كتاب الذكريات للشيخ علي الطنطاوي موعب بالفوائد التاريخية واللغوية والمنهجية والاجتماعية..
ولعلِّي أنقل ههنا إن شاء الله تعالى ما تيسَّر منها.
فائدةٌ تاريخيَّةٌ في معرفة أصل الشِّرك عند بعض المتأخرين!______________________________
1- سِتِّي زيتونة:
قال رحمه الله في الذكريات (1/53): ((... وكان في دمشق مدرسة سلطانية واحدة : هي مكتب عنبر ، ثم فتحت في أواخر الحكم الأتراك مدرسة أخرى ... وهذه المدرسة هي : المكتب السلطاني العربي ، وقد كانت في طريق ستي زيتونة ...
أما هذه الزيتونة فقد كانت شجرة هرمة ، أمامها قفص من حديد تربط النساء به الخرق ، وتحتها قبر ، وعندها شيخ دجَّال ، قد جعل مرتزقه سدانة هذا الوثن .
أما قصتها فعجيبة حقاً .
هي أنَّ قاسم الأحمد ( جدُّ صديقنا وزميلنا نهاد القاسم ، الأخ الوفي والوزير المستقيم ، رحمة الله على روحه ) لما ثار على إبراهيم باشا ، أيام حكمه الشام قبض عليه بعد معارك طويلة ؛ فشنقه مع خمسة من رفاقه تحت زيتونة كانت هناك ، فقال الناس: (الستة بالزيتونة).
ثم نسوا القصة، فقدَّسوا الشجرة، وسمُّوها: سِتِّي زيتونة ! )) . اهـ ، بتصرف يسير .
_________________
2- بُوْلاق، والشيخ نصر الهوريني، والمطالع النصرية:
قال رحمه الله في الذكريات (1/160) : (( وكانت أكثر الكتب عندنا ( أميرية ) من طبعة بولاق .
والكتاب المطبوع في المطبعة الأميرية في بولاق يباع بأضعاف ثمن المطبوع في غيرها - أي : البرَّاني - ؛ ذلك أنَّالمصحِّحين فيها كانوا من أعلام العلماء . وحسبكم أن يكون منهم الشيخ : نصر الهوريني ، صاحب : ( المطالع النصرية ) ، أوثق وأوسع كتاب أعرفه في قواعد الكتابة .
وكلُّ من كتب فيها بعده أخذ منه ونقل عنه .
وأجمع كتاب بعد المطالع هو كتاب : ( أدب المملي ) .
والشيخ الهوريني المتوفى سنة ( 1291 هـ ) هو شارح مقدمة القاموس المحيط ...)) .
_________________
3- زيادات كتاب (القاموس المحيط ) على كتاب (لسان العرب):
قال رحمه الله في الذكريات (1/198) : ((من أوراق أبي: وجدت بخطه -رحمة الله عليه- مسوَّدات لعملٍ عظيم، لم أعلم متى كتبها ، ولا كيف قدر عليها.
هي: أنه أحصى زيادات (القاموس المحيط) على (لسان العرب)؛ فبلغت نحو 1000 ألف مادة.
ويبدو أنه أكمل العمل، وبيَّض هذه المسوَّدات، ولكني لم أجد إلاَّ مقدمتها.
مكتوبة على طريقة العلماء، لا بأسلوب الأدباء.
وهاكم صورة الصفحة الأولى منها مكتوبة بخطه(1).
ومن شاء أن يتصوَّر ما بذله -رحمة الله عليه- من جهد فليقرأ القاموس المحيط كله، ولسان العرب كله، ثم لينظر ما زاد أحدهما على الآخر.
كم ترون هذه القراءة وهذه المقابلة تقتضيه من وقت، مع استنفاد أكثر وقته في التدريس وفي العمل، وفي لقاء الأصدقاء!)).
(1) قال في الهامش : انظر نهاية الكتب.
