قصة الإسلام
تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم شابه الكثير من الشبهات والتهم التي أُثيرَت حولهم ـ رضي الله عنهم ـ سواءً من المستشرقين أو المستغربين الذين فُتِنُوا بالغرب وصاروا لسانًا له يروجون أقواله وأفكاره، طاعنين في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين..
فهؤلاء الطاعنون في صحابة رسول الله إنما يريدون بطعنهم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاته، ولكنه لا يتمكنون من ذلك فيطعنون في أصحابه فإن فسد الأصحاب فسد الرجل، وإن صلح الأصحاب صلح الرجل..
فالطعن في الصحابة طعن في الدين لأن الدين أتانا عن طريقهم كما يقول ابن تيمية ـ رحمه الله .(1)
وما أعتقد أن شخصية في تاريخنا الإسلامي من الرعيل الأول من الصحابة الذين تربوا على يدي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد نالها من التشويه والدس والافتراء والظلم ما نال معاوية بن أبي سفيان ـ رضي الله عنهما ـ سوى سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه؛ حيث امتلأت معظم المصادر التاريخية بالكثير من الروايات الضعيفة أو المكذوبة على هذا الصحابي الكريم معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما؛ فكان لزامًا علينا الحديث والكتابة عنه، والذَّبُّ عن عرضه وفق المنهج الصحيح، فمعاوية ـ رضي الله عنه ـ أحد الصحابة الذين كَثُرَ الطعنُ فيهم، والافتراء عليهم والظلم والتشويه لهم، وربما يرجع ذلك إلى أن معاوية رضي الله عنه صِهْرُ ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وخال المسلمين وأمير المؤمنين، وكاتب وحي رب العالمين، فإذا طعن فيه أصبح من اليسر الطعن فيما سواه من صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا بالإضافة إلى ما شابه من أحداث الفتنة، فهذا وغيره سمح لهؤلاء الجهلة بالطعن فيه.
أما جمهور الأمة الإسلامية فقد أجمع على عدالة جميع الصحابة سواءً من لابس الفتنة منهم في كلا الفريقين، أو الفريق الثالث الذي اعتزلها، وفيه يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله: معاوية عندنا محنة (اختبار)؛ فمن رأيناه ينظر إليه شَزَرًا اتهمناه على القوم ـ يعني الصحابة ـ (2)
وقد حذَّرَ رسولنا الكريم من الطعن في صحابته الأخيار، وأوجب على جميع المسلمين أن يعرفوا لصحابته قدرهم وحقهم، فهم في منزلتهم كالنجوم العوالي، فهيهات هيهات أن يبلغ أحد من العالمين مِن بعدِهِم منزلتهم، فمن طعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذى رب العالمين، روى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الله بن مغفل المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهَ اللهَ في أصحابي، اللهَ اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضًا بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببُغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى، ومن آذى اللهَ فيوشك أن يأخذه.
وانظر أيضًا إلى هذا الحديث الشريف الذي يرويه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه.. ومعنى قوله نصيفه أي: نصف المد..
نسبه وإسلامه وروايته للحديث
من أكابر الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وأحد كُتَّاب الوحي، العاملين بكتاب ربهم والمحافظين
على سنة نبيهم، الذَّابِّين عن شريعته، القائمين بحدوده، المجاهدين في سبيله..
نسبه:
هو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، خال المسلمين
صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أمير المؤمنين، ملك الإسلام، أبو عبد الرحمن القرشي الأموي المكي..
وأمه: هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي رضي الله عنها..
إسلامه:
قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء سنة 7 هـ، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي صلى الله عليه وسلم بسبب أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح فيُروى عنه أنه قال: "لما كان عامُ الحديبية وصَدُّوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي، فذكرت لأمي فقالت: إياك أن تخالف أباك، فأخفيتُ إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وعلم أبو سفيان بإسلامي، فقال لي يومًا: لكنَّ أخاك خير منك، وهو على ديني، فقلت: لم آلُ نفسي خيرًا، وأظهرتُ إسلامي يوم الفتح، فرَّحَّبَ بي النبي صلى الله عليه وسلم وكتبتُ له.. (سير أعلام النبلاء)..
روايته للحديث:
حدَّث معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدث أيضًا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة، وعن أبي بكر وعمر، روى عنه: ابن عباس وسعيد بن المسيب، وأبو صالح السمان، وأبو إدريس الخولاني، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعروة بن الزبير، وسعيد المقبري، وخالد بن معدان، وهمام بن منبه، وعبد الله بن عامر المقريء، والقاسم أبو عبد الرحمن، وعمير بن هانيء، وعبادة بن نسيء، وسالم بن عبد الله، ومحمد بن سيرين، ووالد عمرو بن شعيب وخلق سواهم..
وحدث عنه من الصحابة أيضًا: جرير بن عبد الله، وأبو سعيد، والنعمان بن بشير، وابن الزبير..
فمعاوية رضي الله عنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين..
مسنده في (مسند بقيّ) مائة وثلاثة وستون حديثًا، واتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة..
وقد عمل الأهوازي (مسنده) في مجلد.l;hkm luh,dm td hgYsghl
المفضلات