نصًا بولسيًا صحّحه أناس ابتعدوا عنه كثيرًا في الزمن. ونعطي على ذلك مثلين نقرأهما في الرسالة الأولى إلى كورنتوس.
نقرأ في 1كور 14: 33 ب-35: ((كما في جميع كنائس القديسين، لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه لا يجوز لهنَّ التكلّم، وعليهنّ أن يخضعن كما تقول الشريعة. فإن أردن أن يتعلّمن شيئًا، فليسألن أزواجهنَّ في البيت، لأنه عيب على المرأة أن تتكلّم في *********). هذا النصّ الذي يتعارض مع النسويّة(21) هو في أصل بغضاء عنيفة تشعر بها النساء تجاه بولس. لا شكّ في أن هذا النصّ يبدو جذريًا إلى حدّ يجعل الانسان يرتعش غضبًا. ولكنه ليس من بولس. هذا ما لا شكّ فيه. وأنا لا أقول هذا الكلام لكي أرضي النساء. فنحن، على ما يبدو، أمام حاشية أقحمها كاتب في الحقبة الآبائيّة. ولماذا هذا الاستنتاج؟ لأنه لو كان من بولس لعارض الرسول نفسه بشكل فادح. فقد كتب هو نفسه في 1كور 11: 5: ((كل امرأة تصلّي أو تتنبّأ وهي مكشوفة الرأس تهين رأسها)). لا شكّ في أنه يليق بالمرأة أن تغطّي رأسها. ولكن يقال بأنها تصلّي. وفي القديم، كانت الصلاة في الجماعة تُتلى بصوت عال. وقيل أيضًا أنها تتنبّأ. فكيف تتنبّأ دون أن تفتح فمها، ودون أن تتكلّم؟ فإن كان بولس فرض على المرأة بعض قواعد في اللياقة داخل الجماعة، فهو لم يتوخَّ من المرأة أن تسكت. والأمر بالصمت الذي يُفرض على النساء في 1كور 14، التي تستعمل أيضًا لفظة ((شريعة)) في معنى يختلف كل الاختلاف عن معناها البولسي العادي، هو أيضًا حاشية أقحمها كاتب: نسخَ رسالةَ بولس، فأدخل في النصّ ممارسة عرفتها كنيسته المحلّية، وهكذا أعطى قوّة لممارسة جاءت بعد القرن الأول.
وهناك أيضًا حاشية ذات نتائج أقل أهميّة، أقحمت في 1كور 15: 56، في وسط توسّع حول الموت والقيامة: ((شوكة الموت هي الخطيئة، وقوّة الخطيئة هي الشريعة)). لماذا ذُكرت هنا الخطيئة والشريعة، دون أي رباط بالسياق؟ هذا ما يشبه بعض المواضيع التي توسّعت فيها روم. أدخلها في هذا المقطع، كاتبٌ تغذّى بالتعليم البولسيّ فأراد أن يفاخر بمعرفته لفكر بولس. هل نحن أمام تأنّق ناسخ؟ هذا ما لا نعرفه. (كانت ناقصه رياء)غير أن هذا النهج يدلّ على أن المسيحيين أحسّوا منذ زمن طويل بالحاجة إلى التوسّع في الفكر البولسيّ، لأنه متشعّب ولأنه يدفع القارئ طوعًا إلى تفسيره.
خاتمة
إن الحضارة الحديثة التي اغتذت بالعقلانيّة والدقّة، لا ترضى باسم مستعار. لهذا، يصعب عليها أن تقارب مؤلَّفًا لاأصيلاً دون فكر مسبق ينطبع بطابع الرفض. والخطّ الذي قدّمناه داخل الرسائل البولسيّة الثانية، قد يكون عملَ (هذا ما نرجوه على الأقل) على تبديل بعض الآراء. لا شكّ في أن بعض أساليب الاقتباس والتقليد تعطي نتيجة سقيمة تبعث على الحزن. فإن كانت حاشية 1كور 15: 33ب-35 إضافة جعلها كاتب في النصّ، فقد أساءت مدة طويلة إلى القديس بولس وإلى حياة الكنيسة التي استندت إلى سلطة بولس لتبرّر موقفها المعارض للنسويّة بما في هذا الموقف من شكّ.
