واصل آلاف الأقباط الثلاثاء اعتصامهم لليوم الخامس علي التوالي أمام مقر مبنى الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو احتجاجًا على هدم جزء من كنيسة أطفيح، بالرغم من تعهد الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الجديد والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ببناء الكنيسة في مكانها، والشروع ببنائها على نفقة القوات المسلحة، والاستجابة لطلب المتظاهرين بالإفراج عن القس "المزور" متاؤس وهبة المحبوس منذ عام 2008.
يأتي ذلك فيما اندلعت اشتباكات أمس بين المسلمين والأقباط بمنطقة منشية ناصر، على خلفية حادث حرق كنيسة أطفيح، أدت إلى إصابة حوالي سبعة عشر مواطنا . وقام المتظاهرون الأقباط من منطقة منشية ناصر الشعبية بقطع طريق صلاح سالم الامر الذي أدي إلى اشتباكات بين المسلمين والأقباط وتدخلت قوات الجيش بإطلاق النيران للتفريق بين المتظاهرين.
وأثار استمرار الاعتصام حتى ما بعد الاستجابة لمطالب المعتصمين حالة من الاستياء في الأوساط السياسية والمختلفة ، حيث تحدث كثيرون علانية على أن ما يحدث هو جزء من مخطط الثورة المضادة تحركه جهات محددة ، كما أبدت أوساط المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد استغرابها من استمرار الاعتصام رغم الاستجابة لكل المطالب ، ورأت تلك الأوساط أن استمرار الاعتصام ليس له ما يبرره على الإطلاق، خاصة مع التجاوب السريع من قبل المشير محمد حسين طنطاوي وإصدار قرار بإعادة بناء الكنيسة، واستجابة شرف رئيس الوزراء الجديد للمطالب بالإفراج عن القس "المزور" رغم أنه كان محبوسًا على ذمة قضية جنائية.
وأعربت مصادر مقربة من المجلس عن استنكارها لما اعتبرتها محاولة من جانب البعض لاستغلال الاعتداء على كنيسة أطفيح في طرح أجندة تحمل مطالب طائفية للأقباط، واستغلال عملية الشحن الطائفي بغرض تحقيق مكاسب سياسية، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الجديدة إلى إعادة الاستقرار وتهيئة الأجواء من أجل تعويض الخسائر الضخمة التي تكبدها الاقتصاد المصري على مدار أكثر من شهر.
جاء ذلك فيما تسربت معلومات إلى "المصريون" حول وقوف قيادات نافذة بالحزب "الوطني" ذات صلة وثيقة بجمال مبارك، نجل الرئيس السابق، وكانت من أشد المؤيدين لسيناريو التوريث وراء دعم المطالب الطائفية التي ينادي بها بعض "المتطرفين" الأقباط، وخاصة فيما يتعلق بالمطالب بإلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع في مصر، ولعبت تلك القيادات دورًا بارزًا في حشد المتظاهرين والمساهمة في جلبهم من المحافظات المختلفة، بل والتكفل بمطالبهم المالية، مقابل الاستمرار في تصعيد المطالب ومواصلة الضغط على المجلس العسكري والحكومة، وبهدف إطالة أمد الاعتصام الذي بدأ منذ يوم الجمعة الماضية لأكبر وقت ممكن.
المعلومات كشفت في هذ الإطار عن وجود تنسيق بين قيادات الحزب "الوطني" ورجال دين بالكنيسة وقيادات قبطية، من أجل التوسع في لائحة المطالب التي تتزايد يومًا بعد آخر، يقصد منها احراج القوات المسلحة وإثارة الارتباك في الشارع وإرسال رسالة إلى الرأي العام المحلي والدولي بأن الثورة انتجت فوضى طائفية .
وهو مخطط حذر متابعون للملف القبطي من خطره على الوحدة الوطنية، التي تجلت في أروع صورها خلال ثورة 25 يناير، وطالبوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالالتفات إلى ما اعتبروها "المعركة الأخيرة" من جانب مؤيدي مشروع التوريث داخل الحزب "الوطني" والكنيسة لإفساد أحد أهم إنجازات الثورة المتمثلة في إذابة الخلافات التي عمل النظام السابق على تأجيجها بين المسلمين والأقباط، وطالما استغلها في التهرب من الالتزام بالمطالب بالإصلاح وتطبيق الديمقراطية، بذريعة أن ذلك سيقود الإسلاميين إلى السلطة في مصر، الأمر الذي عمل على استغلاله في جذب الكنيسة لتأييد مشروع التوريث، الذي كان قائمًا على قدم وساق، ودعمته قيادات الكنيسة بشدة، حيث لم يخف البابا شنودة نفسه تأييده مرارًا لوصول جمال مبارك نجل الرئيس السابق إلى الحكم خلفًا لوالده.
ويكتسب هذا الطرح مصداقية كبيرة ويدعمه في الواقع موقف الكنيسة الذي جاء مخيبًا للأقباط أنفسهم، بعد أن حذر البابا شنودة الشباب المسيحي من النزول إلى الشارع للمشاركة في الانتفاضة الشعبية ضد النظام الحاكم، وتثبيط همم هؤلاء الشباب الذين أبدوا استياءهم من الوصاية التي مارستها الكنيسة باستمرار خاصة في القضايا التي كانت ترى أنها ستؤثر علاقتها بالنظام، وتضعف من التحالف الذي استمر طيلة عهد الرئيس المخلوع، والذي استطاع أن يحول الكنيسة إلى مؤسسة تابعة له، لم تخرج عن طوعه دومًات ولم تبد أي تذمر تجاه سياسته التي كانت سببًا للاحتقان الطائفي.
يأتي ذلك فيما أصدرت ما تسمى بـ "حركة ماسبيرو ضد الطائفية"، التي ادعت أنها الممثلة للمعتصمين، بيانها الأول والتي زعمت فيه أنها تمثل آلاف الأقباط والمسلمين وممثلي المجتمع المدني المعتصمين للمطالبة بإنهاء الطائفية في مصر، ووضع المتطرفين عند حدود حجمهم الحقيقي، على حد تعبيرها.
والتقي الأنبا ثيودسيوس أسقف الجيزة أمس شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الذي وعده بزيارة أطفيح في غضون ثلاثة أيام لتهدئة الأجواء، وإقناع المسلمين بالمشاركة في عملية بناء الكنيسة الجديدة التي ستقام في نفس مكان الكنيسة التي تم هدم جزء منها.
وأعرب الطيب عن أسفه لهدم كنيسة قرية صول بأطفيح، واعتبرها سابقة في التاريخ العربي والإسلامي وتمثل أمرا غريبا وشاذا تتبرأ منه التعاليم الاسلامية التي تؤمن باحترام الديانات الأخرى وتكفل لهم حرية العبادة.
ودعا مسلمى القرية إلى إعادة بناء الكنيسة بالقرية بأنفسهم والبعد عن الفتن والمؤمرات التي تهدد سلامة الوطن.
http://www.almesryoon.com/news.aspx?id=51252
rdh]hj fhg,'kn jpa] hgHrfh' tn luv;jih hgHodvm gY[ihq hge,vm
المفضلات