ثم أورد في نهاية الكتاب صفحة (313) مصورة لصفحتين من هذا الكتاب.
وللفائدة.. فمما فيها: "فصل الباء: بَرْدِزْبَة، بفتح الباء وسكون الراء وكسر الدال وسكون الزاي وفتح الباء، جدُّ البخاري، فارسية، معناها الزرَّاع".
_________________
4- أصل جماعة "الإخوان المسلمون" هداهم الله، وكلام عن مؤسِّسها الشيخ "حسن البنَّا" رحمه الله وغفر له:
وقال رحمه الله في كلامه عن رحلته لمصر في الذكريات (1/260-262): ((كانت بداية الدعوة المنظَّمة بإنشاء (جمعية الشبَّان المسلمين).
وكان الذي فكَّر بإنشائها صاحب [مجلة] الفتح محب الدين الخطيب، وقد سمعت ذلك منه. وخلاصته:
إنه في عام 1346 هـ (1927 م) قبل وصولي إلى مصر بسنة أو نحوها، كان أصحاب دور النشر، ومنهم صاحب المطبعة السلفية، وهو محب الدين يجتمعون لتكوين رابطة بينهم، أو نقابة لهم، في دار الشبَّان المسيحية، وهي إحدى المؤسسات التبشيرية (أي: التنصيرية التكفيرية)، فلما رآها فكَّر أن يكون للشبَّان المسلمين جمعية مثلها.
فعرض الفكرة على صديقيه الأستاذين الجليلين: السيد محمد الخضر حسين، والوجيه العالم أحمد تيمور باشا، وعلى مجموعة من الشبَّان (الشبَّان يومئذٍ وهم جميعاً في مثل سني)؛ منهم الأستاذ عبدالسلام هارون، وعبدالمنعم خلاف، ومحمود شاكر، وكل هؤلاء من أصدقائي.
ولئلاَّ يتنبَّه أعداء الإسلام، وما كان أكثرهم يومئذٍ، وأكثرهم في هذه الأيام =تواصوا أن يكون نشر الفكرة بحكمة، والدعوة إليها بلا إعلان.
وكان كل من سمَّيت من الشبَّان يدعو أصدقاءه، فيقبلون بها ويُقبِلُونَ على الانضمام إلى أهلها.
وكان اجتماعهم وكان لقاؤهم بالشيوخ الثلاثة: الخضر، وتيمور، ومحب الدين في المطبعة السلفية، في شارع الاستئناف، وهو شارعٌ صغير يتصل بميدان باب الخلق.
حتى إذا قويت الفكرة وانتشرت وكثر أتباعها ولم يعد يُخشى عليها عقد أول اجتماع عام لإقرار قانون الجمعية وانتخاب مجلسها الإداري، في دار سينما (كوزمو)، ودفع أجرة الدار (شوقي) أمير الشعراء من ماله.
وأعلن عن الجمعية وانتخب لرياستها (عبدالحميد سعيد)، الذي أتاه الله بسطة في الجسم، وسعة في المال، ووجاهة عند الناس، وكان عضوًا دائمًا في مجلس النواب. والسيِّد محب الدين الخطيب أميناً عامًا، وأحمد تيمور باشا أمينًا للصندوق.
واستؤجرت للجمعية دار كبيرة، في شارع قصر العيني، بجانب مجلس النواب، لما وصلتُ مصر كانت فيها.
ثم أنشأ السيد الخضر حسين (جمعية الهداية الإسلامية).
جمعية الشبَّان المسلمين لم تكن تجديداً في فهم الإسلام، ولم يكن لها عمل جدِّي في الدعوة إليه، ولا كانتتصحيحاً لمعتقدات العوام، ولا محاربة لبدعٍ كانوا يتوَّهمون أنها من الإسلام.
وإنَّما كانت -وأنا هنا لبيان الحق لا المجاملات- تنظيماً ظاهرياً فقط.
