بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المأمون الأمين صلى الله عليه واله وسلم
فهذه مقالة مهمة لكاتب يجمع الفكرة الاسلامية مع الليبرالية
النداء الأخير للإخوان وحلفائهم اكل تلك الأنفس الزكية التي قتلت عند دار الحرس الجمهوري أو أمس عند المنصة أو في الإسكندرية أو حتى العريش ورفح، سيسأل عنها الجميع، القاتل المباشر الذي استباح لنفسه الجرأة على الدم وضرب النار في مقتل، والقاتل غير المباشر الذي حرض على الصدام وشحن النفوس بالغضب وهيأ الخواطر للموت باعتبارهم "مشروع شهيد" ودفع ضريبة الدم أنهارًَا حسب زعمه، ويسأل عنها إعلام مشحون بالكراهية والتحريض على الدم بطريقة غير إنسانية ولا أخلاقية ولا تمت لدين ولا آدمية بصلة، يسأل عنه قيادة حمقاء عميت أبصارها عن رؤية كل أبعاد المشهد وتضع الأبرياء في خيال كاذب وأوهام خرافية، إذ تؤكد لهؤلاء الشباب الطاهر والبريء أن أهدافهم السياسية ستتحقق إذا بقوا في الاعتصام وإذا حركوا مسيرات الغضب في بعض الميادين والشوارع والكباري، وهم في الحقيقة مجرد دروع بشرية لاحتماء تلك القيادات الجاهلة والفاشلة من الملاحقة، ويزعمون توكلهم على الله ويطلبون منه سبحانه النصر والفرج، متجاهلين أوامره وهدي نبيه وشروط النصر من الأخذ بالأسباب والتعامل مع الواقع وليس مع الأوهام والخيالات، فليس من البطولة أو الشجاعة أو التوكل أن تلقي بنفسك في هلكة محققة دون أن تتحسب لموازين القوى والحسابات الكاملة للواقع، وفق منطق الصراع الحالي لن تكون مذبحة المنصة هي الأخيرة، كنت أتمنى أن أدغدغ مشاعر الأبرياء بالحديث الآن عن كونها الأخيرة، ولكن طريق الدم له خاصيتان أساسيتان، الأولى أنه طريق ذو اتجاه واحد، والثانية أنه يملك طاقة دفع ذاتية أكبر من طاقة أطرافه على توقيفها، والذين أوغلوا في الدم لن يتراجعوا لاعتبارات يفهمها الجميع أو يفترض ذلك، والإخوان وحلفاؤهم يواجهون الآن موجة كراهية حقيقية على مستويات شعبية ورسمية هائلة تبلغ مستوى المرارة والأحقاد، من العبث وقلة العقل أن يختزلوها في شخص، وعليهم ألا يتوقعوا أن يبكي عليهم أحد، أو أن يوقف مسلسل الدم نداءات محتملة أو بيانات تشجب وتستنكر وتترحم على الضحايا، هناك في الداخل والخارج من يبكون على قتيل واحد إذا كان من تيار آخر، ليبراليًا أو يساريًا أو قبطيًا، ولكن الإخوان وحلفاءهم لن يبكي عليهم أحد في تلك الموقعة، نقولها بكل مرارة، يمكنك أن تسب هذه المعادلة الظالمة وتلعنها، ولكن الأهم أن تدرك وجودها وتتعامل مع معطياتها سياسيًا وأنت تجري حساباتك ولا تضع رأسك في الرمال، وقلناها قبل ذلك مرارًا قبل أن يفتتح مسلسل الدم، وحذرنا منه، وكتبت هنا بالنص قبل ثلاثة أشهر: سيقتلونكم ولن يبكي عليكم أحد، كما أن المجتمع الدولي ليس شديد الحساسية تجاه دم الإسلاميين بشكل عام، وفي المخيال السياسي الغربي ذاكرة أفغانية وعراقية وجزائرية وصومالية تضعف من تعاطفه مع أي أعمال وحشية يتعرض لها إسلاميون في العالم كله، ولو ذرف بعض الدموع الكاذبة في موقف أو غيره، فهي لمجرد الهرب من المسؤولية الأخلاقية لا أكثر، وإذا فكر الإخوان أو حلفاؤهم في استخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم فستكون عملية الاستباحة أكثر وحشية بما لا يقارن بما