تأملات في سورة
التوبة
للشيخ صالح المغامسي
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره وتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد.
سنبدأ بإذنه تعالى بتأملات في سورة التوبة سائلين الله جل وعلا التوفيق لما يحبه ويرضاه والعون والسداد على التأمل فيها على أنني أكرر ما أقوله دائما إن المخاطب في مثل هذه التأملات هم طلبة العلم في المقام الأول ولهذا يهمنا جدا أن نعرج على ما في الآيات من مسائل علميه يحسن تدوينها والمقصود من هذه الدروس وأضرابها المقصود من ذلك كله إنشاء جيل قرءاني يتدبر القرآن وهذه مساهمة لا أكثر ولا أقل في إحياء جيل ينشأ على تدبر القرآن لأن الله جل وعلا نعى إلى أهل الإشراك إغفالهم عن القرآن بقوله {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }.
فإننا نقول مستعينين بالله جل وعلا :
سورة التوبة سورة مدنيه وعدد آياتها : مائتان وتسع وعشرون آية .
وهذه السورة من آخر ما نزل من القرآن كما ثبت عند البخاري في صحيحه في كتاب التفسير من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه : ( أن سورة براءة آخر ما نزل ) وليس المقصود بأنها آخر ما نزل كآية وإنما كسورة مجمله هي آخر ما نزل .
وإلا كآية قد عرجنا عليه في مسائل عدة : اختلاف العلماء منهم من قال :{ وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ } وهو الأظهر.
ومنهم من قال إنها آية المائدة :{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } . وقيل غير ذلك لكن هذين هما المشهوران .
الذي يعنينا أن سورة التوبة هي آخر ما نزل وقبل أن نشرع في تفسير الست الآيات الأول منها نقدم إجمالا عن هذه السورة، النبي صلى الله عليه وسلم أنزل الله جل وعلا عليه القرآن أول ما أنزل{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } فكان لم يؤمر صلى الله عليه وسلم بأن يبلغه إلى الناس كان يقرأه بينه وبين نفسه ومن سنة الله في خلقه التدرج وعدم إعطاء الشيء دفعة واحدة فمن رام شيئا دفعه واحدة سيسقط عما قليل ولكن الله جل وعلا له سنن لا تتبدل ولا تتغير والله لا يعجل لعجلة أحد من خلقه والله يقول لعبده : {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } . فلا يعطى الإنسان العطايا مرة واحدة وإنما يتدرج فيها على هذا بنيت الدنيا على هذا أجرى الله السنن في الكون، فهذا النبي الكريم أنزل عليه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }
ولم يقل له : " ادع الناس " ولم يقل له : " اتل القرآن على الناس" ولم يقل له شيء من ذلك فلما نزل من ذلك الجبل خائفا وجلا وضمته زوجته خديجة رضي الله عنها وآوته واطمأنت نفسه أنزل الله جل وعلا عليه : {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنذِرْ } ينذر من؟
أنزل الله عليه { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الذين حوله ولم يؤمر بأكثر من هذا ثم بعد ذلك أمر بالعرب الذين في مكة وحولها قال الله جل وعلا : {لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} .
يتبع بإذنه تعالىjHlghj td s,vm hgj,fm
المفضلات