ولعلَّ اشتغال أصحابها بالرياضة وإقامة الحفلات لها أكثر من اشتغالهم بالعلم والدعوة.
وجمعية الهداية كانت تنظيماً ظاهرياً لعمل المشايخ في الدعوة إلى الله، تُلقى فيها محاضرات لا تحسُّ أنَّ فيها جديداً، أما الدعوة المنظَّمة الحقيقية فقد بدأت على يد شاب اسمه (حسن البنا). كان ممن يتردَّد على خالي محب الدين في المطبعة السلفية.
عرفته من يومئذٍ هادئ الطبع، رضيَّ الخلق، صادق الإيمان، طلق اللسان، آتاه الله قدرة عجيبة في الاقناع، وطاقة نادرة على توضيح الغامضات وحلِّ المعقَّدات والتوفيق بين المختلفين، لم يكن ثرثارا، بل كان يحسن الإصغاء كما يحسن الكلام، وضع الله له المحبة في قلوب الناس.
تخرَّج من دار العلوم في السَّنَة التي دخلت فيها الدار، لم ألقه فيها، إنَّما لقيت (سيِّد قطب) وكنت معه في فصل واحد على ما أذكر، وكلاهما أسنُّ مني بثلاث سنوات.
وأنا على طريقتي التي لزمتها عمري كله؛ لم أدخل يوماً حزباً، ولم أنتسب إلى جماعةٍ، ولا ربطتُ فكري بفكر غيري، إلاَّ أن يكون الله ألزمني باتِّباع رأيه وإطاعة أمره، من مبلِّغٍ حكم الله، او حاكم مسلم لا يأمر بما يخالف شرع الله، أو أبٍ، أو استاذٍ يأمر بخير يحبه الله.
بل إنَّ المسلم يسمع كلمة الحق من كل من ينطقه الله بها، صغيرًا كان أم كبيرًا.
أنا أسير في الخط الذي أُريتُ أنَّه الطريق الصحيح، فمن وجدُّته يمشي معي فيه أيَّدته وناصرته، وإن حاد عنه ضالاً هديته. وإن كان متعمِّداً نصحته وزجرته.
لذلك أيَّدت بقلمي وبلساني الإخوان المسلمين في مواقف، ونقدتهم في مواقف. وما رجوت شكراً على تأييد ولا وجدته. ولا خفت لوماً على نقد ولا باليته.
وذلك كله على ضعفي الذي أقرُّ به ولا أنكره، وعلى إيثاري دائماً العزلة والانفراد)).
_________________
5- نقد أساليب المتأخرين في التأليف:
قال رحمه الله في الذكريات (2/43-44): ((وأثَرْتُ بعض المشايخ لمَّا نقدُت طريقتهم في الدعوة إليه، وفي تلقين المتعلِّمين أحكام شريعته.
وكانت في الحق أسوأ الطرق في التدريس، في كتب ألِّفت على أسوء الأساليب في التأليف، (متن) موجز إيجازاً مخلاًّ..
انظروا إلى (جمع الجوامع) و (التَّحرير) في الأصول مثلاً على هذه المتون، وقابلوا أسلوبه بأسلوب الغزالي في (المستصفى).
كانت أكثر الكتب التي يعكفون عليها بعيدة عن البيان بُعدَ الأرض عن السماء، معقَّدة العبارة، أعجمية السَّبك، وإن كانت عربيَّة الكلمات.
فيأتي من يوضِّح غامض المتن، فيدخل جملةً من عنده بين كل جملتين منه، كما يرقِّعُون اليوم الجلد المحروق من الإنسان بقطعةٍ من جلده السليم، فينجح الرتق أو يظهر أثر الفتق، وهذا هو (الشرح)!
ويأتي من يضع لهذا الشرح حواشي وذيولاً، يطوله فيها، فيجمله، أو يقبحه ويعطله، وهذه هي (الحاشية).
