قال أبو جعفر: يعنـي بقوله: {
مَنْ آمَنَ بِـاللَّهِ وَالـيَوْمِ الآخِرِ }: من صدق وأقرّ بـالبعث بعد الـمـمات يوم القـيامة وعمل صالـحا فأطاع الله، فلهم أجرهم عند ربهم، يعنـي بقوله: {
فَلَهُمْ أجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } فلهم ثواب عملهم الصالـح عند ربهم.
فإن قال لنا قائل: فأين تـمام قوله: { إ
ن الِّذينَ آمَنُوا والّذِين هادُوا وَالنّصَارَى والصَّابِئين }؟ قـيـل: تـمامه جملة قوله: {
مَنْ آمَنَ بـاللَّهِ وَالـيَوْمِ الآخِرِ } لأن معناه: من آمن منهم بـالله والـيوم الآخر فترك ذكر منهم لدلالة الكلام علـيه استغناء بـما ذكر عما ترك ذكره.
فإن قال: وما معنى هذا الكلام؟ قـيـل: إن معناه: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من يؤمن بـالله والـيوم الآخر فلهم أجرهم عند ربهم.
فإن قال: وكيف يؤمن الـمؤمن؟ قـيـل: لـيس الـمعنى فـي الـمؤمن الـمعنى الذي ظننته من انتقال من دين إلـى دين كانتقال الـيهودي والنصرانـي إلـى الإيـمان، وإن كان قد قـيـل إن الذين عنوا بذلك من كان من أهل الكتاب علـى إيـمانه بعيسى، وبـما جاء به، حتـى أدرك مـحمداً صلى الله عليه وسلم، فآمن به وصدّقه، فقـيـل لأولئك الذين كانوا مؤمنـين بعيسى وبـما جاء به إذ أدركوا مـحمداً صلى الله عليه وسلم: آمنوا بـمـحمد وبـما جاء به، ولكن معنى إيـمان الـمؤمن فـي هذا الـموضع ثبـاته علـى إيـمانه وتركه تبديـله.
وأما إيـمان الـيهود والنصارى والصابئين، فـالتصديق بـمـحمد صلى الله عليه وسلم، وبـما جاء به، فمن يؤمن منهم بـمـحمد، وبـما جاء به والـيوم الآخر، ويعمل صالـحاً، فلـم يبدّل ولـم يغير، حتـى توفـي علـى ذلك، فله ثواب عمله وأجره عند ربه، كما وصف جل ثناؤه.
إنتهى
المفضلات