تحليل علمى لشخصية وسمات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
كلمة "شخصية" أو Personality كمصطلح علمى فى العلوم الإنسانية والسلوكية والنفسية تعنى التنظيم الدينامى لسمات وخصائص واتجاهات ودوافع الفرد النفسية والفسيولوجية والجسمية ، وأن هذه السمات والخصائص متكررة.
وتُعرَّف الشخصية كذلك بأنها "مجموع" الصفات والسمات والقدرات العقلية والجسمية والاجتماعية التى تنعكس فى سلوك الفرد وتفكيره، وتحدد نظرته لنفسه وتعامله مع المجتمع ..
ولكن يرى بعض علماء النفس أن الشخصية ليست مجموع السمات ولكن "حاصل ضربها"... والمقصود بحاصل الضرب هو تفاعل السمات مع بعضها فى ظل ظروف بيئية وسياق اجتماعى محدد، ومثال على ذلك أن الشخص الذى يمتلك سمات السيطرة والقيادة والذكاء يمكن أن يكون قائداً مصلحاً، كما يحتمل أيضاً أن يكون زعيم عصابة وداهية!... ولكن يحسم ذلك وجود سمات أخرى تتعلق بالضمير والقيم والأخلاق تتفاعل مع السمات المذكورة فى بيئة تدعم وتدفع للخير أو الشر.
وقد توصلت الدراسات إلى العديد من الأساليب والطرق العلمية لمعرفة سمات وطباع الشخصية، ومدى كونها سوية أم مضطربة، اعتماداً على تحديد سلوكيات الفرد وتفاعلاته مع المحيطين به، وتبعا لوجود مجموعات من أنماط السلوك والسمات المستمرة والمتكررة والتى تشكل نمط حياة ذلك الفرد وأسلوب تعامله مع نفسه ومع الآخرين.
* وأنماط السلوك هذه هى عميقة ممتدة.. طويلة المدى.. تظهر منذ الطفولة والمراهقة، وتستمر بقية مراحل العمر مع تغيرات طفيفة إلا فى حالات الأمراض والاضطرابات والضغوط الشديدة.
وتتفق جميع أبحاث ودراسات الشخصية على أنه لا يستطيع أى شخص إخفاء سمات شخصيته وطباعه الحقيقية لسنوات طويلة وتحت الضغوط والظروف المختلفة، وأنه إذا استطاع أن
يخدع عدد من المحيطين به فإنه لا يستطيع فعل ذلك مع جميع من يتفاعل معهم لفترات طويلة، وأنه تحت أى ظرف ضاغط تختل فيه دفاعاته وتتفكك فتظهر سماته وسلوكياته الحقيقة مهما بلغت قدرته على ضبط النفس.
* وتؤكد دراسات سيرة الرسول الكريم سواء من مصادر إسلامية أو غربية ومنها دراسات المستشرقين أن سمات شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وطباعه وأنماط سلوكه التى جسدت أخلاقه السامية كانت ثابتة لا تتبدل ولا تتغير حتى فى أشد وأحلك الظروف، كذلك فإن أبعاد الشخصية لديه كانت متسقة منسجمة.. خاصة أن حياته كانت كتاباً مفتوحاً أمام الجميع، طوال الوقت.
فما هى هذه السمات والطباع والخصائص التى جسدت مكارم أخلاقه والتى قال عنها القرآن الكريم: "وإنك لعلى خلق عظيم" (القلم 4).
عُرِفَ الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – بالصادق الأمين، هكذا لقبته قريش، وأنه منذ صباه حتى وفاته كان يتسم بالحياء والكرم والسماحة، وكان عفيف النفس لا تحركه الغرائز ولا تتحكم فيه الرغبات والشهوات الدنيوية الزائلة، فقد كان قدوة فى التسامح والعفو والصفح، وكان يطبق ذلك عملياً ويقدم النموذج تلو الآخر فى ضبط النفس (النمذجة)... فكان قمة الإعجاز السلوكى المتمثل فى التطبيق العملى للآيات الكريمة: "فمن عفا وأصلح فأجره على الله" (الشورى 40).. "كما قدم النموذج الأمثل فى كظم الغيظ والصفح والعفو والإحسان وفى تطبيق قوله تعالى.. "أدفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم".. ( فُصِلَّت 34).
كان الرسول ـ ص ـ قدوة فى كل سلوكياته ومعاملاته مع أصدقائه ومع أعدائه، مع عشيرته وأهل بيته، سُئِلَت السيدة عائشة: كيف كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا خلا فى بيته؟ فقالت: "كان ألين الناس بساماً ضاحكاً" ( رواه السيوطى)..
كان رفيقاً رحيماً بأهل بيته.. قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى" (رواه الهيثمى)..
"ما ضرب رسول الله - ص- خادماً قط ولا امرأة له قط، ولا خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما" (رواه البيهقى والطبرانى).
لقد وصفه خادمه أنس بقوله:"خدمت النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين فما قال لى أف قط، ولا قال لشىء صنعته لِم صنعته؟ ولا لشىء تركته لِم تركته" ورد ذلك فى مسند أحمد وشرح المواهب للزرقانى.
تــــــــابعــوا معنا
jpgdg ugln gaowdm ,slhj hgvs,g hg;vdl wgn hggi ugdi ,sgl
المفضلات