إفشاء الأسرار أقصر الطرق لأبغض الحلال
اعترف عدد من الزوجات باعتيادهن الحديث عن الأسرار الزوجية أمام الصديقات، وروين كيف أثّر ذلك على حياتهن، وكيف أوصلتهن هذه العادة إلى فقد الثقة وإثارة الشك في نفوس الأزواج، وقد وصل الأمر في بعض الحالات إلى الطلاق وتهديد الحياة الزوجية.
وحذر اختصاصيون من الحديث عن الأمور الخاصة أمام الغير، وكشفوا عن العواقب الاجتماعية والنفسية لذلك، وحذروا أيضا من التحدث عن محاسن الزوج؛ فقد يولد ذلك الغيرة والحسد في نفوس الصديقات، وأكدوا أن الإسلام حرم إفشاء الأسرار الزوجية أو التحدث عنها أمام الملأ.
قصص واقعية
"م.ع" تقول: كنت أعتقد أن الحديث عن حياتي الخاصة أمام صديقاتي يريح نفسيتي من الضغط الذي ألاقيه في البيت، وكان هذا الموضوع وجبة دسمة نتجاذبها خلال جلساتنا.
وذاتمرة رويت لإحدى صديقاتي موقفا مضحكا خاصا جدا حصل بيني وبين زوجي، وهي بدورها أخبرت به زوجها، فاستغل زوج صديقتي إحدى سهراته مع الأصدقاء، وحكى لهم الموقف من باب التندر والفكاهة، فأخبر أحد الحاضرين زوجي بالأمر.
وتتابع: من هذه اللحظة وأنا أعيش في دوامة من تأنيب الضمير، وعتاب زوجي؛ فقد أصبح لا يأتمنني على سر، وأصبح كتوما معي في معظم الأمور، ومن يومها قررت ألا أتحدث عن أي شيء يحصل في بيتي مهما كان.
أما"م.ص" فتقول: كانت لي صديقة في العمل طلقت بسبب سوء تعامل زوجها معها، وكانت تسمعني دائما أمدح زوجي، وأتحدث عن محاسنه ومعاملته الرقيقة لي؛ ونظرا لأن صديقتي تعيش في فراغ عاطفي، فقد أعجبت بزوجي من خلال حديثي عنه؛ فاستدلت بطريقة ما على رقم جواله، وأخذت تتصل به لاستمالته وإغوائه، ولكون زوجي رجلا ملتزما يخاف الله لم يتح لها المجال، وأعلمني بذلك، وحذرني من مغبة الحديث عن حياتنا الزوجية الخاصة؛ فكان ما حصل كناقوس دق في فكري ونبهني لخطورة ما كنت أتحدث عنه من أمور وأسرار خاصة.
"أم حسن" (معلمة) تقول: كانت لي صديقة تعاني من مشاكل معقدة مع زوجها تتمثل في تقصيره كزوج وأب؛ وهو ما جعلها تهجره لبيت أهلها، وكنت متعاطفة معها، ومتأثرة لما يحصل لها من مشاكل، وكنت أحدث زوجي بكل صغيرة وكبيرة عن أسرارها ومشاكلها مع زوجها، وللأسف كون زوجي علاقة غير سليمة مع هذه الصديقة، مستغلا الفراغ العاطفي الذي تعيش فيه ومعرفته بمشاكلها، ولولا أن إحدى صديقاتي أخبرتني بما يحدث من ورائي لما عرفت خطأ التحدث عن الأسرار الخاصة بصديقتي أمامه".
"هـ .م" تقول: أتحدث مع صديقاتي في كل أمور حياتي الأسرية صغيرة كانت أو كبيرة، من سبيل المناقشة وبحث الحلول، ولكن حديثي يتوقف عند الأسرار الخاصة؛ فهي لا تخص أحدا غيري، ولو كنت أريد حلا لموضوع خاص أو مشكلة زوجية أبحث عنه في الإنترنت أو عبر المنتديات التي تعالج هذه الأمور.
أما"أم عادل" فترى أن الأحاديث التي تكون بينها وبين صديقاتها أو جاراتها لا تتجاوز أمور البيت ومشاكل الأولاد والخادمات، أما مشاكلها مع زوجها أو أسرارهما الخاصة فلا تخص أحدًا غيرهما.
ع. مولد تقول: ذات مرة كنا في جلسة نسائية، فتطرقنا لأمور أسرية وزوجية بشكل عام، فراح عدد من المتزوجات حديثا يتبادلن الحديث الهامس مع بعضهن، استشففنا منه أنهن يتحدثن عن حياتهن الخاصة؛ فقمت بنصيحتهن وأخبرتهن أن هذا الحديث لا يجوز؛ فلاقيت منهن اعتراضا شديدا، وقلن إنهن لا يتبادلن ما هو مخالف للشرع أو الدين.
رأي المختصين
عن عادة إفشاء الأسرار الزوجية الخاصة بين الصديقات والتحدث عن المشاكل الزوجية قالت الاختصاصية الاجتماعية بمكتب الرعاية الاجتماعية في مكة المكرمة هنية المنعمي: الأسرار الخاصة والمشاكل الزوجية لا بد أن تكون بين الزوجين في طي الكتمان، وإذا أشيعت فاللوم لا يقع إلا على الزوجين، وإن كان ولا بد من طرف ثالث ليحتوي المشكلة بين الزوجين ويحلها فلا بد أن يكون شخصا كتوما مشهودا له بالتقوى والصلاح، حتى لا تتعقد الأمور وتتطور المشكلة.
كما لا يحق للزوجة أن تجعل أسرار حياتها الزوجية حديث المجالس بين النساء؛ فذلك السلوك يولد الخلافات بين الزوجين، وقد تصل لحد الطلاق.
وتقول الداعية بمكتب دعوة الجاليات بمكة المكرمة مريم آدم أبو هريرة: من أمور الدين ألا يتحدث الإنسان عن أسراره الخاصة ومشاكله الزوجية لمجرد الثرثرة فقط؛ فقد حرم ديننا التحدث في هذه الأمور ونهى عنها.
ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، والمرأة تفضي إلى زوجها فينتشر سرهما"، وقد نهى حتى عن التحدث عنها بعد الطلاق؛ فهي أسرار لا يجوز نشرها بأي حال من الأحوال، إلا إذا كان هناك ضرورة لذلك، بغرض التعليم والتوجيه لمن تشكو من جهلها لهذه الأمور، دون التدليل بالنفس، بل يكون الحديث عاما.
ويقول محمد عمر هوساوي (مأذون شرعي وإمام مسجد الأميرة منيرة بمكة المكرمة): من أكبر الأخطاء التي يرتكبها البعض نشر أسرارهم الخاصة بين الأهل والأقارب والأصدقاء، وهذا ليس مجرد خطأ يهدد الحياة الزوجية، بل من الأمور التي حرمها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود، فقال: "لعل رجلا يقول ما يفعله مع أهله؟ ولعل امرأة تخبر بما تفعله مع زوجها؟" فأرم القوم -يعني سكتوا ولم يجيبوا-؛ فقلت: إي يا رسول الله إنهن ليقولن، وإنهم ليفعلون، قال "فلا تفعلوا؛ فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون".
نقلا عن جريدة الوطن السعودية في عددها رقم (2392)، والصادر بتاريخ 18-4-2007
Ytahx hgHsvhv Hrwv hg'vr gHfyq hgpghg
المفضلات