ويبدو ضعف الإنشاء في القرون المتأخرة حتى في مثل حاشية ابن عابدين، التي هي اليوم عمدة المفتين على المذهب الحنفي.
ثم يجيء من يعلِّق على هذه الحاشية تعليقات، وتسمَّى (التَّقريرات).
فلا الأسلوب عربيٌّ فصيحٌ، ولا المنهج قويمٌ صحيحٌ.
وانظروا (المبسوط) مثلاً للسرخسي، أو (البدائع) للكاساني، ثم انظروا (الحاشية).
أو انظروا في مذهب الشافعية (الأم)، ثم (مغني المحتاج).
إنَّ ما بينهما كالذي بين (أسرار البلاغة) و (شروح التلخيص)!
في كتب الأولين البلاغة والبيان، والأسلوب العربي المنير. وفي حواشي المتأخِّرين..! فيها ما تعرفون)).
انتهى بتصرُّفٍ يسيرٍ.
_________________
6- نصيحة قيِّمة لأهالي الزَّوجَين المتنازعين:
وقال رحمه الله في الذكريات (4/217): ((... فأنا أنصح القرَّاء؛ ثمرةً لتجاربي الطويلة في المحكمة، وتجاربي التي هي أطول منها في الحياة =ألاَّ يدخل أهل الزوج وأهل الزوجة بينهما إلاَّ في حالات الخلاف الشديد، أو لدفع ظلم لا يجوز السكوت عن مثله)).
قلتُ: الشيخ رحمه الله فقيهٌ درس الفقه ودرَّسه، وعمل في القضاء حيناً، وقد حنَّكته التجارب وخبر أحوال الناس.
_________________
7- التَّسلسل التاريخي لمعاني الكلمات وعزو اللُّغات إلى أهلها:
وقال رحمه الله في الذكريات (7/93) : ((... من عيوب معاجمنا (أي: قواميسنا) أنها لا تراعي التسلسل التأريخي لمعاني الكلمات...
ومما لاحظته على المعاجم أنها أساءت في شيء كانت تستطيع الإحسان فيه =وهو أنها تسرد المعاني المتعددة للكلمة الواحدة أو اختلاف وزنها الصرفي، تحشدها كلها حشداً.
ولو أنها بينت أنَّ كل واحدة منها لغة قبيلة من قبائل العرب، فنسبتها إليها وعزتها إلى مصدرها لأفاد الناس من ذلك أكبر الفائدة.
ذلك أنَّ قبائل العرب لم تكن في منزلة واحد من الفصاحة، وأن المعاني المختلفة أو الأوزان المتعددة بعضها مثل الحديث الحديث الصحيح وبعضها مثل الحسن، وبعضها مثل الضعيف.
فلو أنَّ علماء اللغة الذين دوَّنوها وألَّفوا معاجمها ميَّزوا بينها وفعلوا كفعل المحدِّثين = لكان من ذلك نفع كبير))._________________
8- أصول بعض الألقاب الحادثة في ذا العصر واستعمالاتها:
وقال رحمه الله في الذكريات (4/250): ((ولقب (أفندي) مرَّت عليه أدوار، فكان في الأصل لقباً لابن السلطان، يقابل لقب "البِرِنْس" عند الإفرنج، فإذا لُقِّب به الشيخ دلَّ على أن ولي القضاء أو الافتاء؛ لذلك كانوا يسمُّون المفتي والقاضي: قاضي أفندي، ومفتي أفندي.
ثم هَبَطَت قيمة (الأفندي) حتى صارت تطلق على كل واحد من الناس.
ولمَّا كنَّا ندرس بمصر أيام الملك فؤاد كانت الألقاب تمنح من الملك، وكان لها نظام وقانون. فكان الأفندي إذا أخذ لقب (بِك) لصق باسمه، ودُعِيَ بصاحب العزَّة، وهي مترجمة عن الاصطلاح العثماني (عزتلو أفندي)، فإنْ ارتقى صار صاحب السعادة، ولقِّب بـ(الباشا).