ولا شكّ أيضًا في أن الرسائل الرعائيّة تبدو بعض المرّات ضعيفة بالنسبة إلى الرسائل التي دوّنها بولس نفسه. غير أن الحياة تمرّ عبر حقبات مختلفة،(بمعنى ان الزمن جه على كلمة الرب هى كمان ...دنيا) ويجب أن نقبل بهذا الاختلاف. فحقبات التأسيس غير حقبات التنظيم. ولكن الاثنين ضروريتان. ظلَّ بولس منسيًا بعض الوقت خلال القسم الأكبر من القرن الثاني، وهذا أمر نفهمه. فهذا القرن الذي عرف اضطهادات قاسية، والذي انطبع بمسافة اتسعت يومًا بعد يوم، بين الكنيسة والمجمع، كانت له اهتمامات غير التبرير بالشريعة.
ولكن حين يتيح الاسم المستعار كتابة نصّ من مستوى الرسالة إلى أفسس، فلا يمكننا إلاّ أن نبتهج بهذه الظاهرة(ليه بقى؟؟؟). فالرسالة إلى كولسيّ تبدو في حجمها الصغير مسودّة بسيطة تجاه عظمة شقيقتها (الرسالة إلى أفسس) التي جاءت بعدها. ثم إن الكنيسة لم تخلط يومًا بين المسائل المتعلّقة باسم مستعار وتلك المتعلّقة بقانونيّة نصّ من النصوص. وهذا أمر تحمد عليه. فلو فعلت غير ذلك، لحرمنا من أشعيا الثاني وأشعيا الثالث، ومن حكمة سليمان. ولحُرمنا من انجيلين على الأقل، من انجيل متى وانجيل يوحنا. هما يغرزان جذورهما في أرض بذرها الرسولان، ولكنهما ليسا من عمل الرسولين. فلنحمد الروح القدس الذي ألهم كتّابًا لا نعرف أسماءهم فدوّنوا ما دوّنوا من أجل خير الكنيسة والعالم.
نقل النصّ إلى العربيّة
الخوري بولس الفغالي
Michel Quesnel. Le Deutéropaulinisme
الرابط المسيحى:
http://boulosfeghali.org/home/index....-26&Itemid=125
2-
بولس ورسائله يوم الثلاثاء الفصل الثالث عشر: نزع السُطُر عن اللغة الإسكاتولوجية :
الفصل الثالث عشر
نزع السُطُر عن اللغة الإسكاتولوجية
ا تس 4: 13 - 18
السُطُرة التي تُجمع سُطُر هي كلمة مُستحدثة تعني رواية بعض نصوص الكتاب المقدس باسلوب تصويري يستند إلى الصور الأدبية المعروفة؛ علينا ان نُميّز بين السُطُرة والأسطورة، (عشان منتلخبطش)فالأسطورة تروي أخباراً خرافية وخيالية لا تمتّ إلى الواقع بصلة في حين ان السُطُرة تتضمّن في طيّات اخبارها المصوّرة تعليماً لاهوتياً عميقاً.
في رسالته الأولى إلى اهل تسالو###ي ( ا تس 4: 13-18)، استعان القديس بولس بالسُطُر ليشرح مجيء المسيح الإسكاتولوجي وذلك باستعماله بعض الصور الجليانية؛ سنعرض في البداية وصف بولس السُطُري لمجيء المسيح ثمّ سنحاول ان نتعرّف إلى المصادر التي استقى منها الرسول ليعرض وصفه السُطُري؛ هكذا نستطيع ان نفهم المعنى اللاهوتي لظهور الرب وتجلّيه امام المؤمنين؛ في النهاية، سنتوقّف عند بعض النتائج الرعوية التي يتضمّنها هذا النص.
أولاً: الوصف السُطُري لمجيء المسيح
تساءل اهل تسالو###ي حول مصير موتاهم، فوجّه بولس اليهم رسالته الأولى مُوضحاً مصير الأحياء والأموات ساعة مجيء الرب.