يحدث الآن، فكيف نتعامل مع هذه الأبعاد كلها، وكيف نحدد مسار العمل غدًا، وكيف نحدد بوصلة الهدف الآني القريب أو البعيد، أظن أنها اللحظة الأخطر والأهم التي تلزم الجميع بالمراجعة العاجلة العاقلة والقاسية وحساب التكاليف كلها، وبالتالي حسم اختياراتنا للمستقبل القريب، هي لحظة القرار والفعل وليست لحظة الخطب والهتافات والصريخ والبيانات. ومسؤوليتي الأخلاقية والدينية والوطنية، بعيدًا عن المزايدة التي لا أحسنها واصطناع بطولة لا أشتهيها، تجعلني أتوجه بنداء إلى شباب الإخوان وحلفائهم من الجماعة الإسلامية وبعض أبناء التيار السلفي بالإنهاء الطوعي للاعتصامات برعاية مؤسسات لها هيبة واحترام، مثل الأزهر، والعودة إلى الاصطفاف الوطني وليس الديني، لأنها ضرورة اللحظة، عليهم أن يندمجوا سريعًا في المسار السياسي الجديد حماية لمشروعهم بالأساس وحماية للمسار الديمقراطي الذي تحلم به مصر كلها وحماية لمكتسبات ثورة يناير التي تعصف بها الصدامات وحماية للقوى المدنية الأخرى أيضًا، لأنهم ظهرها في الحقيقة رغم الخلاف، وليس كل الدواء حلو المذاق، وأحيانًا نتجرع المر من أجل مصلحة أعلى أو أشمل، أحيانًا نعود خطوة إلى الوراء من أجل تفادي حجر قاتل أسود يتجه إلى نقطة وقوفنا، حتى لو كنا على يقين من أننا على الحق في تلك الوقفة وتلك المطالب، على الإسلاميين أن يضحوا من أجل وطنهم ومن أجل الثورة ومن أجل دعوتهم أيضًا، ضياع كرسي الرئاسة ليس نهاية الدنيا، ولا كان في خاطرنا أصلاً قبل عام ونصف من الآن وكانت قناعتنا وقتها أنه عبء ومخاطرة وورطة، فعلينا أن نعود إلى تلك الرؤية التي ثبت أنها كانت الأصح والأرشد، لقد ربح التيار الإسلامي خلال العامين ونصف اللتين أعقبتا الثورة مكاسب سياسية واجتماعية وإعلامية هائلة لم يسبق لهم تحقيقها منذ أكثر من سبعين عامًا، فليتمسكوا بها، ويحموها، ولا يرهنوا بقاءها بعودة رئيس لن يعود، لأن العاقل لا يقامر بتلك العدمية السياسية، إما أن تربح كل شيء وإما أن تخسر كل شيء، عودوا إلى رشدكم وفي سيرة نبيكم هدي وفير لمثل تلك الأزمات، ولا تسمعوا لأصوات المهاويس وتجار الدم والمحرضين على الصدام ومن يتخذونكم دروعًا بشرية، فهناك من يدرك أنه خسر رهانه ويريد أن يخسر الجميع معه، على الإسلاميين أن يخرجوا من إرث البكائيات والمظلوميات الكئيب الذي ظلل تاريخهم السياسي الحديث كله، لأجواء التفاؤل والانفتاح والعمل المشترك مع الجميع وبناء نهضة أمتهم وسعادة الدنيا كما الآخرة، وأن يدركوا أن سنة الله في كونه التدرج، أيها الأحباب، هناك من يدفعكم إلى المحرقة، هناك من يستدرجكم إلى الإبادة، هناك من ينصب لكم الفخاخ الآن، فأستحلفكم بالله أن تفوتوا الفرصة على القتلة والمتآمرين والحاقدين ومرضى النفوس. رحم الله الشهداء، وتغمدهم بواسع رحمته وعفوه، ولطف بأهلهم، وربط على قلوب ذويهم، واجعلها يا رب ـ بحق هذا الشهر الكريم ـ آخر أحزان الثورة وآخر الدماء.
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...A6%D9%87%D9%85
almesryoongamal@gmail.com
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...A6%D9%87%D9%85
http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...A6%D9%87%D9%85vshgm hodvm ggho,hk ,pgthcil
المفضلات