وأُحدثت في مصر في أواخر الملكية ألقاب جديدة، منها: صاحب المقام الرفيع، وأظنُّ أنَّ أوَّل من لقِّب به النحَّاس باشا(1)..)).
_______________________(1): وكانت سوريا أول بلد عربي ألغى الألقاب، كما كانت السابقة إلى إلغاء الامتيازات الأجنبية.
تنبيه: المتن والحاشية كلاهما للشيخ رحمه الله.
_________________
9- لذَّةُ الإحسان إلى النَّاس:
قال رحمه الله في الذكريات (3/121-122) خلال كلامه عن رحلته لإندونيسيا ومصادفته العيد هناك في ضيق وهمٍّ =قال: ((.. حتى بلغت حديقة لحظت أنَّها مرتع أطفال الأغنياء، يبدو عليهم من آثارالسَّرَف والتَّرَف.
وكان على باب الحديقة عجوزٌ قد أمال ظهرها ثقل ما حملت من كثرة السِّنين، وفي يدها طفلة كأنها الفلة المتفتحة جمالاً وطهراً، في ثياب قديمة لكنها نظيفة.. وكانت تنظر إلى هذا العالم كأنَّه غريبٌ عنها.
وكان الأولاد يشترون أكفَّ (الشُّوكلاطة) من بيَّاع هناك، وكانت تنظر إليهم وهم يقشِّرون أوراقها ويأكلونها بعيون يلمع فيها الرَّغبة المحرقة، يعقبها خمود اليأس المرير.
ثم غلبها الطمع فلكَزَتْ خصر جدتها العجوز بمرفقها حتى إذا التفت إليها أشارت بغمزة من عينها وحركة سريعة من يدها إلى الشُّوكلاطة، فتبسَّمت الجدة بعينيها، ولكنَّ مقلتيها كانتا تبكيان بلا دموع، وقلَّبت كفَّيها إشارة العجز والفقر.
فاشترَيْتُ لها أكبر كفٍ من الشوكلاطة، وذهبتُ فدفعتُه إليها.
فنَظَرَت إليَّ نظرة المشدوه، ثم نَظَرَت إلى جَدَّتِها كأنَّها تستنجد بها تسألها، فأشرق وجه العجوز بابتسامة كأنها إطلالة الشمس في يوم كثيف الغمام...
وأسْرَعَت البنتُ تجرُّ جدتها تسرع بها، كأنَّها قِطَّةٌ أعطيتها قطعة لحمٍ، فهي تسرع بها كأنَّما تخاف أنْ أندم فألحقها لأستردَّها منها.
لم أخسر أكثر من أجرة سيارة أركبها في نزهة أريدها! ولكنِّي ربِحْتُ من اللَّذَّة ما لا أجد في مئة نُزْهةٍ..
أحسستُ أنَّ ما كان في قلبي من الضِّيق قد انفرج، وما كنتُ فيه من الكربِ قد زال، وأنَّه رُفِع المنظار الأسود عن عيني فرأيتُ بهاء الكون، وبياض النهار. ووجدتُ العيدَ!
فيا أيها القرَّاء: ليست السَّعادة بالأموال ولا بالقصور، ولا بالخدم والحشم، ولكن بسعادة القلب!
وإنَّ أقرب طريق إلى سعادة القلب أن تدخل السعادة على قلوب الناس..
وإنَّ أكبر اللَّذاذات هي لذَّة الإحسان.
فمن أراد منكم العيد فلن يجده في سفرةٍ إلى لندن ولا باريس، ولا بانكوك ولا نيس، بل يجده على وجوه من توليهم الإحسان!)). انتهى بتصرف يسير.
منقول من المجلس العلمي للإفادةt,hz] lk ;jf hgado hgH]df ugd 'k'h,d vpli hggi
المفضلات