يُميّز بولس بين جيلين: جيل الراقدين(1) الذين ماتوا بالرب في تسالو###ي، وجيل الأحياء الذي يضمّ بولس والمؤمنين الباقين معه على قيد الحياة؛ يبدو ان بولس يريد القول ان مجيء المسيح الثاني سيحدث في وقت قريب جداً: عند تجلّي الرب في السماء سيكون الأموات اوفر حظاً من الأحياء، لأنهم سيُلاقون الرب الآتي قبل المؤمنين الأحياء. استعان بولس في تحليله ببعض الصور الرؤيوية، فظهرت السُطُر في تعليمه؛ وبالفعل سترافق
مجيء المسيح الأمور التالية: يهتف رئيس الملائكة ويُنفخُ في بوق الله ، فيقوم الأموات اولاً للقاء المسيح (آ 16) ويُخطف الأحياء في السُحب لملاقاة الرب في الهواء (آ 17).
يؤكّد بولس انه يُعطي تعليمه حول مجيء المسيح الثاني استناداً إلى قول الرب(2) ( آ 15)؛ نحن نعلم ان الإنجيليين لم يذكروا هذا الوصف الاحتفالي لمجيء المسيح ولقاء المؤمنين به، فمن اين وصل قول الرب إلى بولس؟ هل يستند بولس إلى تعليم الأناجيل(3) بشكل عام؟ هل يستشهد بولس بكلام قاله المسيح ووصل اليه عبر احد التقاليد التي يجهلها الإنجيليون؟ هل يستند بولس إلى وحي(4) ناله من المسيح القائم من بين الأموات؟ هل هو كلام نبوي نابع من الكنيسة؟
ما يمكننا ان نقوله هو ان هذا الوصف لمجيء المسيح يستند بشكل اساسي إلى وحي شخصيّ ناله الرسول من المسيح القائم من بين الأموات؛ غير انه لا يمكن الاعتبار ان المسيح قال حرفياً هذا الكلام والبرهان على ذلك وجود كلمة نحن في آ 17؛ فلو كان المسيح يتكلّم لكان من المفروض ان يتوجّه إلى المستمعين بصيغة المخاطب: ((أنتم))؛ كذلك نجد عبارة ((الرب نفسه)) ( آ 16) بصيغة الغائب وهذا يُؤكّد ان بولس لا ينقل نفس الكلمات التي تفوّه بها يسوع. هذا يعني أن وصف بولس السُطُري المتعلّق بمجيء المسيح هو موهبة خاصة نالها الرسول من المسيح القائم من بين الأموات، غير أنّ بولس عبّر عن الوحي الإلهي باسلوب سُطُري تصويري يستند بشكل اساسي على ثقافته المتعددة الجوانب. هنا نتساءل:من أين استوحى بولس وصفه السُطُري لمجيء المسيح؟
ولكن إذا كان بولس يستند في وصف مجيء المسيح إلى وحي شخصي، كان من المفروض (كان المفروض بقى!!)أن يشير إلى ذلك الأمر بصراحة كما فعل في الرسالة الأولى إلى اهل كورنتوس التي اشرنا اليها آنفاً، حيث يميّز بولس بين كلام الرب وتعاليمه الخاصة ( 1 كور 7: 10، 12؛ رج غل 2: 2).
ثانياً: المصادر التي استقى منها بولس وصفه السطري لمجيء المسيح
انّ ولادة بولس في طرسوس لها تأثير كبير على ثقافته، إذ تعرّف هناك على الثقافة اليونانية وعلى التيارات الفلسفية؛ حين تطرّق الرسول إلى مجيء المسيح، من الطبيعي ان يستعين ببعض المعطيات التي يستقيها من الثقافة اليونانية. ولكنّ بولس هو يهودي في الولادة ( غل 2: 15) وقد تعلّم على يد جملائيل (أع 22: 3) طريقة الاستشهاد بالكتب المقدسة وكيفية تطبيقها على واقع الحال. سنحاول ان نعرض مدى تأثير الثقافة اليونانية والديانة اليهودية على وصف بولس السُطُري لمجيء المسيح.
fhgv,hf' hglsdpdm:hgHf f,gs hgtyhgn d'gr vwhwm hgvplm ugn hg;jhf hglr]s
المفضلات