اعتنقت الإسلام ليلة رمضان ونذرت حياتي للدعوة إليه
14 ألف أمريكي ينطق بالشهادتين سنويا منذ أحداث سبتمبر
2008.07.28 حاورها:خير الدين بن زعرور
ربى تتوسط مكسيكيتين يوم نطقهما الشهادتين تواصل ربى قعوار حديثها للشروق أون لاين في الجزء الثاني، وتتحدث فيه عن الإسلام في امريكا.
* ماذا حدث بعد انقشاع الضباب؟
** تساءلت في حيرة... كل هذه السنوات؟ 24 سنة من حياتي وأنا أدرس نظريات غير معتمدة من الإنجيل والتوراة، 24 سنة من حياتي أعبد الله بطريقة خاطئة، 24 سنة من حياتي ذهبت سدى، إنها كذبة محققة.
أصارحكم أنني أردت الانتحار، شعرت أن الأرض تهتز من تحت قدمي، وأصابني الرعب، أردت أن أرجع إلى بداية المطاف وأبحث من جديد لأثبت العكس، ولكني صمت قليلاً، لا أعرف ما الذي سيحدث بعدها... شعرت أنني أدمر حياتي. وصرت أفكر... أنا أؤمن أن المسيح الآن هو إنسان نبي مرسل من الله سبحانه وتعالى، وأنا أؤمن بجميع الأنبياء الذين قبله...
وبقيت لديّ مشكلة بسيطة مع النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، في الحقيقة لم أتعلم شيئاً عن حياته، وكل ما أعلمه هي معرفة بسيطة عن طريق المسيحية الذين زرعوا في داخلي هذه الأفكار عنه (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)، ولكن تساءلت: كيف يعظمه المسلمون طوال الوقت؟؟
قلت، كيف يمكن أن تكون هذه مشكلة والقرآن الكريم أتى من عند الله من خلال النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ إنه حقاً لرجل متميز... أعظم الخلق (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)، إذاً فهي ليست مشكلة أبداً أن أؤمن بنبي آخر وهو خاتم الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
* وتوصلت لإزالة اللبس؟
** تركت غرفتي بعد تأمل طويل وتفكير عميق في البحث، واتصلت مع أصدقائي المسلمين الذين لم أرهم منذ شهرين على الأقل، وذهبت لرؤيتهم، فعلاً كنت أصلي إلى الله وأبكي وأقول: «إذا كان هو الطريق الصحيح، فغيّر حياتي، وإذا لم تكن فاجعلني أموت في حادث سيارة قبل أن أصل إليهم واجعلني أدخل الجنة... فكل ما أريده هو الحقيقة ومرضاتك يارب، وكل ما أبغيه هو الجنة».
وهكذا وصلت إلى أصدقائي ودموعي تذرف من عيني، فاعتقدوا أن شيئاً مكروهاً قد حدث لي، وكان هناك زوجي الحالي مصطفى، وكان الجميع ينتظر منّي أن أتكلم ليعلموا حقيقة أمري، ثم قلت: أشهد أن لا إله الاّ الله... وأشهد أن محمدا رسول الله، عمّ الصمت المكان لعدة دقائق والجميع يرمقني بدهشة، ثم قال مصطفى ساخراً: »أسكتي... ولا تكذبي«، أذكر أن ذلك كان يوم الثالث من أكتوبر عام 2005.
قلت له: »أنا لا أكذب، وبدأت بالبكاء والشهيق«، قال: »لي مستغرباً، لقد قلت المرة الأخيرة في نقاشنا إنه لو قلت الشهادتين وأنت لا تؤمنين بها فهذا لا يعني أنك أصبحت مسلمة! فكفى كذباً«.
قلت له: »أنا لا أكذب، غداً سيكون أول يوم في رمضان، والآن ستعلمني كيف أتوضأ وكيف أصلي وكل شيء عن ديني الجديد«، عندما سمعني أقول ذلك ورأى الإصرار في عيني، أجهش بالبكاء من شدة فرحته وانفعاله الشديدين ورحّب بي في الإسلام ترحيباً حاراً، وفعلاً تعلمت الصلاة والكثير من أمور الإسلام في ليلة واحدة، واشتريت حجاباً وبدأت أمارس عبادتي على أساس من عقيدتي الجديدة.
* كيف كان موقف أسرتك، وهل تعرضت لمضايقات من قبل السلطات الأمريكية؟
** اضطررت لإخفاء إسلامي لمدة أسبوعين على الأقل... حتى جاء الوقت وعلم أهلي بذلك من خلال أولاً، إيجاد أختي الحجاب مُلقى على الأرض، وثانياً رؤيتي وأنا أصلي ليلاً بعد منتصف الليل... وهنا بدأ الابتلاء... ورجاءً لا أريد أن أتحدث في موضوع صدمة أهلي التي مرّوا بها بعد معرفتهم أنني اعتنقت الإسلام ومعاناتي... أسأل الله أن يهدي عائلتي لهذا الدين وألا تكون هذه القصة عائقاً أمامهم لهدايتهم.
أما من جانب السلطات فلم أتعرض إلى إساءة في أول إسلامي... ولكن بدأوا الضغط عليّ في هذه الأيام بسبب نشاطاتي الكثيرة المختلفة في الدعوة، فقد اتصل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي »الإف بي آي« للتحقيق معي ومحاولة التحدث معي باستمرار للمحاولة لإمساك شيء عنيّ، ولكني أسأل الله أن يباعد المسلمين من أي اضطهاد من السلطة فهي ليست سهلة أبداً.
* ما الشيء الذي جذبك إلى الإسلام؟
** إن ما دفعني إلى اختيار الدين الحنيف، أن الإسلام فيه أجوبة على كل سؤال دون استثناء، فمن كان متمسكاً بالدين المسيحي وعالم ما يحتويه الكتاب المقدس، ما وجد جواباً لسؤال: »أين قال المسيح أنه الله؟« أو »أين طلب العبادة له؟«، وبالتالي يقف الإنسان حائراً على مفترق طرق لا يعلم إن كان ما يفعله صحيحاً أم لا، ويلحقه الانجراف نحو الزلات والخطايا بوقت أسرع وأضمن... أما بالنسبة للإسلام فنجد أن هذا الخط المرسوم واضح لا غبار عليه، رغم اختلاف العلماء في بعض المسائل الفقهية مما يدل على سماحة الإسلام ومرونته في تطبيق التشريعات.
فلكل شخص يريد أن يعرف عن الإسلام يبدأ بأركان الإيمان الستة، وبعد الشهادتين، يتعلم الأركان الخمسة للإسلام وتطبيقها ومعرفة مزاياها، وبعدها يتعمق أكثر بالعقيدة ويتعرف على الأحاديث النووية، ثم الأمور الفقهية، ثم الدخول أكثر في دراسة القرآن الكريم بطريقة موسّعة أكثر وشرح الأحاديث الشريفة والغوص فيها بشكل أكبر ولربما يتطرق إلى الإجازات العلمية القرآنية أو قضايا مهمة إسلامية منها فقهية أو عقائدية أو ما إلى ذلك.
بالنسبة للأديان الأخرى فلا نجد هذه الخطوات المتتابعة في الدراسة في الدين، فأقول من خبرتي بالمسيحية أن النصوص الإنجيلية ليست مهمة، وإنما تعتمد جميعها على طريقة شرح اللاهوتي لها، فمعظم الدارسين والعلماء في كتبهم تعلموا دينهم عن طريق مدرّسيهم ولا يعتمدون على دراستهم الكتاب المقدس نفسه، وتجد أن العلم لدى المسيحيين يُحتكَر فقط للقادة ولا يُعطى للشعب... فحتى تكون قسيساً في إحدى الكنائس لا ينقصك إلاّ مهارة في الكلام والشِّعر والتصفيق والرقص مع الموسيقى وهذا سيكون كافياً لاجتذاب الناس إليك بسبب الجهل والتخلف الديني اللذين يعيشون فيهما.
إلى جانب منح الإسلام كامل حقوق المرأة، رغم ما يقوله العالم الخارجي ـ غير الإسلامي ـ في أن الإسلام ينتقص من حقوق المرأة ويقمعها، فلقد اعتبرتُ أن الكتاب المقدس يحط من مقدار المرأة لأن الكتاب المقدس ـ عكس تعليم الكنيسة ـ يصرّح أن المرأة لا تستطيع أن تتكلم أمام الرجال خاصة في الكنيسة، وإن أرادت شيئاً فإنها يجب أن تسأل زوجها في البيت، هذا غير الاتهامات التي يلقونها على عاتقها كل مرّة يتحدثون عن خطيّة آدم الأصلية، أما في الإسلام فتقول إنني وجدت مساواة وعدلا معا بين الرجل والمرأة لا بل إنه يرفع من مستواها إلى القمة.
إضافة إلى المعاملة الإسلامية الحسنة، كحب الوالدين وبرّهما، ومحبة الجار، والمعاملة الحسنة مع أهل الكتاب، واحترام الكبير والعطف على الصغير، وكفل اليتيم، ومعاونة القاصر، وغيرها من العلاقات الاجتماعية، وملاحظة غير المسلمين لهذه الفئة التي تطبّق الإسلام بالطريقة الصحيحة تجعلني أريد أن أكون جزءاً لا يتجزأ من هذا المجتمع المتضامن وبالتالي انتهى بي الأمر باعتناقي الإسلام ديناً.
* أول خطوة قمت بها بعد إسلامك، ارتداء الحجاب الذي شنّت حوله هجمات شرسة في بعض البلدان الغربية وحتى العربية، ماذا تقولين؟
** لطالما نظرتُ إلى الحجاب على أنه رمز لوقار المرأة واحترامها... ففي كنيستنا كان واجبٌ على المرأة أن تغطي رأسها في الكنيسة وبالتالي كنتُ متلهفة جداً لوضعه بعد إسلامي، وكان بالنسبة لدي هو لمسة جمال لمظهر المرأة في المكان العام.
فكان أول شيء فعلته بعد نطق الشهادتين أمام أصدقائي جلست مع صديقتي، وأخذت ورقة وقلما ورحت أتعلم كيفية الوضوء والصلاة ومن ثم ذهبت واشتريت الحجاب، لأنني علمت أن الحجاب وخاصة في البلاد الغربية هو هوية المسلمة، فكل إنسان يرى محجبة يعرف أنها مسلمة... والسبب الثالث أن الحجاب هو رمز للحياء والطهارة والاحتشام، ولربما كنت بحاجة لهذه الأشياء نفسياً وعملياً بشكل شديد مما دفعني لوضعه بهذه السرعة، ولا أندم يوماً على وضعه... فأنا لم أنظر إلى حياتي الأولى منذ أن وضعت الحجاب... وكان هو فاصلاً ما بيني وبين عمل أي فاحشة... الحمد لله.
* والآن كيف هي حياتك الجديدة؟
** من الناحية الأخلاقية، فقد رجعتُ معظم الأحيان إلى الطريقة التي ربتني إياها أمي والتي لم أكن أتّبع أكثرها قبل الإسلام، ولكن هناك فرق شاسع من الناحية الروحية والنفسية، فوجدتُ السلام الذي أبحث عنه، وجدتُ إجابات لتساؤلاتي التي لم أجدها قبل الإسلام، كان عندي فراغ كبير في قلبي وقد امتلأ بعد الإسلام بالدين والعلم والإيمان... حياتي السابقة لم تكن سيئة جداً، ولكن أعتقد أن الآن أصبح لدي هدف أكبر في الحياة ومعنى أعمق لها بعد إسلامي.
* لمن يعود الفصل في كل ذلك؟
** فضل كبير لله سبحانه وتعالى أولاً ثم زوجي العزيز... الذي علمني أساسيات العقيدة كالوضوء والصلاة والصوم والعبادات الأخرى والأخلاق الإسلامية كالتحية وما يقال من أدعية وغيرها، أما بالنسبة للعقيدة والفقه... فقد قرأتُ كتباً كثيرة واستمعتُ إلى الكثير من الخطب والدروس... والآن أريد أن أنظم دراستي أكثر والتحقتُ بجامعة إسلامية لمتابعة الدراسة وسد الثغرات التي قد أقع فيها بسبب قلة معلوماتي وعلمي.
* ماذا تعلمين الآن في حياتك، هل تنشطين في سبيل نشر الإسلام؟
** أحاول أن يكون هدفا حقيقيا في حياتي، فالآن أعمل كمعلمة للُّغة العربية في مدرسة ابتدائية ومتوسطة... أكاديمية السلام بولاية تكساس الأمريكية، كما أنني أعمل في منظمة الخدمات الإسلامية، حيث أنها تسوِّق المناهج العربية والإسلامية للمدارس والمنظمات الإسلامية على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أجمع.
وأعمل في مجال الدعوة الإسلامية عبر الانترنيت، وأقوم ببعض المحاورات والمناظرات ما بين النصارى والإجابة على أسئلتهم، وأعمل مقابلات في سبيل الله دون مقابل مع مسلمات جدد في الغرب ونساء مسيحيات، أو قساوسة، أو رجال ونساء دين يدرسون اللاهوت المسيحي البحت، إلى جانب إلقاء المحاضرات في حلقات النساء المسلمات أو غير المسلمات.
والدعوة الأهم بالنسبة إليّ هي الدعوة الفردية، فكثير من الأحيان أحبّ أن أقضي بعض الوقت مع إحدى صديقاتي المسلمات فأتعلم منها ـ خاصة إن كانت متعلمة أو مثقفة في دينها ـ وأشارك معها الكثير من القصص والخبرات الشخصية... بل أحب مراقبتها والاستماع لها عند الدعوة كي أتعلم أكثر... أما بالنسبة لزيارتي لغير المسلمة فأجلس معها ونتناول أطراف الحديث في البداية كي نتعرف على بعضنا البعض، فأستمع لها وتستمع لي وأحدثها عن الإسلام، وتلاحظ أيضاً طريقة تعاملي معها، أو مع النساء الأخريات فتعرف قيمة الإسلام ليس فقط بالعقيدة ولكن كحياة يعيشها المرء... فأعوذ بالله واستغفره إن قلت شيئاً قد يجذب الأنظار لي أو للشهرة.
* الإسلام أخذ في الانتشار والتوسع في البلدان الغربية، سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي استغلها الغرب في الدعوة إلى كراهية كل ما يمت بصلة للإسلام. ما تعليقك؟
** بعد أحداث 11سبتمر 2001 ازداد عدد المتحولين إلى الإسلام بعد هذه الكارثة الرهيبة، ورُغم أننا لا نستطيع أن نتصور الألم الذي حدث في أرض الولايات المتحدة من فواجع لهذه العائلات المسكينة، والتي توافدت من كل أقطار العالم ومن كل ديانات الدنيا، ومع هذا كله إلاّ أن بصيص نور لاح في الأفق، وشع الإسلام في نفوس محبّي أمريكا، ودخل الناس في دين الله أفواجاً. فحسب التقارير والإحصائيات، فإن هناك على الأقل 14000 شخص نطقوا الشهادتين في المساجد ومع المسلمين والمسلمات سنوياً، وراح بعض علماء النفس والذين يعادون الإسلام أن هذا السبب قد يكون ردة فعل عنيفة تسمى "Stockholm syndrome"، بحيث أنها تتكوَّن من موقف مؤثر رهيب حدث مع الإنسان فيصبح يحاول أن يستخرج أو يمتص من ألم الحادثة شيئاً ليتكيّف معه ويجعله إيجابياً، ولذلك نرى أن معظم النساء يعتنقنَ الإسلام بعد هذه الحادثة المروعة. ولكن هذا غير صحيح! وإنما بسبب أن الناس لم تكن تسمع عن الإسلام قبل هذه الحادثة، إلا أن أصبحت هذه الصحوة التي صفعت الوجه صفعة قوية، ومن هنا بدأ البشر يسأل أكثر وعرف أن هناك قارات أخرى غير قارتهم الذين يعيشون عليها، وعلموا أن هناك أدياناً أخرى وشعب آخر يعيش في الجهة الأخرى من الخليج وهذا ما دفعهم للاضطلاع عليه والاقتناع به.
* وفي الجزائر وبقية البلدان العربية تشن حاليا هجمات مسعورة لتنصير الشباب الجزائري وأكيد أنك سمعت عنها، بماذا تنصحين الشاب الذي يترك الإسلام ويركض وراء الإغراءات المادية التي تعرض عليه حتى يترك دينه؟
** نعم للأسف سمعت بموجة التبشير الجارية في الجزائر من أجل تنصير الشباب المسلم، وقد أجمع علماء الدين أن ما يحصل في بلادنا العربية من تفكك وانقسام وضُعف ما هو إلا بسبب ابتعادنا عن الله سبحانه وتعالى وعدم تمسكنا بالدين. أعتقد أن الطريقة المثالية لحلّ مشكلة التنصير في الجزائر وغيرها، تتمثل في تدريب دعاة أو على الأقل مسلمين ملتزمين على قلبهم الخروج للدعوة بنفس الطريقة التي يقوم بها عدد كبير من المبشرين والدعاة للمسيحية، ففي حين تجد أن ما تحتاجه الحركات التنصيرية لمواصلة عملها هو المادة والمال... فإن ما نحتاجه نحن في إصلاح مجتمعاتنا ودعوتهم هو العِلم، ونبدأ بأرضنا وعائلتنا وحيّنا... ولا ينفع أن ننتظر إيجاد مساعدة من الخارج.
* ما هي كلمتك الأخيرة ؟
** بارك الله بكم ونفع بكم الإسلام وزاده في ميزان حسناتكم... وأنا أشد على أياديكم وأحارب هؤلاء المتنصرين في الجزائر وفي البلاد العربية والغربية، فلي معهم قصص كثيرة... وأكتب كتابا جديدا عنهم بعنوان (من الكنائس إلى المساجد)...vfn ru,hv
المفضلات